أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
721
التاريخ: 1-9-2016
740
التاريخ: 1-9-2016
911
التاريخ: 15-7-2020
1282
|
قد ذكروا في باب تعارض الأحوال مرجّحات ظنّية لم يقم دليل على اعتبارها ، والمتّبع لدى أهل المحاورة هو الظهور ; فإن تحقّق فهو ، وإلاّ فلا تعتبر .
نعم ، يقع الكلام في أنّ ما لدى العقلاء في أخذ المراد وصحّة الانتساب هل هو أصالة الظهور أو أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة ؟ فعند ما احتفّ الكلام بما يحتمل القرينية فالظهور متّبع على الأوّل والثاني ـ إن كان أصل الحقيقة أصلا تعبّدياً ـ دون الثالث ; إذ القدر المتيقّن حجّيته لديهم إذا شكّ في أصل وجود القرينة لا في قرينية الموجود ، وسيأتي تحقيق الحال فيها إن شاء الله .
ثمّ إنّ هنا أصلا لفظياً عند دوران الأمر بين النقل وعدمه ، قد أفـرط بعضهم في الاحتجاج به ; وهـو أصالة عدم النقل ، ويقال : إنّها أصل عقلائي حجّـة مع جميع مثبتاتها .
والحقّ : أنّ اعتمادهم عليها إنّما هو فيما إذا شكّ في أصل النقل لا مع العلم به ، والشكّ في تقدّمه على الاستعمال وتأخّره عنه .
والمدرك لهذا الأصل عندهم في الأوّل هو حكم الفطرة الثابتة لهم من عدم رفع اليد عن الحجّة بلا حجّة ، وعن الظهور الثابت بمجرّد الاحتمال ، لا الاستصحاب العقلائي ; إذ هو ممّا لا أصل له ، كما سيوافيك إن شاء الله في محلّه ، وأنّ عملهم عليه في بعض الموارد لاطمئنانهم بالبقاء وعدم اعتدادهم باحتمال الخلاف لضعفه ، وهو غير مسألة الاستصحاب . وأمّا عدم حجّيته في القسم الثاني ـ ولو مع العلم بتأريخ الاستعمال ـ فلعدم ثبوت ذلك منهم ، لو لم نقل بثبوت عدم تعويلهم عليه .
والعجب من شيخنا العلاّمة ; حيث ذهب إلى الاحتجاج بالقسم الأخير ; قائلا بأنّ الحجّة لا يرفع اليد عنها إلاّ بحجّة مثلها ، وأنّ الوضع السابق حجّة ، فلا يتجاوز عنه إلاّ بعد العلم بالوضع الثاني(1) .
وأنت خبير : بأنّ المتّبع لديهم والحجّة هو الظهور لا الوضع بنفسه ، والعلم بتعاقب الوضعين ، مع الشكّ في تقدّم الثاني منهما على الاستعمال وتأخّـره عنه يمنع عن انعقاده ، كما هو ظاهر . أضف إلى ذلك : أنّـه لا معنى للفرق بين الأقسام بعد كون الوضع الأوّل هو المتّبع مع عدم العلم بنقض الوضع الثاني للوضع الأوّل حال الاستعمال .
ثمّ إنّه قد يتراءى من بعض المحقّقين تفصيل أعجب ; فإنّه حكم بجريان الأصل المزبور إذا علم تأريخ الاستعمال وجهل تأريخ النقل ، وأثبت به استعمال اللفظ في المعنى الأوّل ; لحجّيـة مثبتاتـه ، وحكم بلزوم التوقّف فيما علم تـأريخ النقل وجهل تأريـخ الاستعمال ; قائلا بأنّ العقلاء ليس لهم بناء عملي على عـدم الاستعمال .
كما أنّه حكم بلزوم التوقّف أيضاً في مجهولي التأريخ ، لا لما قيل من تساقط الأصلين بالمعارضة ، بل لعدم إحراز موضوع الأثر ; لأنّه مترتّب على عدم الوضع الجديد في ظرف الاستعمال ، ومن المعلوم أنّ مفاد الأصل هو جرّ العدم في جميع أجزاء الزمان المشكوك فيه ، لا إثباته بالإضافة إلى أمر آخر .
وعليه : لا يمكن إحراز عدم الوضع حين الاستعمال به ، لا لعدم إحراز عنوان المقارنة والتقييد حتّى يقال : إنّ الأصل العقلائي حجّة مع مثبتاته ، بل لأنّ نفس القيد ـ أعني الاستعمال ـ مشكوك فيه حين إجرائه ـ كالوضع ـ فلا يمكن إحراز موضوع الأثر بالأصل .
نعم ، لو كان مفاد الأصل جرّ العدم بالإضافة إلى أمر آخر لأمكن إحراز الموضوع في المقام ، لكنّه خلاف التحقيق ، وهذا بخلاف القسم الأوّل ; إذ الأصل والوجدان هناك يحقّقان موضوع الأثر(2) ، انتهى ملخّصاً .
وفيه مواقع للنظر :
منها : أنّ الظاهر منه أنّ أصالة عدم النقل عبارة عن الاستصحاب العقلائي ، فحينئذ يكون أركانه موجودة في جميع صور الشكّ ، فمع الشكّ في تأخّر الاستعمال والعلم بتأريخ الوضع يجري الأصل ويثبت لوازمه ، مثل كون الاستعمال في حال الوضع الثاني مع العلم بهجر الأوّل، وكذا الحال في مجهولي التأريخ .
ودعوى عدم بناء عملي على عدم الاستعمال غير مسموعة ، كدعوى عدم إمكان إحراز موضوع الأثر .
وما قد يتوهّم من أنّ الأصل جار في النقل لندرته ، دون الاستعمال واضح الفساد ; لأنّ النادر أصل النقل ، ولكن الكلام في تقدّمه وتأخّره بعد العلم بتحقّقه .
ومنها : أنّ إجراء الأصل في عمود الزمان إن لم يثبت نفس الاستعمال لا يثبت استعماله في المعنى الأوّل أيضاً ; فإنّه حادث كنفس القيد ، وما يكون محرزاً هو أصل الاستعمال لا الاستعمال في المعنى الأوّل . مع أنّ أصل الاستعمال وجداني في الصورتين ، كما أنّ المستعمل فيه مشكوك فيه في كلتيهما .
ولو قيل : إنّ استصحاب العدم هو جرّه فقط ، لا إلى كذا وكذا فهو ـ مع فساده ـ يستلزم عدم الإنتاج في الصورة الاُولى أيضاً ، فإذا أمكن جرّه إلى الزمان المعلوم أمكن جرّه إلى الزمان المعيّن واقعاً المجهول عندنا .
ومنها : أنّ ما ذكره من إحراز موضوع الأثر بالأصل والوجدان في الصورة الاُولى غير تامّ ; لأنّ عدم النقل ونفس الاستعمال ليسا موضوعين للأثر ، بل الموضوع هو ما يثبت بالاستعمال ; أي المعنى المراد ، ولو سلّم ذلك فلا فارق بين الصورتين .
_____________
1 ـ درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 47 .
2 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 103 ـ 104 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|