التخطيط الأمني : إذا كان التخطيط عملية إدارية ضرورية تسعى إلى تحقيق هدف, أو عدة أهداف , فإن ارتباط تلك العملية بتحقيق الأهداف الأمنية يجعلها أكثر أهمية وضرورة . ويجب أن يتوفر في عملية التخطيط في المجال الأمني مقومات أساسية من أهمها وضوح الهدف و مشروعيته , ودقته , و القناعة به, و المرونة, و التنسيق الدقيق, ودقة الاجراءات ووصفها, و التعاون, و الانسجام بين الأفراد في العمل. والأمن بمفهومه الشامل و المتكامل مسؤولية واحدة ذات سلسلة متصلة الحلقات في رباط دقيق, غير قابل للانفصام أو التجزء وإن تعددت الأجهزة القائمة به ,فهي متممة لبعضها بعضًا, و تتحرك من أجل هدف أكبر ألا وهو تحقيق المجتمع الآمن, و الحياة الأكثر استقرارًا و طمأنينة , و هو ما يحقق أو يساعد على إنجاز المصالح العليا للمجتمع , وهي تحقيق سلامة الوطن, والحفاظ على الدولة في ظل سيادة العقيدة, و القيم الأخلاقية,والنظم المستقرة.) دياب, ١٩٨٤ م، ص ٤( . ويعد التخطيط الأمني أحد الوسائل الأمنية المتعددة لتحقيق الأهداف الأمنية للمجتمع , فمن الثابت أن المشكلة الأمنية المتجسدة بالجريمة تنبع في معظم الحالات من البيئة التي يعيش فيها الفرد, فيتأثر بالعوامل السلبية, و ينعكس ذلك سلوكًا منحرفًا ما يلبث أن ينقلب إلى إجرام , إذا لم يعالج في حينه بصورة تسمح بالتقويم لهذا السلوك حفاظًا على أمن المجتمع ,و سلامة المواطنين . وهناك عدة وسائل تمكن التخطيط الأمني أن يستجمع مقوماته , ومنها :

١- وسيلة التدخل المباشر لمواجهة المشكلة الأمنية المتجسدة في الجرائم, أو الانحراف عبر الأجهزة الأمنية المختلفة , أي أجهزة العدالة الاجتماعية .

٢- وسيلة التدخل غير المباشر المتجسدة في العمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية, و العائلية, و التربوية, والاقتصادية, و الثقافية بحيث يرتفع مستوى القرار فوق الحاجات الحياتية الملحة, فيصبح مطمئنًا على حاضره, و مستقبله .

٣- الوسائل الوقائية الفردية التي يعتمدها كل فرد في حياته الخاصة, ليوفر الحماية, و الأمن لنفسه . وعليه يكون التخطيط الأمني عملية واعية, و مدروسة لها أهداف محددة تحقق استخدام الأجهزة الأمنية المختلفة لها , وفق برامج, ومناهج محددة ليتوفر الأمن, و يتحقق للمجتمع استقراره, و سلامته . ( العوجي , ١٩٨٨ , ص ٢٧ ).

ومن هنا كان التخطيط و سيلة فعالة في توجيه الأحداث, و السيطرة عليها, وقيادﺗﻬا لتحقيق أهداف مرسومة,أو محددة مسبقًا .إن التخطيط الأمني يهدف بصفة عامة إلى تحقيق أقصى درجة من كفاءة الأداء للأجهزة الأمنية , وهذا يتطلب تحديد الأساليب, و الإمكانات المادية, و البشرية التي من خلالها يستطيع الجهاز الأمني تأدية رسالته .

وعلى ضوء ذلك, فإن هناك من يرى أن التخطيط الأمني ما هو إلا جمع الحقائق, و المعلومات التي تساعد على وضع مجموعة القواعد, أو سلسلة الإجراءات التي تؤدي لتحقيق هدف معين للأمن( الجهني, ١٤١٧ ه , ص ٢٠٣).

والتخطيط الأمني عملية منظمة له مراحله, و أهدافه التي يسعى إلى تحقيقها وفقًا لطبيعة عمل الجهاز الأمني, ذلك أن لكل جهاز أمني تركيزه على نشاط أمني محدد, وهذا ما يدعو إلى الاهتمام أكثر بعملية التخطيط لعمل هذه الأجهزة حتى تشكل خطة أمنية شاملة تحت مظلة استراتيجية أمنية تسعى لتحقيق التكامل بين عمل الأجهزة الأمنية ,ومن ثم تحقيق الأمن الشامل .