أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-7-2016
1160
التاريخ: 22-7-2016
2294
التاريخ: 25-4-2022
2231
التاريخ: 17-5-2022
2694
|
هو : تألّم النفس خَشيةٍ مِن عِقاب اللّه ، مِن جرّاء عِصيانه ومخالفته . وهو مِن خصائص الأولياء ، وسمات المتّقين ، والباعث المحفّز على الاستقامة والصلاح ، والوازع القويّ عن الشرور والآثام .
لذلك أولته الشريعة عنايةً فائقة ، وأثنت على ذويه ثناءً عاطراً مشرّفاً :
قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر : 28] .
وقال : { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك : 12] .
وقال : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات : 40، 41].
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( خَفِ اللّه كأنّك تراه ، وإنْ كنت لا تراه فإنّه يراك ، وإنْ كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت ، وإنْ كنت تعلم إنّه يراك ثُمّ برزت له بالمعصية ، فقد جعلته مِن أهوَن الناظرين إليك ) (1) .
وقال ( عليه السلام ) : ( المؤمن بين مخافَتين : ذنبٌ قد مضى لا يدري ما صنَع اللّه فيه وعمرٌ قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه مِن المهالك ، فهو لا يصبح إلاّ خائفاً ، ولا يصلحه إلاّ الخوف )(2) .
وقال ( عليه السلام ) : ( لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لِما يخاف ويرجو ) (3) .
وفي مناهي النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : ( من عرضت له فاحشة ، أو شهوة فاجتنبها مِن مخافة اللّه عزّ وجل ، حرّم اللّه عليه النار ، وآمنه من الفزَع الأكبَر ، وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله عزّ وجل : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن : 46] (4) .
وقال بعض الحكماء : مسكينٌ ابن آدم ، لو خاف مِن النار كما يَخاف من الفقر لنجا منهما جميعاً ولو رغب في الجنّة كما رغِب في الدنيا لفاز بهما جميعاً ، ولو خاف اللّه في الباطن كما يخاف خلقه في الظاهر لسعد في الدارين جميعاً .
ودخل حكيمٌ على المهدي العبّاسي فقال له : عِظني .
فقال : أليس هذا المجلس قد جلَس فيه أبوك وعمّك قبلك ؟.
قال : نعم .
قال : فكانت لهم أعمال ترجو لهم النجاة بها ؟.
قال : نعم .
قال : فكانت لهم أعمال تخاف عليهم الهلَكة منها ؟ .
قال : نعم .
قال : فانظر ما رجَوت لهم فيه فآتِه ، وما خِفت عليهم منه فاجتنبه .
الخوف بين المدّ والجزر :
لقد صوّرت الآيات الكريمة ، والأخبار الشريفة ، أهمّيّة الخوف ، وأثره في تقويم الإنسان وتوجيهه وجهة الخير والصلاح ، وتأهيله لشرف رضا اللّه تعالى وإنعامه .
بيد أنّ الخوف كسائر السجايا الكريمة ، لا تستحقّ الإكبار والثناء ، إلاّ إذا اتّسمت بالقصد والاعتدال ، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط .
فالإفراط في الخوف يجدب النفس ، ويدعها يباباً مِن نضارة الرجاء ، ورونَقه البهيج ، ويدَع الخائف آيساً آبقاً موغلاً في الغواية والضلال ، ومُرهِقاً نفسه في الطاعة والعبادة حتّى يشقيها وينهكها .
والتفريط فيه باعثٌ على الإهمال والتقصير ، والتمرّد على طاعة اللّه تعالى واتّباع دستوره .
وبتعادل الخوف والرجاء تنتعش النفس ، ويسمو الضمير ، وتتفجّر الطاقات الروحيّة ، للعمل الهادف البنّاء .
كما قال الصادق ( عليه السلام ) : ( أرجُ اللّه رجاءً لا يجرئك على معاصيه ، وخَف اللّه خوفاً لا يؤيّسك مِن رحمته ) (5) .
محاسن الخوف :
قِيَم السجايا الكريمة بقدر ما تحقّق في ذويها مِن مفاهيم الإنسانيّة الفاضلة ، وقِيم الخير والصلاح ، وتؤهّلهم للسعادة والرخاء . وبهذا التقييم يحتلّ الخوف مركز الصدارة بين السجايا الأخلاقيّة الكريمة ، وكانت له أهميّة كُبرى في عالم العقيدة والإيمان ، فهو الذي يلهب النفوس ، ويحفّزها على طاعة اللّه عزَّ وجل ، ويفطمها من عصيانه ، ومِن ثُمّ يسمو بها إلى منازل المتّقين الأبرار.
وكلّما تجاوبت مشاعر الخشية والخوف في النفس ، صقلتها وسَمَت بها إلى أوج ملائكي رفيع يحيل الإنسان ملاكاً في طيبته ومثاليّته ، كما صوّره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يُقارن بين الملَك والإنسان والحيوان ، فقال : ( إنّ اللّه عزّ وجل ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوةً بلا عقل ، وركّب في بني آدم كليهما .
فمن غلَب عقلهُ شهوتهَ ، فهو خير مِن الملائكة ، ومَن غلَب شهوته عقلَه فهو شرٌّ مِن البهائم ) .
مِن أجل ذلك نجد الخائف مِن اللّه تعالى يستسهلّ عناء طاعته ، ويستحلي مرارتها ، ويستوخم حلاوة المعاصي والآثام ، خَشية من سخطه وخوفاً من عقابه .
وبهذا يسعد الإنسان ، وتزدهر حياته الماديّة والروحيّة ، كما انتظم الكون ، واتّسقت عناصره السماويّة والأرضيّة ، بخضوعه للّه عزَّ وجل ، وسَيره على وفق نُظُمه وقوانينه .
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل : 97].
وما هذه المآسي والأرزاء التي تعيشها البشريّة اليوم مِن شيوع الفوضى وانتشار الجرائم واستبداد الحيرة والقلق ، والخوف بالناس إلاّ لإعراضهم عن اللّه تعالى ، وتنكّبهم عن دستوره وشريعته .
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف : 96].
كيف نستشعر الخوف :
يجدر بمَن ضعُف فيه شعور الخوف اتّباع النصائح التالية :
1 - تركيز العقيدة ، وتقوية الإيمان باللّه تعالى ، ومفاهيم المعاد والثواب والعقاب ، والجنّة والنار ، إذ الخوف مِن ثمرات الإيمان وانعكاساته على النفس : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [الأنفال : 2] .
2 - استماع المواعظ البليغة ، والحِكَم الناجعة ، الموجبة للخوف والرهبة .
3 - دراسة حالات الخائفين وضراعتهم وتبتّلهم إلى اللّه عزّ وجل ، خوفاً من سَطوته ، وخَشيةً مِن عقابه .
وإليك أروَع صورة للضراعة والخوف مناجاة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في بعض أدعيته :
( ومالي لا أبكي !! ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تُخادعني ، وأيّامي تخاتلني وقد خفَقَت عند رأسي أجنحة الموت ، فمالي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري أبكي لضيق لِحدي ، أبكي لسؤال منكرٍ ونكير إيّايَ ، أبكي لخروجي مِن قبري عُرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري ، أنظر مرّة عن يميني ، وأُخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأنٍ غير شأني : {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } [عبس : 37 - 41].
ظرف مِن قَصص الخائفين :
عن الباقر ( عليه السلام ) قال : ( خرَجَت امرأةٌ بغيّ على شباب مِن بني إسرائيل فأفتنتهم فقال بعضهم : لو كان العابد فلان رآها أفتنتْه!، وسمِعت مقالتهم ، فقالت : واللّه لا أنصرف إلى منزلي حتّى أفتنه .
فمَضت نحوه بالليل فدقّت عليه ، فقالت : آوي عندك ؟ فأبى عليها فقالت : إنّ بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي ، فإنْ أدخلتني وإلاّ لحقوني ، وفضحوني ، فلمّا سمِع مقالتها فتح لها ، فلمّا دخلت عليه رمَت بثيابها ، فلمّا رأى جمالها وهيئتها وقعت في نفسه ، فضرب يده عليها ، ثُمّ رجعت إليه نفسه ، وقد كان يوقد تحت قدرٍ له ، فأقبل حتّى وضَع يده على النار فقالت : أيّ شيء تصنع ؟.
فقال : أحرقها لأنّها عملت العمل ، فخرجت حتّى أتَت جماعة بني إسرائيل فقالت : الحقوا فلاناً فقد وضَع يدَه على النار ، فأقبلوا فلحقوه وقد احترقت يده ) .
وعن الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ عابداً كان في بني إسرائيل ، فأضافته امرأة مِن بني إسرائيل ، فهمَّ بها ، فأقبل كلّما همّ بها قرّب إصبعاً مِن أصابعه إلى النار ، فلم يزَل ذلك دأبه حتّى أصبح ، قال له ا: أخرجي لبئس الضيف كنت لي ) .
______________________
2 ، 3- الوافي : ج 3 , ص 57 , عن الكافي .
4- البحار : م 15 , ج 2 , ص 113 , عن الفقيه .
5- البحار : م 15 , ج 2 , ص 118 , عن أمالي الصدوق .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|