اعلم أن حكم جميع الأسماء في الأصل أن تكون منصرفة ومعنى الصرف ما تقدم ذكره إلا أن ضربا منها شابه الفعل من وجهين فمنع ما لا يدخل الفعل من التنوين والجر
والأسباب التي إذا اجتمع في اسم واحد منها سببان منعاه الصرف تسعة وهي وزن الفعل الذي يغلب عليه أو يخصه والتعريف والتأنيث لغير فرق والألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث والوصف والعدل والجمع والعجمة وأن يجعل اسمان اسما لشيء واحد
ص150
1 - الأول وزن الفعل الذي يغلب عليه أو يخصه
وهو كل ما كان على مثال أفعل ويفعل ويفعل وتفعل وفعل وفعل وانفعل وكذلك جميع ما اختص من الأمثلة بالفعل أو كان فيه أكثر منه في الاسم من ذلك أحمد لا تصرفه معرفة للتعريف ومثل أفعل وتصرفه نكرة لأن السبب الواحد لا يمنع الصرف فتقول رأيت أحمد وأحمدا آخر وكذلك يزيد وتغلب وأعصر لا تصرف شيئا من ذلك معرفة وتصرفه نكرة وكذلك كل ما هذه حاله فإن سميته جملا أو قلما أو نحو ذلك صرفته معرفة ونكرة وإن كان على مثال ضرب وقتل 39و لأن مثال فعل يكثر في القبيلين جميعا فلا يكون الفعل أخص به من الاسم
2 - التعريف
ومتى انضم إلى التعريف سبب من الأسباب الباقية منعا الصرف.
ص151
3 - التأنيث
الأسماء المؤنثة على ضربين مؤنث بعلامة ومؤنث بغير علامة والعلامة على ضربين هاء وألف فكل اسم فيه هاء التأنيث فإنه لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة وذلك مثل طلحة وحمزة تقول رأيت طلحة وطلحة آخر ومررت بحمزة وحمزة آخر وإنما لم ينصرف معرفة لاجتماع التعريف والتأنيث فيه وأما ألف التأنيث فعلى ضربين ألف مفردة نحو حبلى وسكرى وحبارى وجمادى وألف وقعت بعد ألف زائدة فحركت لالتقاء الساكنين فانقلبت همزة وذلك نحو حمراء وصحراء وأصدقاء وأنبياء وضعفاء وشركاء فكل اسم وقعت فيه واحدة من ألفي التأنيث فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة وإنما لم ينصرف نكرة لأنه مؤنث وتأنيثه لازم فكأن فيه تأنيثين وأما المؤنث بغير علامة فعلى 39ظ ضربين ثلاثي وما فوق ذلك.
ص152
فإذا سميت المؤنث باسم مؤنث ثلاثي ساكن الأوسط فأنت في صرفه معرفة وترك صرفه مخير تقول رأيت هند وإن شئت هندا وكلمت جمل وإن شئت جملا فمن لم يصرف احتج باجتماع التعريف والتأنيث فيه ومن صرف اعتبر قلة الحروف وسكون الأوسط فخف الاسم عنده بذلك فصرفه فأما في النكرة فهو مصروف البتة فإن تحرك الأوسط لم ينصرف معرفة البتة لثقله بتحرك أوسطه وانصرف نكرة نحو امرأة سميتها ب قدم أو فخذ أو كبد تقول رأيت قدم وقدما أخرى ومررت بفخذ وفخذ أخرى وكبد وكبد أخرى فان سميت مذكرا بمؤنث ثلاثي صرفته ساكن الأوسط كان أو متحركا وذلك نحو رجل سميته هندا أو قدما أو عجزا فأنت تصرفه البتة لخفة التذكير فان تجاوز المؤنث ثلاثة أحرف لم ينصرف معرفة وانصرف نكرة مذكرا سميت به أو مؤنثا لأن الحرف الزائد فيه على الثلاثة و ضارع تاء التأنيث وذاك نحو رجل أو امرأة.
ص153
سميتها سعاد أو زينب أو جيأل لا تصرف شيئا من ذلك معرفة وتصرفه نكرة البتة .
4 - الألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث
كل وصف على فعلان ومؤنثه فعلى فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة وذلك نحو سكران وغضبان وعطشان لقولك في مؤنثه سكرى وغضبى وعطشى وذلك لأن هاتين الألف والنون ضارعتا ألفي التأنيث في نحو حمراء وصفراء لأنهما زائدتان مثلهما ولأن مؤنثهما مخالف لبنائهما كمخالفة مذكر حمراء وصفراء لها فان كان فعلان ليس له فعلى لم ينصرف معرفة حملا على باب غضبان وانصرف نكرة لمخالفته إياه في أنه لا فعلى له وذلك نحو حمدان وبكران وكذلك كل مثال في آخره ألف ونون زائدتان لا فعلى له فعلان كان أو غيره نحو عمران وعثمان وغطفان وحدرجان وعقربان لا ينصرف شيء من ذلك معرفة وينصرف نكرة.
ص154
5 - الوصف
من ذلك أحمر وأصفر وكل أفعل 40ظ مؤنثه فعلاء لا ينصرف معرفة للتعريف ومثال الفعل ولا نكرة للوصف ومثال الفعل تقول اشتريت فرسا أشهب وملكت عبدا أسود وقطعت ثوبا أحمر وقميصا أخضر وعلى ذلك لم ينصرف أصرم ولا أكثم اسما رجلين للتعريف ومثال الفعل ومن الوصف قولك مررت بامرأة ظريفة وكريمة وقائمة وقاعدة فإن قيل لم صرفت وهناك الوصف والتأنيث فلأن التأنيث هنا إنما هو للفرق بين ظريف وظريفة وقائم وقائمة فلم يعتد به لما ذكرنا .
6 - العدل
معنى العدل أن تلفظ ببناء وأنت تريد بناء آخر نحو عمر وأنت تريد عامرا وزفر وأنت تريد زافرا من ذلك فعل وهي في الكلام على ضربين فإن كانت الألف واللام.
ص155
تدخلان عليه فليس معدولا وذلك نحو جرذ وصرد ونغر وثقب وغرف فإن هذا كله مصروف لقولهم الصرد والنغر والثقب والغرف وإن لم تكن اللام تدخله فإنه معدول نحو ثعل وجشم وعمر لا تصرف ذلك معرفة للتعريف والعدل وتصرفه نكرة يدل على أنه معدول أنك لا تقول الجشم ولا الثعل ولا العمر كما تقول الصرد والنغر و ومن ذلك مثنى وثلاث ورباع لا تصرف ذلك للوصف وأنه معدول عن اثنين وثلاثة وأربعة
قال الشاعر
( ولكنما أهلي بواد أنيسه ... ذئاب تبغى الناس مثنى وموحد ) - الطويل-
ص156
فأجراه وصفا كما ترى
وتقول مررت بزيد ورجل آخر فلا تصرفه للوصف ومثال الفعل وكذلك أخر لا تنصرف للوصف والعدل عن آخر من كذا
7- الجمع
كل جمع فإنه جار مجرى الواحد على بنائه يمنعه من الصرف ما يمنعه ويوجبه له ما يوجبه له ف رجال إذن ك كتاب وصبيان إذن ك سرحان وقفران إذن ك قرطان وقتلى إذن ك عطشى وكذلك جميعه إلا ما كان من الجمع على مثال مفاعل أو مفاعيل.
ص157
فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة وذلك لأنه جمع ولا نظير له في الآحاد فكأنه جمع مرتين تقول قبضت دراهم ودنانير واشتريت دواب ومخاد لأن الأصل دوابب ومخادد فإن كانت فيه هاء التأنيث عاد إلى حكم الواحد فلم ينصرف معرفة وانصرف نكرة وذلك نحو صياقلة وملائكة وكيالجة وموازجة .
8 - العجمة
الأسماء الأعجمية على ضربين أحدهما ما تدخله الألف واللام والآخر ما لا تدخله الألف واللام الأول نحو ديباج وفرند
ص158
ونيروز وآجر وإبريسم وإهليلج وإطريفل فهذا الضرب كله جار مجرى العربي يمنعه من الصرف ما يمنعه ويوجبه له ما يوجبه تقول في رجل اسمه نيروز وديباج هذا نيروز لأنه ك قيصوم ومررت بديباج لأنه ك ديماس الثاني من الأعجمية ما لا تدخله الألف واللام وذلك نحو إبراهيم وإسماعيل وإسحق وأيوب.
ص159
وخطلخ وهزارمرد فهذا كله لا ينصرف معرفة للعجمة والتعريف وينصرف نكرة وإنما اعتد فيه بالعجمة لأنك لا تقول الإبراهيم والخطلخ ونحو ذلك.
9 - التركيب
كل اسمين ضم أحدهما إلى الآخر على غير جهة الإضافة فتح الأول منهما لشبه الثاني بالهاء ولم ينصرف الثاني معرفة للتعريف والتركيب وانصرف نكرة وذلك نحو حضرموت و.
ص160
وبعلبك ورامهرمز ودرابجرد وكذلك معديكرب ومنهم من يضيف معدي إلى كرب فيصرف كربا تارة ولا يصرفه أخرى كأنه إذا لم يصرفه مؤنث عنده وكذلك حضرموت إن شئت ركبت وإن شئت أضفت فقلت هذا حضرموت ونحو ذلك على طرائقه إلا أن ياء معديكرب ساكنة على كل حال ركبت أو أضفت.
فإن كان الاسم الثاني أعجميا بني على الكسر البتة ولم ينصرف معرفة وانصرف نكرة وذلك قولك هذا سيبويه ومعه سيبوبه آخر ورأيت عمرويه ومعه عمرويه آخر قال الشاعر.
ص161
( يا عمرويه انطلق الرفاق ... وأنت لا تبكي ولا تشتاق ) - الرجز -
البناء على فتح الجزءين
وقد شبهت أشياء من نحو هذا ب خمسة عشر وبابه لفظا وذلك قولهم هو جاري بيت بيت ولقيته كفة كفة وهو يأتينا صباح مساء والقوم فيها شغر بغر أي متفرقين وسقط بين بين قال عبيد:-
( نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا ... ) - مجزوء الكامل -
ومثله تساقطوا أخول أخول أي متبددين فهذا كله مبني على الفتح ولا يكون إلا فضلة ظرفا أو حالا
ص162