أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2016
5912
التاريخ: 16-1-2019
5111
التاريخ: 9-6-2016
2433
التاريخ: 2023-02-07
4898
|
لاشك ان العمل القضائي مدنياً كان ام ادارياً، هو عمل يغلب عليه طابع التقييد، فالقاضي عندما يباشر عمله فانه يمارس عملاً شكلياً معيناً. كما ان ارادته ليس حرة في اختيار المضمون الذي تراه ملائماً لاهداف الوظيفة القضائية، فالقانون الاجرائي يلزم القاضي ان يتخذ القانون الموضوعي اساساً لموضوع نشاطه. وعليه يعتبر العمل القضائي عملاً مقيداً في كل من عناصره الشكلية والموضوعية (1). ومع ذلك فاننا نلاحظ ان هذه القيود لاترد على الرأي القضائي في كافة تفاصيله، فقد يجد المشرع احياناً ان طبيعة الموضوع المعالج فيه من الاختلاف والتباين لدرجة انه لايمكن تحقيق العدالة عن طريق قواعد عامة مجردة. لذلك ترك المشرع للقاضي تقدير ظروف كل حالة واختيار الحل الموضوعي الاكثر ملاءمة لتحقيق العدالة (2). فلو استعرضنا مختلف النصوص القانونية نجد ما لا يدع مجالا للشك ان المشرع قد اعترف للقاضي في كافة فروع القانون مساحة كافية للتقدير والاختيار وهو ما يطلق عليه بالسلطة التقديرية (3). وحتى في الاحوال التي لايوجد فيها اعتراف صريح من جانب المشرع بهذه السلطة فلا مناص من الاعتراف للقاضي –بصورة او باخرى- بهذه السلطة وسبب ذلك يعود الى طبيعة وظيفة القاضي، وذلك لانه يعد عامل الدولة المناط به اعمال القانون. وحيث ان عمل القاضي ليس عملاً الياً يتم بطريقة تلقائية، وانما هو في حقيقة الامر عمل ذهني وفني خلاق في المقام الاول وهو عمل ارادي في الوقت نفسه(4). وحينما تنعدم السلطة التقديرية في الاحوال التي يكون فيها نشاط القاضي منظماً بموجب القانون في جميع عناصره – وهي حالة نادرة – فاننا لانكون بصدد اعلان ارادة القاضي وانما يقتصر دوره على اعلان ارادة الشرع (5). ولاتعني السلطة التقديرية عدم خضوع العمل القضائي تماماً للنظام القانوني وانما يمكن ان يقيدها المشرع في شكلها او سببها أو محلها ويترك لها مجالاً جزئياً في اصدار مضمونها (6). وتثير السلطة التقديرية العديد من المشاكل التي يتصل بعضها بفلسفة القانون وفكرة العدالة، كما ان هذه السلطة تثير مشكلة وجود فراغ في النظام القانوني وكيفية ملء هذا الفراغ، وهل يملأ هذا الفراغ في السلطة التقديرية ام بوسائل اخرى مثل البحث العلمي الحر (7). فذهب رأي الى القول ان القاضي ليس حراً في قضائه فهو مقيد دائما بارادة المشرع، بل وحتى في الحالات التي يقضي فيها وفقا للعدالة لانه لا يستمد الحكم من نفسه وانما من قاعدة موضوعية غير مكتوبة يبحث عنها القاضي في ضمير الجماعة (8). بينما يسلك جانب اخر من الفقه تحت تاثير مدرسة القانون الحر اتجاهاً عكسيا حيث يرى ان القاضي يباشر نشاطاً خلاقاً دائماً، وذلك نظراً لان التشريع لايمكن ان ينظم كافة مظاهر الحياة الواقعية في تنوعها وتجددها. وحتى في الحالات التي ينظمها فان قواعده المجردة لاتتضمن سوى توجيهات لسير النظام القانوني يحتاج تطبيقها الى ملاءمتها مع الملابسات الخاصة للحالات الواقعية (9). وبعيداً عن تطرف كلا الفريقين فان اغلب الفقه يرى ان القانون الوضعي يعترف للقاضي بحرية تقدير ضمن اطار معين (10). وتتجلى الاهمية العملية للاعتراف بهذه الحرية في تحديد نطاق رقابة المحاكم العليا. فهي من حيث المبدأ محكمة قانون لايخضع لرقابتها النشاط التقديري للقاضي، اضافة الى عدم التزام القاضي بتسبيب الجانب التقديري من الحكم الا اذا الزمه المشرع ذلك (11). واذا كانت السلطة التقديرية تعد ضرورة حتمية للقاضي المدني فانها من باب اولى تعد كذلك للقاضي الاداري، وذلك لما يتمتع به هذا القضاء من خصوصية. فاذا كان القاضي المدني يفصل في منازعات اشخاص متساوين في مراكزهم القانونية طبقاً لمبدأ المساواة امام القانون فان وظيفة القاضي الاداري في الغالب الاعم هي الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الادارة كسلطة حكم من جهة، وبين الافراد العاديين من جهة اخرى. وهما بالتأكيد لايحتلان المركز القانوني ذاته. كما انهم مختلفون في الاهداف التي يسعون الى تحقيقها، فالسلطة العامة في الدولة المعاصرة تقوم بانشطة هامة بقصد تحقيق المصلحة العامة التي تهدف الى اشباع الحاجات العامة من جهة وفي المحافظة على الامن العام من جهة اخرى (12). وهي في ممارستها لهذا النشاط قد تصطدم مع المصالح الذاتية للافراد او تقيدها. ومن هنا يأتي دور القاضي الاداري بما يملكه من سلطة تقديرية واسعة في ايجاد نوع من التوازن بين حق الادارة في امتلاكها الوسائل الفعالة لتحقيق اهدافها المشروعة. وبين حق الافراد في الحماية من تعسف الادارة في استعمال تلك الوسائل والزامها بحدود القانون. اضافة الى ما تقدم فان طبيعة القواعد القانونية التي تحكم هذه العلاقة كونها حديثة النشأة ودائمة التطور والتحول قد جعلت من القاضي الاداري يلعب دوراً لايشاركه فيه قاضي القانون الخاص(13). لذلك نجد ان السلطة التقديرية في القانون الاداري اكثر مرونة من فروع القانون الاخرى. بل اننا نجد ان القاضي الاداري قد يتجاهل بعض النصوص القانونية التي قد يجد انها لاتتلاءم مع طبيعة النزاع او ان تطبيقها يؤدي الى نتائج غير منطقية.
_____________________
1- ينظر د. وجدي راغب فهمي – النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات منشاة المعارف – 1974 ص 340.
2- حسن السيد بسيوني – دور القضاء في المنازعة الادارية – القاهرة 1981 ص321.
3- د. وجدي راغب فهمي، المصدر السابق ص341.
4- من الملاحظ ان الأمثلة على تمتع القاضي بسلطة تقديرية كثيرة جداً ولايمكن حصرها وهي يمكن استخلاصها من القانون نفسه بما اعتاد الشارع استعماله من تعبيرات من نحو قولة (يجوز) او ((للقاضي)) او (عند الاقتضاء) او (حسب الظروف) ينظر د.نبيل اسماعيل عمر- المصدر السابق ص497.
5- د. وجدي راغب فهمي – المصدر السابق ص333.
6- ينظر ابراهيم سعيد – القانون القضائي الخاص – ج 1 ص672.
7- Rasell: I/ potero discrezional del giudice. V. I. P 51.52.
أشار اليه د. وجدي راغب فهمي ، مصدر سابق ص333
8 - ينظر راي الفرندو روكر- مصدر سابق ص333.
9- المصدر السابق، ص333.
10- ينظر د. حامد محمد فهمي ومحمد حامد فهمي- النقض في المواد المدنية والتجارية 1937- ص243.
11- ينظر احمد ابو الوفا، نظرية الاحكام في قانون المرافعات ط4 1977 ص241.
12- ينظر د. عبد الغني بسيوني- القضاء الاداري- منشاة المعارف 1996 ص7.
3- ينظر د. احمد كمال ابو المجد- الدور الانشائي للقضاء الاداري بين المذاهب الشكلية والمذاهب الموضوعية في القانون- بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد س30 ع3، 1972، ص441.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|