القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
الدور الموضوعي للقاضي الإداري في تنظيم عبء الإثبات في مجال شروط قبول الدعوى والفصل فيها
المؤلف:
حسين سالم محمد جاسم
المصدر:
عبء الاثبات في الدعوى الإدارية
الجزء والصفحة:
ص 137-146
2025-08-30
101
يبرز دور القاضي الموضوعي كأحد وسائل الحل لتنظيم عبء الإثبات في مجال شروط قبول الدعوى الإدارية بالإضافة إلى بروز دوره في حالة الفصل فيها، استناداً على ما يطرح أمامه من أدله.
أولاً: في مجال شروط قبول الدعوى
يبرز دور القاضي الموضوعي في تنظيم عبء الإثبات في مجال شروط قبول الدعوى والمتمثلة بالصفة والمصلحة بالإضافة إلى شرطي الميعاد والتظلم.
1. الصفة
تعرف الصفة بأنها ((القدرة على المثول أمام القضاء في الدعوى اما مدع أو مدعى عليه))(1)، فهي هنا تعني أهلية الفرد أو الإدارة في مباشرة الحقوق أمام القضاء ، وهذا هو المعول عليه أمام القضاء العادي، إلى أن الأمر يختلف أمام القضاء الإداري لكون أن الصفة تندمج مع المصلحة حيث لا صفة لمن لا مصلحة له في إقامة الدعوى (2) ، عليه فإن ذكر الصفة في هذا المجال هي المتعلقة بقدرة المتداعيين على المثول أمام القضاء الإداري، والتي تظهر في حالة رفع الدعوى عن شخص لا يتمتع بالأهلية أو رفعها عن شخص معنوي فتظهر أهمية الصفة لمعرفة ما إذا كان رافع الدعوى يمثل الشخص المعنوي تمثيلاً قانونياً من عدمه، فإن عبء الإثبات للصفة يقع على عاتق المدعي فهو الذي يثبت صفته في الدعوى (3)، فكثيراً ما يقوم القضاء الإداري برد الدعوى لعدم توجه الخصومة لانتفاء الصفة، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي (( بأن إقامة الدعوى على شخص لا يتمتع بالأهلية القانونية للخصومة يستوجب رد الدعوى))، فقد نقضت قرار الحكم الصادر من محكمة قضاء الموظفين القاض بإلغاء قرار وزير التربية المتضمن نقل المدعية إلى مدرسة أخرى دون أن تلاحظ المحكمة أن المدعية قد أقامت الدعوى على مدير عام تربية الرصافة، مما ينفي صفته في الدعوى ومن ثم لا تصح خصومته، فهو لا يتمتع بالشخصية المعنوية، فعند ملاحظة المحكمة المستندات وجدت أن المدير العام لتربية الرصافة غير ذي صفة في هذه الدعوى (4)، وقد قضت أيضاً بأن ((تكون المطالبة بحقوق الشخص المعنوي باسمه وعن طريق ممثلة))، فقد نقضت قرار محكمة القضاء الإداري القاض بإلغاء قرار اللجنة المركزية لتعويض المتضررين عن العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية المتضمن عدم شمول المدعي بأحكام القانون رقم (20) لسنة 2009، فلاحظت المحكمة الإدارية العليا أن الدعوى مقامة من شخص طبيعي للمطالبة بتعويض عن الضرر الذي أصاب (معمل لطحن الحبوب) وأن هذا الأخير مسجل بصفة شركة وأن الشركة شخص معنوي، وأن المدعي عليه لا صلة له بهذه الشركة وبالتالي لا صفة له في هذه الدعوى (5)، وقضت أيضاً بأن ((لا يجوز للوكيل إقامة الدعوى نيابةً عن موكله إذا لم تتضمن الوكالة حق إقامة الدعاوي أو الترافع أو الخصومة))(6).
2. المصلحة
تعرف المصلحة بأنها "الفائدة التي يسعى المدعي إلى تحقيقها في الدعوى التي يقيمها"(7)، فلا تقبل الدعوى إذا لم تكن هناك مصلحة للمدعي من اقامتها، ويبرز الدوري الموضوعي للقاضي في شرط المصلحة عندما جعل عبء إثباتها على عاتق المدعي ، فهذا الأخير هو الذي يثبت مصلحته في دعواه (8) ، وقد ألزم المشرع المصري بعدم قبول الدعوى إذا انتفت المصلحة من أقامتها (9)، وكذلك فعل المشرع العراقي واشترط أن تكون للمدعي مصلحة معلومة وحالة وممكنة عند إقامة دعواه أمام محكمة القضاء الإداري (10) ، وقد قضى مجلس الدولة الفرنسي برد الطعن المقدم من قبل السيد (andreaz ) عام 1945، وذلك لعدم إثبات مصلحته في هذا الطعن (11)، وقد قضت محكمة القضاء الإداري في مصر بأن (( المصلحة في دعوى الالغاء تتوافر بمجرد تأثير القرار المطعون فيه تأثيراً مباشراً على حق الفرد)) (12).
وفي العراق فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقـــي بـأن ((المصلحة شرط لإقامة الدعوى وهي مناط الدعوى الإدارية إذ لا دعوى بـــلا مصلحة))، فقد حكمت بتصديق نتيجة قرار الحكم الصادر من محكمة قضاء الموظفين القاض برد دعوى المدعي، بخصوص امتناع وزير النقل ومدير عام الخطوط الجوية العراقية عن تنفيذ توصيات اللجنة التحقيقية المشكلة في مكتب المفتش العام والمتضمنة إعادة تشكيل لجنة التعيينات في شركة الخطوط الجوية العراقية لغرض إعادة تدقيق ملفات المتقدمين للتعيين، فقد لاحظت المحكمة الإدارية العليا عدم توفر المصلحة لدى المدعي ، فلم يكن الأمر المطعون فيه قد أثر تأثيراً مباشراً على مصلحة شخصية له (13).
3. الميعاد
يكون لدعوى الالغاء ميعاد محدد يجب أن تقام خلاله ويترتب على مروره الحكم بعدم قبولها، وقد حدد المشرع الفرنسي ميعاد إقامة الدعوى بشهرين من تاريخ نشر أو إعلان القرار المطعون فيه (14)، وقد حدد المشرع المصري هذه المدة أيضاً بـ (60) يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه (15)، أما المشرع العراقي فقد حدد ميعاد رفع الدعوى أمام محكمة قضاء الموظفين في الدعاوي المتعلقة بالعقوبات الانضباطية خلال (30) يوماً من تاريخ تبليغ الموظف برفض التظلم حقيقة أو حكماً (16)، أما ميعاد الطعن أمام محكمة القضاء الإداري فهو (60) من تاريخ رفض التظلم حقيقة أو حكماً (17)، ويجب ملاحظة أن الإثبات في هذه الحالة ينصب على واقعة العلم بالقرار محل الطعن لأن تاريخ إقامة الدعوى يكون ثابت من يوم تحويلها أو إيداعها قلم المحكمة، عليه فإن عبء إثبات هذه الواقعة يقع على عاتق الإدارة (18).
4. التظلم
يعرف التظلم بأنه ((قيام صاحب الشأن بتقديم طلب إلى الإدارة يطلب فيه إعادة النظر في القرار الذي أثر في مركزه القانوني، لأجل تعديله أو إلغاءه)) (19) ، وللتظلم أهمية كبيرة من جانب أنه شرط لقبول الدعوى ومن جانب آخر فإنه يهدف على حل النزاعات بطريقة ودية دون تدخل القضاء، والحكمة منه تكمن في انه طريق اداري لحل الكثير من المنازعات دون تدخل القضاء مما يوفر الوقت والجهد (20) ، والأصل أن التظلم اختياري إلا إذا نص القانون على غير ذلك فيكون وجوبياً، عليه فيتبين أن هناك نوعان من التظلم اختياري ووجوبي ، وهذا الأصل هو المعول عليه في فرنسا ومصر أما العراق فالأصل أنّ التظلم وجوبياً وهو شرط لازم لإقامة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري (21) ومحكمة قضاء الموظفين (22) ، ويقع عبء إثبات التظلم على الفرد المدعي فهو الذي يثبت أنه قدم تظلم أمام الجهة الإدارية المختصة، فقد قضت محكمة القضاء الإداري في مصر بأن ((الاعتداد بما يقوله المدعي من أنه تظلم في الميعاد وتجهيله تاريخ التظلم وعدم تقديمه ما يدل على تظلمه وقد انكرت المحكمة عليه ذلك وليس في الأوراق ما يدل على تقديم أي تظلم ومن ثم فيبدأ سريان الميعاد من تاريخ علمه بالقرار المطعون فيه))(23).
ثانياً: في مجال الفصل في الدعوى
كذلك يبرز دور القاضي الموضوعي في مجال الفصل في الدعوى الإدارية وذلك من خلال تفحص مشروعية قرار الإدارة في دعوى الالغاء وبيان مدى مسؤوليتها عن الضرر جراء أعمالها في دعوى التعويض، ففي دعوى الالغاء يقوم القاضي الإداري بدور بارز في البحث عن العيوب التي ألحقت بالقرار وأدت إلى عدم مشروعيته وان تنظيم عبء الإثبات في نظر هذه دعوى يكون عند توضيح الفقرات الاتية
1. اثبات وجود القرار الإداري
إن دعوى الإلغاء تقام ضد قرار إداري صدر عن جهة إدارية معينة، فيجب أن يكون القرار مرفق في الدعوى، وأن الدور الموضوعي الذي يقوم به القاضي في هذا الشأن هو جعل عبء إثبات وجود القرار المادي على عاتق الإدارة فهي المكلفة بإرفاق أصله في ملف الدعوى لأنها هي المدعي في واقعة وجوده(24).
2. استيفاء القرار للشكليات الإدارية
وتعني خضوع القرار الإداري لمجموعة من الإجراءات التي نص القانون عليها، وأن الإثبات ينصب هنا على واقعة استيفاء القرار للإجراءات القانونية، كما في تكوين اللجان التحقيقية المنصوص عليها في قانون الانضباط موظفي الدولة، لغرض النظر بالمخالفات التي يرتكبها الموظف (25)، فيجب أن تلتزم الإدارة بالإجراءات القانونية عند إصدارها القرار بناءً على توصيات هذه اللجان وذلك فيما يتعلق بتشكيلها أو إجراءات التحقيق وغيرها، فيقع عبء إثبات الشكليات الإدارية على عاتق الإدارة المدعي عليها فهي التي يقع عليها تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت استيفاء القرار للإجراءات القانونية (26).
ويبرز دور القاضي الموضوعي في هذه الحالة بنقله عب الإثبات على الادارة بمجرد أن يدعي الفرد بخلل في الإجراءات فيقوم القاضي بتكليف الإدارة إثبات صحة هذه الإجراءات، وتطبيقاً لذلك قضت الهيئة العامة في مجلس الدولة العراقي بأن تسبب قرار فرض العقوبة شكلية يستوجبها القانون يترتب على عدم مراعاتها بطلان قرار فرض العقوبة)، فقد نقض قرار الحكم الصادر من مجلس الانضباط العام (محكمة قضاء الموظفين حالياً القاض بإلزام وزير النفط باتخاذ الإجراءات لتعديل قرار فرض العقوبة إلى التوبيخ بدلاً من تنزيل الدرجة، فقد لاحظت الهيئة العامة بأن اللجنة التحقيقية فرضت العقوبة دون ذكر السبب فكان على المجلس التأكد من صحة الإجراءات التي صدرت بها العقوبة (27).
3.اثبات عيب السبب في القرار الإداري
ويقصد بالسبب في القرار الإداري بانه ((الحالة الواقعية او القانونية التي تدفع الادارة على اتخاذ القرار )) (28)، ففي حالة انتشار مرض معين في منطقة معينة فانه يمثل حالة واقعية تبرر اصدار الادارة لقرار يمنع الأفراد من الانتقال من هذه المنطقة او اليها، وكذلك فان تقديم طلب الاستقالة من جانب احد الموظفين يعد حالة قانونية تصلح سبباً لقرار قبول الاستقالة، وإن الإثبات في عيب السبب ينصب على الوقائع التي تبرر إصدار القرار كما في حالة استقالة الموظف بطلب منه فهنا السبب هو تقديم الطلب فهذه تعد واقعة بحد ذاتها، ويثير عبء إثبات السبب صعوبة تظهر في أمرين الأول قرينة سلامة القرارات الإدارية والتي تعني أن القرار الإداري يفترض أنه صدر صحيحاً والثاني حالة عدم التزام الإدارة بتسبيب قرارها، وأن الأصل في عبء إثبات عيب السبب يقع على عاتق المدعي الذي يجب أن يثبت عدم صحة الوقائع التي صدر القرار بالاستناد عليها (29).
يثير عبء إثبات عيب السبب صعوبة بالغة لكونه ملقى على عاتق المدعي وهو الفرد في الغالب في مقابل الإدارة التي تحوز المستندات والأوراق فمن ناحية أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا إذا ألزمها القانون بذلك فإن هذا الأمر لا يعني أن تصدر قراراتها على وقائع غير صحيحة، وبسبب هذه الصعوبة يعمل القاضي الإداري على التخفيف عن عائق المدعي في إثبات عيب السبب، فيكفي أن يعمل الأخير على كل ما يزحزح قرينة الصحة الملازمة للقرار الإداري، وبذلك ينتقل عبء الإثبات على عاتق الإدارة التي تكون ملزمة بأن تقدم الأدلة التي تثبت أن قرارها قد استند على وقائع صحيحة(30).
لقد عمل القضاء الإداري في الدول محل المقارنة على أن قرينة الصحة في القرارات الإدارية تنقض بمجرد أن يقدم المدعي مبدأ دليل ضد الإدارة، وبالتالي يؤدي إلى نقل عبء إثبات على عائق الإدارة التي يكون عليها تقديم الأدلة لإثبات صحة أسباب قرارها (31)، ففي فرنسا فإن مجلس الدولة وهو ينظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية في حالة صدور القرار دون ذكر سبب فإنه يأمر الادارة بتقديم أسباب القرار فإن قدمتها ينظر المجلس ويحكم على أساس وإن رفضت تقديمها فإن ذلك يقيم قرينة قضائية لصالح المدعي بأن دعائه . قرار الادارة لم يستند على سبب وبالتالي يجب إلغاؤه، وقد ظهر ذلك في حكمه الشهير في قضية السيد باريل عام 1954 أنفة الذكر ، فإن المجلس قد أمر الإدارة المتمثلة بالوزير بأن يقدم أسباب قراره برفض السيد باريل من المشاركة في المسابقة فرفض الوزير تقديم الأسباب وقد عد المجلس هذا الرفض قرينة على عدم صحة الوقائع التي استند عليها قراره بالإضافة إلى أن السيد باريل هو من الشيوعيين الذين غير مرحب بهم في ذلك الوقت (32) ، فقد سار العمل في المجلس على تخفيف عبء الإثبات الملقى على عاتق المدعي فقد عد المجلس امتناع الادارة عن تقديم أسباب القرار قرينة قضائية على صحة ادعاء المدعي(33). وفي مصر فإن المحكمة الإدارية العليا تعمل على تخفيف عبء الإثبات عن عاتق المدعي في إثبات عيب السبب فهي أيضاً تقلب هذا العبء وتجعله على عاتق الادارة بمجرد أن يقدم المدعي أي دليل ينقذ قرين الصحة في القرار، والتي يقع عليها تقديم الأسباب الصحيحة للقرار، وقد جعلت أيضا من الملف الخاص بالموظف وما يحتويه من أوراق تخلو من شوائب التقصير قرينة لصالح الموظف، فقد ألغت قرار الإدارة المتضمن نقل الموظف من السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية إلى دائرة الضرائب، باعتبار أن قرار النقل قد استند على أسباب غير صحيحة، وأن نظافة ملف الموظف ينفي صحة الأسباب التي سند عليها القرار (34)، وقد قضت المحكمة أيضاً بأن ((الإدارة ليست ملزمة بذكر أسباب القرار إذا لم يلزمها القانون بذلك، وهي بذلك تحمل قراراتها على الصحة وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك))(35).
أما العراق فالقضاء الإداري يؤكد على أن القرار الإداري الخالي من السبب يكون قابلاً للإلغاء (36)، وأنّ الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها وتكون ملزمة بالإفصاح عنه أمام المحكمة إذا طلب منها ذلك، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة بأن "((يجوز تغير الموظف إلى عنوان آخر بالدرجة التي تقابله إذا فقد شرطا جوهريا من شروط الوظيفة التي يشغلها))، فقد ألغت قرار محكمة قضاء الموظفين القاضي بإلزام رئيس مجلس القضاء عليه بإلغاء أمر تغيير عنوان المدعي من محقق قضائي الى معاون قضائي، فقد لاحظت المحكمة الإدارية العليا بأن المدعى عليه قدم أسباب القرار الصادر منه وهو وجود ما يثبت عدم نزهة الموظف وكتاب محكمة استئناف بغداد الرصافة المتضمن طلب نقل المدعي خارج المحكمة التي يعمل بها دون بديل، وهذه تمثل الأسباب الصحيحة التي صدر القرار على أساسها (37).
وقد قضت الهيئة العامة في مجلس الدولة بأن " ((انتفاء الأسباب التي استوجبت فصل الموظف تلزم الادارة بإعادته إلى وظيفة )) ، فقد صادقت على قرار الحكم الصادر من مجلس الانضباط العام (محكمة قضاء الموظفين حالياً ) القاض بإلغاء قرار وزير التربية المتضمن فصل الموظف من وظيفته بسبب شموله بقانون اجتثاث البعث، فلاحظت الهيئة العامة بأن المدعي قدم طلباً إلى الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث فقبلت الهيئة طلبه وأصدرت أوامر تؤكد عدم شموله بإجراءات اجتثاث البعث مما ينتفي سبب الفصل وحيث أن القرار الصادر دونما استناده على سبب يعد معيباً يجب إلغاؤه (38) ، فهذا الطلب واقعة وأنه بمجرد توقيع الرئيس الإداري في الهيئة الوطنية يصبح سنداً رسمياً وأن اجابته بأنه غير مشمول بالاجتثاث هو سنداً رسمياً أيضاً فيكونا أدلة لإثبات واقعة عدم شموله باجتثاث البعث كذلك يبرز الدور الموضوعي للقاضي الإداري في مجال دعوى التعويض كبادرة لتنظيم عبء الإثبات، وأن دعوى التعويض تستوجب ضرر يصيب الفرد بخطأ من جانب ممثل الإدارة بالإضافة إلى العلاقة السببية بينهما، وأن الإثبات ينصب على هذه الأركان وكذلك على الواقعة التي تنفي مسؤولية الإدارة.
1. اثبات الخطأ
يقع إثبات خطأ الإدارة الموجب لقيام مسؤوليتها على عاتق المدعي، وأن هذا الخطأ يمكن إثباته بكافة الطرق الإثبات وهو ما يؤكد الدور الإيجابي للقاضي (39)، أما في المسؤولية على أساس المخاطر فيقع الإثبات على عاتق المدعي وينصب الإثبات هنا على الضرر والعلاقة السببية بينه وبين نشاط الادارة الخطر وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن ((واقعة يجوز اثباتها بجميع طرق الإثبات ومنها البيئة والقرائن والمضرور هو الذي يقع عليه عبء اثبات ما أصابه من ضرر فلا يستطيع أن يخطو في المسؤولية قبل أن يثبت ذلك))(40).
2. اثبات الضرر
يقع عبء إثبات الضرر على عاتق المدعي، فهو المكلف بإثبات الضرر الذي أصابه، فإذا لم يقدم ما يثبت به الضرر ترد دعواه، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن ((لا يجوز لمحكمة القضاء الإداري أن تحكم بعدم شمول المدعي بقانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية دون مناقشة الأدلة التي قدمها المدعي))، فقد نقضت قرار الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري القاض برد دعوى المدعي المعترض على قرار الأمين العام لمجلس الوزراء المتضمن عدم شموله بالتعويض، مستندة في قرارها على عدم تقديمة أدلة كافية لإثبات الضرر الذي أصابه، فلاحظت المحكمة الإدارية العليا وجود كتاب مركز الشرطة الذي يؤكد تعرض دار المدعي إلى تهديم من مجاميع إرهابية ومحضر الكشف المثبت به الأضرار وشهادة الشهود وكتاب مجلس الناحية الذي أكد ذلك وكل هذه أدلة تثبت ادعاء المدعي لإثبات الأضرار التي إصابته (41).
3. اثبات العلاقة السببية بين الضرر وخطأ الإدارة
ان عبء إثبات هذه العلاقة يقع على عاتق المدعي المتضرر فيجب عليه إثبات العلاقة بين خطأ الإدارة والضرر الذي أصابه فإذا لم يستطع ذلك فلا تتحقق مسؤولية الادارة عن الضرر، ويستطيع المدعي إثبات هذه العلاقة بكافة طرق الإثبات (42) ، كما في القرار أعلاه فقد اثبت المدعي الأضرار عن طريق المستندات الرسمية التي تثبت أن داره قد تم تهديمه من قبل المجامع الإرهابية، وأن خطأ الإدارة هو عدم الحفاظ على الأمن العام.
4. إثبات الوقائع التي تنفي مسؤولية الإدارة
يستطيع المدعى عليه التخلص من المسؤولية بمجرد إثبات أن الضرر بسبب أجنبي كما في حالة القوة القاهرة أو الحادث فجائي أو حالة الخطأ المشترك، فيقع عبء الإثبات في هذه الحالة على عاتق الإدارة فتصبح مدعية آنذاك (43).
_____________
1- ماجد حامد حمود الصراف شرطا الصفة والمصلحة في دعوى الالغاء دار الفكر والقانون، المنصوره مصر، ط، 2019، ص 85
2- صعب ناجي عبود الدليمي، الدفوع الشكلية أمام القضاء الإداري في العراق، اطروحة دكتوراه، جامعة بغداد، كلية القانون، 2006 ، ص 65.
3- علي سلمان المشهداني، قواعد الإثبات في الدعوى الإدارية مكتبة السنهوري، بيروت، لبنان، ط، 2017، ص113.
4- القرار رقم (943 ، قضاء موظفين، تمييز، 2015 في 2017/7/27 )قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2017 ، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 465 .
5- القرار رقم (1066، قضاء إداري، تمييز 2019 في (2021/9/9)، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2022 مجلس الدولة جمهورية العراق ، ص 470.
6- القرار رقم (193) قضاء إداري، تمييز، 2017 في 2019/2/28، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019 ، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 552
7- رأفت ،فوده أصول وفلسفة قضاء الإلغاء، دار النهضة العربية مصر القاهرة، ط، 2018،2017، ص390.
8- علي سلمان المشهداني، مصدر سابق، ص113.
9- المادة (21) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
10- المادة (7، رابعاً) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979.
11- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977، ص 469.
12- حكم محكمة القضاء الإداري في مصر في 1949/6/16 ، نقلاً عن حمدي ياسين عكاشة، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج2، ص 525.
13- القرار رقم (1509 ، قضاء موظفين تمييز، 2021 في 2022/6/15 ) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2022، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 441 .
14- محمد عبد الله الفلاح أحكام القضاء الإداري، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، ط1، 2017، ص 81.
15- المادة (24 فقرة 1) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
16- المادة (15، ثالثاً) من قانون الانضباط موظفي دولة والقطاع العام العراقي رقم (14) لسنة 1991.
17- المادة (7، سابعاً، ب) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979.
18- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977، ص 469.
19- أحمد عبد زيد الشمري، اجراءات التقاضي الاداري امام محاكم مجلس الادولة ادراة المركز العربي مصر القاهرة ط1 2022 ، ص378.
20- ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية، مصر، الإسكندرية، ط، 1995 ، ص321.
21- تنص المادة (7 ، سابعاً، أ) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979، بأن "(سابعاً : أ. يشترط قبل تقديم الطعن الى محكمة القضاء الاداري ان يتم التظلم منه لدى الجهة الادارية المختصة خلال (30) يوما من تاريخ تبلغه بالأمر او القرار الاداري المطعون فيه او اعتباره مبلغاً، وعلى هذه الجهة ان تبت في التظلم خلال (30) يوما من تاريخ تسجيل التظلم لديها)".
22- تنص المادة (15، ثالثاً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991، بأن "(ثالثاً: يشترط ان يقدم الطعن لدى محكمة قضاء الموظفين خلال (30) يوما من تاريخ تبليغ الموظف برفض التظلم حقيقة أو حكماً).
23- حكم محكمة القضاء الإداري في مصر في 1953/11/18 ، نقلاً عن حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج 6، ص 733.
24- حمدي ياسين عكاشة، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج6، ص 140.
25- المادة (10، أولاً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي رقم (14) لسنة 1991.
26- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص 476 .
27- القرار رقم (220 ، انضباط تمییز 2013 في 2013/7/22 ) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2013، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص322
28- ماجد راغب الحلو، القانون الاداري، دار المطبوعات الجامعية، مصر، الإسكندرية، ط،2000، ص 510.
29- وسام صبار العاني، عيب السبب ومكانته بين أوجه الالغاء في النظم المقارنة والعراق، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين ،العراق، المجلد 14 ، العدد 1، 2012، ص 60.
30- محمد رفعت عبد الوهاب القضاء الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ط1 2005 ج 1، ص218.
31- ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية، مصر، الإسكندرية، ط، 1995 ، ص 430 .
32- مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الاداري ومجلس الدولة الدار العربية للنشر والتوزيع مصر ط10 1999 ، ص810.
33- ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، ص 431 .
34- مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري ومجلس الدولة، ص813.
35- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 1965/5/22، نقلاً عن حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج 6 ، ص 152.
36- القرار رقم 165 ، انضباط، تمييز، 2011 في 2011/5/12 ، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2011، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 271
37- القرار رقم (1 طعن لمصلحة القانون، 2019 في 2019/4/4)، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص329
38- القرار رقم 145 الانضباط تمييز، 2007 في 200/11/15 قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2007، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص338
39- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977 ، ص 521.
40- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 2001/1/27، نقلاً عن حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج 6، ص 525.
41- القرار رقم (702، قضاء أداري، تمييز، 2018 في 2020/2/13 قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2020 مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 425
42- علاء الدين إبراهيم أبو الخير دور القاضي في الإثبات أمام القضاء الإداري، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مصر، عام، 2013 ، ص179..
43- أحمد كمال الدين موسى ، نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص 461.
الاكثر قراءة في القضاء الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
