القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
مميزات الدور الاجرائي للقاضي الإداري في تنظيم عبء الاثبات
المؤلف:
حسين سالم محمد جاسم
المصدر:
عبء الاثبات في الدعوى الإدارية
الجزء والصفحة:
ص 124-131
2025-08-31
39
إن السمات التي يتمتع بها دور القاضي الاجرائي ما هي إلا نتيجة للسلطة الممنوحة له في توجيه إجراءات الدعوى، فيكون له الأمر بأي وسيلة يراها مناسبة لإثبات الدعوى، كما له الحرية في تكوين قناعته من أي وسيلة يأمر بها، فهو الذي يقدر مدى الحاجة لوسيلة إثبات معينة، كما ويضمن حقوق الدفاع الأطراف الدعوى في مواجهة الإجراءات القضائية، عليه فإن خصائص الدور الاجرائي للقاضي الإداري تتمثل بـ :
1. الحرية في اختيار الوسيلة المناسبة للإثبات.
2. الحرية في تقدير قيمة الوسيلة التي يختارها. ضمان مبدأ المواجهة في الإجراءات القضائية.
:أولاً: حرية القاضي في اختيار الوسيلة المناسبة للإثبات
يشغل دور القاضي الإيجابي في توجيه الدعوى حيزاً كبيراً، لأنه وفي كثير الأحيان يأمر بإجراءات من شأنها الكشف عن الأدلة اللازمة للفصل في الدعوى واحقاق الحق، وكما مر فإن مبدأ حرية الإثبات يبرز بشكل كبير في امام القضاء الإداري، فينتج عنه السلطة الواسعة للقاضي الإداري لاختيار أي وسيلة لإثبات الدعوى، سواء كانت عامة مثل (التكليف بإبراز المستندات المنتجة في الدعوى أو من الوسائل التحقيقية المتمثلة بالخبرة والمعاينة والاستجواب والشهادة)(1).
وأن القاضي لا تقتصر حريته في الأمر بوسائل الإثبات المناسبة لطبيعة الدعوى الإدارية، كذلك تكون هذه الحرية على تقدير مدى كفاية ملف الدعوى (الاضبارة) وما يحتويه من مستندات، فإن كانت الأخيرة كافية لحسم الدعوى التزم بها القاضي، كل هذا بسبب دوره الإيجابي في توجيه إجراءات الدعوى، وأن القاضي يقوم بها من تلقاء نفسه ولا يتقيد بإرادة الأطراف (2)، وإنها تعد الأصل الغالب في الدعاوي الإدارية واستثناء إذا الزم المشرع اللجوء على وسيلة معينة، من ذلك ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة (13) من قانون تنظيم المحاكم الإدارية لسنة 1889، من ضرورة اللجوء على الخبرة في الدعاوي المتعلقة بأضرار الأشغال العامة إذا طلبها الأطراف أو أحدهم (3)، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن ( المنازعات الإدارية أمانة في يد القاضي، يشرف عليها وعلى حسن سيرها وتحضيرها حيث يقوم بدور إيجابي ولا يترك أمرها الخصوم، وأنه لا إلزام على المحكمة بإجابة طلب المدعي بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات الادعاء بالتزوير، متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدة المحكمة) (4)، وقضت في شأن ذلك أيضاً الهيئة العامة في مجلس الدولة العراق بأن (( إثبات الخدمة المطلوبة احتسابها من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بطرق الإثبات كافة ))، فقد نقضت قرار مجلس الانضباط العام (محكمة قضاء الموظفين ) حالياً القاضي بالحكم على وزير التربية باحتساب خدمة المدعية من 1979/9/1 لغاية ،1993/9/1 ، وقد استند هذا الحكم على الأوامر الوزارية لإثبات خدمتها بسبب فقدان إضبارتها الشخصية جراء الحرب، فقد اعتبرت الهيئة العامة بأن إثبات الخدمة من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بطرق الإثبات كافة وأن على المجلس إجراء المزيد من التحقيقات من ذلك أخذ إقرار ممثلي الجهة الإدارية التي اشتغلت بها المدعية، وكذلك عرض الأوامر الوزارية على الجهة التي أصدرتها فيما اذا كانت هذه الجهات تطعن بتزوير من عدمه (5) .
إن سلطة القاضي التقديرية في الأمر بوسائل الإثبات ليست مطلقة دون حد بل إنها تخضع في شأن إعمالها لقيدين:
1. تقيد القاضي بقبول الطلبات المتضمنة الأمر باللجوء على وسيلة الإثبات التي تكون لازمة لبيان معالم الواقعة محل النزاع والتي تساعد على حسم الدعوى (6)، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن ((لا يجوز للوزير أن يفرض عقوبة العزل على الموظف إلا بناء على أدلة يقينية بثبوت الواقعة المنسوبة إليه))، فقد نقضت قرار الحكم الصادر من محكمة قضاء الموظفين القاض بتصديق الأمر الصادر عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي المتضمن فرض عقوبة العزل على المدعية بسبب ظهورها في مقطع فيلم مخل الآداب، وقد تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استندت محكمة قضاء الموظفين في حكمها على التحقيق الإداري الذي أجرته الوزارة والمتضمن تقرير الخبراء بشأن نسبة الفيلم إلى المدعية وشهادة عشرين شاهد ممن يعملون معها، فقد لاحظت المحكمة الإدارية العليا عدم ثبوت ما ينطبق ونص المادة (8 ، ثامناً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام النافذ والتي ذكرت موارد عقوبة العزل (7) ، وأن الشهادات المستمعة في التحقيق الإداري لا تتعلق بالواقعة ولم ترد على ثبوت الفيلم للمدعية و تقرير الخبراء لم يبين الأسباب وذكرا النتيجة بسطرين فقط، وأن المدعية قد انكرت هذه الواقعة وقدمت تقرير فحص مختبري لفريق أمريكي متطوع من الخبراء من صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا، وأن هذا التقرير قد اثبت أن الفيلم مزيف فقد أجرى الفحص عليه بتقنيات متطورة وأوضح أن هذا الفيلم قد تم إنشاءه بتقنية الذكاء الاصطناعي، فقد قدر نسبة التزييف فيه بحدود (96%) وكان هذا التقرير مكون من أربع صفحات ومسبباً تسبيباً علمياً دقيقاً مما يدفع المحكمة لاعتماده سبباً للحكم بالإضافة إلى القرائن المتحصلة من إنكار المدعية لهذه الواقعة وبالتالي الغت عقوبة العزل وأعادت المدعية إلى وظيفتها (8).
2. تقيد القاضي بالأمر بالوسائل المنتجة لإثبات الدعوى، ودرئ أي وسيلة غير مجدي في النزاع والتي تطيل أمد النزاع (9) ، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن (( التحقيق الذي تجريه الإدارة كافٍ لإثبات المخالفة الانضباطية لا يحتاج إلى إثباتها من محكمة التحقيق ))، فقد نقضت قرار الحكم الصادر من محكمة قضاء الموظفين والقاض بالحكم بتعديل قرار رئيس هيئة النزاهة المتضمن فرض عقوبة تنزيل الدرجة على المعترضة، ذلك لأن الأخيرة قدمت تقارير طبية لغرض الحصول على إجازة مرضية، وأن التقرير المقدم يحتوي على إضافات غير موجودة بأصل التقرير الصادر عن المستشفى، فأمرت محكمة قضاء الموظفين بضرورة اثبات واقعة التزوير عن طريق محكمة التحقيق، ولم يثبت لدى الأخيرة قيام المعترضة بتزوير التقرير موضوع الدعوى، مما دفع محكمة قضاء الموظفين الحكم بإلزام المعترض عليه بتعديل الأمر محل الطعن وتخفيض العقوبة إلى التوبيخ بدلاً من تنزيل الدرجة، فلاحظت المحكمة الإدارية العليا أن المخالفة التي توجب العقوبة ثبتت أمام اللجنة التحقيقية بمجرد مقارنة أصل التقرير مع النسخة المزورة المقدمة إليها مما يولد واقعة إيهام الإدارة مما يوجب ثبوت مخالفة المعترضة لواجباتها الوظيفية (10).
ثانياً: حرية القاضي في تقدير قيمة الوسيلة التي أمر بها
إن هذه الميزة مرتبطة بدور القاضي في استيفاء الدعوى، وبذلك يكون له الحرية في الاقتناع بما يقدم له أو ما أمر به من أدلة فللقاضي سلطة تقديرية في تقدير قيمة وسائل الإثبات سواء كانت مرفقة بملف الدعوى أو أمر بها بعد ذلك في احد جلسات المرافعة فهو عندما يأمر بوسيلة معينة لا يلتزم بنتيجتها إذا رأى عدم كفايتها أو ضعفها في الإثبات ولا يتنازل عن حريته في تقدير قيمة هذه الوسيلة (11)، فإذا أمر القاضي بوسيلة معينة وظهر له عدم كفايتها فإنه لا يلتزم بنتيجتها وله العدول عنها والأمر بوسيلة أخرى بشرط بيان أسباب ذلك في محضر الدعوى(12)، كما لو أمر القاضي بانتخاب خبير لتقدير مبلغ التعويض عن الضرر الذي اصاب المدعي ثم عدم الاعتماد عليه في الحكم، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن (( لا يصلح تقرير الخبير سنداً للفصل في الدعوى إذا تضمن مغالاة لا يمكن قبولها))، فقد نقضت هذه المحكمة قرار محكمة القضاء الإداري القاض بإلغاء قرار اللجنة المركزية لتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية (فرع ديالي) التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء، المتضمن تخفيض مبلغ التعويض من (مائة وسبعة ملايين وثلاثمائة ألف دينار) إلى (خمسة وخمسون مليون دينار)، فلاحظت المحكمة من أوليات التحقيق والأضرار أن التعويض عن الدار فقط وأن تقرير الخبير تضمن مغالاة في احتساب سعر المتر فقد قدره بـ(ثمانمائة ألف دينار للمتر الواحد ) وهو ما لا يمكن قبوله عقلاً وبالتالي على محكمة القضاء الإداري مراعاة نسبة الأضرار وتقدير قيمتها بما يتناسب معها (13). وأن هذه السلطة الممنوحة للقاضي هي نتاج مبدأ الإثبات الحر الذي يعتنقه القضاء الإداري والذي لا يسمح بتقيد القاضي بنتيجة وسيلة معينة أو بالوسيلة التي يختارها، وذلك لتعارضها مع هذا المبدأ (14).
ثالثاً : ضمان مبدأ المواجهة في الإجراءات القضائية
والميزة الأخيرة . هي ، مبدأ الوجاهية، وهو من المبادئ الأساسية في الأصول القضائية بشكل عام، والقصد منه ((الحق لكل خصم في أن يطلع على ما يقدمه خصمه من أوراق ومستندات مذكرات)) (15)، أساسه ، ويجد في مبدأ المساواة والاحترام لحقوق الدفاع، مضمونه علم الخصم بكل ما يجري من إجراءات في الدعوى سواء قام بها القاضي أو طلبها الخصم الآخر، ولهذا المبدأ أهمية كبيرة حيث يعد من القواعد العامة التي تحكم أصول التقاضي حتى في غياب النص عليه فلا يمكن للقاضي أن يعتمد على أي دليل دون علم والاطلاع الخصوم عليه (16)، ولأهميته فقد نص عليه القانون الفرنسي أي قانون القضاء الإداري في مورد الطلبات المستعجلة، فقد الزم القاضي على أن يأمر بكافة التدابير اللازمة لحماية الحريات الأساسية بحضور جميع أطراف الدعوى، وأن يبلغ أطراف الدعوى بموعد الجلسة لمناقشة ما اتخذ من إجراءات فيها (17). ويتحقق مبدأ المواجهة في الإجراءات القضائية بتحقق علم الأفراد بوجود دعوى قضائية مقامة أمام المحكمة، وكذلك تمكين الأطراف من الاطلاع على جميع الأوراق والمستندات المرفقة بملف الدعوى، بالإضافة على تمكين الأطراف من الدفاع عن طريق تقديم الملاحظات المذكرات من أجل مناقشة المستندات الموجودة في الملف، وكما يلي:
1. علم الطرف المعني (المدعى عليه أو الشخص الثالث) بوجود دعوى قضائية
يجب علم الأطراف أصحاب الشأن بوجود دعوى قضائية تخصهم سواء كان الفرد عمل الإدارة، وأن هذا العلم يتحقق تبليغ المدعى عليه (أو أي شخص وجب إدخاله في الدعوى) بوجود دعوى مقامة ضده، وأن هناك إجراءات قد اتخذت فيها (18)، فقد نص المشرع المصري في "قانون مجلس الدولة النافذ بأن تعلن العريضة ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية المختصة وإلى ذوي الشأن في ميعاد لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ تقديمها ويتم الإعلان بطريق البريد بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول) (19)، وفي العراق فإن الأمر يختلف فلم ينص قانون مجلس الدولة النافذ على إجراءات التبليغ بعريضة الدعوى فيخضع التبليغ بها إلى قواعد قانون المرافعات النافذ، والذي أكد على أن يبلغ الشخص المعني نفسه أو إلى من يكون مقيماً معه أو ممن يعمل في خدمته أو إلى من يرأسه في العمل (20)، أو يبلغ عن طريق دائرته وذلك عن طريق بريد المحكمة وتثبيت ذلك في دفتر اليد ويعتبر المعني مبلغاً من تاريخ تسلم دائرته التبليغ مالم يرد اشعار الى المحكمة بانتقاله الى دائرة أخرى أو تمتعه بإجازة (21) ، ويكون تبليغ جهة الإدارة بعريضة الدعوى عن طريق البريد الرسمي للمحكمة، فيتبلغ جهة الادارة بعريضة الدعوى وذلك بتدوين تاريخ استلام التبليغ بدفتر اليد الخاص بالمحكمة (22) ، ويقوم القاضي الإداري بالتأكد من صحة تبليغ المدعي عليه تبليغاً صحيحاً وأن عدم تبليغه بعريضة الدعوى يؤدي إلى عدم صحة الإجراءات المتخذة ضده (23)، وأن تبليغ الأطراف لا يختصر على علمهم بوجود دعوى فقط بل يبلغ الأطراف أيضا بما اتخذ من وسائل الإثبات التي أمر بها القاضي (24) ، وتطبيقاً لذلك قضت الهيئة العامة في مجلس الدولة العراقي بأن من ((دواعي تدقيق الدعوى التثبيت من تاريخ تبليغ المعني بالحكم المعترض عليه اما حقيقة بتوقيع ثابت التاريخ أو حكماً بعلم اليقين المفترض وعدم مراعاة مجلس الانضباط لهذا الجانب يوجب نقض الحكم))(25).
2. تمكين الأطراف من الاطلاع على المستندات المرفقة في الدعوى
يجب على المحكمة السماح للخصوم أو وكيلهم من الاطلاع على ملف الدعوى ومعرفة المستندات المرفقة فيه، وأن هذا الحق من المسائل الجوهرية التي يترتب على عدم مراعاتها بطلان الإجراءات، فلا يحق للقاضي الاداري إصدار قرار الحكم بالاستناد على أي دليل لم يكن يعلم به الأطراف (26)، ويكون الاطلاع على محضر الدعوى والمستندات المرفقة فيها، والهدف من هذا الاطلاع هو علم صاحب الشأن بما تم في الدعوى من إجراءات وكذلك فيما إذا ارفقت طلبات أو مستندات أخرى تكشف عن اتخاذ وسيلة معينة من عدمه كما لو أمر القاضي بإجراء معاينة أو انتخاب خبير أو سماع شهادة (27) ، كذلك يجوز للقاضي أن يقصر هذا الاطلاع على المستندات المنتجة في الدعوى حتى لا يكون هناك تأخير أو إطالة في أمد النزاع(28).
3. تمكين أطراف الدعوى من الدفاع عن طريق تقديم الملاحظات المذكرات لمناقشة المستندات المرفقة فيها
ويعني ذلك ((إعطاء الخصوم فرصة للرد على الادعاءات ومناقشة ما ورد بالمستندات المرفقة في الدعوى، على أن يحدد القاضي الموعد المقرر لهذا الغرض )) (29)، إن الرد على المستندات وإبداء الملاحظات وتقديمها إلى المحكمة من أجل إطلاع الخصم عليها يكون مكتوباً وهذا هو الأصل إلى أن ذلك لا يمنع من تقديم الملاحظات الشفهية لأجل بيان بعض المعلومات الواردة في المستندات وتثبيتها في محضر الدعوى (30).
إن تمكين الأطراف من الدفاع من أهم الحقوق المقررة لهم فبدونه ترد الدعوى، كونه يمثل ضمانة لحق الخصم في مناقشة الأدلة الموجهة ضده وبيان الملاحظات عليها، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن ((تدوين إفادة الموظف أمام اللجنة التحقيقية إجراء جوهري يترتب على عدم مراعاته بطلان إجراءات اللجنة))، فقد نقضت قرار محكمة قضاء الموظفين القاض برد دعوى المعترض وتصديق الأمر الوزاري الصادر من وزير المالية والمتضمن فرض عقوبة الإنذار بحق المعترض، وقد لاحظت المحكمة الإدارية العليا بأن المعترض دفع بعدم حضوره أمام اللجنة التحقيقية فكان على محكمة قضاء الموظفين التحقق من هذا الدفع وكذلك لم تجد المحكمة الإدارية العليا ما يفيد مخالفة الموظف الواجباته الوظيفية (31). وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن الخروج على هذا المبدأ وذلك في حالتين تكون الأولى في حالة تقرير القاضي بعض الإجراءات التي من شأنها المساس بهذا المبدأ وذلك عند إقامة الدعوى أمام محكمة غير مختصة أو رد الدعوى بسبب شكلي فهنا القاضي يخرج على مبدأ المواجهة ويصدر قراره بدون تمكين الأطراف من الاطلاع على مستندات الدعوى أو تمكين هم من الدفاع ومناقشة الأدلة المرفقة في الملف (32) ، أما الحالة الثانية فإنها تتمثل بامتناع القاضي الإداري عن ممارسة دوره الإيجابي والذي يمس مبدأ المواجهة في الإجراءات وذلك عندما يمتنع عن تكليف الإدارة بإبراز المستندات المنتجة في الدعوى وذلك لتعلقها بأسرار الدولة والتي يجب أن تحظى بطابع السرية وعدم تمكين أحد من الاطلاع عليها (33) ، على أن ذلك لا يمنع القاضي من اتخاذ التدابير اللازمة للفصل في الدعوى، كما في المستندات السرية التي يمنع المشرع الفرنسي من الاطلاع عليها وذلك لتعلقها بأسرار الدفاع الوطني، فيحق للقاضي في هذه الحالة أن يطلب تكليف أحد المفوضين والاطلاع على هذه الوثائق مع عدم الإخلال بسرية المعلومات المدون فيها (34). خلاصة الأمر إن القاضي الإداري تكون له الحرية في اختيار الوسيلة المناسبة والاقتناع بنتيجتها وهو بذلك يهدف الى التخفيف من عبء الإثبات الملقى على عاتق الفرد في مواجهة الإدارة، فالأمر بوسيلة الخبرة أو المعاينة أو الشهادة ما هي الا وسائل يلجأ اليها القاضي لتخفيف عبء الإثبات عن الفرد في كثير من الأحيان وكذلك يخلصه من عبء اثبات الواقعة، وأن هذه الحرية قد يهدف القاضي بها الى نقل عبء الإثبات من الفرد الى الإدارة وذلك في حالة تقاعس الأخيرة عن تقديم ما بحوزتها من مستندات يأمر القاضي بإيداعها ملف الدعوى(35).
____________
1- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977، ص246.
2- محمد أحمد محمد زكي أحمد، ص87.
3- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977، ص 243.
4- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 1963/11/22 ، نقلاً عن حم حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج 6، ص 66.
5- القرار رقم (7) انضباط تمييز 2006 في (2006/1/23) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2006، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 402.
6- علاء الدين إبراهيم أبو الخير دور القاضي في الإثبات أمام القضاء الإداري، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مصر، عام، 2013، ص67.
7- نصت المادة (8، ثامناً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي بأن ثامناً: العزل ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائياً ولا تجوز اعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي، وذلك بقرار مسبب من الوزير في احدى الحالات الاتية أ. اذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقائه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة ب. اذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية. ج. اذا عوقب بالفصل ثم اعيد توظيفه فارتكب فعلا يستوجب الفصل مرة أخرى).
8- القرار رقم (1556 ، قضاء موظفين تمييز، 2019 في 2019/7/25) ، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019 ، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 455.
9- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص 247.
10- القرار رقم (872، قضاء موظفين، تمييز، 2014 في 2016/5/19 ) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2016، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 404.
11- حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط، 2009، ج 6، ص 67.
12- المادة (17) من قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979.
13- القرار رقم (1305 ، قضاء أداري، تمييز، 2019 في 2019/9/12) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 626 .
14- علاء الدين إبراهيم أبو الخير دور القاضي في الإثبات أمام القضاء الإداري، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مصر، عام، 2013، ص 68.
15- عمرة أسمهان سليم، مبدأ الوجاهية في الإجراءات الإدارية القضائية رسالة ماجستير، جامعة الجلفة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2017، ص 14.
16- جوزيف رزق الله النظرية العامة للإثبات أمام القضاء الإداري، مكتبة صادر ناشرون، لبنان، بیروت، ط1، 2010 ، ص129.
17- المادة (521_1_2) من قانون القضاء الإداري الفرنسي 2000/5/4.
18- محمود عبد علي الزبيدي دور القاضي الإداري في تحقيق الموازنة بين سلطة الإدارة وحقوق المتقاضين في المرافعات الإدارية دار المسلة، بغداد ،العراق، ط1، 2021 ، ص 142.
19- المادة (25) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
20- المادة (18) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969.
21- المادة (21) فقرة (11) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969.
22- المادة (21) فقرة (5) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969.
23- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص258.
24- علاء الدين إبراهيم أبو الخير ، مصدر سابق، ص72.
25- القرار رقم (44 انضباط تمييز، 2006 في 2006/3/6) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2006، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 435
26- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص 259.
27- هشام عبد المنعم عكاشة دور القاضي الإداري في الإثبات دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط، 2003، ص113.
28- عبد العزيز عبد المنعم خليفة المرافعات الإدارية والإثبات أمام القضاء الإداري المركز القومي للإصدارات القانونية، مصر، 1، 2008 ، ص367.
29- أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، ص 263.
30- علاء الدين إبراهيم أبو الخير دور القاضي في الإثبات أمام القضاء الإداري، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مصر، عام، 2013 ص76.
31- القرار رقم (982 ، قضاء أداري، تمييز، 2019 في 2019/8/29) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 425
32- أحمد كمال الدين موسى نظرية الإثبات في القانون الإداري، دون ذكر المطبعة، ط 1977 ص 268.
33- علاء الدين إبراهيم أبو الخير، مصدر سابق، ص78.
34- المادة (2312-1) من قانون الدفاع الوطني الفرنسي 2004/12/21.
35- حاتم أحمد محمد بطيخ دور الانترنت في الإثبات أمام القاضي الجنائي والإداري، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، كلية الحقوق، مصر، عام 2017 ، ص327.
الاكثر قراءة في القضاء الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
