إن حق التتبع ليس حقاً مستقلاً عن حق التقدم ، وإنما هو وسيلة لحماية حق التقدم، فحق التتبع يمهد الطريق أمام حق التقدم من خلال التنفيذ على العقار المرهون في حالة خروجه من ذمة المدين الراهن لكي يستوفي الدائن المرتهن حقه قبل غيره بمقتضى هذا الحق ، كذلك فان حق التقدم ملازم لحق التتبع في حالة خروج العقار المرهون من ذمة الراهن ، فالتقدم يلازم الرهن دائماً . أما حق التتبع فقد يكون ملازماً للرهن او لا يكون ملازماً له حسب ظروف الحال(1). بعبارة أخرى. إذا بقى العقار المرهون في ذمة المدين الراهن ، فلا يحتاج الدائن المرتهن الى حق التتبع ، وإنما يحتاج الى حق التقدم فقط(2) . أما إذا انتقلت ملكية العقار المرهون الى الغير، فان الدائن المرتهن يحتاج في هذه الحالة الى حق التتبع وحق التقدم. أما بالنسبة الى مدى ظهور حق التتبع وحق التقدم في الحقوق العينية ، فنلاحظ إن هناك رأياً في الفقه(3). ذهب الى إن حق التتبع وحق التقدم يعتبران من مزايا الحقوق العينية التبعية. بينما ذهب الرأي الغالب في الفقه(4) الى إن الحقوق العينية سواء كانت أصلية أم تبعية تعطي لصاحبها حق التتبع وحق التقدم، والفارق بينهما ينحصر فقط في درجة ظهور او وضوح كل من حق التتبع وحق التقدم .

ونحن نؤيد ما ذهب إليه الرأي الغالب في الفقه ، حيث إن الحقوق العينية الأصلية والتبعية تعطي لصاحبها حق التتبع وحق التقدم ، دون أن تقتصر هذه الحقوق على الحقوق العينية التبعية. وقد أكد ت محكمة التمييز في العراق على إن الحقوق العينية الأصلية تعطي لصاحبها حق التتبع إذ قضت (( للمشتري ملاحقة المبيع عندما يتعرض له أجنبي ، فيحق للمشتري مقاضاة البائع او واضع اليد على المبيع ))(5). وبالرغم من إن الحقوق العينية ، سواء كانت أصلية أم تبعية ، تعطي لصاحبها حق التتبع . إلا إن حق التتبع يكون أكثر وضوحاً في الحقوق العينية التبعية ، والسبب في ذلك يرجع الى إن سلطة التصرف تبقى لمالك الشيء الوارد عليه الحق العيني التبعي. وان صاحب الحق العيني التبعي لا يستطيع التصرف في الشيء محل الحق . وبالتالي إذا قام المالك بالتصرف في الشيء الوارد عليه الحق العيني التبعي ونقل ملكيته الى شخص آخر، فان هذه التصرفات هي التي تحقق الحالات العملية التي يلجأ فيها صاحب الحق العيني التبعي الى تتبع الشيء في يد المتصرف إليه. أما في الحقوق العينية الأصلية ، فان صاحب الحق العيني الأصلي هو الذي يملك سلطة التصرف في الشيء محل الحق ، ولا يوجد شخص آخر يستطيع أن يتصرف في الشيء ، وبذلك تظهر الصعوبة في الكشف عن أمثلة عملية يباشر فيها صاحب الحق العيني الأصلي سلطته في التتبع(6).

________________________

1-انظر ، د.احمد سلامه ، دروس في التأمينات المدنية، مصدر سابق، ص237. محمد وحيد الدين سوار، الحقوق العينية التبعية ، مصدر سابق، ص109.

2- انظر، د. اسعد دياب ، أبحاث في التأمينات العينية ، الطبعة الأولى ، 1988، ص 75. د.سليمان مرقس ،  التأمينات العينية ، مطابع دار النشر للجامعات ، 1959، ص 202 .

3- انظر، د. محمد المرسي زهرة ، مصدر سابق ، ص 14.

4- انظر، د.غني حسون طه ، محمد طه البشير ،  مصدر سابق ، ص 445 . د.عبد القادر الفار، مصادر الالتزام، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1998 ، ص17 . د. محمد وحيد الدين سوار ، حق الملكية في ذاته في القانون المدني ، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1997، ص13. د.نبيل إبراهيم سعد ، الحقوق العينية الأصلية أحكامها ومصادرها ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2001 ، ص9-10.

5-انظر، قرار رقم 115/ حقوقية ، 1968 ، تاريخ القرار 20/3/1968 . قضاء محكمة التمييز ، القرارات الصادرة سنة 1968 ، المجلد الخامس ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1971، ص 226. أشار إليه ، عامر محمد علي،  مبدأ سريان العقد ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق جامعة النهرين ، 2001 ، ص12 هامش(3).

6- انظر، محمد طه البشير ،الوجيز في الحقوق العينية التبعية،  مصدر سابق ، ص131. سمير عبد السيد تناغو ،  مصدر سابق ، ص244.  وفي الفقه الفرنسي انظر،  Josserand op.cit, P.997 .