أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2016
2434
التاريخ: 24-4-2016
2516
التاريخ: 23-5-2018
4208
التاريخ: 24-4-2016
14580
|
الإدارة التقليدية والمعرفة
عند ذكر كلمة "إدارة" يتبادر للذهن أحيانا وظائف الإدارة من: تخطيط وتنسيق ومراقبة للعمل وللعاملين. وهذا ما كان فعلاً ملائما للعهد الصناعي (The Industrial Era) إبان الثورة الصناعية وما بعدها. ولكن السؤال الحتمي في وقتنا الحاضر، هل هذه الوظائف ما زالت ملائمة إلى وقتنا الحاضر في عهد تسوده المؤسسة الأفقية ومجموعات العمل المستقلة والدافعية الذاتية لدى العاملين؟، هل هذه الوظائف ما زالت ملائمة في عهد عامل المعرفة (Knowledge Worker) بحسب وصف "بيتر دركر(1). إن من أهم ملامح التغيير التي برزت في وقتنا الحاضر وبشكل خاص بحلول الألفية الثالثة، ظهور المعرفة واعتماد المؤسسات على المعرفة والعامل أو الموظف صاحب تلك المعرفة. وعلى الرغم من معرفة الدول النامية بما في ذلك الدول العربية، بالتغير الذي حدث في المؤسسات الغربية وفي الدول الصناعية تبعا لذلك، وعلى الرغم من استيراد الدول النامية للكثير من مصادر المعرفة كتكنولوجيا المعلومات، إلا أن الأنماط الإدارية لم تتغير تبعاً لذلك، ومازالت الدول النامية والكثير من الدول العربية تتبع أساليب إدارية تقليدية. إن النمط الإداري التقليدي كان مناسبا لكي يتعامل مع ظروف مختلفة عما تعيشه الإدارة والمؤسسة في الوقت الحاضر. فالنمط الإداري البيروقراطي التقليدي ربما كان مناسبا حتى السبعينات من القرن الماضي. أما في الوقت الحاضر فالأمور تتغير على مختلف الصُعد. فثقافة العامل كانت أقل ودوافعه مادية وانتماء الموظف للنقابات كان أمراً ضرورياً. والبيروقراطية التي جاء بها ماكس ويبر كانت إيجابية ولا يمكن الاستغناء عنها، وتقسيم العمل كذلك كان أمراً أساسياً وكانت أدوار العمل ومهامه منفصلة ومستقلة عن العامل. وما زالت منظمات الأعمال حتى هذه الأيام تمارس النظريات والمفاهيم الإدارية التي نادى بها أناس مثل ماكس ويبر وهنري فايول وفريدريك تايلور منذ ما يقرب من حوالي مائة عام أو أقل، علماً بأن هذه المفاهيم كانت مناسبة إلى حد كبير في ذلك الوقت، وهذا أمر طبيعي أن تكون مناسبة حينئذ وما هو غير طبيعي هو في عدم استثمار المفاهيم المعاصرة التي تتناسب مع بيئة العمل المعاصرة أو عدم ممارستها في هذه الأيام، وما زالت الكثير من المنظمات تمارس مفاهيم مئة عام خلت. والجدول الآتي يبين الفرق الواضح بين النموذج الإداري القديم والنموذج الحديث، علما بأن معظم المؤسسات في الدول العربية مثلا ما زالت تطبق النموذج الإداري القديم، على الرغم من عدم ملاءمته في عهد تتبنى فيه منظمات القرن الواحد والعشرون، المعرفة وأنظمة المعلومات الإدارية وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من مفاهيم إدارية معاصرة.
جدول 3 مقارنة بين النموذج الإداري الحديث والنموذج القديم من خلال بعض الممارسات الإدارية التقليدية وما يقابلها من ممارسات حديثة.
Source: Davenport, Knowledge Work and the Future of Management, Op cit.
فمع موظف (أو عامل المعرفة) ومجتمع المعرفة لا تستوي الأمور بأدوات إدارية مضى عليها كل هذا الوقت دون تبديل أو تغيير، والأمر لا يتعلق بالتغيير فقط من أجل التغيير، ولكن أصبح الأمر حتميا على مؤسسات تعيش عصر العولمة بأبعادها التكنولوجية والثقافية الاجتماعية والاقتصادية أن تتغير في إدارتها لمواردها البشرية وهياكلها التنظيمية، لتصبح أكثر مرونة واستجابة للتغيرات البيئية الخارجية، ولتسمح لموظفيها باستخدام قدراتهم ومعرفتهم وكفاءاتهم، وتمكينهم من أجل تحقيق ميزة تنافسية مستديمة لمؤسساتهم. فهناك فرق بين توظيف قدرات فئة محدودة مثل الإدارة العليا في تحقيق التغيير والتطوير المنشود كما هو الأمر تقليديا، وبين أن يشارك الجميع في المؤسسة في محاولة استخدام مواهبهم وعقولهم في سبيل تحقيق تلك الميزة التي تم ذكرها، وخاصة في زمن المعرفة ورأس المال الفكري والإبداعي الذي لم يعد يقبل التفكير البيروقراطي الذي يُنكر إمكانيات فئات معينة لصالح فئات أخرى.
ظهور إدارة المعرفة وتطورها
لقد ظهر موضوع المعرفة وإدارة المعرفة منذ عدة سنوات(Nonaka and Takeuchi, 1995; Cortada, 1998) (Nonaka(2). من خلال الأدوات التالية:
-الآلية (Automation) في المصانع وحتى في الزراعة التي أدت إلى التخلص من أعداد كثيرة من الأيدي العاملة التي كانت تقوم بأعمال يدوية.
-الحاسوب والمعلومات والحاجة لمعالجتها وظهور تكنولوجيا المعلومات وأنظمة المعلومات الإدارية وغيرها من أدوات تقنية.
-ظهور ما يسمى بموظف المعرفة .(Knowledge workers) و على الرغم من أن هذه التسمية غير شائعة حتى هذا الوقت في مؤسسات الدول العربية، ولكن في كثير من المؤسسات في الدول الغربية أصبحت لإدارة المعرفة وظيفة مشابهة لوظائف المؤسسة مثل وظيفة إدارة الموارد البشرية ووظيفة الإنتاج والتسويق والتمويل، وهناك أيضا وظيفة للمعرفة ومدير لتلك الإدارة اسمه مدير المعرفة Knowledge Manager and Knowledge Management ، وتعد هذه الوظيفة محورية في مثل بعض من هذه المنظمات الغربية.
-تزايد نسبة المؤسسات الخدمية التي جوهر عملها يقوم على المعرفة، وتزايد تداولها بين أفراد المنظمة مثل: البنوك، والفنادق، والشركات السياحية، وشركات التأمين، والإنترنت.
فمع بداية القرن الواحد والعشرون زادت، بشكل ملحوظ، عدد الوظائف التي تتطلب المعرفة في معالجة المعلومات وفي شركات الاتصال وأشباه الموصلات (Semiconductors) وشركات الإنترنت وغيرها.
بناء على ما سبق من التحول نحو المعرفة فإن مستقبل الإدارة والممارسة الإدارية لا بد أن يتغير أيضا والجدول الآتي يفيدنا كثيرا في استعراض التغيرات المتوقعة للممارسة المستقبلية للمدير والإدارة.
هذا الجدول يبين حجم التحولات التي بدأت تتبلور في ممارسات المديرين وتوجهاتهم في المؤسسة المعاصرة نحو بناء مناخ تنظيمي مناسب للمعرفة، ومن أجل احتضان رأس المال البشري في مؤسسة القرن الواحد والعشرين. وهذه التحولات تعتبر بحق ثورة على الأنماط الإدارية التقليدية التي سادت في القرن العشرين وبدأت تتداعى في نهاياته تاركة المجال لأنماط حديثة تتلاءم مع التحولات البيئية المعاصرة. وموظفو المعرفة يرغبون بالعمل بشكل مستقل وتمكّن، ودون مراقبة وإشراف مباشر، ودور الإدارة يجب أن يتمحور في تمكين هؤلاء من المشاركة في المعرفة والمهارة وتنسيق المعرفة، لأن موظف المعرفة ربما لا يتوافر لديه الوقت الكافي للتعاون والمشاركة في المعرفة، وهنا يأتي دور الإدارة في مساعدة موظفي المعرفة، بتخليصهم من الوظائف الروتينية من أجل التفرغ للقيام بالتعاون والمشاركة في المعرفة فيما بينهم.
من الجدير بالذكر هنا أهمية دور الإدارة في استقطاب المواهب النادرة للمؤسسة والمحافظة عليها وعدم التفريط بها بسهولة. فسر نجاح شركات مثل مايكروسوفت يكمن في القدرات الإدارية الفائقة للشركة في استقطاب موظفي المعرفة من أصحاب المواهب على مستوى صناعة البرمجيات بمختلف أشكالها. ومن هذا المنطلق يتوقع الكثير من علماء الإدارة من أمثال Davenport(2001) أن تكون المنافسة في المستقبل حول استقطاب المهارة وأصحاب الكفاءات ممن يطلق عليهم بموظفي المعرفة. وللمحافظة عليهم يجب على الإدارة المعرفة التامة والأكيدة بأن المناخ البيروقراطي غير مناسب لموظفي المعرفة. فهم يرغبون بتأدية أعمالهم دون مراقبة شديدة ودون قواعد وإجراءات صارمة ونظم عمل رسمي لأن إجراءات العمل البيروقراطية قد تشكل بيئة طاردة لمثل هذه الكفاءات، لأنهم لن يتمكنوا من الحرية في التفكير والاستقلالية في الإبداع والابتكار. ومن المعروف أن حرية التفكير والمحاولة والتجربة والفشل والإبداع والابتكار كلها أمور من صميم عمل موظف المعرفة أو المؤسسة التي تمتلك ما يمكن أن يطلق عليه "رأس المال المعرفي".
يلاحظ مما سبق في الحديث عن المعرفة والمهارة أهميتها بصفتها مقوماً أساسياً من مقومات تمكين العاملين ومنحهم، حرية في التصرف، وفي المشاركة، وفي التمكين. وهذا أمر طبيعي، فكلما زادت خبرة الفرد، وزادت مهاراته ومكتسباته المعرفية، زادت قدرته على تأدية مهام عمله بكفاءة واقتدار، واستقلالية أكبر. و على الرغم من ذلك، فالمعرفة والمهارة لا تكفي وحدها من أجل تمكين العاملين في منظمات الأعمال. لذلك تنظم إلى عنصر المعرفة عناصر أخرى أساسية من أجل تمكين العاملين. ولأهمية المعرفة كمحور أساسي من المفاهيم المعاصرة ومن مقومات التمكين كمفهوم معاصر فإنه سيتكرر الحديث عن هذا الموضوع في مواطن متعددة من هذا الكتاب. أما الآن فسيتم الحديث عن المقوم الثاني من ضمن المقومات الأساسية للتمكين وهو الاتصال وتدفق المعلومات. وفيما يأتي شرح تفصيلي عن هذا المقوم الحيوي.
______________________________________________
(1)- Drucker, P, (1989), New Realities: In Government and Politics/ In Economics and Business/ In Society and World View, Harper Business, HarperCollins Publishers, New York.
(2)- Nonaka, I. and Takeuchi,H. (1995), The Knowledge Creating Company, Oxford: Oxford University Press., Cortada, J. (1998), Where Did Knowledge Workers Come From, in Cortada, J (ed), Rise of Knowledge Worker, Portsmouth, N.H.: Butterworth-Heinemann.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|