المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الاتهامات بحق الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)
11-10-2014
Heavy damping
5-2-2021
ري أشجار الكرز
19-2-2020
متى يجب الغسل على الزوجين أو أحدهما بعد الجماع
2024-09-05
علي بن بسَّام
29-06-2015
تناقض علمي واضح وتخبط العلماء في تفسير الثابتة الكونية لأينشتاين
2023-10-21


الخوف من العقاب  
  
3928   01:02 مساءاً   التاريخ: 18-4-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص285-288
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /

إن الاسرة الكبيرة والصغيرة بحاجة ماسة إلى الانظمة والقوانين لكي توجد النظام وتمنع من المخالفة والاضطراب والفوضى حتى تستقيم الحياة، وتجري الامور بصورة طبيعية ونظامية. ان الانسان السوي يلجأ دوما وابدا إلى حفظ ذاته لأنه مفطور على ذلك لذا فهو يحب النظام وينقاد إلى طاعته وطبعا انه يدرك عندما يرتكب مخالفة سيلاحقه القانون ويحل به العقاب لذلك فهو يخاف من العقاب ويحترم القانون، وهذا امر طبيعي، لان الخروج على النظام والقانون يقابله عقاب يتناسب معه.

ولكن الملاحظ ان منشأ الخوف عند الناس في الحكومة المستبدة او الاسرة المستبدة هو الظلم والتعسف والاضطهاد اما في الحكومة العادلة او الاسرة العادلة فان منشأ الخوف هو الذنب او المخالفة او الجرم الذي ارتكبه الشخص واستحق العقاب عليه.

وطبيعي لابد من معاقبة الخارجين على النظام والقانون وقواعد الاخلاق والعفة والشرف لضمان حسن تنفيذها من جهة، ولكي يكون هناك حث للناس على الاطاعة والالتزام بها من جهة اخرى. وكما جاء في المأثور عن المعصوم (عليه السلام):(من آمن العقوبة اساء الادب).

ان الإنسان سواء كان صغيرا او كبيرا عندما يعيش في اجواء من الحرية والعدالة والفضيلة لا يخاف الا من ذنبه وما يترتب عليه من عقوبة ليس الا.

يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام) في إحدى وصاياهُ لرجل:

(... لا يرجون احدكم الا ربّهُ ولا يخافنّ الا ذنبهُ)(1).

وقد ورد في القرآن الكريم تعبير الخوف من مقام الله سبحانه، في قول الله تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: 46] وقال أيضاً:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: 40، 41].

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: 46] ، قال : من علم ان الله يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعلمهُ من خير او شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى)(2).

فالإنسان الذي يتلقى مثل هذه التربية الاسلامية العظيمة والتي يكون فيها خائفاً من الله سبحانه لأنه سيعاقبه اذا اجرم جرماً، ويجزيه خيراً اذا فعل احسانا فانه لا يحوم حول الذنب، ويعمل ما في وسعه على صنع المعروف وموارد الخير، والابتعاد عن الشر.

وعلى كل حال فان الاطفال والناشئة اذا تلقوا تربية اسلامية صحيحة، وعاشوا في اسرة مؤمنة صالحة فانهم لا يعتريهم الخوف من العقاب الا في حالة ارتكابهم ذنبا وعصيانهم لله تبارك وتعالى، ومما لا يخفى ان الاسلام دعا الراعي والرعية إلى تطبيق الحق والعدالة والتعامل بالعطف والمحبة واحترام الاسس الاخلاقية والقانونية.

يكتب امير المؤمنين علي (عليه السلام) في عهده النادر إلى مالك الاشتر (رضي الله عنه) حينما ولاه مصر:(فاملك هواك، وشُحّ بنفسك عما لا يحل لك، فان الشح بالنفس : الانصاف منها فيما احببت وكهرت واشعر قلبك الرحمة للرعيّة، والمحبة لهم وألطف بهم ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم اكلهم...)(3).

اجل، إن الرعاة سواء كانوا اباء لأسر او حكاما لدول اذا كانوا ظالمين مستبدين هم في حقيقتهم عبيد اهوائهم وميولهم ورغباتهم اللامشروعة، اما الرعاة العدول فانهم لا يسيرون وفقا لأهوائهم ورغباتهم وانما يتبعون الحق والانصاف والفضيلة ويحبون الخير والإحسان والصلاح والتقدم للرعية.

وما على الحكام اصحاب المسؤولية اسرية كانت ام حكومية الا ان يقتدوا بأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه افضل الصلاة والسلام رجل الحق والحقيقة وصوت العدالة الانسانية، الذي تعلم من الرسول (صلى الله عليه واله) والرسالة دروس الحرية والعدالة والمثل العليا وجسدها بصدق واخلاص على ارض الواقع وفي علاقاته وتعامله مع العدو والصديق، والقريب والبعيد على حد سواء.

وقد وصفه عدي بن حاتم الطائي في مجلس معاوية عندما طلب منه ذلك، فقال:(... وكان فينا كأحدنا يجيبنا اذا سألناه ويُدنينا اذا اتيناه ونحن مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكلمه لهيبته ولا نرفع اعيننا اليه لعظمته فان تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم... يعظّم اهل الدين، ويتحبّب إلى المساكين، لا يخاف القوي ظلمه، ولا ييأس الضعيف من عدله..)(4).

_____________

1ـ بحار الانوار : ج17، ص105.

2ـ تفسير البرهان : ص1071.

3ـ نهج البلاغة  : ص475.

4ـ عدة الداعي:ص208.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.