الغصص - الزهق - : - اختناق يحصل من انسداد القسم العلوي من المسلك الهوائي بجسم صلب يندفع فجئة فيستقر في منطقة البلعوم او مدخل الحنجرة او في الرغامي وليس من الضروري أن يكون هذا الجسم كبير الحجم لدرجة يسد المسلك الهوائي كله اذ يكفي أن يكون الانسداد جزئيا لوقوع الموت غصصا ، وذلك بتأثير رد الفعل في المسالك الهوائية والحبال الصوتية وتجمع أفراز المادة المخاطية . أكان الغصص جنائيا ام عارضيا ام انتحاريا : - ان كافة وقائع الغصص التي فحصناها كانت عارضية ولم نشاهد أية وقعة انتحارية او جنائية وقد يكون من المناسب أن نذكر ما دونه الطبيب العدلي ادلسون (كليفلند - امريكا) عن فحص وقعة جنائية من هذا النوع حصلت أثر سكب مسحوق فلفل أسود وضع في قنينة ادخلت فتحتها في فم طفلة عمرها 42 شهراً ، وقد أظهر الفحص وجود ذرات منه حول منفذي التنفس وتجمعات فلفلية مخلوطة بمادة مخاطية في الفم والبلعوم والحنجرة وأعلى المسالك الهوائية كما عثر على كمية قليلة منه في المعدة وقد اتضح ان الموت حصل غصصا .

الغرق : يتم الاختناق بحلول الماء في الغالب أو اي سائل آخر في المسالك الهوائية بدل الهواء في حالة انغمار الجسم بكامله او فتحتي الانف والفم فقط كما يقع ذلك للاطفال أو المصابين بداء الصداع عندما تنتابهم النوبة الصرعية او الذين هم تحت تأثير مادة مخدرة او مسكرة تفقد وعيهم فيخرون على وجوههم في ماء ضحل يغمر منفذي التنفس فقط .

التغضن : - ظاهرة تشاهد في راحات الايدي وأخمص الاقدام بعد الغمر في الماء لفترة مستمرة او متمادية لاتقل عن نصف ساعة وتتمثل بتجمد الجلد وتسمكه وابيضاضه وقد يحصل التغصن بدرجة ابتدائية عند بعض الاشخاص الذين يمارسون منها تستلزم تعرض اليد أو القدم الى الماء كعمال البناء والفلاحين والسباحين والمدلكين وغسالات الملابس ولذلك دعيت اليد الحاوية على هذه الظاهرة من قبل البعض بيد الغسالة . يتطور التغضن في حالة الموت ويشتد وضوحه حتى تنفصل البشرة عن الادمة تدريجيا وتسقط على هيئة القفاز ومعها الاظفار تلقائيا او بمجرد سحبها أثناء الفحص او عند محاولة انتزاع القفاز او الجورب من يد او قدم المتوفي .

يدل التغضن الشامل لليدين والقدمين على ان الجثة كانت في العادة مغمورة في الماء سواء كان الموت مسببا عن غرق او غيره كما يستفاد من درجة وضوحه وتطوره لتقدير الزمن التقريبي لبقاء الجثة في الماء علما بأن التغضن قد يحصل في يد او قدم واحدة كأن يموت شخص قرب ساقية وتغمس يده في مائها ويستمر الوضع كذلك حتى يظهر التغضن .

تفسخ الجثة في الماء : يسير تفسخ الجثة في الماء سيرا بطيئا بالنسبة لسيره في الهواء او باطن الارض وقد قدرّ بعض الباحثين أن تفسخ جثة ملقاة في العراء فترة اسبوع واحد تشابه درجته في اخرى مغمورة في الماء مدة اسبوعين وفي ثالثة قبرت مدة ثمانية أسابيع ، واذا ما اخرجت الجثة من الماء وتركت في الهواء تتفسخ انسجتها بسرعة فائقة لان الجراثيم التفسخية تجد مرتعا ومحيطا مناسبا لتكاثرها الامر الذي يلزم المحقق المسؤول بضرورة الاسراع بارسال الجثة جهد الامكان للفحص كي لا يؤدي انتشار التفسخ الى اخفاء معالم الفعل الجرمي او الآفات المرضية المحتمل وجودها في الجسم .

يختلف تطور التفسخ وانتشاره تبعا لطبيعة الماء ودرجة حرارته فهو أسرع ظهوراً في الماء النقي الدافئ أو في العفن الراكد وابطيء في الاجاج البارد ولوضعية الجثة يبدأ في الرأس قبل الاقسام الاخرى من الجسد بسبب حالة انحدار السؤال الجسمية اليه  لكونه في مستوى أوطأ وعليه فأن طفو الجثة اثر تكون الغازات في أنسجتها يتوقف على مدى تيسر العوامل المهيئة لنمو الجراثيم التفسخية .

البقع الموتية : - تظهر البقع الموتية في الرأس وأعلى الجذع وأسفل الاطراف العليا والسفلى لان الاقسام المذكورة تكون على مستوى منخفض بالنسبة لبقية الجسم ان كانت الجثة عائمة على الماء او في باطنة وغير مسندة وقد تكون البقع الموتية في أماكن أخرى تبعا لوضعية الجثة في الماء .

الزبد الرغوي : - يدخل الماء المسالك الهوائية ثم الى القصبات الدقيقة ويحول دون دخول الهواء الى الحويصلات الرئوية ويختلط بما قد استنشق من الهواء فيتكون زبد رغوي أبيض اللون مائل الى الحمرة ناتج من امتزاج الماء وبالمفرزات القصبية وبالدم النازف من مواضع تمزق بعض العروق الشعرية فتملأ المسالك بالزبد الرغوي ثم يندفع الى الخارج ويتجمع حول الفم والانف واذا اريل بالماء او مسح يظهر بمجرد الضغط على جدار الصدر او تلقائيا أحياناً وينبغي الانتباه الى أن هذا النوع من الزبد الحاصل أثر الغرق يختلف عن التفسخي لان الزبد الرغوي الغرقي يعتبر من علامات الغرق وفيما يلي الصفات المميزة للنوعين :

جدول رقم (3)

الزبد الغرقي                                    الزبد التفسخي

1- اللون أبيض : مائل الى الحمرة               أسمر غامق

وتختلف حمرته تبعا لكمية

النزوف الدموية .

2- فقاعات : رغوة كتيفة ذات          سائل رغوي ذو فقافات

فقاعات صغيرة .                        كبيرة .

3- رائحة : ليست له رائحة             كريهة الرائحة ، يتكون

كريهة اذا ما فحصت الجثة             بعد تفسخ الجثة .

قبل تفسخها .

التشنج الموتي : توتر عضلات اليد أو اليدين في بعض وقائع الغرق وتشاهد بعض المواد الصلبة في يد الغريق وقد قبض عليها بقوة التشنج الموتي وهذه علامة مهمة لانها تدل على الموت غرقاً .

تقدير مدة بقاء الجثة في الماء : - يتم تقدير مدة بقاء الجثة في الماء بالاستناد الى مظاهر العلامات الموتية والتغضنية والتصبنية . يسير التفسخ في الماء بصورة بطيئة بالنسبة للهواء ويبدأ اولا في الرأس والرقبة ثم أعلى الجذع وينتشر بعد ذلك في بقية مناطقه وفي الاطراف العليا والسفلى – راجع مبحث علامات الموت - . يبدأ التفسخ أحيانا في موسم الصيف بعد بضع ساعات وقد يتاخر الى يوم أو أكثر تبعا لعوامل منها نوع الملابس وطبيعة الماء ودرجة حرارته وتركيب الجسم ووزنه ، علما بأن الوزن النوعي لجسم الانسان على وجه العموم أكثر قليلا من الماء مما يجعله يطفو تحت سطح الماء ، أما في الشتاء فيتأخر ظهور التفسخ الى عدة أيام ويكون واضحا في الغالب خلال 5-10 أيام تبعا للعوامل التي تؤثر فيه ، ويؤدي التفسخ والغازات المتكونة بسببه الى ظهور الجثة على سطح الماء .

دلت المشاهدات للوقائع الغرقية التي قمنا بفحصها على أن

التغضن يبدأ في أشد أيام الصيف حرارة خلال 30-60 دقيقة على هيئة تجعيد بسيط جدا في بعض مناطق راحة اليدين وأخمص القدمين ويكون واضحا في الموسم الحار خلال 3-4 ساعات ويشتد وضوحه بعد يوم واحد وفي الجو المعتدل يظهر التضغن خلال 5-8 ساعات ويتأخر ظهوره في الموسم البارد .

ان المقصود بموسم الصيف الاشهر التي تبدأ بأيار وتنتهي بنهاية أيلول . واما موسم الشتاء فيشمل شهري كانون الاول والثاني ومعظم أيام شهر شباط وتعد بقية اشهر السنة معتدلة . ويستمر التغضن بوضوحه فتنفصل البشرة عما تحتها بصورة تدريجية الى أن يصبح انتزاعها سهلا أو تسقط تلقائيا على هيئة قفاز وقد حصلت هذه الظاهرة خلال شهر تموز بعد أربعة أيام ، بيد أن الانفصال التام يحصل صفا في العادة خلال 5-7 أيام وفي الموسم المعتدل خلال 8-15 يوم في الشتاء خلال 2-4 أسابيع وفي وقعة شاهدناها كان التغضن بدرجة ابتدائية بالرغم من بقاء جثة بنت منتحرة غرقا في الماء لمدة 21 يوم خلال شهر آذار وقد فسر تأخر ظهوره الى تأثير خضاب الحناء في اليدين والقدمين تصلب الانسجة بتأثير مادة العفص الموجودة في نبات الحناء .

أكان الغرق عارضيا ام انتحاريا ام جنائيا ؟ : - ان معظم وقائع الغرق الذي شاهدناها خلال سنة 1940 – 1975 والتي بلغ عددها 1201 وقعة كانت عارضية وبعضها انتحارية وأقلها كانت حوادث جنائية وقد حصل الموت في بعضها أثر القاء طفل في ماء صهريج عفن . لا تشاهد في الوقائع العارضية علامات شدة في الغالب وقد تحصل في بعضها اصابات جرحية تنتج عن اصطدام الشخص بحاجز جسر أو دعامة جدار موجودة تحت الماء أثر القفز من علو ، أما الوقائع الجنائية فتشاهد فيها سحجات وكدمات وجروح أكثر شدة ووضوحا في الرأس واليدين وحول منفذي التنفس في الغالب . لقد شاهدنا في بعض الوقائع الانتحارية أثقال مختلفة النوع ككتل معدنية كانت مربوطة في الجسم وفي وقائع أخرى أتضح لنا وجود كمية من الحصى داخل جلباب الغريق مما يقابل الخصر ثم سحبة الى الاعلى ليكون فضفاضا بحيث يمكن ادخال مقدار كبير من الحصى فيه ، وقد يربط المنتحر يديه أو رجليه يجمل أحيانا وعلى الطبيب أن يتأكد قبل ابداء رأي حول نوع الحالة فيدرس ظروف الوقعة ويفحص الجثة بدقة ثم يلا حظ طريقة ربط اليدين أو الرجلين وفيما اذا كان الشخص يستطيع أن يقوم بنفسه بعملية الربط أم لا .

الاختناق بغازات غير صالحة للتنفس : - ان الغازات الخانقة متنوعة الوقائع الاختناقية عندنا تحصل بنوعين من الغاز هما غاز الفحم وغاز البلاليع وغالبية الوقائع الاختناقية التي شاهدناها كانت ناتجة عن الاختناق بغاز الفحم حيث قد قلت وقائع الاختناق بغاز الفحم حيث قد قلت وقائع الاختناق بغاز البلاليع خلال السنين العشر الاخيرة وانعدمت خلال الخمسة الاخيرة وعله فسأقتصر البحث عن الاختناق بغاز الفحم .

الاختناق بغاز الفحم – اول اوكسيد الكاربون - : -  خواص الغاز وتأثيره على الجسم : غاز عدم اللون والرائحة والطعم يتولد من احتراق غير تام للمواد العضوية والفحمية والمتفجرة والزيوت النفطية والاخشاب . تولد محركات السيارات والماكنات غاز الفحم ويحوي دخانها على 7% منه وقد أثبتت التجارب على أن بقاء سيارة مشتعلة داخل الغرفة المعدة لها (كراج) تجعل جوها خانقا خلال دقائق معدودة ولهذا فإن هواء المدن المزدحمة بالسيارات يحوي نسبا مختلفة من غاز الفحم تبعا لعدد السيارات وضيق المجال لتبدد الغاز . يوجد أول أوكسيد الكاربون أيضاً في غاز الاستصباح وفي جو المناجم وفي دخان السيكاير بنسبة 4-6% وفي الغازات الناتجة عن احتراق المواد المتفجرة مثل ت . ن . ت . بنسبة 60 % . أما الغاز السائل فلا يحوي في تركيبه غاز الفحم وأحيانا قد يتكون منه فيما اذا نصبت المسخنة داخل حمام صغير بحيث لا يتأكسد غاز الفحم المتولد الى ثاني أوكسيد الكاربون لعدم وجود الكمية الكافية من الاوكسجين في ذلك المحيط الامر الذي قد يؤدي الى وقائع اختناقية بغاز الفحم .

أيموت الشخص مختنقا بغاز الفحم في غرفة غير موصدة : - ان من الثابت علميا بأن الشخص المتعرض لغاز الفحم يصاب بوهن عضلي وسبات يمنعه من انقاذ نفسه وعليه فليس من الضروري لوقوع الموت الاختناقي بالغاز وجود الشخص في غرفة مغلقة المنافذ ، فقد شاهدنا وقائع غير قليلة حصلت لاشخاص كانوا في غرفة مفتوحة النوافذ والابواب أو حتى في العراء بحيث يكون وجهه على مقربة من مصدر غاز الفحم كأن يكون الشخص جالسا القرفصاء وبين رجليه كانون (منقلة) يحوي فحما مشتعلا بحيث يكون كل من الانف والفم في محيط انتشار غاز الفحم وفي وقعة تبين لنا بأن مالك سيارة من نوع (فوكس واكون) مات مختنقا بهذا الغاز بينما كان منبطحا تحتها وقد رفع أنبوب غاز الاستهلاك وكان يقوم بتصليح عطل فيها وهي مشتعلة ووجهه قرب منفذي الغاز . دلت التجارب على أن سيارة ذات قوة 24 حصانا تولد ما يعادل قدما مكعبا من الغاز كل دقيقة ، وتجعل هواء (الكراج) خانقا بعد خمس دقائق .

أكان الاختناق بغاز الفحم عارضيا أم جنائيا أم انتحاريا : - ان ما شاهدناه من وقائع الاختناق بأول أوكسيد الكاربون كانت عارضية في الغالب وقد نتج معظمها عن وجود كانون في الغرفة او عن حوادث حرائق المساكن او الابنية العامة ، وقد شاهدنا واقعة واحدة انتحارية حيث وضعت شابة مكواة للملابس مملوءة بفحم متقد داخل صندوق كبير معمول م خشب أسود اللون ومزركش بمسامير من النحاس الاصفر ذات ذروة على هيئة نصف كسرة هندي الصنع ثم استلقت داخله وأغلقت غطاءه وقد ثبت تحقيقا ان الواقعة انتحارية ولم نشاهد أية وقعة جنائية للاختناق الفحم في معهد الطب العدلي بغداد .