المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الإعفاء من الضريبة على المستوى الدولي
2-4-2022
أشكال مقطع الساق Shapes of the stems
16-2-2017
Glycerophospholipids
13-10-2021
غزوة بني المصطلق ودور النفاق
2-4-2022
جهد الإثارة excitation potential
23-2-2019
أخلاقُ العرب وتقاليدُهم العامة
30-3-2017


السياسة المالية في نهج اهل البيت  
  
3597   02:57 مساءاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص221-224
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

السياسة المالية التي انتهجها أهل البيت كانت تلزم بصرف الخزينة المركزية على المصالح العامة كأنشاء المؤسسات وايجاد المشاريع الحيوية التي تنتظم بها الحياة ويقضى بها على شبح الفقر والحرمان ولا يسوغ عندهم صرف درهم واحد فيما لا تعود فيه منفعة أو فائدة للأمة وقد احتاطوا فى هذه الجهة احتياطا بالغا فقد اطفأ الامام أمير المؤمنين سراج بيت المال عن طلحة والزبير لما أرادا أن يفاوضاه في مصالحهما الشخصية فان الضياء الذي في بيت المال ملك للمسلمين فلا يجوز استعماله إلا في مصالحهم ؛ وقد أثارت عليه هذه السياسة الصارمة أحقاد العرب وأضغان قريش وأقبلت إليه طائفة من أصحابه يطلبون منه أن يغير سياسته قائلين : يا أمير المؤمنين اعط هذه الأموال وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم واستمل من تخاف خلافه من الناس ؛ فلذعه هذا المنطق الرخيص وانبرى قائلا : أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور .

ان تفضيل العرب على الموالي ومنح الأموال للوجوه كل ذلك جور واعتداء على حقوق المسلمين في نظر ابن أبي طالب رائد المساواة والعدالة الكبرى في الأرض .

ان أموال المسلمين يجب أن تنفق على مصالحهم وضمان عائلهم ومحرومهم وليس لزعيم الدولة أن يصطفي منها أو يؤثر بها أقاربه ومن يمت إليه فان ذلك خيانة لله وللمسلمين وقد طبق الامام أمير المؤمنين هذه السياسة العادلة على واقع الحياة حينما آل إليه الأمر فانه لم يقتن الدور والضياع ولم يرفّه على نفسه فيعير لبالي ثوبه اهتماما أو يأكل ما لذّ من الطعام أو يتمتع بشيء من متع الحياة وإنما كان يعيش عيشة الفقراء والبؤساء فقد روى هارون عن أبيه عنترة قال دخلت على علي وهو بالخورنق وعليه خلق قطيفة وكان الوقت شديد البرد فقلت له : يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهلك في هذا المال نصيبا وأنت تفعل هذا بنفسك ؛ فانبرى (عليه السلام) مجيبا له : والله ما أرزأكم شيئا وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من المدينة.

انه ليس عنده من اللباس ما يقيه من البرد سوى خلق قطيفة جاء بها من يثرب وفي استطاعته أن يلبس الحرير الموشى ولكنه أبى أن يصطفي من أموال المسلمين شيئا كما انه لم يؤثر بها أحدا من أهل بيته وأبنائه فقد روى أبو رافع وكان خازنا لبيت المال قال : دخل عليّ أمير المؤمنين وقد أعطيت ابنته لؤلؤة من بيت المال فلما رآها عرفها وقد تغير لونه ومشت الرعدة بأوصاله فقال : من أين لها هذه؟ والله لأقطعن يدها .

فلما رأى أبو رافع جده في الأمر وعزمه على ذلك قال له : أنا والله يا أمير المؤمنين أعطيتها وهي عارية مضمونة ؛ فهدأ روعه وسكن غضبه واندفع قائلا : لقد تزوجت بفاطمة وما لي فراش إلا جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار وما لي خادم غيرها .

إن مثله الرفيعة لم تسمح له أن يؤثر ابنته على بنات المسلمين وهذا هو منتهى العدل الذي لم يحققه أحد غيره ومن مساواته بين المسلمين واحتياطه البالغ في أموالهم ما رواه عاصم بن كليب عن أبيه قال : قدم على عليّ مال من اصبهان فقسمه على سبعة أسهم فوجد فيه رغيفا فقسمه على سبعة أقسام ودعا امراء الأسباع فأقرع بينهم لينظر أيهم يعطى أولا .

إن هذا هو العدل الذي لم تحققه الانسانية فى جميع مراحل تأريخها فانها على ما جربت من تجارب ؛ وبلغت من رقي وابداع في فنون الحكم فانها لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تنشئ نظاما سياسيا تتحقق فيه العدالة الكبرى كهذا النظام الذي وضعه ابن أبي طالب وسار على منهاجه أبناؤه من بعده .

يعد هذا شيئاً من المثل العليا التي ينشدونها أهل البيت فى ظلال الحكم ولو أن الامام الحسن (عليه السلام) انحرف عنها ونهج في سياسته منهج من يعمل للدنيا وسلك مسلك من يبغي الملك والسلطان فراوغ وداهن وأنفق المال في غير محله لما آل الأمر الى ابن هند الذي سلك جميع الوسائل في سبيل الوصول الى الحكم ولكنه (سلام الله عليه) آثر صيانة الاسلام والحفاظ على مقدراته ومعنوياته فسار بسيرة جده وأبيه التي لا تقر كل طريق يتصادم مع الدين.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.