المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ونواقض الوضوء وبدائله
2024-05-02
معنى مثقال ذرة
2024-05-02
معنى الجار ذي القربى
2024-05-02
{واللاتي‏ تخافون نشوزهن}
2024-05-02
ما هي الكبائر
2024-05-02
شعر لأحمد بن أفلح
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الإرهاب في العصور الحديثة  
  
3694   09:28 صباحاً   التاريخ: 6-4-2016
المؤلف : رشيد صبحي جاسم
الكتاب أو المصدر : الارهاب والقانون الدولي
الجزء والصفحة : ص11-21
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

 ان الإرهاب تم استخدامه على مر العصور الا ان مصطلح الإرهاب وكما يؤكده الباحثون في الظاهرة هو في الاصل من ابتداع الثورة الفرنسية، وهذا ما يبرر استخدام الثورة الفرنسية كفاصل بين تاريخين للارهاب، ومع هذا فانه بقيام الثورة الفرنسية يمكن ان نميز بين عصرين للارهاب متخذين من الحرب العالمية الثانية فاصلا بينهما حيث اتخذ في المرحلة الاولى اسمه وتشكلت ملامحه، في حين اكتسب في الثانية أبعادا دولية، وتزايدت أخطاره، واصبح بديلا عن الحرب التقليدية ،ولنا أن نشتق عن المرحلة الأخيرة مرحلة أكثر حداثة وتميزا" عنها ، الخوض فيها يجعلنا في تماس حقيقي مع أسباب توسع الظاهرة في الوقت الحاضر ، لذا سيتم تناول الموضوع بتقسيمه على النحو الآتي:-

أ-الإرهاب قبل الحرب العالمية الثانية.

ب-الإرهاب بعد الحرب العالمية الثانية.

ج-الإرهاب الجديد .

أ-الإرهاب قبل الحرب العالمية الثانية:

في هذه الفترة نجد أنفسنا أمام نوعين من الإرهاب يمكن التمييز بينهما وبشكل واضح بعد الثورة الفرنسية وحسب الترتيب الزمني لتاريخ نشأة كل نوع من نوعي الإرهاب المذكورين، وهما:-

أولا:  إرهاب الأقوياء  : وهو إرهاب الدولة او من هم في السلطة.

ثانيا:  إرهاب الضعفاء  : او من هم خارج السلطة .

اولا:- إرهاب الأقوياء : لم يبدأ استعمال مصطلح الإرهاب Terrorism للدلالة على معنى سياسي وقانوني إلا في أواخر القرن الثامن عشر وتحديدا بقيام الثورة الفرنسية(1).فقد مورس الإرهاب وبشكل واضح ومذهبي من قبل قادة الثورة الفرنسية ، فقد اعتمد " روبسبير" الرعب والإرهاب كمنهج لحكمه ، وبمسلك ثوري مكن الطبقة البرجوازية ، التي كانت ضعيفة على المستوى الوطني او الدولي ، من تجسيد الدولة وبشكل نهائي (2).حيث كان الارهاب هو الاداة للدفاع الوطني ضد المتمردين والخونة كما انه فرض سلطة دولة جديدة باطرها (3). لا ان ممارسة الإرهاب Terreur بصورة قانونية ومؤسسية "تقنين الإرهاب" لم تحصل بشكل علني وواضح الا ابتداءا من 10 اذار 1793 ، ويعود سبب هذا الامر الى احداث رسمية شهدتها فرنسا توجز ب:-

1-مرسوم مداهمة المنازل الذي سمح فيه بمداهمة المنازل لنزع السلاح من المشبوهين، والذي ادى الى زج ثلاثة الاف مشبوه بمعاداتهم للثورة في السجون، ولم يقف الامر عند ذلك بل نفذ حكم الاعدام – دون محاكمة- في هؤلاء المسجونين، باعتبارهم خونة، وخوفا من انضمامهم لجيوش الاعداء التي هاجمت فرنسا.

2-اسراع لجنة المراقبة التي تشكل السلطة القانونية الرسمية في تلك الفترة ، الى ابلاغ جميع المحافظات بهذا الاجراء باعتباره حكما عادلا جاء على يد الشعب الذي وجده مناسبا وضروريا للسيطرة بواسطة الرهبة (Terrure  ) على الاف الخونة المختبئين وراء جدران باريس .

3-ما صدر عن المؤتمر الوطني والذي عقد في باريس في منتصف عام  1793 من قرار تشكيل قوة مسلحة في باريس غايتها قمع اعداء الثورة وحفظ السلامة العامة .

4-في العاشر من اذار 1793 أي بعد ان تبنت حكومة المؤتمر الوطني وسيلة الإرهاب تم انشاء المحكمة الجنائية الاستثنائية التي دعيت على سبيل الاختصار بالمحكمة الثورية وكان من أهداف إنشائها قمع الجرائم التي ترتكب ضد الثورة واجهزتها الحاكمة ، كما ارادت الحكومة الثورية من وراء انشاء هذه المحكمة ان تحول دون وقوع مجازر شعبية جديـدة كالتي وقعت  مسبقا " اعدام السجناء " ، الا انها احتكرت بهذا العمل قانونية اللجوء إلى  الإرهاب واحتفظت بحق ممارسته عند الضرورة ، ذلك الحق الذي كرسته لها اجهزة التشريع الدستورية ، ففي الفترة الاولى من تسلمها المهمات الموكلة لها ، كانت تتألف "المحكمة الثورية  " من خمسة قضاة يكتمل نصابهم بثلاثة ، ومن مدعي عام له رديفان ومن اثني عشر محلفا لهم اربعة ردفاء ، وكانت الكونفنسيون هي التي تعين القضاة والمحلفين ولكن في 10 حزيران 1794 صدر قانون قدمه روبسبير ، تغيرت بمقتضاه اصول المحاكمات لدى المحكمة الثورية، فقد تم الغاء هيئة المحلفين والاستماع الى الشهود والغيت هيئة الدفاع واجراءات التحقيق الاولية ، ومن ذلك الحين اصبحت الاحكام مبرمة غير قابلة للاستئناف ، كما انه لم يترك لهيئة القضاة سوى التبرئة او الحكم بالموت (4).وبذا فأنه يمكن القول بأن الإرهاب خلال هذه الحقبة التاريخية ظل محليا" في ابتكاره وتنفيذه فلم يكن قد عرف بعد الإرهاب عبر الدول او الإرهاب الدولي ، اللهم الا ما كان يمارسه القراصنة بعرض البحر ، في ما عرف بالقرصنة البحرية كنمط وحيد للارهاب الدولي (5).

ثانيا – ارهاب الضعفاء :

والمقصود به ان ارهاب الافراد والمجموعات السياسية التي ليست في السلطة والتي تسعى اما الى القضاء على السلطة نهائيا واما تغييرها ، ويبدو ان هذا لم ياتي اعتباطا بل كان ناتجا عن ممارسة السلطة الإرهاب ضد رعاياها او خصومها ، فولد هذا الامر بلا شك عنفا مضادا يرقى ان يوصف بارهاب الافراد والجماعات السياسية . ويسعى هذا النوع من الارهاب الى العمل على اضعاف القوى العليا في المجتمع وجعل الدولة غير مستقرة ، ومن الممكن ان يعرف بانه " مجموعة من اعمال العنف التي ينفذها تنظيم سياسي للتاثير على السكان وخلق مناخ من عدم الامن " ، اما القاموس التاريخي فانه يحدده بكونه " سلاح يستعمل من قبل مجموعات منظمة تتصف بكونها – عموما – اقلية لاجل فرض افكارها ومطالبها (6). وقد مر هذا النوع من الإرهاب بعدد من المراحل ، يمكن تقسيمها تاريخيا على النحو التالي:-

1-مرحلة ما بعد الثورة الفرنسية ونهاية القرن التاسع عشر       

ظهرت حركتان ايديولوجيتان ، كانت مبعث معظم العمليات الارهابية في العديد من الدول الاوربية، حتى نهاية القرن التاسع عشر، وهما الحركة الفوضوية والحركة العدمية، وهما وجهان لعملة واحدة، ولكنهما تختلفان في المدى، فالحركتان ترفضان السلطة، ولكن تختلف درجة رفض كل منهما لها، وبفضل هاتين الحركتين انتقل الإرهاب من ايدي الحكام الى ايدي المحكومين، واصبح الإرهاب وسيلة لاخذ الحق باليد، كما كان الإرهاب الفردي الفوضوي تمهيدا للارهاب المنظم الذي عرف بعد ذلك(7). وكان تاثير الحركتين على معنى الإرهاب وعلى مجراه واوضاعه السياسي واحدا مشتركا، وهذا يعني ان كلا من هاتين الحركتين ، لم تكن لتشكل مرحلة قائمة بذاتها بحيث تكون الاضافة التي قدمتها الواحدة منها لمضمون الإرهاب مختلفة عن الاخرى، بل تشارك الحركتان سوية في بلورة الموقف الجديد والمعنى الجديد الناتج عنه وسبب ذلك يعود الى ارتباطها بمصدر أيديولوجي واحد من جهة، على الرغم من اختلاف مدى رفض كل منهما للسلطة، والى التاثير المتبادل الذي كان لكل واحدة منهما على الاخرى في مجال الاعمال والوقائع(8). قد ارتبط الإرهاب بالفوضوية ارتباطا اشرف على الترادف ، على اثر ترك الحركة للعمل الدعائي واعتماد العمل الثوري العنيف كوسيلة لتحقيق اهدافها ، فلقد كثرت الاعمال الارهابية الفوضوية في فرنسا وايطاليا واسبانيا وروسيا تحت تاثير هذه الافكار الفوضوية ، وقل ان تصدر صحيفة يومية في اوربا وليس فيها ذكر لعملية ارهابية ندر ان يعرف فاعلها ، حتى ان كثير من الصحف قد كرست زاوية معينة على صفحاتها تحت عنوان " الديناميت (9). اما الحركة العدمية فقد كان لها تاثير مباشر على الاعمال الارهابية الفوضوية ، فهي حركة تعود في أصولها الى الفوضوية بالأساس ، الا ان العدمية صفة عرف بها الفوضويون الروس تحديدا(10). ومن ابرز المنظمات التي ظهرت تطبيقا لهذه الحركة هي منظمة " الارادة الشعبية " التي تكونت عام 1879 وكان لها الفضل في اضفاء مزيد من التنظيم والحركة على الارهاب   . ومن ابرز اعمالها اغتيال قيصر روسيا عام 1881 ، واذا كان الارهاب خلال تلك الحقبة ارهابا محليا ، لافتقاده عناصر دولية العمل الارهابي ، الا انه كانت لهاتين الحركتين على مستوى القانون الجنائي الدولي وضعية خاصة فيما يتعلق بتسليم المجرمين ، فقد تضمنت العديد من المعاهدات الدولية شروطا واضحة تستبعد اعمال الفوضويين والعدميين من حق التمتع باللجوء السياسي ، وبصفة خاصة بين دول امريكا اللاتينية ، فاستبعدت افعال الاغتيال والتسميم التامة والشروع فيها من نطاق الجرائم التي تتمتع بحق اللجوء السياسي ، وذلك اثر اغتيال قيصر روسيا على ايدي منظمة " الارادة الشعبية " العدمية وذلك كنص صريح في معاهدات روسيا مع كل من بلغاريا 1885 و اسبانيا 24/4/1888(11). 

2- مرحلة بداية القرن العشرين وحتى الحرب العالمية الاولى :

 ان اهم ما يميز هذه الحقبة التاريخية هو ارهاب الشيوعية الذي اتسم بالتنظيم وقاده " لينين " الذي كان يرفض الإرهاب الفردي الغير منظم الذي كانت تقوده الفوضوية ، محللا اياه بانه جاء نتيجة الياس الذي عم تاريخ  أوربا الحديث ، وبالتالي فان الارهاب الشيوعي قد رفض الارهاب الفردي الا انه لم يرفض الارهاب بصفة عامة مادام  اسلوبا منظما يستخدم كمدخل لاعمال استراتيجية في ضوء ايديولوجية مرسومة ومخططة ، فقد إتخذ الارهاب الشيوعي الذي برز بين عام 1905 و 1917 معنى سياسيا برزت خلاله قوى الجماهير الثورية ليؤدي دورا تكتيكيا رسم ليكون متوجا بقيام الثورة البلشفية والاستيلاء على السلطة (12).

3 – مرحلة ما بين الحربين العالميتين الاولى والثانية :

على الرغم من ان اعمال الارهاب التي شهدتها المرحلة السابقة لم تؤد إلى تغييرات جذرية في الحياة السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية في اوربا ، الا انها قد ساعدت على بلورة سير بعض الاحداث الكبرى شهدتها هذه المرحلة ، ومنها الحرب العالمية الاولى ، استغلت المانيا وحليفتها إمبراطورية النمسا و المجر الفرصة التي وفرها " اغتيال ولي عهد النمسا " الدوق فراتز فيرديناند " وزوجته في سيراجيفو " على يد قاتل سياسي من " صربيا" في "28 حزيران 1914" ، لتثير بعد شهرين حربا عالمية استمرت اربع سنوات (13). كما شهدت هذه الفترة وقوع ابرز عملية ارهاب دولي وهي اغتيال الملك الكسندر الاكبر ، وبشيء من التفصيل فقد شهدت هذه الحقبة تطورا ملحوظا سواء من حيث العمليات الارهابية او ظهور الارهاب الدولي بمختلف ابعاده وزيادة اوجه التعاون والاتصال بين الجماعات الارهابية او الدول التي تدعم هذه الجماعات ، الامر الذي فرض التعاون الدولي في مكافحة هذه الظاهرة التي اصبحت تمس اكثر من دولة وكان التعاون الدولي لمكافحة الارهاب يدور وجودا وعدما مع التعاون الذي يتم بين المنظمات الارهابية على المستوى الدولي وزيادة حجم العمليات الارهابية عبر الدول ، وقد ظهرت بوادر ذلك التعاون الدولي في اعقاب اغتيال ملك يوغسلافيا ، ووزير خارجية فرنسا ( براثوا ) في ابريل 1934 والذي تورطت فيه اربع دول ، ثم تكررت العمليات الارهابية ، والتي اتخذت شكلا جديدا واسلوبا لم يكن معروفا من قبل ، مما نتج عنه ظهور صور للارهاب الدولي لم تكن معروفة ، تمثلت في اخذ الرهائن ، وخطف الطائرات ، واحتجاز الشخصيات المهمة ، الامر الذي لفت الانتباه إلى تلك الظاهرة الجديدة على المستوى الدولي ، فعقدت المؤتمرات ، وتعددت المحاولات الدولية الثنائية والجماعية من اجل تحديد هذه الظاهرة ومحاولة تحجيمها ، وظلت مسالة الارهاب الدولي وسبل التعاون بين الدول لمكافحته تطرح نفسها على جدول اعمال معظم المؤتمرات الدولية حتى الوقت الراهن (14). ولا يغيب عن بالنا ابدا التذكير بان منطقة الشرق الاوسط شهدت في هذه الحقبة والحقبة التي تلتها " بعد الحرب العالمية الثانية " نمطا من الارهاب يختلف اسلوبا وهدفا عن كل الانماط التي شهدتها من قبل ، وتركز هذا الارهاب في فلسطين ، حيث قامت الجماعات الارهابية الصهيونية هناك باعتماد اسلوب التشريد والقتل الجماعي لتحقيق اهدافها الاستيطانية.

ب-الارهاب بعد الحرب العالمية الثانية:

لقد كانت الحرب العالمية الثانية نقطة تحول وخطا" فاصلا" بين نوعين من الإرهاب ،  احدهما ارهاب محلي محدود في وسائله وامكانياته ينتج من ايديولوجية معينة ، في معظم الفترات ، ولا يتعدى حدود الدولة ويتأرجح في فترات متميزة بين إرهاب الاقوياء ضد الضعفاء وارهاب الضعفاء في مواجهة سلطة الاقوياء ، وثانيهما ارهاب عابر للدول والقارات ، يستخدم احدث ما وصلت اليه التكنلوجيا ووسائل الاتصال ، ويستفيد من التقدم المذهل في صناعة الاسلحة ، وان كان ولا يزال يوجد-  في ظله - ارهاب الاقوياء وارهاب الضعفاء ، ولكن الصورة اختلفت كثيرا عن ذي قبل ، فلم تعد الدولة تستخدم الإرهاب ضد رعاياها فقط ولكن ضد دول اخرى لا تستطيع الدخول معها في حروب طويلة ، ولم تعد الجماعات الارهابية هي تلك التي تمارس ارهاب الضعفاء ، حيث وصلت قدرتها الى حد تهديدها لدول بأكملها ، وتغير ايقاع الحياة وشكل العلاقات الاجتماعية ، واصبح العالم تحت تاثير وسائل الانتقال  والاتصالات الحديثة بمثابة قرية صغيرة كما اصبح للصراع السياسي اشكالا وقواعد وقوانين جديدة لم تكن معروفة من قبل ، وتعاظم دور الإرهاب السياسي ، وعلى ذلك فقد صح القول بانه قد ظهر غداة انتهاء هذه الحرب نوع جديد من الإرهاب لا يعرف حدودا ويخرج على ان يكون ضمن فلسفة معينة او ايديولوجية محددة ومخططة ، او جزءا من استراتيجية شاملة بغية الوصول الى هدف محدد(15).واتسمت هذه الحقبة ايضا باستخدام التقدم العلمي الهائل في وسائل الاعلام من جانب الجماعات الارهابية ، التي تنقل وسائل الاعلام انباء عملياتها عبر الاقمار الصناعية وشاشات التلفزيون ليشاهدها الجميع ، ومن ثم تركزت معظم العمليات الارهابية في الدول الديمقراطية والمتقدمة التي تتوافر فيها حرية الصحافة والاعلام لضمان التغطية الكاملة لها مما مكن بعض الجماعات الهامشية من ان تعلن قضيتها ورسالتها واهدافها الى الدول والحكومات ، بما يمكن معه القول ان الإرهاب الان ليس موجهاً لدولة بعينها بل الى نظام دولي باكمله بهدف تقويضه ، واذا كان الامر كذلك فان مواجهة هذه الظاهرة في وضعها الراهن لا تتحقق الا من خلال تعاون دولي ملموس وحقيقي بين الدول جميعا ، وقد بذلت محاولات متعددة في بداية السبعينيات لوضع الاتفاقيات الخاصة لمنع ومعاقبة الإرهاب الدولي بصفة عامة ، او اعمال إرهابية دولية بعينها مثل اخذ الرهائن وخطف الطائرات فلم تستجب الدول جميعها  - بعد -  لتدويل العقاب على الإرهاب ، برغم انتشاره الواسع والملحوظ على المستوى الدولي ، على ان بعضها "الدول " والتي تعاني من هذه الظاهرة داخليا قد حرصت وبشكل مكثف ومضطرد على معالجتها ، وكان احد ادواتها الاداة التشريعية فاصدرت قوانين لمكافحة الإرهاب وتجريم افعاله وفرضت اشد العــقـوبات عليها (16).والرصد الزمني لهذه التغيرات الجذرية في الإرهاب عموما والارهاب الدولي بصورة خاصة يمكن ان يبدأ مع أواخر الستينات وفترة السبعينات ، حيث اتخذ الإرهاب ابعادا جديدة على المستويين : المحلي والدولي ، سواء في مجال انتشاره الواسع ومساندة بعض الدول له واتهامها – بالتالي– بدعم الإرهاب او من حيث النشاط الملحوظ للتجمعات الدولية والإقليمية في مكافحته(17).

جـ - الإرهاب الجديد (18).

مثلت هجمات 11ايلول 2001 في نيويورك وواشنطن نقلة نوعية هامة في تطور ظاهرة الإرهاب وبدت اقرب إلى  ما يعرف بالارهاب الجديد أكثر من كونها شكلا من أشكال  الإرهاب التقليدي القديم . ومع ما تمثله هذه الهجمات من نقلة نوعية في تطور ظاهرة الإرهاب إلا إنها لم تكن لتمثل نقلة مفاجئة بل انها ( الاحداث ) جاءت لتمثل ذروة تطور طويل في ظاهرة الإرهاب ، وهو تطور لا يقتصر فقط على مضمون وطبيعة العمل الارهابي بحد ذاته ، ولكنه يمتد ايضا إلى  متغيرات البيئة الدولية التي يتحرك فيها ، والتي تعتبر العامل الرئيسي وراء التحول في اشكال الارهاب الدولي. وعلى الرغم من ان جوهر الإرهاب يظل واحدا –حيث هو استخدام العنف او التهديد ، من اجل اثارة الخوف والهلع في المجتمع ، من خلال استهداف افراد او جماعات او مؤسسات او نظام الحكم ككل في المجتمع ، لتحقيق هدف سياسي معين ، فان اشكال الارهاب وادواته وتكتيكاته تختلف وتتطور بسرعة مع الزمن ، كما يتأثر الارهاب الى حد كبير بخصائص النظام الدولي وتوازناته ، والتي تترك بالضرورة تأثيرا جوهريا على ظاهرة الارهاب ، من حيث الاهداف والاليات ، وفي هذا المنظور ، فان الارهاب الجديد يمثل في واقع الامر الجيل الثالث في تطور الظاهرة الارهابية في العصر الحديث ، حيث يتسم بخصائص متميزة ومختلفة عن ارهاب العقود السابقة من حيث التنظيم والتسليح والاهداف .

1- فمن حيث التنظيم :- تتسم جماعات الارهاب الجديد بغلبة النمط العابر للجنسيات حيث تضم أفرادا ينتمون الى جنسيات مختلفة ، ولا تجمعها قضايا قومية ، ولكن تجمعها إيديولوجية دينية او سياسية محددة ، كما تنتقل هذه الجماعات من مكان الى اخر كما تميل هذه الجماعات الى الاعتماد على الشكل العنقودي كنمط اساسي للتنظيم من اجل ضمان أمنها ، بالاضافة الى عدم وجود فقرات حقيقية ثابتة ، مما يجعل امر الخوض في مكافحة – الارهاب الجديد – وفق هذه المعطيات – غاية في الصعوبة .

2- اما من حيث الاهداف فان الارهاب الجديد يركز على ايقاع اكبر عدد من الخسائر ، ماديا او بشريا ، وليس فقط مجرد لفت النظر الى المطالب السياسية والعقائدية .

3- كما ان هذا الارهاب اصبح قادرا على استخدام منظومات تسليحية اكثر تطورا وتعقيدا ، بما في ذلك اسلحة الدمار الشامل ، الكيمياوية والبيولوجية والنووية والاشعاعية .

4- كما يتسم الارهاب الجديد بكثافة التعبير عن الكراهية والرفض الشديد للاخر ، من خلال استهداف رموز بارزة لديه . مع غموض الهدف السياسي الذي يحكم عمل جماعات الارهاب الجديد ، ويبدو ان الهدف هو الانتقام من الولايات المتحدة حكومة وشعبا ، بهدف معاقبتهم على ما تراه تلك الجماعات تجاه السياسة الأمريكية .

5- كما يتسم ايضا بالاعتماد على مصادر متنوعة للتمويل والمساندة اللوجستية ، بما يجعل من الصعب رصدها او اختراقها او التنبؤ بحركاتها او ردود افعالها .

6. كما يمكن القول بان هجمات 11 ايلول انطوت على تطور جوهري وخطير من حيث الوسائل والاليات ، يتمثل بتطور تكتيك ارهابي جديد يقوم على استخدام طائرات الركاب المدنية النفاثة كقنابل طائرة .

7. كما انه اكثر تصميما على استخدام اسلحة الدمار الشامل لضرب اهداف محددة ، في حال الحصول عليها (19).

8. كما يتسم الارهاب الجديد بالطابع المركزي للعمل حيث يتركز دور قائــــدها والحلقة الضيقة حوله بتحديد اتجاهات عامة بالاساس أي التخطيط العام الذي يحدد خطوطا رئيسية عامة للحركة والفعل اكثر مما يعنى بالتفاصيل الصغيرة  (20).

وبالتالي فانه ليس من قبيل المبالغة القول أن أحداث 11 أيلول شكلت نقطة تحول في النظام الدولي ، حيث أصبح الإرهاب الجديد واحدا من الإشكال الرئيسية إن لم يكن الشكل الرئيسي  للصراع المسلح على الساحة الدولية ، فهو لم يعد شكلا  ثانويا من اشكال الصراع ، ولم يعد مجرد اداة من ادوات الصراع المسلح  ، ولكنه اصبح شكلا مستقلا بذاته بل ربما جاز القول كما سبق ان ذكرنا انه اصبح بديلا للحروب التقليدية في الكثير من الحالات على الساحة الدولية كما ان اهمية هذا التحول لا تقتصر على ما يمثله من تهديد جديد جزئيا للأمن الدولي ولكن ايضا على ما استثاره من ردود افعال من جانب الولايات المتحدة والقوى الدولية الاخرى التي لم تقتصر على شن حملة دولية واسعة ضد الإرهاب ولكنها وصلت الى تبني رئيس الادارة الامريكية جورج دبليو بوش لموقف يقوم على ان وقف الإرهاب ومحاسبة الدول التي ترعاه اصبح التركيز الرئيسي للادارة الامريكية . وهذا يعبر اوضح تعبير عن المكانة التي بات الإرهاب يحتلها كشكل رئيسي من اشكال الصراع المسلح على الساحة الدولية (21).

________________________________

1- انظر بهذا المعنى:  نبيل هادي، مصدر سابق، ص41.  - د. امام حسانين خليل ،مصدر سابق، ص 24.

2- لا يفوتنا في هذه الاشارة الى ان سياسة الارهاب التي مارستها الثورة الفرنسية كانت مجرد رد فعل على الارهاب الابيض الذي قاده الامراء والسلاطين ضد الثورة ورجالها الذين تعرضو لاعمال ارهابية تتمثل بعمليات الحرق وتخريب الممتلكات والتفجير وعمليات اغتيال قادة الثورة ،للمزيد انظر : بليشنكو وزادنوف : الارهاب والقانون الدولي، ترجمة المبروك محمد الصويعي، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والاعلان،ط 1 ،1994،ص 23.

3- Gotovitch،(J.)Quelaues ، Quelaues Reflexions Historiques Apropos Du Terrorisme ، in: Reflexions Sur la definition et la repression du terrorisme ، collogue Juridigue، universite' ،Libre de Bruxelle's،1973،P.15-16.

4- د. ادونيس العكرة ، مصدر سابق ، ص33-36.

5-  د. إمام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص 25-27.

6-- ويوضح الاستاذ(J.)  cotovitch، بانه اذا قبل هذا التعريف – دون نقاش فيه- فان المؤرخ سيصبح بمواجهة نوعين اثنين من ظاهرة الإرهاب على الرغم من ان كلا النوعين، احيانا، قد يلتقيان الا ان طبيعتهما مختلفة بشكل واضح، فالنوع الاول يتمثل بظاهرة الإرهاب التي تمارس باسم مذهب ثوري تكون غايته النهائية هي تغيير النظام، اما النوع الثاني برأيه يتمثل بظاهرة الإرهاب التي يمكن الافصاح عنها بالقتال من اجل الاستقلال الوطني حيث يوضع الشعب بمواجهة السلطة التي تمارس باسم امة أخرى. انظر:

cotovith (J.) ، op. Cit; p.17

7- د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص27-28.

8- د. أدونيس العكرة، مصدر سابق، ص39.

9-نفس المصدر ،ص 42-44.

10- نفس المصدر ، ص 44 .

1[1]- انظر في هذا:  - د.إمام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص29  -Cotovitch (j. ) , op, cit. P. 17                                     

 

12-د. ادونيس العكرة ، مصدر سابق ، ص 46-55 .

3[1]-  نعمة علي حسين ، مصدر سابق ، ص15-16 .

14- د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص32-33 . 

15-  نفس المصدر ، ص33-34 .

16- نفس المصدر ، ص34-35 .

17- د. محمد أبو الفتح غنام ، الإرهاب والتشريعات المواجهة في الدول الديـمقراطية ، دار الفكر ، 1991 ، ص15-16 .  

18- دخل مفهوم الإرهاب الجديد الى الادبيات السياسية خلال عقد التسعينيات من جانب العديد من الاكاديميين والسياسيين بوصفه شكلا متميزا من اشكال الإرهاب – سناتي لاحقا الى ذكر اهم سماته – وشاع استخدام هذا المصطلح بصفة خاصة  من جانب اللجان العديدة التي شكلها الكونغرس الامريكي مثل لجان برايمر وجيني مور ودوتش التي حذرت تقاريرها من ان هذا الإرهاب الجديد ربما يلجأ الى تنفيذ هجمات واسعة النطاق في الولايات المتحدة وربما يتم في هذه الهجمات استخدام الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية بقصد احداث اثار نفسية ضخمة حتى لو كانت الهجمات محدودة النطاق ، لمزيد من التفصيل انظر : احمد ابراهيم محمود: الإرهاب الجديد - الشكل الرئيسي للصراع المسلح في الساحة الدولية ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 137 السنة الثامنة والثلاثون ، يناير 2002 ، ص44.

19-- وهذا الامر جاء على لسان اسامة بن لادن قبيل الهجوم الأمريكي على أفغانستان بحجة مكافحتها للارهاب وكرد على هجمات 11 ايلول التي اتهمت الولايات المتحدة الامريكية اسامة بن لادن القيام بها – مما جعل الامر حجة للامريكان يتيح لهم حرية اختيار الخصم وبذا نراهم يتهمون العراق وإيران وكوريا الشمالية بامتلاك اسلحة دمار شامل والادعاء بان الامر غاية في الخطورة لاحتمال ان يسلم هؤلاء الارهابيين أسلحة دمار شامل .   

20-  اوضح الفرنسي الجزائري الاصل جمال بقال – الذي سلمته دولة الإمارات الى باريس خلال عملية استجوابه بأنه تلقى تكليفا في مارس 2001 من قيادة ( القاعدة ) لضرب أهداف امريكية في باريس في فترة غايتها ربيع عام2002 ويعني ذلك انه تلقى تكليفا عاما وتركت له مهمتا التخطيط والتنفيذ  . - انظر :- د. وحيد عبد المجيد :الارهاب وامريكا والاسلام من يطفئ النار ، مصر المحروسة ، القاهرة، ط1، 2002 ، ص 60- 65 . 

21 احمد ابراهيم محمود، مصدر سابق ، ص45.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك