أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-18
166
التاريخ: 14-10-2014
2278
التاريخ: 26-11-2014
2175
التاريخ: 15-10-2014
8330
|
إذا كان الوضع قد بدأ من قبل ، وذلك أمر بديهي أن يحدث لطبيعة البشر المنطوية ابتداء على نجدي الخير والشر ، الصدق والكذب ، إلّا أن هذا الوضع كان بشكل فردي لا كتيار اجتماعي منظم ، كما ظهر أيّام معاوية ، إذ قامت سياسة الدولة الأموية آنذاك بخلق تيّار إعلامي لصالحها في قبال الإمام عليّ (عليه السلام) وأنصاره ، فقد روى ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الاسكافي ، أنّ معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عليه السلام) تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله «1» ، فاختلقوا ما أرضاه؛ منهم : أبو هريرة ، وعمرو ابن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بين الزبير .
فقد روى الزهري أنّ عروة بن الزبير حدّثه ، قال : حدّثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل العبّاس وعليّ ، فقال : يا عائشة إنّ هذين يموتان على غير ملّتي- أو قال- على غير ديني . .
وروى أبو جعفر عن الأعمش ، قال : لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة- 41 هـ - جاء إلى مسجد الكوفة ، فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ، ثمّ ضرب صلعته مرارا ، وقال : يا أهل العراق ، أ تزعمون أنّي أكذب على اللّه ورسوله واحرق نفسي بالنار . .!! واللّه لقد سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول : (إنّ لكلّ نبيّ حرما ، وإنّ حرمي بالمدينة ما بين عير الى ثور ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين) ، وأشهد أنّ عليّا أحدث فيها ، فلمّا بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولّاه إمارة المدينة «2» .
ولم يكتف معاوية بذلك ، بل إنّه لعن عليّا على المنبر ، وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على المنابر ، ففعلوا ، فكتبت أمّ سلمة زوجة النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى معاوية : إنّكم تلعنون اللّه ورسوله على منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون عليّ بين أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد اللّه أنّ اللّه أحبّه ، ورسوله ، فلم يلتفت إلى كلامها «3» .
وفي المقابل كتب معاوية إلى عمّاله يأمرهم بالرواية أوّلا في فضائل عثمان ومناقبه ، وتقريب من يروي في ذلك ، ففعلوا حتّى أكثروا منه ، ومعاوية يبعث إليهم من الصّلات والكساء والجباء والقطائع . . . فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدّنيا . . . ثمّ كتب معاوية إلى عمّاله : أنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر ، وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في فضل أبي تراب- عليّ (عليه السلام)- إلّا وأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ إلى عيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان وفضله ، فقرئت كتبه على النّاس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجرى الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي إلى معلّمي الكتاتيب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وعلّموا بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك إلى ما شاء اللّه . . .
فظهرت أحاديث كثيرة موضوعة ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة . . . «4» .
ونجد تأثير هذه الأجواء في إيجاد اتجاه في الوضع ، يسعى لقلب الحقائق من تغيير وتحريف لأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) ، أو وضع روايات أخرى مضادّة ومناقضة للأحاديث الواردة في عليّ (عليه السلام) وأهل بيته .
فهذا حريز بن عثمان- وهو من المحدّثين- كان يصلّي في المسجد ولا يخرج منه حتّى يلعن عليّا سبعين لعنة كلّ يوم- على سنّة الأمويين- ، قال اسماعيل بن عيّاش :
رافقت حريزا من مصر إلى مكّة فجعل يسبّ عليّا ويلعنه ، وقال لي : هذا الّذي يرويه الناس أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ : (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى) حقّ ، ولكن أخطأ السّامع . قلت : فما هو؟ قال : إنّما هو : أنت منّي بمكان قارون من موسى ، قلت : عمّن ترويه ؟ قال : سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله على المنبر «5» .
وبلغت حركة الوضع هذه حدّا حتّى أنّ ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم قال في تاريخه : «إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني اميّة تقرّبا إليهم بما يظنون أنّهم يرغمون به انوف بني هاشم» «6» .
وذكر الواقدي تلك الظروف وقال : «فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر» «7» .
____________________
(1)- شرح النهج/ ج 1/ ص 358/ ط . مصر الاولى .
(2)- شرح النهج/ ابن أبي الحديد/ ج 4/ ص 68 .
(3)- القرآن وروايات المدرستين/ ج 2/ ص 581 ، عن العقد الفريد/ ج 3/ ص 127 .
(4)- م . ن/ ج 3/ ص 15 ، في شرح (من كلام له : وقد سأله عن أحاديث البدعة) .
(5)- الوضّاعون وأحاديثهم الموضوعة/ ص 346 ، عن : تاريخ ابن عساكر/ ج 12/ ص 336 برقم 1254 ، تاريخ الخطيب/ ج 8/ ص 268 برقم 4365 .
(6)- شرح النهج/ ج 1/ ص 358/ ط . مصر الاولى . القرآن الكريم وروايات المدرستين/ ج 2/ ص 574 .
(7)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11/ 44- 46 .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|