المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
أزواج النبي "ص" يشاركن في الصراع على الخلافة
2024-11-06
استكمال فتح اليمن بعد حنين
2024-11-06
غزوة حنين والطائف
2024-11-06
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06

صفات الاصوات
30-7-2016
ظهور البرمائيات
29-7-2021
Describing a Reaction: Intermediates
15-5-2017
أساليب الاختبار(أساليب المقارنة غير البارامترية)- اختبار مان هويتني (اختبار U)
29-8-2022
تـحليـل مـحفظـة الاسـتثـمارات المـتوفـرة للـبيـع
2023-03-16
قصة قارون
2-06-2015


طريقة اهل السنة في التفسير بالمأثور  
  
2449   04:28 مساءاً   التاريخ: 6-03-2015
المؤلف : الشيخ سالم الصفار
الكتاب أو المصدر : نقد منهج التفسير والمفسرين
الجزء والصفحة : ص149- 157.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / مناهج التفسير / منهج التفسير الأثري أو الروائي /

الأثر هو ما ورد نقلا في معنى الآية أو النص.

فيكون معناه، التفسير بالمنقول والنقل، مما لا دخل للاستنباط العقلي فيه أو الاجتهاد.

مناقشة : مشكلة العامة كأشاعرة، وشيعة الحاكم الغالب وسنته وقوعهم في الخلط والتناقض، وذلك عند ما أعطوا لمأثورهم صفة الصحاح .. وفي مقابل مشكلة الأحكام العقلية؟! فرجالهم من الأشاعرة قرروا : عدم الاعتماد على العقل في إدراكاته لحكم الشارع إلّا بالشكل الملتوي الغامض المضطرب «البلكفة»؟! وعليه تجد الأشاعرة وشيعتهم يتهمون- كعادتهم- المعتزلة ويطعنون بهم باستقلال العقل بالحكم دون الشرع، وعند التحقيق كما مرّ تبين زيف تلك الاتهامات، وأن المعتزلة قد تقدموا عليهم درجة في مجال العقل! والأشد من ذلك هجومهم الصاحب على من سمّوهم الرافضة وأهل البدع، ويقصدون أتباع أهل البيت عليهم السّلام ممن أخذوا جانب التوازن بين‏ تفريطهم، وإفراط المعتزلة، عند ما اعتبرنا العقل طريقا موصلا إلى العلم القطعي، فلذلك لا يصح عندنا أن يكون شاملا للظنون‏ (1).

خلط بين النقل والعقل

- وبناء على ذلك يحتاج العامة إلى إعمال العقل خصوصا في موروثهم الحديثي حتى لا يقعوا في الخلط والتناقض، للأسباب التالية :

أ- إنهم جمدوا وتعصبوا بل وغالوا برجالهم كالأشعري وأتباعه، فلا هم قادرون على التحرر من عقائده، والاعتراف باشتباهاته، بل قاموا بتجميل الآيات وتفسيرها على الاشتباه الأشعري، وعلى ضوئه من ناحية أخرى اعتبروها هي السنة والدين الحق، بما حملهم لشن الهجمات الباطلة على أهل العقل والحق، واتهامهم بالانحراف والزندقة، ظانين بحسب مزاعمهم أن ما عندهم الحق والسنة فقط وغيرهم الباطل؟! ب- كيف غاب عنهم أن القرآن الكريم نفسه يدعو إلى إعمال العقل، مع أنه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، في مناسبات كثيرة { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [الأنبياء : 67] و{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [النمل: 64] ‏ و{ قُلْ سِيرُوا } [الأنعام : 11].. الخ.

وقوعهم في تخبطات التناقض فلا هم يستطيعون من تجاوز المقدس والسنة التي يصرحون ويحتجون بها على خصومهم المتمثلة في رأي الأشعري الجامد الجزافي ، ولا هم قادرون على تخطي وتخطئة رجال مأثورهم.

ث- بالنتيجة يجمد العقل ولا دور له عندهم ، إذ كله يصبح نقلا فعقائد الأشعري نقل ومأثورهم بما هو كما هو نقل.

تناقض وخلط جديد : في المفاهيم والمنهج

وذلك أنهم لا يميّزون ما هو المأثور؟ أي أنهم لم يدركوا أو يفهموا دلالة معنى المأثور! يكشف عن ذلك أنهم في دراستهم تحت عنوان التفسير بالمأثور، يحصل عندهم الخلط في المفاهيم والمناهج ؟! فقد ذكروا أن البحث في المأثور يشمل :

أولا : تفسير القرآن بالقرآن ؟!

والثاني : تفسير القرآن بالسنة- وهذا هو المقصود- ولكنهم وقعوا في الخلط !

والثالث : تفسير القرآن بأقوال الصحابة.

والرابع : تفسير القرآن بمأثور التابعي.

وكان الأولى أن يسمّوا هذه التقسيمات التفسير بالموروث لا بالمأثور.

وإلا فإن تفسير القرآن بالقرآن له منهجه الخاص به، وهو خارج تخصصا عن حكم المأثور. أما بالنسبة إلى أقوال الصحابة، فقد جاء مشوشا مضطربا بحيث اختلفوا هم فيه إلى مذاهب، هل أن أقوالهم سنة كسنة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيما لا مجال له للرأي؟! أو أنه موقوف أما أن ينظر في سنده أو باللغة- هذا الخلط ليس في مجال له للرأي؟! أو أنه موقوف أما أن ينظر في سنده أو باللغة- هذا الخلط ليس في مجال التفسير بالمأثور- فقد اختلفوا بين قائل بالعدم لأنه حينئذ مجتهد كبقية المجتهدين- خلط ثاني الاجتهاد بالرأي - والصحابة في اجتهادهم كسائر لمجتهدين! هذا إذا علمنا أن جلهم ينظر إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كمجتهد من سائر المجتهدين؟!! وذهب آخرون أنه يجب الأخذ به، لأن الصحابي أدرى الناس بالكتاب؛ وببركة الصحابة، ولما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها (2)؟! وهذا بالإضافة إلى أنه ليس من تفسير المأثور في شي‏ء، ولكنه بالإضافة إلى ذلك فقد ذكرنا تفصيل ذلك في حجيته الصحابي! وأما الرابع : وهو تفسير القرآن بمأثور التابعي‏ (3)، فما هو مرادهم بهذا المفهوم القائم الخلطي ؟! هل هو جعل قول والتابعي كالصحابي وبالتالي‏ كقول النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟! أم رجوعه إلى اللغة ؟! أم اجتهاده ؟! ولذلك اختلفوا أيضا في قبوله وعدمه؟! قال الروافض منهم : إن التابعي لم يسمع عن الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأيضا فإن الصحابي لا يبحث عن عدالته ؟! والتابعي يبحث عن عدالته؟! وقد نقل عن أبي حنيفة أنه قال: «ما جاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة تخيّرنا- بين الاختلافات الكثيرة- وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال» (4).

وعن الإمام أحمد روايتان : رواية بالقبول وأخرى بعدمه ؟! وهذا أمثاله كثيرة ، يقول الشيخ أبو زهرة : (افتح أي كتاب من كتب الحنابلة ، وأي باب من أبوابه تجده لا يخلو من عدة مسائل اختلفت فيها الرواية بين لا ونعم؟!!» (5).

وابن عقيل : اختار عدم القبول، حكاه عن شعبة (6).

ونحن وإن قدمنا أننا لسنا مع هكذا خلط وتضارب في المفاهيم والمنهج، إلا إننا نكون مضطرين للسير معهم لمعرفة المزيد عن انحراف مذاهبهم عن السنة والجماعة الحقة، وإنها مجرد، دعاوى بلا دليل ونقل صحيح وعقل صريح، وواقع وشواهد تاريخ؟!! وعلى ضوء ذلك فقد وجدنا أنهم يجهدون ويجتهدون ليواروا سوأة ادعاءاتهم، ويحاولن ترقيع وتبرير مغالاتهم برجالهم وادعاء أن ما جاءوا به هو الصحيح والصحاح، وعدالة وحجية أقوال الصحابة مطلقا، واجتهاداتهم كاجتهاد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الجملة، ومأثورية قول التابعي واجتهاده أيضا ؟!!

وفي النتيجة والمحصلة يفتضح زيف كل ذلك الادّعاء والغلو برجالهم وبالتالي فساد مذاهبهم ..؟!

وذلك بكثير من الأدلة، الأمر الذي يدعوهم إلى :

أ- أما الدفاع بردات الفعل الانفعالية، واستخدام اليد واللسان في ذلك! ب- محاولات ستر تلك العورات بالتعديل والتلطيف تارة أو بحذف ما يجدوه غير مناسب ويتخذ هذا اتجاهين:

الأول : حذف ما يروه معيبا ومشينا بل ومقوضا لادعاءاتهم باعتبارهم أهل السنة والجماعة. كما في حذف أحاديث ونقلت من كتاب البخاري مثلا في الطبعات المتأخرة.

الثاني : العجز عن إخفاء متواترات وفضائل الإمام علي وأهل بيته عليهم السّلام من عهد معاوية إلى يومنا هذا، كما في سيرة ابن هشام فإن الطبعات القديمة تذكر أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قد آخى بينه وبين علي ...! ولكنها حذفت في الطبعات المتأخرة، أو إذا ذكر القديم عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم (أن عليا أخي ووصي ووارثي وخليفتي من بعدي) بدلت في الطبعات المتأخرة بأنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «كذا وكذا ... الخ»؟!! نرجع إلى أصل الموضوع فبالرغم من إطرائهم وغلوهم بصحة ما جاء به رجالهم، والذي بني عليه بناء مذاهبهم، تجد التناقضات والخلط والمغالطات والتضارب، وأن الإسرائيليات قد سودت صفحات مأثورهم بل وموروثهم وبالتالي تفاسيرهم ...

وهم بذلك وكأنهم لا يزالون يدافعون بردات فعلهم الانفعالية ، أن في كل مناسبة يطلقون ادعاءاتهم عن أهل السنة والجماعة .. نحن نملك الصحاح .. تفاسيرنا أصح التفاسير ... الخ.

وأن الآخرين فرق باطنية رافضية لا يملكون من الصحيح شيئا ... الخ.

وكأن هاجس الحقائق يقضّ مضاجعهم، فلا يخفضون من انفعالاتهم وغلوائهم ذاك القديم الجديد؟! وبذلك ينقضون كل مقومات الموضوعية، والاستدلالات بالأمانات التقوائية والعلمية؟! وقد تعرض ابن تيمية- على طريقته الارتجالية- لتقييم ‏(7) التفسير بالمأثور، وعلق على هذا التقييم محمد رشيد رضا في تفسيره (المنار) (8).

حيث قال ما نصه : «وأما الروايات المأثورة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأصحابه وعلماء التابعين في التفسير فمنها ما هو مروي أيضا لأن ما صح من المرفوع لا يقدم عليه شي‏ء - أو الكلام أين الصحيح في المسند النادر فكيف بالمرفوع؟!- ويليه ما صح عن علماء الصحابة مما يتعلق بالمعاني اللغوية أو عمل عصرهم- لا مجال لذلك بعد كثرة الاختلافات- ثم يطلق الشيخ محمد رشيد: قول مبهم كثيرا ما يستعملوه مما يوقع في حيرة معرفة الحق؟! بقوله :

والصحيح من هذا وذاك قليل ؟! ثم قال : قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

«والاختلاف في التفسير على نوعين، منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك- وقد قلنا أن هذا ليس من المأثور بشي‏ء- والمنقول إما عن المعصوم- معصوم بجزء أو لا وجود له لأنهم خطئوا النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في موارد مختلفة- أو غيره، ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه- برجالهم- من غيره، ومنه ما لا يمكن ذلك، وهذا القسم- الذي لا يمكن معرفة صحيحه من ضعيفه- عامته مما لا فائدة فيه ولا حاجة لنا إلى معرفته، وذلك كاختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف واسمه، وفي البعض الذي ضرب القتيل من البقرة، وفي قدر سفينة نوح وخشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر عليه السّلام ونحو ذلك؟!».

ويمكن مناقشة هذا المقطع بما يلي :

أ- كما أسلفنا أن العامة تنطلق من الوقائع الخارجية ومن ثم تقوم بتأويل ذلك بتحميل الآيات القرآنية والسنة فوق ما تتحمل التبرير ذلك الواقع، كما قدمنا سابقا في قضية الحاكم الغالب. وهنا نحن أمام أمر واقع وهو امتلاء صحائف السلف بالإسرائيليات بعد تعديل أقطابها وتبنيهم واضطرارهم للتفسير بها.

ب- وكعادتهم بتصحيح أفعال وأقوال سلفهم عند ما خففوا عنهم الخطب، بأنهم وأن خففوا من ضرر الإسرائيليات فهي لا تضر لأنها عبارة عن لون كلب، وأخشاب سفينة نوح ... لكنهم غفلوا بل وغشوا الأمة لأن معناه أن لا تخشوا من الإسرائيليات فهي لا قيمة وأثر لها؟! إن أمثال هؤلاء أصحاب مخططات يهودية جاءوا لضرب الإسلام وتشويه الرسالة وتوهين شخص النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ؟! فهلا ذكرتم ما صنعوا بكم عند ما نقلتم عنهم الجسمية والتشبيه ورؤية اللّه تعالى ، والدنيا على ظهر حوت أو قرن ثور ... أو نسبة المعاصي الكبيرة للأنبياء عليهم السّلام، وقصة الغرانيق، وكل معتقدات اليهود حول الملائكة والرسل عليهم السّلام وغيرها!! ثم يتابع صاحب المنار نقل كلام ابن تيمية بقوله:

فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان منها منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قبل- أين هي بعد المنع والحرف والتزوير الوضع- وما لا- بأن نقل عن أهل الكتاب ككعب ووهب- وقف عن تصديق وتكذيبه- أين الوقف وقد سودت الصحاح والتفاسير- لقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «إن حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم؟!»! ويلاحظ على هذا أيضا :

أ- أنهم يتكلمون رجما بالغيب، كما في تصحيح صحاحهم، وتزكية رجالهم، وصلاح منهجهم؟! أي كأن طريقة الأخذ بالأحاديث مهيئة لهم بكل وضوح، هذا صحيح وهذا ضعيف ... الخ.

فخذ ما شئت، وكيفما شئت، ومن أينما شئت فكله صحيح من سنة السلف وأهل السنة؟! ب- أنهم يزكون الإسرائيليات بالإسرائيليات. سؤال لما ذا تكررون هذا الحديث فقط، مع العلم أن هناك أحاديث أخرى تنسجم مع الكتاب والسنة الصحيحة وهذا مستفيض وذاك خبر آحاد وهذه هي المنهجية التي ندعو لها العامة لمعرفة الحق ومن ثم أهله، وإخراجهم من ضلال التعصب والغلو خلف رجالهم ! علما أنه خبر آحاد، عن أحمد وأبي داود، بينما استمع إلى الحديث الذي كان يجب أن يأخذوه ويعتمدون، عن عبد اللّه بن مسعود : «لا تسألوا أهل الكتاب عن شي‏ء؟! فإنهم لن يهدوكم، وقد أضلوا أنفسهم؟! أما أن يحدثوكم بصدق فتكذبونهم، أو بباطل فتصدقونهم؟!» (9).

أليس الأخذ بهذا الحديث المسند المتناسب مع الكتاب والسنة يشكل ابتعاد عن ضلال اليهود وفي تطبيق والتمسك تعصبا بالحديث الأول وهو خبر آحاد الذي قادكم إلى الضلال، وتجسيم الخالق وتشبيهه وجواز رؤيته تعالى، وجلوسه على العرش ونزوله إلى السماء الأولى، وعلى نسق ما هو موجود في التوراة المحرفة ... وارتكاب الأنبياء للمعاصي الجسام وتوهين مقامهم‏ (10) ... كما ذكر في قصة الغرانيق، وتفسير سورة الضحى، وغيرها؟!

وقد أدّى ذلك إلى فتن وتفريق المسلمين باتهامهم بأفظع الطعون، وإباحة دمائهم و... الخ.

رغم أنهم اتبعوا وتمسكوا بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الصحيحة، والمودة لأهل بيته، أعدال الكتاب وباب حطة وسفينة النجاة، وأمان أهل الأرض ..

ولو أمركم النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على عكس ذلك ما زدتم على ما صنعتوه بحقهم شيئا قليلا، سم الحسن بن علي عليه السّلام، وشهيد كربلاء الحسين عليه السّلام وسبي زينب وأسر زين العابدين ... الخ.

فكأن إسرائيليات اليهود حولتهم جنودا عندها يحاربون المسلمين من أهل التنزيه، حتى يؤمنوا بما صاروا إليه من تجسيم وتشبيه ومكانية الخالق تعالى، وإلا فإنهم زنادقة روافض ... الخ.

ويستمر صاحب المنار في سر نقد ابن تيمية: وكنا ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب زيادة في التعمية والإخلال- فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض ‏(11) ؟! لأن احتمال أن يكون سمعه عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أو من بعض من سمعه من أقوى - على أساس؟- ولأن نقل الصحابة من أهل الكتاب أوّل من نقل التابعين- السلف أغرى الخلف وهؤلاء أغروا الأمة - ومع جزم الصحابي بما يقوله كيف يقال : إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم‏ (12)؟!

وأما القسم الذي يمكن معرفة الصحيح فهذا موجود بكثير- والحمد للّه-؟!! يلاحظ على هذا المقطع الأخير : أنه دعوى عريضة بلا دليل لا من نقل ولا من عقل ولا من شواهد واقع وتاريخ ؟! أين هذا الصحيح؟! وسط الاتهامات والضجيج؟! ما هي إلا مجرد مسكنات تغر، وتضر وتثمر .. هل أن عصر الصحابة يتهم بالمحدودية والجمود، حتى جاء التابعون ووسعوا الدائرة بالحشو الحديثي، والانفتاح الكبير على الإسرائيليات ؟! وكيف لا وهم رجال والتابعون ومن جاء بعدهم رجال، وكم ترك الأول للآخر .. وما صح عن ابن عباس من بعض الأحاديث، وما اضطر إليه أبو حنيفة من قياس ورأي ، وابن حنبل بالحشو ... وقد كثرت نقود ومؤاخذات وطعون بعضهم على بعض .. وهل يمكن الحكم على التابعي بأنه خان الأمانة بقبوله الكم الهائل من الإسرائيليات والموضوعات والتزويرات ؟

مثال على ذلك : قيل لأبي عصمة من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سورة القرآن ، سورة سورة ؟ فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا في فقه أبي حنيفة والمغازي لمحمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة، وقال ميسرة بن عبد ربه لما قيل له من أين جئت بهذه الأحاديث، قال وضعتها أرغب الناس بها (13)!

___________________

(1) أصول الفقه للمظفر 3/ 125.

(2) التفسير والمفسرون 1/ 95.

(3) كيف نفهم القرآن ص 195.

(4) هنا أن أبا حنيفة قد نقض بنائهم في سنة الصحابي، وكشف عن تضارب أقوالهم، وأيضا هدم قدسية رجالهم الذين كانوا ولا يزالون يغالون بهم، إلا إذا اعتبرنا أن أبا حنيفة يحق له كما للشافعي نحن رجال فقط دون غيرهم. وهذا ما عليه إجماع واتفاق علماء السلف وأهل السنة والجماعة وإلّا فإن قالها غيرهم اتهموه بالتشيّع والرفض والزندقة وسبّ الصحابة؟!

(5) أحمد بن حنبل- لأبي زهرة ص 168.

(6) التفسير والمفسرون 1/ 128.

(7) انظر: مقدمة في أصول التفسير- ابن تيمية ص 55، والإتقان 2/ 379، وفواتح الرحموت 2/ 188.

(8) علما أنهما يعتبران من متأخري المتأخرين، وبعد أن سوّدت موروثاتهم بالموضوعات والإسرائيليات والتي لا زالت المرجع المعتمد للباحثين وطلاب العلوم هذا فضلا عن عواطف أتباع السلف برجالهم وتعصّبهم المغالي بهم الذي يصل حتى القتل دونهم، بالإضافة إلى إطلاق الاجتهادات وبكل بساطة ذكر أحد الأساتذة محاضرة ذكر فيها حركة الكواكب والأرض، فقام أحد طلبة العلم وكفره، لأنها مخالفة لقول السلف؟! المتفيهقون- د. محمد حسن هيتو- ص 48.

(9) أخرجه الحافظ الهيثمي، ورواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثوقون، انظر المسند لابن حنبل 4/ 136 والسنن 3/ 433 وفتح الباري 5/ 32 و8/ 138 و13/ 442، وانظر إشارة ابن حجر لرؤية الإمام أحمد: الفتح 6/ 388 وانظر مجمع 1/ 192.

(10) منها قصة يوسف عليه السّلام عند تفسير قوله تعالى‏ وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ‏ [يوسف: 24] نقل الطبري في تفسيره- علما أنهم يشيدون به ومنهم ابن تيمية- كثيرا من الروايات حول قصة (الهمّ) الذي كان منع امرأة العزيز، ومما نقله قوله: حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا: حدثنا ابن إدريس، قال سمعت الأعمش، عن مجاهد؟! قال: «حلّ السراويل حتى-- آليته واستلقت له» وأخرى «جلس مجلس الخائن» الطبري- جامع البيان- 16/ 30- 39.

ويستغرب المتأخرون كيف مرت على الإمام الطبري ولم يعلق عليها بشي‏ء أو يتعقبها بشي‏ء؟!

(11) ليقعوا في فوضى التخمين والاجتهادات بالرأي التي تخلط الأمور على المتأخرين وتجعلهم في فوضى، وقد ورد عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «... فربّ حامل فقه ليس بفقيه، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) جامع بيان العلم 16/ 75.

(12) رجم بالغيب وترجيحات بلا مرجحات، وفوضى تخبطات وظنون تزيد في كثرة الاختلافات ... الخ وقد قدمنا لهم أنهم لم يهتدوا إلا بعد تواضعهم عن غرورهم الأجوف، وتقليل ادعاءاتهم العريضة ويكون ذلك بالاعتماد على الأحاديث التي تنسجم مع القرآن، أو السنة-- الصحيحة لا المدعاة التي هي بمثابة المحكم لتمييز الحق والباطل بها وإلا كنتم ولا تزالون في الفوضى تحققون؟!!

(13) سنة أهل البيت- محمد تقي الحكيم- ص 89.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .