المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الرجال و الحديث والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 5930 موضوعاً
علم الحديث
علم الرجال

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أبو ذرّ الغفاري (ت / 31 هـ)  
  
3821   12:05 صباحاً   التاريخ: 23-12-2015
المؤلف : السيد على خان المدنى.
الكتاب أو المصدر : الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة
الجزء والصفحة : 225.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) /

(أبو ذر الغفاري رحمه الله) اسمه جندب بن جنادة على الأصح ابن سفيان بن عبيدة بن ربيعة بن حزام ابن غفار وقيل اسم أبيه برير بموحدة مصغرا ومكبرا أو عشرقة أو عبد الله أو السكن.

قال ابن حجر في التقريب تقدم إسلامه وتأخرت هجرته فلم يشهد بدرا ومناقبه كثيرة جدا.

وقال غيره أسلم خامس خمسة ثم رجع إلى أرض قومه وقدم بعد الهجرة وكان من أكابر العلماء والزهاد كبير الشأن كان عطاؤه في السنة أربعمائة دينار وكان لا يدخر شيئا.
أخرج ابن بابويه رحمه الله في (أماليه) عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله الصادق " عليه السلام " لرجل من أصحابه ألا أخبركم كيف كان سبب إسلام سلمان وأبي ذر (ره) فقال الرجل وأخطأ أما إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني كيف كان سبب إسلام أبي ذر، فقال أبو عبد الله الصادق " عليه السلام " إن أبا ذر كان في بطن (مر) يرعى غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه فجاء الذئب عن يسار غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه ثم قال له والله ما رأيت ذئبا أخبث منك ولا شرا فقال الذئب شر والله منى أهل مكة بعث الله إليهم نبيا فكذبوه وشتموه فوقع كلام الذئب في اذن أبي ذر فقال لأخته هلمي مزودتي وإداوتي وعصاي ثم خرج يركض حتى دخل مكة فإذا هو بحلقة مجتمعين فجلس إليهم فإذا هم يشتمون النبي صلى الله عليه وآله ويسبونه كما قال الذئب فقال أبو ذر هذا والله ما أخبرني به الذئب فما زالت هذه حالتهم حتى إذا كان آخر النهار وأقبل أبو طالب قال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه، فلما دنا منهم أكرموه وعظموه فلم يزل أبو طالب متكلمهم وخطيبهم إلى أن تفرقوا فلما قام أبو طالب تبعته فالتفت إلى فقال ما حقك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم، قال وما حاجتك إليه؟ فقال له أبو ذر أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. قال فقلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال فقال إذا كان غدا في هذه الساعة فأتني، فلما كان من الغد جاء أبو ذر فإذا الحلقة مجتمعون وإذا هم يسبون النبي صلى الله عليه وآله كما قال الذئب فجلس معهم حتى أقبل أبو طالب فقال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فكفوا فجاء أبو طالب فما زال متكلمهم وخطيبهم إلى أن قام فلما قام تبعه أبو ذر فالتفت إليه أبو طالب فقال ما حاجتك فقال هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قال فقال أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرفعني إلى بيت فيه جعفر بن أبي طالب " ع " قال فلما دخلت سلمت فرد على السلام ثم قال ما حاجتك قال فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرفعني إلى بيت فيه حمزة بن عبد المطلب فلما دخلت سلمت فرد على السلام ثم قال ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه علي بن أبي طالب " عليه السلام " فلما دخلت سلمت فرد على السلام قال ما حاجتك قلت النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقلت نعم أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإذا هو نور في نور فلما دخلت سلمت فرد على السلام قال ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قال فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ الا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فقال انا رسول الله يا أبا ذر أنطلق إلى بلادك فإنك تجد ابن عم لك قد مات فخذ ماله وكن بها حتى يظهر أمرى قال أبو ذر فانطلقت إلى بلادي فإذا ابن عم لي قد مات وخلف ما لا كثيرا في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فاحتويت على ماله فبقيت ببلادي حتى ظهر أمر رسول الله فأتيته وروت العامة في خبر اسلامه وجها غير هذا الوجه فروى البخاري باسناده عن أبي حمزة عن ابن عباس قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي قال لأخيه اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم أئتني فانطلق الأخ حتى قدم وسمع قوله صلى الله عليه وآله ثم رجع إلى أبي ذر فقال رأيته يأمر بمكارم الأخلاق فكلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي ولا يعرفه وكره ان يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه على " عليه السلام " فعرف انه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل أحد منهما صاحبه عن شئ حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد فظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلى الله عليه وآله حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به على فقال اما آن للرجل ان يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتى إذا كان اليوم الثالث قعد على مثل ذلك فأقامه على معه ثم قال ألا تحدثني ما الذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنني فعلت ففعل فأخبره قال فإنه حق وهو رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني ان رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فان مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وآله فقال له ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمرى قال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه (أوجعوه) وأتى العباس فأكب عليه ثم قال ويلكم ألستم تعلمون انه من غفار وان طريق تجارتكم إلى الشام عليهم فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه.

وروى مسلم باسناده عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت انا وأخي أنيس وآمنا فنزلنا على خال لنا فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا انك إذا خرجت عن أهلك خالفه إليهم أنيس فجاء خالنا فثنى علينا الذي قيل له فقلت إماما مضى من معروفك فقد كدرته ولا اجتماع لنا فيما بعد فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطى خالنا بثوبه فجعل يبكى فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها وأتينا الكاهن فخير أنيسا وأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها قال وقد صليت يا بن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث سنين قلت لمن قال لله قلت فأين توجه قال أتوجه حيث يوجهني ربى أصلى عشاء حتى إذا كان آخر الليل القيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس فقال أنيس ان لي حاجة بمكة فاكفني فانطلق أنيس حتى أتى مكة فرآه على ثم جاء فقلت ما صنعت قال لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله قلت فما يقول الناس قال يقولون شاعر كاهن ساحر وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم والله لقد وضعت قوله على اقراء الشعر فما يلتثم على لسان أحد بعدي انه شعر والله انه لصادق وانهم لكاذبون قال قلت فاكفني حتى أذهب فانظر قال فأتيت مكة فتضعفت رجلا فقلت أين هذا الرجل الذي يدعونه الصبائي فأشار إلى فقال الصبائي الصبائي فمال على أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا على قال فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر ، قال فأتيت زمزم فغسلت عنى الدماء وشربت من مائها ولقد لبثت يا بن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم وما كان لي طعام إلا زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال فبينما أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أسمختهم  أي فما يطوف بالبيت أحد وامرأتان منهم تدعوان أسافا ونائلة قال فاتتا على في طوافهما فقلت أنكحا أحدهما الأخرى قال فما تناهتا عن قولهما قال فاتتا على فقلت هن مثل الخشبة غير انى لا أكن فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان هاهنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وهما هابطان قال ما لكما قالت الصابي بين الكعبة وأستارها قال فما قال لكما قالتا انه قال لنا كلمة تملأ الفم وجاء رسول الله حتى أستلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى فلما قضى صلاته قال أبو ذر فكنت أول من حياه بتحية الإسلام قال فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك ورحمة الله ثم قال من أنت قلت من غفار قال فأهوى بيده ووضع أصابعه على جبهته فقلت في نفسي كره أنى انتميت إلى غفار فذهبت آخذ بيده فدفعني صاحبه وكان أعلم به منى ثم رفع رأسه فقال متى كنت هاهنا قال قلت قد كنت هاهنا من ثلاثين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قال قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على كبدي سخفة جوع قال إنها مباركة انها طعام طعم فقال أبو بكر يا رسول الله إيذن لي في اطعامه الليلة فانطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلته بها ثم عثرت ما عثرت ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إنه قد وجهت لي أرض ذات نحل لا أراها الا يثرب فهل أنت مبلغ عنى قومك عسى الله ان ينفعهم بك ويأجرك فيهم فأتيت أنيسا فقال ما صنعت قلت ما صنعت فأنى قد أسلمت وصدقت قال ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت فأتينا امنا فقالت ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت فاحتملنا حتى اتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رحضة وكان سيدهم وقال نصفهم إذا قدم رسول الله المدينة أسلمنا فقدم رسول الله فأسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله.

قال المؤلف كان أبو ذر (ره) من أعاظم الصحابة وكبرائهم الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه وهو أحد الأركان الأربعة وكفاه شرفا ما رواه في وصيته المشهورة التي أوصاه بها رسول الله حين قال له يا رسول الله بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها فقال نعم وأكرم بك يا أبا ذر انك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله فإنك ان حفظتها كان ذلك بها كفيلا ثم ذكر الوصية ولولا طولها وما اشترطنا على أنفسنا من الاختصار في هذا الكتاب لأوردناها.

(روى) عن النبي من أراد ان ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى زهد أبي ذر.

وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء عن زيد بن وهب وأبو علي المحمودي المروزي في أماليه انه قال صلى الله عليه وآله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وفى رواية الترمذي أصدق وأوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم ثم قال عمر بن الخطاب كالحاسد يا رسول الله أفنعرف ذلك له فقال نعم فاعرفوه، وفى رواية المحمودي يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده.

(وروى) عن الإمام الحسن بن علي العسكري " عليه السلام " قال حدثني أبي عن أبيه عن آبائه " عليه السلام " ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان من خيار أصحابه عنده أبو ذر الغفاري فجاء ذات يوم فقال يا رسول الله ان لي غنيمات قدر ستين شاة أكره ان أبدوا فيها وأفارق حضرتك وخدمتك وأكره ان اكلها إلى راع فيظلمها ويسئ رعايتها فكيف أصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ابدأ فيها فبدا فيها فلما كان اليوم السابع جاء إلى رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر فقال لبيك يا رسول الله قال ما فعلت غنيماتك قال يا رسول الله لها قصة عجيبة فقال ما هي قال يا رسول الله بينما انا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي فقلت يا رب غنمي فأخطر الشيطان ببالي يا أبا ذر ان عدا الذئب على غنمك وأنت تصلى فأهلكها ما يبقى لك في الدنيا ما تعيش به فقلت للشيطان يبقى وجه الله والايمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وموالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب وموالاة الأئمة الطاهرين من ولده ومعاداة أعدائهم وكلما فات من الدنيا بعد ذلك فجلل وأقبلت على صلاتي فجاء الذئب فأخذ حملا وذهب به إذ أقبل على الذئب أسد فقطعه نصفين واستنقذ الحمل ورده إلى القطيع ثم نادى يا أبا ذر أقبل على صلاتك فان الله وكلني بغنمك إلى أن تصلى فأقبلت على صلاتي وقد غشيني من التعجب ما لا يعلمه إلا الله فجاءني الأسد وقال لي إمض إلى محمد صلى الله عليه وآله واقرأه عنى السلام فأخبره ان الله قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ووكل أسدا بغنمه يحفظها فعجب من قوله رسول الله.

وحدث ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن عبيدة بن عمير الليثي عن أبي ذر قال: دخلت على رسول الله المسجد وهو جالس وحده فاغتنمت وحدته فقال يا أبا ذر ان للمسجد نحية قلت يا رسول لله وما تحيته قال ركعتان فركعتهما ثم التفتت إليه فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال صلى الله عليه وآله خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى قال الايمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله تعالى قلت يا رسول الله أي المؤمنين أكمل ايمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المسلمين أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده قلت فأي الهجرة أفضل قال من هجر السوء قلت فأي الليل أفضل قال جوف الليل الغابر قلت فأي الصلاة أفضل قال طول القنوت قلت فأي الصدقة أفضل قال جهد من مقل إلى فقير في سر قلت فما الصوم قال فرض مجزئ وعند الله اضعاف كثيرة قلت أي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها قلت فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده واهريق دمه قلت أي آية أنزلها الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة قلت يا رسول الله كم النبيون قال مائة الف وأربعة وعشرون الف نبي قلت يا رسول الله كم المرسلون قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم الغفير قلت من كان أول الأنبياء قال آدم قلت وكأن من الأنبياء مرسلا قال مكملا خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم قال يا أبا ذر أربعة من الأنبياء سريانيون آدم " عليه السلام " وشيث وإدريس " عليه السلام " وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك محمد صلى الله عليه وعليهم وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وآله وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى " عليه السلام " وآخرهم عيسى وبينهما الف نبي قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشرين صحيفة وأنزل التوراة والأنجيل والزبور والفرقان قلت يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم قال أمثال كلها، أيها الملك المبتلى المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا ان يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجى فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيها صنع ربه وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال فان في هذه الساعة عونا لتلك الساعات واستجماما للقلوب وتفريغا لها، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه فان من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه. وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم، قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال صلى الله عليه وآله كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنار كيف  يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ولمن أيقن بالقدر ثم بنصب ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل قلت يا رسول الله هل لك في الدنيا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى قال يا أبا ذر تقرأ: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ان هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه زين لأمرك كله قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض قلت زدني قال عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك قلت زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت زدني قال أحب المساكين ومجالستهم قلت زدني قال لا تخف في الله لومة لائم قلت زدني قال ليحجرك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما يأتي ثم قال كفى بالمرء عيبا ان يكون فيه ثلاث خصال ان يعرف من الناس ما يجهل عن نفسه ويستحى لهم مهما هو فيه ويؤذى جليسه فيما لا يعنيه ثم قال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق.

قال المؤلف وإنما أوردنا هذا الحديث على طوله لما فيه من أنواع الحكم وفوائد العلم والأنباء عن الأمور الخالية والأخبار عن الأيام الماضية وفيه اعتبار لأولى الأبصار والعقول وتنبيه لذوي التمييز والفهوم.

وفى معالم التنزيل لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تبوك وقطع وادى القرى ومضى سائرا جعل يتخلف عنه الرجل فيقول دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أرى حكم الله منه حتى قيل يا رسول الله قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أرى حكم الله منه وتلوم أبو ذر على بعيره فلما أبطأ أخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وآله ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله هذا رجل يمشى في الطريق وحده فقال صلى الله عليه وآله كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده.

وأخرج الكشي في رجاله عن أبي على المحمودي المروزي رفعه فقال أبو ذر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على  ذي لهجة أصدق من أبي ذر يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده وهو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين ووصى رسول الله صلى الله عليه وآله واستخلافه إياه فنفاه القوم عن حرم الله وحرم رسوله بعد حملهم إياه من الشام على قتب بلا وطاء وهو يصيح فيهم قد خاب القطار يحمل إلى النار سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا فقتلوه فقرا وجوعا وضرا وصبرا.

وعن أبي خديجة الجمال عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال دخل أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرئيل " عليه السلام " فقال جبرئيل من هذا يا رسول الله قال صلى الله عليه وآله أبو ذر قال اما انه في السماء أعرف منه في الأرض، وسأله عن كلمات يقولهن إذا أصبح قال فقال يا أبا ذر كلمات تقولهن إذا أصبحت فما هن قال أقول يا رسول الله اللهم إني أسألك الأيمان بك والتصديق بنبيك والعافية من جميع البلاء والشكر على العافية والغنى عن الناس.

وعن موسى بن بكير قال: قال أبو الحسن " عليه السلام " قال أبو ذر من جزى الله عنه الدنيا خيرا فجزاها الله عنى مذمة بعد رغيفي شعير أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر وبعد شملتي صوف أنزر بأحدهما وارتدى بالأخرى.

(قال) وقال إن أبا ذر بكى من خشية الله حتى اشتكى عينيه فخافوا عليهما فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله في عينيك فقال انى عنهما لمشغول وما عناني أكثر فقيل له وما شغلك عنهما قال العظيمتان الجنة والنار.

(قال) وقيل له عند الموت يا أبا ذر مالك قال عملي قالوا نسألك عن الذهب والفضة قال ما أصبح فلا أمسى ولا أمسى فلا أصبح لنا كندوج فيه حرمتا عنا سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول كندوج المرء قبره.

قال المؤلف الكندوج بفتح الكاف وسكون النون وضم الدال المهملة وبعد الواو جيم شبه المخزن لفظ معرب.

وأخرج ابن بابويه في معاني الأخبار عن أنس بن مالك قال حدثنا أبو عبد الله عبد السلام بن محمد بن هارون الهاشمي قال حدثنا محمد بن عقبة الشيباني قال حدثنا أبو القسم الخضر بن أبان عن أبي هدية إبراهيم بن هدية البصري عن أنس بن مالك قال أتى أبو ذر يوما إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ما رأيت كما رأيت البارحة قالوا وما رأيت البارحة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ببابه فخرج ليلا وأخذ بيد علي بن أبي طالب " عليه السلام " وخرجنا إلى البقيع فما زلت أقفو أثرهما إلى أن أتيا مقابر مكة فعدل إلى قبر أبيه فصلى عنده ركعتين فإذا بالقبر قد أنشق وإذا بعبد الله جالس وهو يقول انا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال له من وليك يا أبة فقال وما الولي يا بنى فقال هو هذا على فقال إن عليا وليي قال فارجع إلى روضتك ثم عدل إلى قبر أمه آمنة فصنع كما صنع عند قبر أبيه فإذا بالقبر قد أنشق فإذا هي تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها من وليك يا أماه فقالت وما الولاية يا بنى قال هو هذا علي بن أبي طالب. فقالت إن عليا ولى فقال ارجعي إلى حضرتك وروضتك فكذبوه ولببوه وقالوا يا رسول الله كذب عليك اليوم فقال وما كان من ذلك قالوا ان جندب حكى عنك كيت وكيت فقال النبي صلى الله عليه وآله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال عبد السلام بن محمد فعرضت هذا الخبر على الجهني محمد بن عبد الأعلى فقال علمت أن النبي صلى الله عليه وآله قال أتاني جبرئيل فقال إن الله عز وجل حرم النار على ظهر أنزلك وبطن حملك وثدي أرضعك وحجر كفلك.

وأخرج عن إسماعيل الفراء عن رجل قال قلت لأبي عبد الله " عليه السلام " أليس قال رسول الله في أبي ذر: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال بلى قال قلت فأين رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وابنيه الحسن والحسين " عليه السلام " قال: فقال كم السنة شهرا قال قلت أثنا عشر شهرا قال: كم منها حرم قال قلت أربعة أشهر قال أشهر رمضان منها قال قلت لا قال إن في شهر رمضان ليلة أفضل من الف شهر إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد.

وأخرج أبو بكر أحمد بن عبد العزيز عن أبي لهيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وأبو ذر غائب فقدم وقد ولى أبو بكر فقال أصبتم قناعة وتركتم قرابة لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم لما أختلف عليكم اثنان.

وأخرج الشيخ الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب عن الصادق جعر بن محمد " عليه السلام " ان أبا ذر قام يوم ولى أبو بكر فقال يا معاشر قريش أصبتم قناعة وتركتم قرابة والله لترتدن جماعة من العرب ولتشكن في هذا الدين ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما أختلف عليكم سيفان والله لقد صارت لمن غلب ولتطحن إليها عين من ليس من أهلها ولتسفكن في طلبها دماء كثيرة فكان كما قال أبو ذر ثم قال لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الأمر بعدي لعلى ثم لابني الحسن والحسين ثم للطاهرين من ذريتي، فأطرحتم قول نبيكم وتناسيتم ما عهد به إليكم فأطعتم الدنيا الفانية وشربتم الآخرة الباقية التي لا يهرم شبابها ولا يزول نعيمها ولا يحزن أهلها ولا يموت سكانها بالحقير التافه الفاني الزائل وكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها ونكصت على أعقابها وغيرت وبدلت واختلفت فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وعما قليل تذوقون وبال امركم وتجزون بما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد.

(وروى) الثعلبي في تفسيره من عدة طرق فمنها ما رفعه إلى عباية بن ربعي قال بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل أرجل معتم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله الا وقال الرجل قال رسول الله فقال ابن عباس سألتك بالله من أنت فكشف العمامة عن وجهه فقال يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله بهاتين وإلا فصمتا ورأيته بهاتين وإلا فعميتا يقول: على قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله اما انى صليت مع رسول الله يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا وكان على " عليه السلام " راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها فاقبل إليه السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وآله فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم ان موسى سألك وقال (ربى أشرح لي صدري ويسر لي أمرى وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزرى وأشركه في أمرى) فأنزلت قرآنا ناطقا سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا اللهم وانا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمرى وأجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري قال أبو ذر فما أستتم رسول الله الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله فقال يا محمد اقرأ؟ قال وما أقرأ قال:

(إنما وليكم الله ورسوله والذي آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).

قال روى أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتاب المناقب وهو من مخالفي أهل البيت باسناده إلى عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت من أحب أصحابك إليك فان كان أمر كنا معه وان كانت نائبة كنا من دونه قال هذا على أقدمكم سلما وإسلاما.

وروى أبو بكر بن مردويه في كتابه المشار إليه أيضا باسناده إلى داود ابن أبي عوف قال حدثني معاوية بن أبي ثعلبة الحنفي قال الا أحدثك بحديث لم يخلط قلت بلى قال مرض أبو ذر فأوصى إلى على " عليه السلام " فقال بعض من يعوده لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عمر كان أجمل لوصيتك من على، قال والله لقد أوصيت إلى أمير المؤمنين " عليه السلام " والله انه لمرتع الأرض تسكن إليه ولو قد فارقكم لقد أنكرتم الناس وأنكرتم الأرض قال: قلت يا أبا ذر انا لنعلم ان أحبهم   إلى رسول الله أحبهم إليك قال أجل قلت فأيهم أحب إليك قال هذا الشيخ المضطهد حقه يعنى علي بن أبي طالب " عليه السلام ".

وأخرج الكشي عن حذيفة بن أسيد قال سمعت أبا ذر يقول وهو متعلق بحلقة باب الكعبة انا جندب لمن عرفني وانا أبو ذر لمن لم يعرفني انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول من قاتلني في الأولى والثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجال انما مثل أهل بيتي في هذه الأمة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ألا هل بلغت.

وعن عبد الملك بن أبي ذر الغفاري قال بعثني أمير المؤمنين " عليه السلام " يوم مزق عثمان المصاحف فقال ادع أباك فجاء إليه أبى مسرعا فقال يا أبا ذر أتى اليوم في الاسلام أمر عظيم مزق كتاب الله ووضع فيه الحديد وحق على الله ان يسلط الحديد على من مزق كتابه بالحديد قال فقال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أهل الجبرية من بعد موسى قاتلوا أهل النبوة فظهروا عليهم فقتلوهم زمانا طويلا ثم إن الله بعث فتنة فهاجروا إلى غير آبائهم فقاتلهم فقتلوه وأنت بمنزلتهم يا علي فقال على " عليه السلام " قتلتني يا أبا ذر فقال أبو ذر لقد علمت أنه سيبدأ بك.

وعن أبي سخيلة قال حججت انا وسلمان بن ربيعة فمررنا بالربذة قال فأتيت أبا ذر فسلمنا عليه فقال إن كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب " عليه السلام " فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: على أول من آمن بي وصدقني وهو أول من يصافحني يوم القيامة وهو الصديق الأكبر وهو الفاروق بعدي يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب الدين، والمال يعسوب الظلمة.

وروى عن أبي جعفر " عليه السلام " قال قام أبو ذر (رض) بباب الكعبة فقال انا جندب بن جنادة الغفاري هلموا إلى أخ ناصح شفيق فاكتنفه الناس فقالوا قد روعتنا فانصح لنا فقال إن أحدكم إذا أراد سفرا لأعد له من الزاد ما يصلحه  فما بالكم لا تزودن لطريق القيامة وما يصلحكم فيه قالوا وكيف نتزود لذلك فقال يحج الرجل منكم حجة لعظام الأمور ويصوم يوما شديد الحر للنشور ويصلى ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ويتصدق بصدقة على المساكين للنجاة من يوم العسير ويتكلم بكلمة حق فيجيره الله لها يوم يستجير ويسكت عن كلمة باطل ينحو بذلك من عذاب السعير يا بن آدم إجعل الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الحلال ومجلسا للآخرة ولا ترد الثالث فإنه لا ينفعك وأجعل الكلام كلمتين كلمة للآخرة وكلمة في التماس الحلال والثالثة تضرك وأجعل مالك درهمين درهما تنفقه على عيالك ودرهما لآخرتك والثالث لا ينفعك وأجعل الدنيا ساعة من ساعتين ساعة مضت بما فيها فلست قادرا على ردها وساعة آتية لست على يقين من ادراكها والساعة التي أنت فيها ساعة عملك فاجتهد فيها لنفسك وأصبر فيها عن معاصي ربك فان لم تفعل قد هلكت. ثم قال قتلى هم لا أدركه.

وروى لما توفى عبد الرحمن بن عوف قال أناس من أصحاب رسول الله إنا نخاف على عبد الرحمن فيما ترك فقال كعب وما تخافون كسب طيبا وأنفق طيبا وترك طيبا فبلغ ذلك أبا ذر رحمة الله عليه فخرج مغضبا يريد كعبا فمر فلحق عظم بعير فأخذه بيده ثم انطلق يطلب كعبا فقيل لكعب ان أبا ذر يطلبك فخرج هاربا حتى دخل على عثمان يستغيث به وأخبره الخبر فاقبل أبو ذر يقتص الخبر في طلب كعب حتى انتهى إلى دار عثمان فلما دخل قام كعب فجلس خلف عثمان هاربا من أبي ذر فقال أبو ذر هاهنا يا بن اليهودية تزعم أنه لا بأس فيما ترك عبد الرحمن لقد خرج رسول الله نحو أحد وأنا معه فقال يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله فقال الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وشماله وفوقه وخلفه وقدامه وقليل ما هم ثم قال يا أبا ذر قلت نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال ما سرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت ثم أموت ولا اترك منه قيراطين ثم قال يا أبا ذر أنت تريد الأكثر وانا  أريد الأقل فرسول الله صلى الله عليه وآله يريد هذا وأنت يا بن اليهودية تقول لا بأس بما ترك عبد الرحمن بن عوف كذبت وكذب من قال، قال فلم يرد عليه حرفا حتى خرج.

وعن جعفر بن معروف قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان قال حدثني أبي عن ابن حمزة عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله " عليه السلام " يقول أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا إلى أبي ذر فقولا له ان عثمان يقرئك السلام ويقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك فقال أبو ذر وهل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني؟ قالا لا. قال إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له انه يقول من طيب مالي وبالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام ولا بعثت بها إليك الا من حلال، فقال لا حاجة لي فيها وقد أصبحت يومى هذا وانا من أغنى الناس فقالا له عافاك الله وأصلحك ما نرى في بيتك قليلا ولا كثيرا مما يستمتع به فقال بلى تحت هذا الأكاف ترون رغيف شعير وقد أتى عليه أيام فما اصنع بهذه الدنانير لا والله حتى يعلم الله انى لا أقدر على قليل ولا كثير وقد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب " عليه السلام " وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون وكذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إنه لقبيح بالشيخ ان يكون كذابا بأفرادها عليه وأعلماه انه يقول لا حاجة لي فيها وفيما عنده حتى ألقى الله ربى فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه.

وأخرج محمد بن يعقوب الكليني في الروضة عن أبي بصير عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال: أتى أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله انى قد اجتويت المدينة فتأذن لي ان أخرج وابن أخي إلى مزينة فنكون بها فقال صلى الله عليه وآله انى أخشى ان تعبر عليك خيل من العرب فيقتل ابن أخيك فتأتين شعثا فتقوم بين يدي متكئا على عصاك فتقول قتل ابن أخي واخذ السرح فقال يا رسول الله بل لا يكون إلا خيرا إن شاء الله فأذن رسول الله له فخرج هو وابن أخيه وامرأته فلم يلبثا هناك إلا يسيرا حتى غارت خيل النبي فزارة فيها عيينة بن حصين فأخذت السرح وقتل ابن أخيه واخذت امرأة من بنى غفار واقبل أبو ذر يشتد حتى وقف بين يدي رسول الله وبه طعنة جائفة فاعتمد على عصاه وقال صدق الله ورسوله اخذ السرح وقتل ابن أبي ووقفت بين يديك على عصاي فصاح رسول الله صلى الله عليه وآله في المسلمين فخرجوا في الطلب وردوا السرح وقتلوا نفرا من المشركين.

وأخرج في كتاب الجنائز من الكافي عن علي بن إبراهيم رفعه قال لما مات ذر ابن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال رحمك الله يا ذر والله إنك كنت بي بارا ولقد قبضت وإني عنك لراض أما والله ما بي فقدك وما على من غضاضة ومالي أحد سوى الله من حاجة ولولا هول المطلع لسرني ان أكون مكانك ولقد شغلني الحذر لك عن الحد عليك والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك فليت شعري ماذا قلت وما قيل لك ثم قال اللهم أنى قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالحق منى.

وأما خبر نفيه إلى الربذة: فاعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السير وعلماء الاخبار والنقل ان عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام وأصل هذه الواقعة أن عثمان أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال وأختص زيد بن ثابت بشئ منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفى الطرقات والشوارع (بشر الكافرين بعذاب اليم) ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت ثم انه أرسل مولى من مواليه أن أنته عما بلغني عنك فقال أبو ذر أينهاني عن قراءة القرآن كتاب الله وعيب من ترك أمر الله فوالله لان أرضى الله بسخط عثمان أحب إلى وخير لي من أن أسخط الله برضى عثمان فاغضب ذلك عثمان واحفظه فتصابر وتماسك إلى أن قال عثمان يوما والناس حوله أيجوز للأمام ان يأخذ من المال شيئا قرضا فإذا أيسر  قضاه فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا بن اليهودية أتعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك وتولعك بأصحابي الحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله ان كانت من عطائي الذي حرمتموني إياه عامي هذا قبلتها وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها وردها عليه ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية ان كانت هذه من مال الله فهي الخيانة وان كانت من مالك فهي الاسراف وكان أبو ذر يقول بالشام والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله والله انى لأرى حقا يطفأ وباطلا يحيى وصادقا مكذبا وإثرة بغير تقى وصالحا مستأثرا عليه فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية ان أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله ان كان لك فيه حاجة.

وروى أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندب الغفاري قال كنت عاملا لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول أتتكم القطار تحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فارتاب معاوية وتغير لونه وقال يا جلام أتعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال ادخلوه على فجئ بابي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله وعدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع اما انى لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير أذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكني استأذن فيك قال جلام وكنت أحب ان أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فاقبل على معاوية وقال ما انا بعد والله ولا رسوله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عليك أمرت ان لا تشبع. سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا ولى الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه فقال معاوية ما انا ذلك الرجل قال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله سمعته يقول وقد مررت به اللهم العنه ولا تشبعه الا بالتراب وسمعته صلى الله عليه وآله يقول است معاوية في النار فضحك معاوية وأمر بحبسه وكتب إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية ان أحمل جندبا إلى على أغلظ مركب وأوعره فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها قتب حتى قدم به إلى المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان ان الحق بأي أرض شئت قال بمكة قال لا قال بيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات.

وفى (رواية الواقدي): ان أبا ذر لما دخل على عثمان قال له:

لا أنعم الله بقين عينا * نعم ولا لقاه يوما زينا تحية

 السخط إذا ألقينا فقال أبو ذر رضي الله عنه: ما عرفت اسمي قينا قط، وفى رواية أخرى لا أنعم الله بك عينا يا جندب، فقال أبو ذر: انا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله فاخترت اسم رسول الله سماني على أسمى، فقال له عثمان أنت الذي تزعم إنا نقول يد الله مغلولة وان الله فقير ونحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباده خولا ودينه دخلا فقال عثمان لمن حضر سمعتموها من رسول الله قالوا لا قال عثمان ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله فقال أبو ذر لمن حضر ما تدرون انى صدقت قالوا لا والله ما ندري فقال عثمان أدعو لي عليا " عليه السلام " فلما جاء قال عثمان لأبي ذر أقصص عليه حديثك في بنى أبى العاص فأعاده فقال  عثمان لعلى " عليه السلام " أسمعت هذا من رسول الله فقال على سمعت رسول الله يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال من حضر أما هذا فقد سمعناه كلنا من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أبو ذر أحدثكم انى سمعت هذا من رسول الله فتتهوموني ما كنت أظن انى أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد (ص).

وروى الواقدي في خبر آخر باسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال:

رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له أنت الذي قلت وفعلت فقال أبو ذر نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد أنغلت الشام علينا فقال له أبو ذر أتبع سنة صاحبك لا يكن لأحد عليك ملام فقال عثمان مالك وذلك لا أم لك قال أبو ذر ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فغضب عثمان وقال أشيروا على في هذا الشيخ الكذاب اما ان أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الإسلام فتكلم على " عليه السلام " وكان حاضرا فقال انى أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون فان يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ان الله لا يهدى من هو مسرف كذاب فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه على " عليه السلام " بمثله ولم نذكر الجوابين تذمما منهما.

قال الواقدي ثم إن عثمان فطن على الناس ان يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياما ثم أتى به فوقف بين يديه فقال أبو ذر ويحك يا عثمان اما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر هل هديك كهديهم اما انك لتبطش بي بطش جبار فقال عثمان أخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر ما أبغض إلى جوارك قال أين أخرج قال حيث شئت قال أخرج إلى الشام أرض الجهاد قال انما جلبتك من الشام لما أفسدتها أفأردك إليها قال أخرج إلى العراق قال لا أنك أن تخرج إليها بقدم على قوم أولى شبهة وطعن على الأئمة والولاة قال فاخرج إلى  مصر قال لا قال فإلى أين أخرج قال إلى البادية قال أبو ذر أصير بعد الهجرة أعرابيا قال نعم قال أبو ذر فاخرج إلى بادية نجد، قال عثمان بل إلى الشرق الا بعد الأقصى فأقصى أمض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها.

وروى الواقدي أيضا عن مالك ابن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة ان أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة فجئته فقلت له الا تخبرني أخرجت من المدينة طائعا أم خرجت مكرها فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت دار هجرتي وأصحابي فأخرجت من المدينة إلى ما ترى ثم قال بينا انا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إذ مر بي فضربني برجله وقال لا أراك نائما في المسجد فقلت بأبي أنت وأمي غلبتني عيني فنمت فيه فقال صلى الله عليه وآله فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت أذن الحق بالشام فإنها أرض مقدسة وارض الجهاد قال فكيف تصنع إذا أخرجت منها قلت أرجع إلى المسجد قال صلى الله عليه وآله فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت آخذ سيفي فأضربهم به فقال الا أدلك على خير من ذلك انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع وانا اسمع وأطيع وتالله ليلقين الله عثمان وهو آثم في جنبي وروى علي بن إبراهيم في تفسيره ان أبا ذر (رض) دخل على عثمان وكان عليلا متوكئا على عصاه وبين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي وأصحابه حوله ينظرون إليه ويطمعون ان يقسمها فيهم فقال أبو ذر (رض) لعثمان ما هذا المال فقال عثمان مائة ألف درهم حملت إلى من بعض النواحي أريد ان أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي فقال أبو ذر (رض) لعثمان يا عثمان أيما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير فقال بل مائة ألف درهم فقال اما تذكر انى انا وأنت دخلنا على رسول الله عشاء فرأيناه كثيبا حزينا فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام فلما أصبحنا أتينا فرأيناه ضاحكا مستبشرا فقلنا له بآبائنا وأمهاتنا  نفديك دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا وعدنا إليك اليوم فرأيناك ضاحكا مستبشرا فقال نعم كان بقى عندي من فئ المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها وخفت ان يدركني الموت وهي عندي وقد قسمتها اليوم فاسترحت فنظر إلى كعب الأحبار فقال له يا أبا بحر ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك شئ فقال لا لو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شئ فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب ثم قال له يا بن اليهودية الكافرة ما أنت والنظر في أحكام المسلمين قول الله أصدق من قولك حيث قال الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله الآية فقال عثمان يا أبا ذر انك شيخ خرفت وذهب عقلك ولولا صحبتك لرسول صلى الله عليه وآله لقتلتك فقال يا عثمان أخبرني حبيبي رسول الله فقال لا يفتنونك ولا يقتلونك واما عقلي فقد بقى منه ما أحفظ حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فيك وفى قومك فقال وما سمعت من رسول الله قال سمعته يقول إذا بلع آل أبي العاص ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا وكتاب الله دخلا وعباده خولا الفاسقين حزبا والصالحين حربا فقال عثمان يا معشر أصحاب رسول الله محمد هل سمع أحد منكم هذا من رسول الله فقالوا لا فقال عثمان ادعوا عليا فجاء أمير المؤمنين " عليه السلام " فقال له عثمان يا أبا الحسن أنظر ما يقول هذا الشيخ الكذاب فقال أمير المؤمنين لا تقل كذاب فإني سمعت رسول الله يقول ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر فقال أصحاب رسول الله صدق أبو ذر فقد سمعنا هذا من رسول الله فبكى أبو ذر عند ذلك فقال عثمان يا أبا ذر أسألك بحق رسول الله إلا ما أخبرتني عن شئ أسألك عنه فقال أبو ذر والله لو لم تسألني بحق رسول الله لأخبرتك فقال أي البلاد أحب إليك ان تكون فيها فقال مكة حرم الله وحرم رسوله ا عبد الله فيها حتى يأتيني الموت فقال لا ولا كرامة لك فقال المدينة فقال لا ولا كرامة لك قال فسكت أبو ذر فقال عثمان أي البلاد أبغض إليك تكون فيها  فقال الربذة التي كنت فيها على غير دين الاسلام فقال عثمان سر إليها فقال أبو ذر صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله.

وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال لما خرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس ان لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه وأمر مروان بن الحكم ان يخرج به فخرج به وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا وعمارا فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن يكلم أبا ذر فقال له مروان أيها يا حسن ألا تعلم أن الأمير قد نهى عن كلام هذا الرجل فان كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته وقال تنح لحاك الله إلى النار فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فتلظى على " عليه السلام " ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب " عليه السلام " قال ذكوان فحفظت كلام القوم وكان حافظا فقال على " عليه السلام " يا أبا ذر انك غضبت لله ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى الفلا والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم وقال لعقيل ودع أخاك فتكلم عقيل فقال ما عسى أن نقول يا أبا ذر أنت تعلم انا نحبك وأنت تحبنا فاتق الله فان التقوى نجاة واصبر فان الصبر كرم واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع واستبطانك العافية من اليأس فدع اليأس والجزع ثم تكلم الحسن " عليه السلام " فقال يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودع ان يسكت وللمشيع ان ينصرف لقصر الكلام وان طال الأسف وقد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراقها وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض، ثم تكلم الحسين " عليه السلام " فقال يا عماه ان الله تعالى قادر على أن يغير ما ترى والله كل يوم هو في شأن وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عما منعوك وأحوجهم إلى ما منعتهم فاسأل الله الصبر والنصر واستعذبه من الجشع والجزع فان الصبر من الدين والكرم وان الجشع لا يقدم رزقا والجزع لا يؤخر، أجلا ثم تكلم عمار مغضبا فقال لا آنس الله من أوحشك ولا آمن من أخافك اما والله لو أردت دنياهم لآمنوك ولو رضيت أعمالهم لأحبوك وما منع الناس ان يقولوا بقولك الا الرضا بالدنيا والجزع من الموت ومالوا إلى ما مال إليه سلطان جماعتهم والملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة الا ذلك هو الخسران المبين، فبكى أبو ذر وكان شيخا كبيرا وقال رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله مالي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم انى ثقلت على عثمان بالحجاز ثم ثقلت على معاوية بالشام وكره ان أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله والله ما أريد إلا الله صاحبا ولا أخشى مع الله وحشة ورجع القوم إلى المدينة فجاء على " عليه السلام " إلى عثمان فقال له عثمان ما حملك على رد رسولي وتصغير أمرى فقال على " عليه السلام " أما رسولك فأراد ان يرد وجهي فرددته واما أمرك فلم أصغره قال أو ما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر قال أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه قال عثمان أقد مروان من نفسك قال مم ذا قال من شتمه وجذب راحلته قال اما راحلته فراحلتي بها واما شتمه إياي فوالله لا تشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها لا أكذب عليك فغضب عثمان وقال: لم لا يشتمك كأنك خير منه قال على " عليه السلام " أي والله ومنك ثم قام فخرج فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار والى بنى أمية يشكو إليهم عليا " عليه السلام " فقال القوم أنت الوالي عليه واصلاحه أجمل قال وددت ذلك فاتوا عليا " ع " فقالوا لو اعتذرت إلى مروان وأتيته فقال " عليه السلام ": كلا أما مروان فلا آتيه ولا اعتذر منه ولكن إن أحب عثمان أتيته فرجعوا إلى عثمان فأخبروه فأرسل عثمان إليه فاتاه ومعه بنو هاشم كلهم فتكلم على " عليه السلام " فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما ما وجدت على فيه من كلام أبي ذر ووداعه فوالله ما أردت مسائتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه وأما مروان فإنه أعترض يريد ردى عن قضاء حق الله تعالى فرددته رد مثلي مثله وأما ما كان منى إليك فإنك أغضبتني فاخرج الغضب منى ما لم أرده فتكلم عثمان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما ما كان منك إلى فقد وهبته لك وأما ما كان منك لمروان فقد عفى الله عنك وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فادن يدك فاخذ يده فضمها إلى صدره فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان أما أنت فقد جبهك على وضرب راحلتك وقد تفانت وائل في ضرع ناقة وذبيان وعبس في لطمة فرس والأوس والخزرج في نسعه أفتحمل لعلى ما أتاه إليك فقال مروان فوالله لو أردت ذلك قدرت عليه.

وروى أن عبد الله بن مسعود لما بلغه خبر نفى أبي ذر إلى الربذة وهو إذ ذاك بالكوفة قال في خطبة بمحفل من أهل الكوفة فهل سمعتم قول الله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم يعرض بذلك بعثمان فكتب الوليد بذلك لعثمان فأشخصه من الكوفة فلما دخل مسجد النبي صلى الله عليه وآله أمر عثمان غلاما له أسود فدفع ابن مسعود وأخرجه من المسجد ورمى به الأرض وأمر بإحراق مصحفه وجعل منزله حبسه وحبس عنه عطاءه أربع سنين إلى أن مات.

وروى شهر ابن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال كنت عند أبي الدرداء إذ دخل عليه رجل من المدينة فسأله فقال أين تركت أبا ذر فقال بالربذة فقال انا لله وإنا إليه راجعون لو أن أبا ذر قطع منى عضوا ما هجيته لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه.

وروى بعض المؤرخين قال لما أمر أبو ذر بالمسير إلى الربذة سار إليها فأقام بها أياما ثم أتى المدينة فدخل على عثمان والناس عنده سماطين فقال يا أمير المؤمنين انك أخرجتني إلى أرض ليس بها زرع ولا ضرع وليس لي خادم يخدمني إلا مخدرة ولا ظل يظلني إلا ظل شجرة فاعطني خادما وغنيمات أعيش بها فحول وجهه عنه فتحول إلى السماط الآخر فقال مثل ذلك فقال له حبيب بن سلمة لك عندي يا أبا ذر ألف درهم وخادم وخمس مائة شاة فقال أبو ذر أعط خادمك والفك وشويهاتك إلى من هو أحوج منى إلى ذلك فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله تعالى فجاء على " عليه السلام " فقال له عثمان الا تغنى عنا سفيهك هذا قال " عليه السلام " أي سفيه قال أبو ذر قال على " عليه السلام " ليس بسفيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون أن يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم قال عثمان التراب في فيك قال على " عليه السلام " التراب في فيك أنشد بالله ممن سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك لأبي ذر فقام أبو هريرة وغيره فشهدوا بذلك فولى على ولم يجلس.

ومن كلام أبي ذر (رض) الدنيا ثلاث ساعات ساعة مضت وساعة أنت فيها وساعة لا تدرى أتدركها أم لا فلست تملك بالحقيقة إلا ساعة واحدة إذا الموت من ساعة إلى ساعة.

وروى أنه قال قتلني هم يوم لم أدركه قيل وكيف ذلك يا أبا ذر قال إن أملى جاوز أجلى.

وعن أبي عبد الله عن أبيه " عليه السلام " أنه قال في خطبة أبي ذر يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ومال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت إلى غيرهم، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين البعث والموت إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها، يا جاهل العلم تعلم العلم فان قلبا ليس فيه شرف العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له.

عن أبي جعفر " ع " عن أبي ذر أنه قال يا باغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك كما ندين تدان، يا باغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلى فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فانصت له حتى فرغ من حاجته وكذلك المرء المسلم بإذن الله ما دام في الصلاة لم يزل الله ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته: يا باغي العلم تصدق قبل ان لا تعطى شيئا ولا جمعه، إنما مثل الصدقة وصاحبها مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم لا تقتلوني أضربوا لي أجلا أسعى في رجالكم كذلك المرء المسلم بإذن الله كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتى يتوفى الله أقواما وهو عنهم راض ومن رضي الله عنه فقد أمن من النار: يا باغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرفا ختم على فمك كما تختم على ذهبك وعلى رزقك، يا باغي العلم ان هذه الأمثال ضربها الله للناس وما يلعقها إلا العالمون.

وأخرج الكشي عن حلام بن أبي ذر الغفاري وكانت له صحبة قال مكث أبو ذر (ره) بالربذة حتى مات فلما حضرته الوفاة قال لامرأته إذبحي شاة من غنمك فاصنعيها فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق فأول ركب تريهم قولي يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى نحبه ولقى ربه فأعينوني عليه وأجيبوه فان رسول الله أخبرني انى أموت في أرض غربة وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة على رجال من أمتي صالحون.

وعن محمد بن علقمة الأسود النخعي قال خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحرث الأشتر وعبد الله بن الفضل التميمي ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله قد هلك غريبا ليس له أحد يعينني عليه قال فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق إلينا واسترجعنا على عظم المصيبة ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء وتعاونا على غسله حتى فرغنا منه ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى عليه ثم دفناه فقام الأشتر على قبره ثم قال اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين لم يغير ولم يبدل لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفى  وحرم وأحتقر ثم مات وحيدا غريبا اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجرة حرم الله وحرم رسول الله قال فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين فقدمت الشاة التي صنعت فقالت أنه أقسم عليكم ان لا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا وارتحلنا.

وذكر أبو عمرو بن عبد البر في كتاب الاستيعاب قال لما حضرت أبا ذر الوفاة وهو بالربذة بكت زوجة أبي ذر فقال ما يبكيك فقالت ما لي لا أبكى وأنت تموت بفلاة من أرض وليس عندي ثوب يسعك كفنا ولا بد لي من القيام بجهازك فقال أبشري ولا تبكي فإني سمعت رسول الله يقول لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فلا يريان النار أبدا وقد مات لنا ثلاثة من الولد وسمعت أيضا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة وانا لا أشك أنى ذلك الرجل والله ما كذب ولا كذبت فانظري الطريق قالت أم ذر فقلت أنى وقد ذهب الحاج وتقطعت الطريق فقال:

اذهبي وتبصري قالت فكنت أشتد إلى الكثيب فاصعد وأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه فبينما انا وهو على هذه الحالة إذ أنا برجال على ركابهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم فأسرعوا إلى حتى وقفوا على وقالوا يا أمة الله مالك فقلت أمرؤ من المسلمين يموت تكفنونه قالوا ومن هو؟ قلت أبو ذر قالوا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قلت نعم قالت ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه فقال:

إني أبشروا سمعت رسول الله يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر الا وقد هلك في قرية وجماعة والله ما كذبت ولا كذبت ولو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم لم أكفن إلا في ثوب هو لي ولها وأنشدكم الله أن ألا يكفنني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا أو نقيبا قالت وليس في أولئك النفر إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال له انا أكفنك يا عم في ردائي هذا وفى ثوبين معي  في عيبتي من غزل أمي فقال أبو ذر أنت فكفني فمات فكفنه الأنصاري.

قال أبو عمرو كان النفر الذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن الأدبر ومالك بن الحارث الأشتر (ره).

قلت: حجر بن الأدبر هو حجر بن عدي الذي قتله معاوية وهو من أعلام الشيعة وعظمائها وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

وفى معالم التنزيل: ان أبا ذر ره لما أخرجه عثمان إلى الربذة فأدركته بها منيته ولم يكن أحد معه إلا امرأته وغلامه فأوصاهما ان اغسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولا له هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينوني على دفنه فلما مات فعلا فاقبل عبد الله بن مسعود في رهط من العراق فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطأها وقام إليه الغلام وقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينوني على دفنه فاستهلت عين ابن مسعود يقول صدق رسول الله صلى الله عليه وآله تمشى وحدك وتموت وحدك ونبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فواروه بالتراب ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في مسيره إلى تبوك وكانت وفاة أبي ذر (ره) في سنة إحدى وقيل اثنين وثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان.

والغفاري بكسر الغين المعجمة وفتح الفاء بعد الألف راء مهملة إلى بنى غفار على وزن كتاب وهو غفار بن مليل بن ضمرة بطن من كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

والربذة: التي نفى إليها أبو ذر هي بفتح الراء المهملة والباء الموحدة والذال المعجمة على وزن قصبة، قال في القاموس هي مدفن أبي ذر الغفاري قرب المدينة وقال الفيومي في المصباح هي قرية كانت عامرة في صدر الإسلام وبها قبر أبي ذر الغفاري وهي في وقتنا هذا دارسة لا يعرف بها رسم وهي من المدينة في جهة الشرق على طريق الحاج نحو ثلاثة أيام هكذا أخبرني به جماعة من أهل المدينة في سنة ثلاثة وعشرين وسبعمائة.

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




جامعة الكفيل تنظم ورشة عمل حول متطلبات الترقيات العلمية والإجراءات الإدارية
خَدَمة العتبتَينِ المقدّستَينِ يُحيون ذكرى هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام)
قسم السياحة: (71) عجلة ستشارك في نقل الطلاب للمشاركة في حفل التخرج المركزي
جمعية العميد تصدر وقائع المؤتمر العلمي الدولي السنوي التاسع لفكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)