أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-01
1081
التاريخ: 8-11-2014
2233
التاريخ: 25-09-2014
7342
التاريخ: 25-09-2014
2366
|
البرهمية من مذاهب الوثنية المتأصلة، و لعلها أقدمها بين الناس فإن المدنية الهندية من أقدم المدنيات الإنسانية لا يضبط بدء تاريخي لها على التحقيق، و لا يضبط بدء تاريخي لوثنية الهند غير أن بعض المؤرخين كالمسعودي و غيره ذكروا أن برهمن اسم أول ملوك الهند الذي عمر بلادها و أسس قواعد المدنية فيها و بسط العدل بين أهلها.
ذكر البستاني في دائرة المعارف ما ملخصه :
برهم بفتحتين فسكون أو بفتح الباء و الهاء و سكون الراء هو المعبود الأول و الأكبر عند الهنود و هو عندهم أصل كل الموجودات واحد غير متغير و غير مدرك أزلي مطلق سابق كل مخلوق خلق العالم كله بمجرد ما أراد دفعة واحدة بقوله: أوم أي كن.
و حكاية برهم تشبه من كل وجه حكاية "اىبوذة" فليس الفرق إلا في الاسم و الصفات و كثيرا ما يجعلون نفس برهم اسما للأقانيم الثلاثة المؤلف منها ثالوث الهنود، و هي: "برهما و وشنو و سيوا" و يقال لعبدة برهم: البرهميون أو البراهمة.
و أما برهما فهو نفس برهم معبود الهنود بعد أن شرع في أعماله بدليل زيادة الألف في آخره و هو من اصطلاحاتهم و هو الأقنوم الأول من الثالوث الهندي أي إن برهم ينبثق في نفسه في ثلاثة أقانيم كل مرة في أقنوم فالأقنوم الأول الذي يظهر به أول مرة هو برهما، و الثاني وشنو، و الثالث سيوا.
فلما انبثق برهما لبث مدة طويلة جالسا على سدرة تسمى بالهندية "كمالا" و بالسنسكريتية بدما، و كان ينظر من كل جهة، و كان له أربعة رءوس بثماني أعين فلم ير إلا فضاء واسعا مظلما مملوء ماء فارتاع لذلك و لم يقدر أن يدرك سر أصله فلبث ساكتا أبكم غارقا في التأملات.
فمضت على ذلك أجيال و إذا بصوت قد طرق أذنيه بغتة و نبهه من سباته و أشار عليه أن يفزع إلى "باغادان" و هو لقب برهم فظهر برهم بصورة رجل له ألف رأس فسجد له برهما و جعل يسبحه فانشرح صدر باغادان و أبدع النور و كشف الظلمات، و أظهر لعبده حالة كينونته و الكائنات بصور جراثيم متخدرة و أعطاه القوة لإخراجها من هذا الخمول.
فبقي برهما يتأمل في ذلك مائة سنة إلهية و هي عبارة عن ستة و ثلاثين ألف سنة شمسية ثم ابتدأ بالعمل فأبدع أولا سبع السماوات المسماة عندهم "سورغة" و أنارها بالأجرام المسماة "ديقانة" ثم أبدع "مريثلوكا" أي مقر الموت ثم الأرض و قمرها، ثم المساكن السبعة السفلى المسماة بتالة، و أنارها بثمانية جواهر موضوعة على رءوس ثماني حيات.
فالسماوات السبع و المساكن السفلى السبعة هي العوالم الأربعة عشر في الميثولوجيا الهندية.
ثم خلق الأزواج السبعة لكي تعينه في أعماله فامتنع من مساعدته عشرة منها و هي "موني" و الريشة التسعة التي منها "ناريدا أو نوردام" و اقتصرت على التأملات الدنيوية فتزوج حينئذ أخته "ساراسواتي" و أولدها مائة ولد، و كان البكر اسمه "دكشا" فولد لدكشا خمسون بنتا فتزوجت ثلاث عشرة منهن "كاسيابا" الذي يسمونه أحيانا برهمان الأول، و هو الذي ولد لبرهما ولدا يسمى مارتشي".
و ولدت إحدى البنات المذكورات و اسمها "أديتي" الأرواح المنيرة المسماة "ديقانة" و هي التي تفعل الخير و تسكن السماوات، و أما أختها "ديتي" فولدت جمهورا غفيرا من الأرواح الشريرة المسماة "داتينة" أو "أسورة" و هي سكان الظلام و فاعلة كل شر في العالم.
و كانت الأرض إلى ذلك الوقت خالية من السكان فقال بعضهم: إن برهما أخرج من نفسه "مانوسويامبوقا" الذي يقول الآخرون: إنه سابق له و إنه نفس برهم المعبود الواحد ثم إن برهما زوجه "ساتاروبا" و قال لهما أن يكثرا و ينميا.
و قال آخرون: إن برهما ولد أربعة أولاد و هم برهمان و كشتريا و قايسيا و سودارا فالأول خرج من فمه، و الثاني من ذراعه اليمنى، و الثالث من فخذه اليمنى و الرابع من رجله اليمنى فكانوا أربع أرومات لأربع فرق أصلية.
و تزوج الثلاثة الأخيرون بثلاث نساء منه أيضا خرجت واحدة من ذراعه اليمنى و الثانية من فخذه اليسرى، و الثالثة من رجله اليسرى، و سمين باسم بعولتهن بزيادة علامة التأنيث و هي "نى"، و تزوج برهمان أيضا زوجة من أبيه، و لكن كانت من نسل الأسورة الشريرة، فهذا ما في الفيداس عن كيفية خلق العالم.
ثم إن برهما بعد أن كان الإله الخالق القدير سقط عن رتبة وشنو الأقنوم الثاني و سيوا الأقنوم الثالث و ذلك أنه انتفخ بالكبرياء و العجب، و ظن نفسه نظير العلي فسقط في ناراك أي الجحيم، و لم ينل العفو إلا بشرط أن يتجسد مرة في كل من الأجيال الأربعة، فتجسد أول مرة بصورة غراب شاعر اسمه "كاكابوسندا" و في الثانية بصورة "بارباقلميكي" فكان أولا لصا ثم رجلا عبوسا رزينا نادما ثم ترجمانا مشهورا للفيداس و مؤلفا للراميانا، و في المرة الثالثة بصورة "قياسا" و هو شاعر و مؤلف "المهابارانا" و البغاقة و عدة بورانات، و في المرة الرابعة و هو العصر الحالي المسمى "كالييوغ" بصورة "كاليداسا" الشاعر التشخيصي العظيم و مؤلف "ساكنتالا" و منقح مؤلفات "قلميكي".
ثم إن برهما ظهر في ثلاث أحوال ففي، الحال الأولى كان الواحد الصمد و الكل الأعظم العلي، و في الحال الثانية ظهر منبثقا من الأول أي شارعا في العمل و في الحال الثالثة ظهر متجسدا بصورة إنسان و حكيم.
و ليس لبرهما عبادة عامة في الهند، و له هناك هيكل واحد فقط غير أن البراهمة يجعلونه موضوع عبادتهم، و يدعونه مساء و صباحا، و هم يرمون الماء ثلاث مرات براحة أيديهم على الأرض و نحو الشمس، و يجددون له عبادتهم وقت الظهر بتقديمهم له زهرة، و في تقديس النار يقدمون له سمنا مصفى كما يقدمون لإله النار، و هذا التقديس أهم و أقدس من كل ما سواه.
و اسمه هوم أو هوما و رغيب.
و يمثل برهما بصورة رجل ذي لحية طويلة بإحدى يديه سلسلة الكائنات و بالأخرى الإناء الذي فيه ماء الحياة السماوي راكبا الهمسا و هو الطير الإلهي الذي يشبه اللقلق و النسر.
و أما برهمان فهو ابن برهما البكر أخرجه من فيه كما تقدم، و جعل نصيبه أربعة الكتب المقدسة المسماة "فيداس" كناية عن الكلمات الأربع التي نطق بها بأفواهه الأربعة.
فلما أراد برهمان أن يتزوج نظير إخوته قال له برهما: إنك ولدت للدرس و الصلاة فيجب أن تبتعد عن العلاقات الجسدية فلم يقتنع برهمان بقول أبيه فغضب برهما و زوجه بواحدة من جنيات الشر المسماة أسورة، و من هذا ولد البراهمة و هم الكهنة المقدسون الذين خصوا بتفسير الفيداس، و كانوا يتولون أمر كل التقدمات التي يقدمها الهنود للآلهة.
و ولد كشتريا صنف الحربيين من البراهمة، و قايسيا صنف أهل الزراعة منهم، و سودرا صنف العبيد، فالبراهمة أربعة أصناف، انتهى ملخصا من دائرة المعارف للبستاني.
و ذكر غيره أن البرهمية منقسمة إلى طبقات أربع هم البراهمة علماء المذهب و الحربيون و الزراع و التجار، و لا يعبأ بغيرهم كالنساء و العبيد، و قد نقلنا في ذيل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] في الجزء السادس من الكتاب في بحث علمي عن كتاب ما للهند من مقولة لأبي ريحان البيروني شيئا من وظائف البراهمة و عباداتهم، و كذا عن الملل و النحل للشهرستاني شطرا من شرائع الصابئين.
و المذاهب الوثنية الهندية و كان الصابئين مثلهم أيضا مطبقون على القول بالتناسخ و هو أن العوالم غير متناهية من ناحيتي الأزل و الأبد و لكل منها حظا من البقاء مؤجلا فإذا انقضى أمد بقائه بطلت صورته و تولد منه عالم آخر يعيش فيموت فيحدث ثالث و هكذا، و النفوس الإنسانية المتعلقة بالأبدان لا تموت بموت أبدانها بل موت أبدانها مبدأ حياة جديدة لها فإنها تتعلق بأبدان أخر تعيش فيها عيشة سعيدة إن كسبت في بدنها السابق فضائل نفسانية و عملت عملا صالحا، و عيشة شقية إن تلبست بالرذائل و اقترفت السيئات إلا الكاملون في معرفة البرهم الله سبحانه فإنهم أحياء بحياة الأبد آمنون من التولد الثاني خارجون عن سلطان التناسخ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|