أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2015
1223
التاريخ: 16-12-2015
950
التاريخ: 14-12-2015
1069
التاريخ: 6-4-2016
1528
|
إنّ اللّه سبحانه وتعالى اتم نعمته على أهل الجنّة واعطاهم كل شيء ومن جملتها المضيّفون الذين يخدمونهم وبأعلى كيفية.
و«السُقاة» : وهم الذين يطوفون على أهل الجنّة ويسقونهم من الشراب الطهور.
إنّ حسن ظاهرهم ولطف باطنهم وصلاح خَلقهم وخُلقهم من الدرجة بحيث يجذب إليهم أهل الجنّة وينسيهم كل ما تحملوه من الآلام والمعاناة في الدنيا في سبيل اطاعة أوامر اللّه تعالى.
ولقد تحدث القرآن الكريم في آيات عديدة عن (الغلمان) و (الولدان المخلدون) ووصفهم بأجمل الأوصاف.
إنّ التعابير الواردة في هذا الصدد، وكسائر المواهب والعطايا الإلهيّة متنوعة ومختلفة، فقد جاء تعبير «غلمان» في قوله تعالى : {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ}(الطور/ 24).
تعبير (يطوفُ) (مع ملاحظة كونه فعل مضارع يفيد الاستمرار) دليل على أنّ طوافهم حول أهل الجنّة طواف دائمي.
«لؤلؤٌ مكنون» : وصف للخدمة، فهم في حسنهم وصباحتهم وصفائهم وبياضهم كاللؤلؤ المصون في الصدف، أو الذي اخرج تواً من الصدف.
صحيح أنّ الجنّة- حسب التعابير الواردة في الآيات والروايات- لا تحتاج إلى خدم، وكل ما يريد أهل الجنّة مهيأ وجاهز، ولكن هذا يعبّر عن مقدار الاحترام والاكرام المنقطع النظير لأهلها من قبل الخدم.
ولو أنّ هذه الآية لم تخبر صراحة، عن علّة طوافهم، ولكن الآيات التي بعدها أشارت إلى أنّ مهمتهم تتعلق بخدمة وتضييف أهل الجنّة بأنواع الأشربة والشراب الطهور، ومختلف الأغذية.
التعبير ب (لهم) يدل على أنّ لكل واحدٍ من أهل الجنّة خدماً خاصين به، وقيل : ليس على الغلمان مشقة في خدمة أهل الجنّة بل لهم في ذلك اللذة والسرور إذ ليست تلك الدار دار محنة.
وقد نقل الكثير من المفسِّرين هذا الحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : قيل يا رسول اللّه الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم؟ فقال : «والذي نفسي بيده إنّ فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» «1».
ومن الجدير بالذكر أنّ (الغلمان) جمع غلام وتعني في اللغة (الصبي) لا العبد «2».
ومن البديهي أنّ الأفراد بهذا السن يتمتعون بالنشاط والحيوية والجدية.
وذكر القرآن الكريم تعبيراً آخر بخصوص الخدم وهو «ولدان»، قال تعالى : {يَطُوفُ عَلَيهِمْ وِلدَانٌ مُّخَلَّدُونَ* بِأَكوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّنْ مَّعِينٍ} (الواقعة/ 17- 18).
«ولدان» : جمع «وليد» بمعنى (مولود)، وهنا بمعنى (الغلام) وما ذهب إليه البعض من كونهم صغار المؤمنين يخدمون آباءهم فهو بعيد «3»، وذلك لأنّهم إن كانوا مؤمنين فهم يُخدمون لا أنّهم خدم للآخرين، وإن كانوا غير مؤمنين فلا سبيل لهم.
وتعبير (مخلدون) إشارة إلى بقائهم على حالهم فيبقون صغاراً دائماً لا يكبرون ولا يلتحون فهم على هيئتهم من حداثة السن والنشاط والحيوية.
ولقد ورد نفس هذا التعبير بتوضيح أكثر وألطف، قال تعالى : {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلدَانٌ مُّخَلَّدُونَ اذَا رَأَيْتَهُم حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} (الإنسان/ 19).
وهذا شاهد آخر على أنّ المراد من (ولدان) هو نفس (الغلمان) الذين وصفتهم الآيات السابقة ب (لؤلؤ مكنون)، وهنا وصفتهم هذه الآية ب (لؤلؤ منثور).
ولقد احتمل الكثير من المفسرين أنّ هؤلاء الغلمان هم أطفال المشركين والمؤمنين الذين رجحت كفة سيئاتهم، فلم يؤاخذهم اللَّه سبحانه بأعمال آبائهم ولكن جعلهم خدماً لأهل الجنّة وهم مسرورون بذلك.
ولو أخذنا بنظر الاعتبار ما أشرنا إليه سابقاً في تضعيف هذا الاحتمال، وما الرواية التي نقلت في هذا المجال إلّا رواية مرسلة لا أكثر.
وجاء في تعبير آخر (بصيغة المبني للمجهول) يشير إلى المضيفين في الجنّة، قال تعالى :
{يُطَافُ عَلَيهِم بِكَأسٍ مِّنْ مَّعِينٍ} (الصافات/ 45).
ولقد ورد شبيه هذا المعنى بشيء من التفاوت كدليل على تنوع الموائد في الجنّة في قوله تعالى : {وَيُطَافُ عَلَيهِمْ بِآنِيَةٍ مِّنْ فِضَّةٍ وَأَكوَابٍ كَانَت قَوَارِيرَاْ}. (الدهر/ 15)
ونقرأ تعبيراً آخر في قوله تعالى : {يُطَافُ عَلَيهِم بِصِحَافٍ مِّنْ ذَهَبٍ وَأَكوَابٍ}. (الزخرف/ 71)
«صحاف» : جمع «صحفه» وعلى قول الزمخشري (طبق ما جاء في مصباح اللغة) : إناء مستطيل (كبير)، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار المادة الأصلية للكلمة والتي تعني الانبساط والاستواء، فيمكن أن يكون إشارة إلى إناء يشبه (الصينية).
و «أكواب» : جمع (كوب) وهو إناء للشراب لا عروة فيه وقد يعبر عنه ب (القدح) أحياناً.
والجدير بالذكر وعلى قول بعض المفسِّرين (صحاف) (جمع كثرة) و «أكواب» جمع «قلة»، وهذا يعود إلى أن تنوع الأغذية وصحافها أكثر من تنوع المشروبات وأكوابها «4»، وتقتضي فصاحة القرآن التطرق حتى لمثل هذه الجزئيات، (تأمل).
وأخيراً، ولو أنّ هذه الآيات الأخيرة لم تبيّن أوصاف المضيّفين، ولكن يمكن أن تفسرها الآيات السابقة وتدلل عليهم وعلى مواصفاتهم.
__________________________
(1). راجع تفاسير مجمع البيان؛ روح الجنان؛ روح البيان؛ القرطبي؛ و الكشاف ذيل الآية مورد البحث.
(2). لقد كتب الكثير من أرباب اللغة في تفسيرها «الغلام هو الطار الشارب» (مقاييس اللغة، المفردات، لسان العرب).
(3). تفسير الكبير، ج 29، ص 149 ذكر هذا الاحتمال في تفسيره واستبعده.
(4). تفسير روح المعاني، ج 25، ص 90.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|