أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2023
![]()
التاريخ: 22-9-2016
![]()
التاريخ: 22-6-2017
![]()
التاريخ: 29/10/2022
![]() |
للنسيان ثلاثة معان :
1 النسيان اللغوي العرفي : بمعنى زوال صورة الشيء المادي أو الفكرة أو الشعور من ذهن الإنسان زوالا وقتيا أو نهائيا . وهو تارة نسيان بسيط ينسى الإنسان فيه الصورة ويتذكر أنه ناس لصورة ، وتارة مركب حيث ينسى الإنسان الصورة وينسى أنه ناس لصورة . وهذا النسيان ظاهرة عامة في الجنس البشري وتفاوت الناس فيه غير كبير في العادة ، وهو ينشأ عن عوامل متعددة ترجع بالنتيجة إلى محدودية استيعاب الذهن البشري، على أن طاقة ذهن الإنسان على الاستيعاب هائلة.
وقد رفع الله تعالى مسؤولية الإنسان عن النسيان بهذا المعنى ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله : " رفع عن أمتي تسع : الخطأ ، والنسيان ، وما اضطروا إليه ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يطيقون . . الخ " .
وقد يقال : إن النسيان أمر غير إرادي فهو داخل في قوله صلى الله عليه وآله : وما لا يطيقون ، فكيف عد أمرا مستقلا في الحديث الشريف ؟
والجواب : أن الأمر المنسي وإن كان التكليف به بالنتيجة تكليفا بغمر المقدور وهو داخل في " ما لا يطيقون " ولكن يمكن تكليف لم الإنسان بمقدمات النسيان الإرادية بأن يحصن معلوماته ويرفع مستوى تذكره واستحضاره للأمور إلى الحد الذي تراه الشريعة المقدسة ضروريا . إن نسبة كبيرة من مقدمات النسيان داخلة تحت إرادة الإنسان ، ولما كان من حق الشريعة وضع التكليف بشأنها كان من سماحتها رفعه كما نص الحديث الشريف .
2 - النسيان بالمعنى الفلسفي المتبنى لأفلاطون والفلاسفة الذين أخذوا بنظريته في الاستذكار والمثل . ومحصل هذه النظرية أن الإنسان كان قبل وجوده على الأرض يعيش في عالم مجرد غير مادي هو عالم المثل ، وكان وعيه واستحضاره للأشياء والأفكار كاملا ، ولكنه بهبوط روحه وحلولها في الجسد يفقد معلوماته دفعة واحدة . ثم يبدأ باستعادة بعض معلوماته وتذكرها .
وقد أخذ بهذه الفرضية أكثر الفلاسفة المسلمين ، ما عدا صدر المتألهين الشيرازي قدس سره الذي توصل إلى نظرية الحركة الجوهرية الشهيرة القاضية بأن روح الإنسان وجسده مخلوقان من التراب وقد مرا بحركة داخلية في جوهرهما وافترقا في نوع النمو والتطور فخرجت النفس عن قواعد المادة المعروفة وبقي الجسم خاضعا لهذه القواعد ، ولكنهما بقيا مؤتلفين منسجمين .
وهذه النظرية في وحدة أصل الروح والجسد المنسجمة مع آيات القرآن الكريم في خلق الإنسان من تراب تقضي بأن المعلومات تحدث للإنسان بتوفر شروطها من نمو الجسد والنفس ، وليست استرجاعا واستذكارا لما كان يعلمه من قبل ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) النحل 78 .
3 النسيان بالمعنى القرآني : وقد ورد استعمال النسيان في القرآن الكريم بالمعنى العرفي المتقدم كقوله تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت ) ( لا يضل ربي ولا ينسى ).
لكنا نقصد بالمعنى القرآني المعنى الآخر للنسيان الذي وردت الآيات الكريمة في ذمه والنهي عنه والتحذير من العقاب الخطير الذي يترتب عليه .
قال الله عز وجل: ( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) 19 الحشر .
( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ) 57- الكهف.
( كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) 126 طه .
( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ) 34 الجاثية .
وهذا المعنى من النسيان الذي يرد كثيرا في آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة الشريفة في مقابل " الذكر والتذكر " ينبغي أن نسميه " النسيان العملي " وهو يختلف عن النسيان العرفي المسموح به في الإسلام ، كما أنه لا يتصل في شيء بالنسيان الأفلاطوني .
والنسيان بالمعنى العملي مبني على أساس النظرة الإسلامية للإنسان التي تقضي بأن الإنسان مزود بفطرة وعقل ، يدفعانه لأن يعرف عددا من الحقائق ويعمل وفقها ، وأول هذه الحقائق أن يعرف ربه وشريعته المنزلة إليه . فإذا لم يسلك الإنسان هذا الطريق الطبيعي في المعرفة والعمل فهو معرض عن الحقائق التي أمامه وناس لها، وإذا سلك هذا المنهج في المعرفة والعمل فهو متذكر .
فالتذكر والنسيان بهذا المفهوم عملان إراديان للإنسان ، وسلوكان يواجه بهما الحقائق التي يملك قوة الاهتداء إليها في فطرته وعقله .
أما لماذا سمى القرآن الكريم السلوك السلبي نسيانا مع أنه مخالفة متعمدة للفطرة والعقل وإعراض متعمد عن الحقائق القائمة . ؟ فالذي يبدو من نصوص الإسلام أن اختيار التسمية أو المصطلح ليس فقط بسبب أن هذا السلوك السلبي والإعراض إهمال وتناس بل لأنه ينتج عنه نسيان حقيقي عملي ونظري ، فالمعرضون والغافلون والناسون لربهم تعالى ولما قدمت أيديهم ولليوم الآخر ، وهم ناسون حقيقة . ولكنه نسيان مدان إسلاميا لأنه ثمرة طبيعية لمخالفة نداء الفطرة والعقل ثم نداء أوامر الله ونواهيه .
وهذا " النسيان " الخطير على شخصية الإنسان مرة يكون في أصل الإيمان بالله تعالى ورسالته فيكون مساويا للكفر والنفاق . . ومرة يكون في تطبيقات الشريعة على السلوك فيكون مساويا للمعاصي والذنوب من المسلمين ، كما في قوله تعالى عن المؤمنين ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) 286 البقرة .
وكل منهما درجات متعددة يمكن ملاحظتها في مادة " نسي " و " ذكر " في القرآن الكريم .
وهكذا يكون مفهوم التذكر والنسيان قضية أساسية يجعلها الله تعالى مصطلحا ويطرح الإسلام من زاويتها ويسميه " ذكرا " ويسمي المستجيبين له " متذكرين " ويسمي الكافرين به والمنحرفين عنه " ناسين " .
|
|
هدر الطعام في رمضان.. أرقام وخسائر صادمة
|
|
|
|
|
كالكوبرا الباصقة.. اكتشاف عقرب نادر يرش السم لمسافات بعيدة
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقيم عددًا من المجالس الرمضانية بمحافظة نينوى
|
|
|