المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6438 موضوعاً
علم الحديث
علم الرجال

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Exsecant
9-10-2019
أبو القاسم بن زين العابدين بن أبي القاسم الطّهراني.
28-7-2016
صمغ الزانثان Xanthan Gum
25-9-2020
تفريغ بلازمي متقارِن حثيًّا inductively-coupled plasma discharge
13-5-2020
/θ, ð/
2024-02-14
علي بن طلحة بن كِردان النحوي
29-06-2015


معرفة الحسن من الحديث  
  
52   08:30 صباحاً   التاريخ: 2025-03-02
المؤلف : عثمان بن عبد الرحمن المعروف بـ(ابن الصلاح)
الكتاب أو المصدر : معرفة أنواع علوم الحديث ويُعرَف بـ(مقدّمة ابن الصلاح)
الجزء والصفحة : ص 99 ـ 111
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الحديث / علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة) /

مَعْرِفَةُ الْحَسَنِ (1) مِنَ الحَدِيْثِ:

رُوِّينا عَنْ أبي سُليمانَ الخطَّابيِّ - رحمَهُ اللهُ - أنَّهُ قالَ - بعدَ حكايتِهِ -: إنَّ الحديثَ عِندَ أهلِهِ ينقسِمُ إلى الأقسامِ الثلاثةِ التي قدَّمنا ذِكْرَها: ((الحسَنُ: ما عُرِفَ مَخْرَجُهُ (2) واشتَهَرَ رِجَالُهُ)) (3) - قالَ -: ((وعليهِ مَدَارُ أكثَرِ الحديْثِ وهوَ الذي يَقْبَلُهُ (4) أكثَرُ(5) العلماءِ، ويستعمِلُهُ عامَّةُ الفقهاءِ)) (6).

ورُوِّينا عَنْ أبي عيسى التِّرمِذِيِّ - رضي الله عنه - أنَّهُ يريدُ بالحسَنِ: ((أنْ لاَ يكونَ في إسنادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بالكَذبِ، ولاَ يكونَ حديثاً شاذّاً، ويُروَى مِنْ غيرِ وجهٍ نحوَ ذلكَ(7))(8).

وقالَ بعضُ المتأخِّرينَ (9): ((الحديثُ الذي فيهِ ضَعْفٌ قريبٌ مُحتَملٌ هو الحديثُ الحسنُ، ويَصْلُحُ للعملِ بهِ)).

قلتُ: كُلُّ هذا مُسْتَبْهَمٌ لا يَشْفِي الغليلَ، وليسَ فيما ذَكَرَهُ التِّرمذيُّ والخطَّابيُّ ما يَفْصِلُ الحسَنَ مِنَ الصحيحِ. وقدْ أمعَنْتُ (10) النَّظَرَ في ذلكَ والبحثَ جامعاً بينَ أطرافِ كلامِهِم، ملاحظاً مواقعَ استعمالِهم؛ فتنَقَّحَ لي (11) واتَّضَحَ أنَّ الحديثَ الحسَنَ قِسْمانِ(12):

أحدُهُما: الحديثُ الذي لا يخلو رجالُ إسنادِهِ مِنْ مستورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أهليَّتُهُ، غيرَ أنَّهُ ليسَ مُغَفَّلاً كثيرَ الخطأِ فيما يَرْويهِ، ولا هوَ متَّهَمٌ بالكذبِ في الحديثِ، أي: لَمْ يَظهرْ منهُ تَعمُّدُ (13) الكذبِ في الحديثِ ولا سببٌ آخرُ مفسِّقٌ، ويكونُ متنُ الحديثِ معَ ذلكَ قد عُرِفَ بأنْ رُوِيَ مِثْلُهُ أو نحوُهُ مِنْ وجهٍ آخرَ أو أكثرَ، حتَّى اعتضَدَ بمتابعةِ مَنْ تابعَ راويَهُ على مثلِهِ، أو بما لَهُ مِنْ شاهِدٍ، وهوَ ورُودُ حديثٍ آخرَ بنحوِهِ، فيَخْرُجُ بذلكَ عَنْ أنْ يكونَ شاذّاً ومُنْكَراً. وكلامُ الترمِذِيِّ على هذا القسمِ يتَنَزَّلُ.

القسمُ الثاني: أنْ يكونَ راوِيْهِ مِنَ المشهورينَ بالصدقِ والأمانةِ، غيرَ أنَّهُ لَمْ يبلغْ درجَةَ رجالِ الصحيحِ؛ لكونِهِ يقصُرُ عنهم في الحفظِ والإتقانِ، وهو معَ ذلكَ يرتفِعُ عَنْ حالِ مَنْ يُعَدُّ ما ينفرِدُ بهِ مِنْ حديثِهِ مُنكراً، ويُعْتَبَرُ في كلِّ هذا معَ سلامةِ الحديثِ مِنْ أنْ يكونَ شاذّاً ومُنكَراً (14): سلاَمَتُهُ مِنْ أنْ يكونَ معلَّلاً. وعلى القسمِ الثاني يتَنَزَّلُ كلامُ الخطَّابيِّ.

فهذا الذي ذكرناهُ جامعٌ لِمَا تفرَّقَ في كلامِ مَنْ بَلَغنا كلامُهُ في ذلكَ (15)، وكأنَّ الترمذيَّ ذَكَرَ أحدَ نَوْعَيِ الحسَنِ، وذَكَرَ الخطَّابيُّ النوعَ الآخرَ، مُقْتصِراً كلُّ واحدٍ منهما على ما رأى أنَّهُ يُشْكِلُ، مُعْرِضاً عمَّا رأى أنَّهُ لا يُشْكِلُ أو أنَّهُ غَفَلَ عَنْ البعضِ وذهلَ (16)، واللهً أعلمُ، هذا تأصيلُ ذلكَ، ونُوضِحُهُ بتنبيهاتٍ وتفريعاتٍ:

أحدُها: الْحَسَنُ يتقاصَرُ عَنِ الصحيحِ (17) في أنَّ الصحيحَ مِنْ شرطِهِ: أنْ يكونَ جميعُ رواتِهِ قَدْ ثَبَتَتْ عدالَتُهُم وضَبْطُهُم وإتقانُهُم؛ إمَّا بالنقلِ الصريحِ أو بطريقِ الاستفاضةِ عَلَى مَا سنبيِّنُهُ - إنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى -، وذلكَ غيرُ مُشتَرَطٍ في الحسَنِ؛ فإنَّهُ يُكْتَفَى فيهِ بما سبقَ ذِكْرُهُ مِنْ مجيءِ الحديثِ مِنْ وجوهٍ، وغيرِ ذلكَ ممَّا تقدَّمَ شرحُهُ(18).

وإذا اسْتَبْعَدَ ذلكَ من الفقهاءِ الشافعيةِ مستبعدٌ ذَكَرْنا لهُ نصَّ الشافعيِّ - رضي الله عنه - في مراسيلِ التابعينَ أنَّهُ يُقبَلُ منها المرسلُ الذي جاءَ نحوُهُ مسنَداً، وكذلكَ لو وافقَهُ مُرسلٌ آخرُ أرسلَهُ مَنْ أخذَ العلمَ عَنْ (19) غيرِ رجالِ التابعيِّ (20) الأوَّلِ في كلامٍ لهُ ذكرَ فيهِ وجوهاً مِنَ الاستدلالِ على صِحَّةِ مَخرجِ المرسلِ بمجيئِهِ (21) مِنْ وجهٍ آخرَ (22)، وذكرنا لهُ أيضاً ما حكاهُ الإمامُ أبو الْمُظَفَّرِ السَّمْعانيُّ وغيرُهُ عَنْ بعضِ(23) أصحابِ الشافعيِّ مِنْ أنَّهُ تقبلُ روايةُ المستورِ وإنْ لَمْ تُقبلْ شهادةُ المستورِ(24)؛ ولذلكَ وجهٌ متَّجِهٌ، كيفَ وإنَّا لَمْ نكْتَفِ في الحديثِ الحسَنِ بمجرَّدِ روايةِ المستورِ على ما سبقَ آنِفاً؟ واللهُ أعلمُ.

الثاني: لعلَّ الباحثَ الفَهِمَ يقولُ: إنَّا نجدُ أحاديثَ محكوماً بضَعْفِها معَ كونِها قدْ رُويَتْ بأسانيدَ كثيرةٍ مِنْ وجوهٍ عديدةٍ، مثلُ حديثِ (25): ((الأُذُنانِ مِنَ الرَّأسِ)) (26) ونحوِهِ، فهلاَّ جَعَلْتُم ذلكَ وأمثالَهُ مِنْ نوعِ الحسَنِ؛ لأنَّ بعضَ ذلكَ عَضَدَ بَعْضاً، كما قلتُم في نوعِ الحسَنِ على ما سبقَ آنفاً.

وجوابُ ذلكَ أنَّهُ ليسَ كلُّ ضَعْفٍ في الحديثِ يزولُ بمجيئِهِ مِنْ وجوهٍ، بلْ ذلكَ يتفاوتُ: فمنهُ (27) ضَعْفٌ يُزيلُهُ ذلكَ، بأنْ يكونَ ضَعْفُهُ ناشئاً مِنْ ضَعْفِ حفظِ راويهِ مَعَ كونِهِ مِنْ أهلِ الصِّدقِ والديانةِ. فإذا رأينا ما رواهُ قدْ جاءَ مِنْ وجهٍ آخرَ، عَرَفنا أنَّهُ ممَّا قدْ حفظَهُ، ولَمْ يختلَّ فيهِ ضبطُهُ لهُ. وكذلكَ إذا كانَ ضَعْفُهُ مِنْ حيثُ الإرسالُ، زالَ بنحوِ ذلكَ، كما في المرسلِ الذي يُرسِلُهُ إمامٌ حافظٌ، إذ فيهِ ضَعْفٌ قليلٌ يزولُ بروايتِهِ منْ وجهٍ آخرَ، ومِنْ ذلكَ ضَعفٌ لا يزولُ بنحوِ ذلكَ لقوّةِ الضَّعْفِ وتقاعدِ هذا الجابرِ عَنْ جَبْرِهِ ومقاومَتِهِ، وذلكَ كالضَّعْفِ الذي ينشأُ مِنْ كونِ الراوي متَّهَماً بالكذِبِ أو كونِ الحديثِ شاذّاً. وهذهِ جملةٌ تفاصيلُها تُدْرَكُ بالمباشرةِ والبحثِ، فاعلمْ ذلكَ فإنَّهُ مِنَ النَّفائِسِ العزيزةِ، واللهُ أعلمُ (28).

الثالثُ: إذا كانَ راوي الحديثِ متأخِّراً عَنْ درجةِ أهلِ الحفظِ والإتقانِ غيرَ أنَّهُ مِنَ المشهورينَ بالصِّدْقِ والسِّتْرِ ورُوِيَ معَ ذلكَ حديثُهُ مِنْ غيرِ وجهٍ فقدِ اجتمعتْ لهُ القوَّةُ مِنَ الجهتينِ، وذلكَ يُرقِّي حديثَهُ مِنْ درجةِ الحسَنِ إلى درجةِ الصحيحِ.

مثالُهُ: ((حديثُ محمّدِ بنِ عَمْرٍو، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - قالَ: ((لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتِي لأَمَرْتُهُم بالسِّواكِ عِنْدَ كُلِّ صلاةٍ)) (29). فمحمّدُ بنُ عمرِو بنِ علقَمةَ مِنَ المشهورينَ بالصِّدْقِ والصِّيانةِ(30)، لكنَّهُ لَمْ يكنْ مِنْ أهلِ الإتقانِ، حتَّى ضَعَّفَهُ بعضُهُم مِنْ جِهةِ سُوءِ حفظِهِ، ووثَّقَهُ بعضُهُم؛ لِصِدْقِهِ وجلالَتِهِ، فحديثُهُ مِنْ هذهِ الجهةِ حَسَنٌ، فلمَّا انضمَّ إلى ذلكَ كونُهُ رُويَ مِنْ أوجهٍ أُخَرَ (31)، زالَ بذلكَ ما كنَّا نخشاهُ عليهِ مِنْ جهةِ سوءِ حفظِهِ، وانجبرَ بهِ ذلكَ النقصُ اليسيرُ، فصحَّ هذا الإسنادُ والتحقَ بدرجةِ الصحيحِ (32)، واللهُ أعلمُ.

الرابعُ: كتابُ أبي عيسى التِّرمِذيِّ -رَحِمَهُ اللهُ - أصلٌ في معرفةِ الحديثِ الحسَنِ، وهو الذي نَوَّهَ باسمِهِ وأكثرَ مِنْ ذِكْرِهِ في " جامِعِهِ ". ويوجدُ في متفرّقاتٍ منْ كلامِ بعضِ مشايخِهِ، والطبقةِ التي قبلَهُ كأحمدَ بنِ حنبلٍ، والبخاريِّ، وغيرِهِما (33) وتختلفُ النُّسَخُ مِنْ كتابِ الترمذيِّ في قولِهِ: ((هذا حديثٌ حسَنٌ))، أو ((هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ))، ونحوِ ذلكَ (34). فيَنْبَغِي أنْ تُصَحِّحَ أصلَكَ بهِ (35) بجماعةِ أصولٍ وتعتمدَ على ما اتَّفَقَتْ عليهِ.

ونصَّ الدَّارَقطنيُّ في " سُنَنِهِ " على كثيرٍ مِنْ ذلكَ (36). ومِنْ مظَانِّهِ (37) " سننُ أبي داودَ " السِّجستانيِّ (38) - رَحِمَهُ اللهُ - رُوِّيْنا عنهُ أنَّهُ (39) قالَ: ((ذكرْتُ فيهِ الصحيحَ، وما يُشْبِهُهُ ويُقَارِبُهُ)) (40). ورُوِّيْنا عنهُ أيضاً ما معناهُ أنَّهُ يذكرُ في كلِّ بابٍ أصحَّ ما عَرَفَهُ في ذلكَ البابِ. وقالَ: ((ما كانَ في كتابي مِنْ حديثٍ فيهِ وَهْنٌ شديدٌ فقدْ بيَّنْتُهُ (41) وما لَمْ أذكرْ فيهِ شيئاً فهوَ صالِحٌ، وبعضها أصحُّ مِنْ بعضٍ))(42).

قلتُ: فعلى هذا ما وجدناهُ في كتابِهِ مذكوراً (43) مطلقاً وليسَ في واحدٍ مِنَ الصحيحينِ، ولا نصَّ على صِحَّتِهِ أحدٌ ممَّنْ يُمَيِّزُ بينَ الصحيحِ والحسَنِ، عرَّفناهُ بأنَّهُ مِنَ الحسَنِ عِندَ أبي داودَ (44)، وقدْ يكونُ في ذلكَ ما ليسَ بحسنِ عندَ غيرِهِ (45)، ولا مندرجٍ فيما حقَّقنا ضَبْطَ الحسَنِ بهِ على ما سبقَ، إذْ حكى أبو عبدِ اللهِ بنِ مَنْده(46) الحافظُ: أنَّهُ سَمِعَ محمّدَ بنَ سَعْدٍ الباوَرْدِيَّ بمصرَ يقولُ: ((كانَ مِنْ مذهبِ أبي عبدِ الرحمانِ النَّسائيِّ أنْ يُخرِجَ عَنْ كلِّ مَنْ لَمْ يُجمَعْ على تركِهِ)) (47)، قالَ ابنُ مَنْده:((وكذلكَ أبو داودَ السِّجِسْتانيُّ يأخذُ مأخَذهُ ويُخَرِّجُ الإسنادَ الضعيفَ إذا لَمْ يجدْ في البابِ غيرَهُ؛ لأنَّهُ أقوى عِنْدَهُ مِنْ رأي الرِّجالِ)) (48)، واللهُ أعلمُ.

الخامسُ: ما صارَ إليهِ صاحبُ " المصابيحِ " -رحمهُ اللهُ- مِنْ تقسِيْمِ أحاديثِهِ إلى نوعينِ: الصِّحَاحِ، والحِسَانِ، مُريداً بالصِّحَاحِ: ما وردَ في أحدِ الصحيحينِ أو فيهما، وبالحِسَانِ: ما أوردَهُ أبو داودَ والتِّرمذيُّ وأشباهُهما في تصانيفِهِم (49)، فهذا اصطلاحٌ لا يُعْرَفُ، وليسَ الحسَنُ عِندَ أهلِ الحديثِ عبارةً عَنْ ذلكَ. وهذهِ (50) الكُتُبُ تشتملُ على حَسَنٍ وغيرِ حَسَنٍ كما سَبَقَ بيانُهُ، واللهُ أعلمُ (51).

السادسُ: كُتُبُ المسانِدِ (52) غيرُ مُلْتَحِقةٍ بالكتبِ الخمسةِ التي هيَ: " الصحيحانِ " و" سننُ أبي داودَ " و" سننُ النَّسائيِّ " و" جامعُ التِّرمذيِّ "، وما جَرَى مَجْرَاها في الاحتجاجِ بها والرُّكُونِ إلى ما يورَدُ فيها مُطلقاً، كـ " مُسْنَدِ أبي داودَ الطيالسيِّ " (53) و" مُسْنَدِ عُبيدِ اللهِ بنِ موسى " (54) و" مُسندِ أحمدَ بنِ حنبلٍ " (55) و" مسندِ إسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ " (56) و" مسندِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ " و" مسندِ الدَّارميِّ " (57) و" مسندِ أبي يعلى الموصلِيِّ " و" مسندِ الحسنِ بن سُفيانَ " و" مسندِ البزَّارِ أبي بكرٍ " (58)، وأشباهِها، فهذهِ عادتُهُم فيها أنْ يُخَرِّجُوا في مُسندِ كُلِّ صحابيٍّ ما رَوَوهُ مِنْ حديثِهِ غَيْرَ مُتَقيِّدينَ بأنْ يكونَ حديثاً محتَجّاً بهِ؛ فلهذا تأخَّرَتْ مرتبَتُها - وإنْ جَلَّتْ لِجلالةِ مؤلِّفيها - عنْ مرتبةِ الكُتُبِ الخمسةِ وما التحقَ بها مِنَ الكُتُبِ المصنَّفَةِ على الأبوابِ، واللهُ أعلمُ.

السابعُ: قولُهُم: ((هذا (59) حديثٌ صحيحُ الإسنادِ أو حسنُ الإسنادِ)) دونَ قولِهِم: ((هذا حديثٌ صحيحٌ أو حديثٌ حسَنٌ))؛ لأنَّهُ قَدْ يُقالُ: ((هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ)) ولا يصحُّ؛ لكونِهِ شاذّاً أو معلَّلاً غيرَ أنَّ المصنِّفَ المعتمدَ منهم إذا اقتصَرَ على قولهِ: إنَّهُ صحيحُ الإسنادِ ولَمْ يَذكرْ لهُ عِلَّةً، ولَمْ يَقدحْ فيهِ فالظاهِرُ منهُ الحكمُ لهُ بأنَّهُ صحيحٌ في نفسِهِ؛ لأنَّ عَدَمَ العلَّةِ والقادِحِ هوَ الأصلُ والظاهرُ (60)، واللهُ أعلمُ.

الثامِنُ: في قولِ الترمذيِّ وغيرِهِ: ((هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)) (61) إشكالٌ؛ لأنَّ الْحَسَنَ قاصِرٌ عَنِ الصحيحِ كما سبقَ إيضاحُهُ، ففي الْجَمْعِ بينهما في حديثٍ واحدٍ جَمْعٌ بينَ نَفْيِ ذلكَ القصورِ وإثباتِهِ؟! وجوابُهُ: أنَّ ذلكَ راجعٌ إلى الإسنادِ، فإذا رُويَ الحديثُ الواحدُ بإسنادينِ، أحدُهما إسنادٌ حَسَنٌ والآخرُ إسنادٌ صحيحٌ، استقامَ أنْ يقالَ فيهِ: إنَّهُ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، أي (62) إنَّهُ حسَنٌ بالنسبةِ إلى إسنادٍ صحيحٌ بالنسبةِ إلى إسنادٍ آخرَ. على أنَّهُ غيرُ مُسْتَنكَرٍ أنْ يكونَ بعضُ مَنْ قالَ ذلكَ، أرادَ بالحسنِ معناهُ اللغويَّ، وهو ما تَمِيلُ إليهِ النَّفْسُ ولا يأباهُ القلبُ، دونَ المعنى الاصطلاحيِّ الذي نحنُ بصَدَدِهِ، فاعلمْ ذلكَ، واللهُ أعلمُ.

التاسعُ: مِنْ أهلِ الحديثِ مَنْ لا يُفردُ نوعَ الحسَنِ ويجْعَلُهُ مُندرِجاً في أنواعِ الصحيحِ؛ لاندراجِهِ في أنواعِ مَا يُحتجُّ بهِ (63)، وَهُوَ الظاهرُ مِنْ كلامِ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ الحافظِ في تصرفاتِهِ، وإليهِ يومئُ في تسميتِهِ كتابَ الترمذيِّ بـ"الجامعِ الصحيحِ"(64).

وأطلقَ الخطيبُ أبو بكرٍ أيضاً عليهِ اسمَ الصحيحِ، وعلى كتابِ النَّسائيِّ. وذكرَ الحافظُ أبو طاهرٍ السّلَفيُّ (65) الكتبَ الخمسةَ (66) وقالَ: ((اتَّفَقَ على صِحَّتِها علماءُ الشرقِ والغربِ)) (67). وهذا تساهلٌ؛ لأنَّ فيها ما صرَّحُوا بكونِهِ ضعيفاً أو منكراً أو نحوَ ذلكَ مِنْ أوصافِ الضعيفِ. وصرَّحَ أبو داودَ فيما قدَّمْنا روايتَهُ عنهُ بانقسامِ ما في كتابِهِ إلى صحيحٍ وغيرِهِ، والترمذيُّ مُصَرِّحٌ فيما (68) في كتابِهِ بالتمييزِ بينَ الصحيحِ والحسَنِ. ثُمَّ إنَّ مَنْ سَمَّى الحسَنَ صحيحاً لا يُنكِرُ أنَّهُ دونَ الصحيحِ الْمُقَدَّمِ الْمُبَيَّنِ أوَّلاً، فهذا إذنْ اختلافٌ في العبارةِ دونَ المعنى، واللهُ أعلمُ.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في الحسن:

إرشاد طلاب الحقائق 1/ 137 - 152، والتقريب: 42 - 49، والاقتراح: 162، والمنهل الروي: 35، والخلاصة: 38، والموقظة: 26، واختصار علوم الحديث: 37، والمقنع 1/ 83، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 177، ونزهة النظر: 91، والمختصر: 73، وفتح المغيث 1/ 61، وألفية السيوطي: 15 - 19، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 126، وفتح الباقي 1/ 84، وتوضيح الأفكار 1/ 154، وظفر الأماني: 174، وقواعد التحديث: 105.

(2) بفتح الميم والراء، بمعنى خروجه، وهو: رجاله الراوون له؛ لأنه خَرَجَ مِنْهُمْ. قواعد التحديث: 219. وَقَالَ البقاعي: ((رِجَالُهَ الذين يدور عَلَيْهِمْ، فكل واحد من رِجَال السَّنَد ((مَخْرَج)) خَرَجَ مِنْهُ

الحَدِيْث)). النكت الوفية 59 ب.

(3) اعترض غير واحد من العلماء على هذا التعريف، وعلى تعريف الحسن عموماً، انظر: نكت الزركشي 1/ 304، والتقييد والإيضاح 43، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 177 مع تعليقاتنا هناك، ونكت

ابن حجر 1/ 385، وقد أطال السيوطي النفس فيه في كتابه البحر الذي زخر 3/ 950 فما بعدها.

(4) في (ب): ((تقبله)).

(5) سقطت من (جـ).

(6) معالم السنن 1/ 11. وهذا التعريف نقله الحافظ المزي في تهذيب الكمال 1/ 10.

(7) في (ع): ((ذاك)).

(8) الجامع الكبير 6/ 251 (العلل).

وللزركشي تعليق لطيف هنا، رأينا أن ننقل بعضه، قال رحمه الله 1/ 307: ((قوله أن لا يكون في إسناده من يتّهم بالكذب. احترز به عمّا في سنده متّهم، فإنّه ضعيف. وقوله: ((مَن لا يتّهم بالكذب)): يتناول مشهور العدالة، لكنّه غير مراد، بل المراد المستور. واحترز بقوله: ((ولا يكون حديثاً شاذّاً)) عن الشاذ، وهو ما خالف فيه الثقة روايات الثقات. وقوله: ((ويروى من غير وجه)) عمّا لم يرد إلا من وجه واحد فإنّه لا يكون حسناً؛ لأنّ تعدّد الروايات يقوي ظنّ الصحّة واتّحادها ممّا يؤثر ضعفاً)) وانظر: نظرات جديدة في علوم الحديث 33.

(9) هو ابن الجوزي. انظر: الموضوعات 1/ 35، نكت الزركشي 1/ 310. قال السخاوي 1/ 65: ((هذا كلام صحيح في نفسه، لكنّه ليس على طريقة التعاريف)).

(10) قال الزركشي 1/ 312: ((المعروف في اللغة: أنعمت - بتقديم النون - بمعنى: بالغت، يقال: أنعم في الشيء إذا بالغ فيه...، وأمّا أمعنت، فقال ابن الأنباري في الزاهر: يقال: قد أمعن لي بحقّي، أي: اعترف به وأظهره. قال أبو العباس: هو مأخوذ من الماء المعين، وهو الجاري الظاهر. وقال ابن فارس في المقاييس: معن: مادّته تدلّ على سهولة في جريان، يقال: مَعَنَ الماءُ: إذا جرى، وأمعن الفرس في عَدْوِهِ، وأمعنَ بحقّي: ذهب به. وأمعنت الأرض رَوِيَتْ. انتهى. وعلى هذا يتخرج كلام المصنِّف)). قلنا: انظر: الزاهر 2/ 592، ومقاييس اللغة 5/ 355، والصحاح 6/ 2205، والتقييد والإيضاح: 46، وشرح التبصرة 1/ 186.

(11) ساقطة من (م).

(12) اعترض على ابن الصلاح في تقسيمه هذا باعتراضات، أوردها الزركشي مع أجوبته عنها. فانظر: نكته 1/ 313 - 317.

(13) في (جـ): ((تعهد)).

(14) في (ب): ((أو منكراً)).

(15) قال محقّق شرح السيوطي: 128 - 129: ((عرَّفه البدر ابن جماعة - ورجَّحه اللكنوي - بأنّه: ((كلّ حديث خالٍ عن العلل، وفي سنده المتصل مستور له به شاهد، أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان)). وقد انتقد ابن حجر هذا التعريف بوجوه واردة عليه.

والحقيقة: أنّ الحديث الحسن درجة وسطى بين الصحيح والضعيف؛ ولهذا تضاربت الأقوال في تعريفه. ونصَّ غير واحد عَلَى تعسّر حدّه، فقال ابن دقيق العيد: ((وفي تحقيق معناه اضطراب)). وعلّل ذَلِكَ ابن كثير فقال: ((وذلك لأنّه أمر نسبي، شيء ينقدح عِنْدَ الحافظ، ربّما تقصر عبارته عنه)). وقال البلقيني: ((لما توسط بَيْنَ الصحيح والضعيف عِنْدَ الناظر؛ كان شيئاً ينقدح في نفس الحافظ قد تقصر عبارته عنه، كما قيل في الاستحسان، فلذلك صعب تعريفه)). ولعلَّ رسم ابن حجر للحديث الحسن كان أنسب من غيره، فإنّه قال: ((وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متّصل السند غير معلّل ولا شاذّ: هو الصحيح لذاته ...)) ثمّ قال: ((فإن خفَّ الضبط فالحسن لذاته)). فهذا ما مشى عليه علماء المصطلح، وإن نبَّه السخاوي على أنّ خفة الضبط في تعريف ابن حجر غير منضبطة بضابط، ولكن يمكن أن يقال: إنّ مراد الحافظ خفّة ضبط معلومة لمن مارس هذا الفن وداخل كيانه، واعتاد أقوال أئمّته، فعرف أصحاب الضبط التام ومن في حفظه شيء ومن هو سيء الحفظ. ونحن نقرُّ أنّ هناك بعض الجزئيات لا تدخل في رسم ابن حجر للحديث الحسن، وهو مصداق لقول الإمام الذهبي - وهو من أهل الاستقراء التام كما يقول ابن حجر-: ((ثمَّ لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كلّ الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياس من ذلك)).

ثُمَّ إنَّ الحسن مراتب - كما أنّ الصحيح مراتب - وبعضها أقوى في نفس الناقد من بعض. انظر: الاقتراح: 162، المنهل الروي: 36، الموقظة: 28، اختصار علوم الحَدِيْث: 37، شرح علل التِّرْمِذِي: 287 - 289، محاسن الاصطلاح: 105، النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 46 نزهة النظر: 82، 91، فتح المغيث 1/ 66، ظفر الأماني: 186، ماهية الحَدِيْث الحَسَن: 10، والتعليق على شرح التبصرة والتذكرة 1/ 177 - 180.

(16) من ينعم النظر في تعريفي الترمذي والخطابي، يجد بينهما بوناً شاسعاً، منشؤه اختلاف القصد من إيراد التعريف، فالخطّابي قصد تعريف الأنواع الثلاثة عند أهل الحديث، فعرَّف الصحيح والضعيف إضافة إلى الحسن، وإنّما لم يعرّف حديث المستور إذا اعتضدت روايته من غير وجه؛ لأنّه داخل عنده ضمن الحَسَن. وإذا لَمْ تعتضد فهي عنده من الضَّعِيف، إذ أطلق القَوْل بردِّ رِوَايَة المجهول، والمستور قِسْم من المجهول. قلنا: هذا ما استفدناه من نكت ابن حجر 1/ 387، وقال أيضاً: ((وأمّا الترمذي: فلم يقصد التعريف بالأنواع المذكورة عند أهل الحديث بدليل أنّه لم يعرّف بالصحيح ولا بالضعيف، بل ولا بالحسن المتفق على كونه حسناً، بل المعرّف به عنده، وهو حديث المستور - على ما فهمه المصنّف - لا يعدّه كثير من أهل الحديث من قبيل الحسن، وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصوراً على رواية المستور، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ والموصوف بالغلط والخطأ وحديث المختلط بعد اختلاطه، والمدلّس إذا عنعن وما في إسناده انقطاع خفيف. فكلّ ذلك عنده من قبيل الحسن)). ثُمَّ مثَّل لكل قسم بأمثلة، فراجعها تدلك على جودة ذهن الحافظ - رحمه الله -.

(17) قال الزركشي 1/ 318: ((يعني من جهة الرتبة حتّى ولو تعارض حسن وصحيح قُدِّم الصحيح وإلّا فهما مستويان في الاحتجاج بهما - كما سيأتي في التاسع من كلامه - وكان ينبغي له تقديم التاسع إلى هاهنا فإنه أنسب)).

(18) قال العراقي 47 - 48: ((فيه أمران:

أحدهما: أنّه قد اعترض عليه بأنّ جميع رواة الصحيح لا توجد فيهم هذه الشروط، إلّا في النزر اليسير. انتهى.

والجواب: أنّ العدالة تثبت إمّا بالتنصيص عليها كالمصرّح بتوثيقهم وهُم كثير، أو بتخريج من التزم الصحّة في كتابه له فالعدالة أيضاً تثبت بذلك، وكذلك الضبط والإتقان درجاته متفاوتة، فلا يشترط أعلى وجوه الضبط كمالك وشعبة، بل المراد بالضبط أن لا يكون مغفلاً كثير الغلط، وذلك بأن يعتبر حديثه بحديث أهل الضبط والإتقان، فإن وافقهم غالباً فهو ضابط كما ذكره المصنِّف في المسألة الثانية من النوع الثالث والعشرين، وإذا كان كذلك فلا مانع من وجود هذه الصفات في رواة صحيح الأحاديث، والله أعلم.

الأمر الثاني: أنّ قوله في الحسن: إنّه يكتفى فيه بما سبق ذكره من مجيء الحديث من وجوه. فيه نظر، إذ لم يسبق اشتراط مجيئه من وجوه، بل من غير وجه كما سبق ذلك في كلام الترمذي، وعلى هذا فمجيئه من وجهين كافٍ في حدِّ الحديث الحسن، والله أعلم)).

(19) في (جـ): ((من)). وكذلك في الرسالة.

(20) في (ب): ((التابعين)).

(21) في (ع): ((لمجيئه)).

(22) انظر: الرسالة 461 - 463 (الفقرات 1264 - 1274).

وانظر عن شروط الشافعي في قبول المرسل: نكت الزركشي 1/ 419، والتقييد والإيضاح: 48، ونكت ابن حجر 1/ 408.

(23) ليست في (جـ).

(24) قال الزركشي 1/ 319: ((لم أجده في القواطع لابن السمعاني، لكن نقله المازري في شرح البرهان عن ابن فورك)).

(25) ساقطة من (ب).

(26) هذا حديث روي عن عدّة من الصحابة منهم:

أبو أمامة: رواه أحمد 5/ 258 و 264 و 268، وأبو داود (134)، والترمذي (37)، وابن ماجه (444)، والطحاوي 1/ 33، والطبراني في الكبير 8/ 121، والدارقطني 1/ 103، والبيهقي 1/ 66.

وأبو هريرة: أخرجه ابن ماجه (445)، وأبو يعلى (6370)، وابن حبان في المجروحين 2/ 110، والدارقطني 1/ 101 - 102.

وعبد الله بن زيد: أخرجه ابن ماجه (443)، والبيهقي 1/ 65.

وعبد الله بن عمر: رواه الدارقطني 1/ 97.

وعائشة: رواه الدارقطني 1/ 100.

وعبد الله بن عباس: رواه الدارقطني 1/ 99.

وهو مروي من حديث غيرهم.

قال ابن حجر في النكت 1/ 415 بعد أن أورد الروايات وتكلّم عليها: ((وإذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أنّ للحديث أصلاً، وأنّه ليس ممَّا يُطرَح، وقد حسّنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه، والله أعلم)).

وانظر: عنه نكت الزركشي 1/ 320، والتقييد: 50، ونكت ابن حجر 1/ 409.

(27) في (م): ((فمن)).

(28) قال ابن حجر 1/ 409: ((لم يذكر للجابر ضابطاً يعلم منه ما يصلح أن يكون جابراً أو لا، والتحرير فيه أن يقال: إنّه يرجع إلى الاحتمال في طرفي القبول والردِّ، فحيث يستوي الاحتمال فيهما فهو الذي يصلح لأن ينجبر، وحيث يقوى جانب الردِّ فهو الذي لا ينجبر. وأمَّا إذا رجّح جانب القبول فليس من هذا، بل ذاك في الحسن الذاتي، والله أعلم)).

(29) أخرجه أحمد 2/ 58 و 287 و 399 و 429، والترمذي (22)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 44، والطبراني في الأوسط (7420)، والبيهقي 1/ 37، وأبو نعيم في الحلية 8/ 386.

(30) محمد بن عمرو بن علقمة: ((حسن الحديث)). كما قال الذهبي في الميزان 3/ 167، وقال الحافظ في التقريب (6188): ((صدوق له أوهام))، وقال في أجوبته التي في آخر المشكاة 3/ 310: ((صدوق، في حفظه شيء، وحديثه في مرتبة الحسن)). وقال في هدي الساري 441: ((صدوق تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه)).

(31) في (ب): ((وجه آخر)).

(32) انظر فيما يتعلق بهذا الحديث: نكت الزركشي 1/ 330، ونكت ابن حجر 1/ 416.

(33) وجد التعبير بالحسن في كلام من هو أقدم منهما كالشافعي ومالك، بل من هو أقدم كإبراهيم النخعي وشعبة وعلي بن المديني وغيرهم.

ولكن الملاحظ على تعابيرهم: أنّ منهم من أراد المعنى الاصطلاحي، ومنهم من لم يُرده. انظر: نكت الزركشي 1/ 331، والتقييد 52، ونكت ابن حجر 1/ 424.

(34) نقل الزركشي 1/ 334 عن ابن دقيق العيد أنه قال: ((إن النُّسَخ من كتاب الترمذي تختلف في قوله: حسن صحيح، أو حسن، وأكثر ما يعتمده المتأخرون رواية الكروخي وهي مخالفة في التصحيح لرواية المبارك بن عبد الجبار)).

(35) ليست في (ب).

(36) أي: من الحسن. انظر: نكت الزركشي 1/ 336.

(37) مَظِنَّة الشيء: الموضع الذي يُظنُّ كونه فيه، قال الجوهري: ((ومَظِنَّةُ الشيء: موضعه ومألفه الذي يُظنُّ كونه فيه، والجمع: المَظانُّ)). وفي اللسان: ((المظانُّ: جمع مَظِنَّة - بكسر الظاء -: وهي موضع الشيء ومَعْدِنه - مَفْعِلَة - من الظنّ بمعنى: العلم، قال ابن الأثير: وكان القياس فتح الظاء، وإنّما كُسِرت لأجل الهاء، قال: ويجوز أن تكون من الظنّ بمعنى العلم والميم زائدة)). انظر: الصحاح 6/ 2160، والنهاية 3/ 164، واللسان 13/ 274.

(38) بكسر السين والجيم، وسكون السين الثانية. انظر: الأنساب 3/ 248.

(39) في (م): ((أن)).

(40) هذا النصّ الذي يذكر في كتب المصطلح بلفظ: ((ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه)). لم نجده في رسالة أبي داود إلى أهل مكّة المطبوعة مع مقدّمة بذل المجهود 1/ 35، ولا في المطبوعة بتحقيق الدكتور محمد لطفي الصباغ، على الرغم من تظافر العديد من كتب المصطلح على نسبته إلى الرسالة. انظر: التقييد والإيضاح: 55، وفتح المغيث 1/ 77، وكشف الظنون 2/ 1005.

وقد رواه الخطيب في تاريخ بغداد 9/ 57 من طريق ابن داسة عنه، من غير عزو إلى رسالته، والذي يدلّ عليه صنيع الحازمي في شروط الأئمة الخمسة 67 - 68: أن هذا المقطع ليس في رسالة أبي داود، فإنّه نقل نصّاً من الرسالة ثمَّ قال عقبه: ((وقد روينا عن أبي بكر ابن داسة أنّه قال: سمعت أبا داود يقول: ...)) فذكره. وهذا هو مقصد ابن الصلاح، فإنّه قال: ((روينا عنه أنّه قال: ذكرت فيه الصحيح ...)) ثم قال: ((روينا عنه أيضاً ما معناه: أنّه يذكر في كلّ باب أصحّ ما عرفه))، وهذا النقل الثاني عن رسالة أبي داود 1/ 35 فكأنّه يشير إلى أنّ الأوّل ليس في الرسالة. فرحمه الله ما أنبل قصده وأدقّ مسلكه)). انظر تعليقنا على شرح التبصرة 1/ 196.

(41) قال ابن حجر 1/ 435: ((وفي قول أبي داود: ((وما كان فيه وهن شديد بيّنته)) ما يفهم أنّ الذي يكون فيه وهن غير شديد أنّه لا يبيّنه)).

(42) رسالة أبي داود إلى أهل مكة1/ 35 مع بذل المجهود. وفي نصّ الرسالة التي ساقها السيوطي بسنده في كتابه البحر الذي زخر 3/ 1117. وانظر: النفح الشذي 1/ 208، ونكت الزركشي 1/ 336 - 342.

(43) في (أ): ((ما وجدناه مذكوراً في كتابه مطلقاً)).

(44) فيه نظر، بل هو خطأ محض؛ لعدّة أمور، مِنْها: اختلاف روايات السُّنَن، ففي بَعْض الروايات من أقوال أبي دَاوُد مَا لَيْسَ في الأخرى، ثُمَّ إنّ أبا دَاوُد قد يُضعّف الحَدِيْث بالراوي، فإذا جاء هَذَا الرَّاوِي في حَدِيث آخر سكت عَنْهُ؛ لأنّه تقدّم الكلام عَلَيْهِ، ثُمَّ إنّ أبا عبيد الآجري في سؤالاته ينقل كثيراً من تضعيف أبي دَاوُد لبعض الأحاديث، وَهُوَ قد سكت عَنْهَا في سننه. وَقَدْ أطال الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى ابن الصَّلاح 1/ 432 - 445 في بحث هذِهِ المسألة، وذكر أمثلتها.

فيجب التنبيه على: أنّ سكوت أبي داود لا يستفيد منه كلّ أحد، فقد قال ابن حجر في النكت 1/ 439: ((فلا ينبغي للناقد أن يقلّده في السكوت على أحاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟)).

(45) أشار محقّق "ع" إلى أنّه في بعض نسخه: ((عنده))، وهذا ما نصره العلاّمة عبد الفتاح أبو غدة - يرحمه الله - في تحقيقه لتوجيه النظر 1/ 365، ومن تأمّل السياق علم أنّ ما نصره الشيخ خلاف ما قصده ابن الصلاح تماماً، كما أنّ كلّ من نقل عنه أو اختصر كلامه نقل ما أثبتناه. والله أعلم.

(46) بفتح الميم والدال المهملة، بينهما نون ساكنة، وآخره هاء ساكنة. هكذا ضبطه ابن خلكان 4/ 289.

(47) انظر: شروط الأئمة الستة لابن طاهر: 19.

(48) شروط الأئمة: 73، وانظر: نكت الزركشي 1/ 342.

(49) انظر: مصابيح السنة 1/ 2 و 189.

(50) في (ب): ((فهذه)).

(51) قال الزركشي 1/ 342: ((قد تبعه النووي وغيره في الاعتراض على البغوي، وهو عجيب؛ لأنّ البغوي لَم يقل: إنّ مراد الأئمّة بالصحاح كذا، وبالحسان كذا، وإنّما اصطلح على هذا رعاية للاختصار، ولا مشاحّة في الاصطلاح)).

قال ابن حجر 1/ 446: ((قلت: وممّا يشهد لصحة كونه أراد بقوله الحسان اصطلاحاً خاصّاً له أن يقول في مواضع من قسم الحسان: هذا صحيح تارة، وهذا ضعيف تارة، بحسب ما يظهر له من ذلك. ولو كان أراد بالحسان الاصطلاح العام ما نوّعه في كتابه إلى الأنواع الثلاثة، وحتّى لو كان عليه في بعض ذلك مناقشة بالنسبة إلى الإطلاق، فذلك يكون لأمر خارجي حتّى يرجع إلى الذهول ولا يضر فيما نحن فيه، والله أعلم)). وانظر: التقييد 55، وتعليقنا على شرح التبصرة 1/ 202 - 203.

(52) في (جـ) و (م): ((المسانيد)). قال الزركشي 1/ 343: ((يجوز لك إثبات الياء في الجمع ويجوز حذفها، وكذلك مراسيل ومراسل، والأولى الحذف، قال تعالى: {مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ}. والإثبات عند البصريّين موقوف على السماع، وعند الكوفيّين جائز، ذكر ذلك سيبويه في أول كتابه في باب الضرورات وأنشد:

تَنْفِي يَدَاهَا الحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ ... نَفْيَ الدَّنَانِيْرِ تَنقَادُ الصَّيَارِيْفِ

وجعل بعضهم منه قوله تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيْرَهُ}. قال: وقياسه معاذر؛ لكنّه أشبع الكسرة فتولّدت الياء)). انظر: الكتاب لسيبويه 1/ 28، ومحاسن الاصطلاح 112، والبحر الذي زخر 3/ 1205، وتاج العروس 8/ 217.

(53) قال الزركشي 1/ 348: ((هو سليمان بن داود، وليس المسند له، وإنّما هو ليونس بن حبيب بن عبد القاهر العجلي، سمعه في أصفهان منه فنسبه إليه)).

قال البقاعي: ((إنّه ليس من تصنيف أبي داود، وإنّما هو جمع بعض الحفَّاظ الخراسانيين جمع فيه ما رواه يونس بن حبيب خاصة عن أبي داود، ولأبي داود من الأحاديث التي لم تدخل هذا المسند قدره أو أكثر، بل قد شذّ عنه كثير من رواية يونس عن أبي داود)). النكت الوفية 81 أ.

(54) قال الزركشي 1/ 349: ((هو أحد شيوخ البخاري، قال ابن الجوزي في المشكل: ((أوّل من صنف المسند على تراجم الرجال عبيد الله بن موسى العبسي، وأبو داود الطيالسي))، قلت: ولهذا صدَّر المصنِّف بالتمثيل بهما)).

(55) أطال النفس في الكلام عن مسند الإمام أحمد ومدى أصحية مروياته. الزركشي في نكته 1/ 351، والعراقي في التقييد: 56، وابن حجر في النكت 1/ 447، وإياك أن تغتر بأحكام شعيب الأرنؤوط وجماعة في أحكامهم على أحاديث المسند!!

(56) روي عن ابن راهويه أنه قال: ((خرجت عن كل صحابي (بمعنى: الصحابي) أمثل ما ورد عنه))، نكت الزركشي 1/ 366.

قال العراقي 58: ((وأمّا مسند إسحاق بن راهويه ففيه الضعيف، ولا يلزم من كونه يخرج أمثل ما يجد عن الصحابي، أن يكون جميع ما خرجه صحيحاً، بل هو أمثل بالنسبة لما تركه)).

(57) قال الزركشي 1/ 350: ((وينتقد على المصنّف في ذكره هنا من وجهين:

أحدهما: أنّ مسند الدارمي مرتّب على الأبواب لا على المسانيد، إلّا أن يقصد الاسم المشهور به.

الثاني: جعله دون الكتب الخمسة، وقد أطلق جماعة عليه اسم الصحيح)).

(58) قال الزركشي 1/ 366: ((هو يبيّن فيه الكلام على علل الأحاديث والمتابعات والتفرّدات، قال الدارقطني: ((لكنّه يخطئ)).

وقال العراقي 58: ((وأمّا مسند البزَّار فإنّه مجملاً يبين الصحيح من الضعيف إلّا قليلاً، إلاَّ أنّه يتكلّم في تفرّد بعض رواة الحديث به، ومتابعة غيره عليه)).

وقد أكّد ابن حجر في نكته 1/ 447 على وجود الضعيف فيه، فقال: ((وقد صرَّح ببعض ذلك في عدّة مواضع من مسنده، فيخرج الإسناد الذي فيه مقال ويذكر علّته، ويعتذر عن تخريجه بأنّه لم يعرفه إلّا من ذلك الوجه)).

ونقل السيوطي في البحر الذي زخر 3/ 1201 عن أبي الحسن الشاري في فهرسته أنّه قال: ((مسند البزّار عندي من أحسن المسندات لما اشتمل عليه من الكلام على علل الحديث، وإن كان قد تكلّم بعض الناس في البزّار بما لم يعتمد عليه أهل التحقيق)).

(59) ليست في (جـ).

(60) قال التاج التبريزي: ((ولقائل أن يقول: لا نسلّم أنّ قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد يحتمل كونه شاذّاً أو معلّلاً مردوداً؛ ليكون دون قولهم: هذا حديث صحيح، فإنّ صحّة الإسناد مستلزمة بصحّة المتن دون العكس، والحكم بصحة الإسناد مع احتمال عدم صحته بعيد جداً)). البحر الذي زخر 3/ 1249 - 1250.

قال الزركشي 1/ 367 منتصراً لابن الصلاح: ((هذا فيه نظر، وقد تقدّم في كلام المصنّف أنّهم إذا قالوا: ((هذا حديث صحيح))، فمرادهم اتصال سنده، لا أنّه مقطوع به في نفس الأمر، وقد تكرّر في كلام المزي والذهبي وغيرهما من المتأخّرين ((إسناده صالح والمتن منكر)). ولكن الحافظ ابن حجر اختار أنّ التلازم بين الحكم بصحّة الإسناد وصحة المتن أغلبي، وما ندّ عن هذه القاعدة قليل لا يصلح التعويل عليه، فضلاً عن تأسيس قاعدة عليه، فقال: ((لا نسلم أنّ عدم العلّة هو الأصل، إذ لو كان هو الأصل ما اشترط عدمه في شرط الصحيح، فإذا كان قولهم: صحيح الإسناد يحتمل أن يكون مع وجود العلّة لم يتحقّق عدم العلّة، فكيف يحكم له بالصحّة؟)).

ومن ثَمَّ فرَّقَ بين حكم الحافظ المعتمد وغير المعتمد، وبين مَن عرف من حالة التفريق في الحكم بين السند والمتن وبين مَن لم يعرف عنه ذلك. النكت 1/ 474.

(61) للعلماء في هذه المسألة أجوبة واعتراضات ومناقشات. انظر: الاقتراح: 174، ونكت الزركشي 1/ 368، ومحاسن الاصطلاح: 114، والتقييد والإيضاح: 58، ونكت ابن حجر1/ 475، والبحر الذي زخر3/ 1209.

(62) عبارة: ((أن يقال فيه: أنّه حديث حسن صحيح، أي)) ليست في (جـ).

(63) بل قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية: ((قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف فهذا أول من عرف أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسى الترمذي، ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله)). ثم قال: ((وأمَّا مَنْ قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف، والضعيف عندهم نوعان: ضعيف ضعفاً لا يمتنع العمل به، وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي، وضعيف ضعفاً يوجب تركه وهو الواهي)). مجموع الفتاوى 18/ 17، 18. وانظر: 18/ 140 منه.

وقال العراقي في التقييد: 19: ((لم أرَ من سبق الخطابي إلى تقسيمه ذلك، وإن كان في كلام المتقدّمين ذكر الحسن)).

وقال ابن حجر في نكته 1/ 479: ((هذا ينبغي أن يقيّد به إطلاقه في أوّل الكلام على نوع الصحيح، وهو قوله: الحديث ينقسم عند أهله إلى صحيح وحسن وضعيف)).

(64) قال ابن حجر في نكته 1/ 479: ((إنّما جعله يومئ إليه؛ لأنّ ذلك مقتضاه، وذلك أنّ كتاب الترمذي مشتمل على الأنواع الثلاثة، لكن المقبول فيه - وهو الصحيح والحسن - أكثر من المردود فحكم للجميع بالصحّة بمقتضى الغلبة)). وانظر: 1/ 479 - 481 منه.

(65) بكسر السين وفتح اللام، وانظر في سبب هذه النسبة: الأنساب 3/ 297، ووفيات الأعيان 1/ 107، ونكت الزركشي 1/ 381، ونكت ابن حجر 1/ 489، وتاج العروس 23/ 460.

(66) هي الكتب الستّة (البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، بدون ابن ماجة، إذ لم تضف إلى الخمسة إلّا في القرن السادس الهجري.

(67) قد أجاب الحافظ العراقي عن قول السلفي هذا في نكته على ابن الصَّلاح: 62، فقال: ((إنّما قال السلفي بصحّة أصولها))، ثم قال: ((ولا يلزم من كون الشيء له أصل صحيح أن يكون هو صحيحاً)). وانظر: نكت الزركشي 1/ 380، ونكت ابن حجر 1/ 481.

(68) ساقطة من (جـ).

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)