ممثلا في خلق أقاليم متخصصة في أنواع الإنتاج المختلفة على النحو الآتي:

1ـ نطاق الغابات والثروة الخشبية ويمتد هذا النطاق على طول المرتفعات الجبلية في المغرب الأطلسي والجنوب الأوروبي والغرب الاسيوي حيث جبال لبنان الداخلية والخارجية، ومرتفعات فلسطين، وتنتشر هذه الغابات من نوع الأخشاب الصلبة واللبنة وهى ذات قيمة اقتصادية مرتفعة وقز قامت عليها عدة صناعات منها صناعة الأثاث وصناعة الورق وصناعة مستلزمات البناء ويلاحظ أن مساحات كبيرة من الغابات القديمة قد قطعت وحلت محلها مزارع متخصصة بعد أن حولت المنحدرات وثبتت عليها التربة السميكة ولاسيما في مرتفعات لبنان الغربية وفي الجنوب الفرنسي وشبه الجزيرة الإيطالية، كما انتشرت مزارع متخصصة في فواكه البحر المتوسط وقامت عليها صناعة تعليب الفاكهة .

2- إنتاج الحبوب والخضروات في السهول والأودية الشهريه والزودية الجافة وفقاً لنوع التربة ومدى توفر مياه الري واستخدام الدورة الزراعي المناسبة. ويقصد بالدورة الزراعية نظام تتابع المزروعات حتى لا تجهد التربة مع استخدام الأسمدة المناسبة. فبعض المحاصيل مجهدة للذرية وبعضها يترك بها مواد نباتية مفيدة مثل الفول والبقوليات بوجه عام. وكذلك البرسيم. فالنبات المجهد للتربة يأتى بعده نبات مخصب للتربة وفقاً للدورة الزراعية العلمية الحديثة. كذلك يزرع المحصول وفقاً لنوع التربة المناسبة له فالأرز مثلاً يزرع فى التربة التى ترتفع بها نسبة الاملاح لأنه يتحمل هذه الأملاح، وزراعته تعتبر علاجاً للتربة. كما يجب أن نلاحظ أيضاً نظام الري بحيث يعطى للمحصول القدر اللازم من المياه حتى لا تضر المياه الزائدة نسيج التربة وتضعفه. وكل هذه العوامل تلاحظ جيداً في زراعة الحبوب والخضروات فى كل حوض البحر المتوسط بحيث ظهرت مناطق متخصصة في أنواع من الحبوب والخضروات قرب المدن لتغذيتها، ويزرع القمح في التربة السوداء عامة ويزرع الشعير في التربة الطفلية الجيرية الرملية. وهكذا يوجد ترابط قوى بين هذه العوامل الجغرافية ونوع المحصول.

3- إنتاج القطن، يتركز إنتاج القطن فى البحر المتوسط في الأطراف من الجنوب الروسى وفى وادى النيل الأدنى والسودان الأوسط والهلال السورى الخصيب وحوض العراق وفي كل هذه المناطق تتكامل أربعة عوامل جغرافية رئيسية تتمثل في التربة الرسوبية الخصبة الجيدة الصرف ووفرة مياه الري ومناخ جاف مشمس فى مرحلة النمو الأخيرة ووفرة الأيدى العاملة المدربة على زراعة القطن واحتياجاته، ولاسيما مواصلة تنقية المزارع من الحشائش والنباتات الغربية المتطفلة على القطن ولاسيما الآفات الزراعية. وتختلف أنواع القطن من منطقة إلى أخرى وفقاً لدرجة الرطوبة طبيعة نسيج التربة. وترتبط زراعة القطن بعدد من الصناعات القطنية نها غزل القطن وصناعة المنسوجات القطنية.

4- نطاقات الرعي : وهى فى حوض البحر المتوسط تتمثل في:

 أ- نطاق تربية الأبقار ويمتد ما بين هضبة فرسا الوسطى حتى الهضبة البلقانية في الجنوب الأوروبي.

ب ـ نطاق تربية الأغنام والأبقار ويمتد في المغرب الأطلسي والهضبة الأسبانية .

ج ـ نطاق تربية الأغنام ما بين الهضبة التركية حتى هضبة فلسطين في الغرب الآسيوي.

د ـ نطاق تربية الأغنام والإبل في النطاق الهضبي الليبي والمصرى. وهذا التنوع في نطاقات الرعى يرتبط بأنواع حشائش الرعي ومدى كثافتها وفقاً لنوع التربة ولاسيما من حيث السمك ومدى توفر العناصر العضوية بها وكذلك طبيعة الأمطار من حيث كمياتها ومدى تذبذب سقوطها سنوياً.

5- الثروة المعدنية فحوض البحر المتوسط على امتداده الكبير بين مرتفعات زاجروس شرقى العراق إلى مضيق جبال طارق والمحيط الأطلسي يمتلك ثروة معدنية متنوعة في مقدمتها الحديد والمنجنيز والرصاص والفوسفات وهذا الأخير أوفر المعادن في الوطن العربي ولاسيما في الغرب الأطلسي ومصر والأردن. كما ينتشر خام الحديد في الجنوي الأوروبي والشمال الأفريقى. وقد قامت على كل من الفوسفات والحديد عدة صناعات منها إنتاج ألواح الحديد والأسمدة الفوسفاتية . أما النفط فيتركز في الشمال الأفريقى والشرق الأوسط. ويساهم الاحتياطى بنحو 56٪ من احتياطي العالم وقد انتشرت الصناعات البتروكيميائية فى كل حوض البحر المتوسط. ونشير أيضاً إلى خام الفحم وكذلك الطاقة الكهربائية المائية التي ننتج من مساقط المياه ولاسيما في الجنوب الأوروبى وفى المغرب الأطلسي. وهنا نشير على سبيل المثال إلى مساقط المياه أمام السدود النهرية مثل السد العالي في جنوب مصر على نهر النيل حيث أكبر خزان مائي في حوض البحر المتوسط بطاقة تخزينية تقدر بنحو 157 مليار متر مكعب وتنتج طاقة كهربائية تقدر بنحو 10 مليار كيلو وات فى السنة تستخدم فى الإضاءة وخلق صناعات جديدة وتنمية الصناعات القائمة على المستوى العلمي الحديث.

6- الثروة المائية: يمتاز البحر المتوسط وفروعه العديدة التي أشرنا إليها بثروة سمكية تنوعه منها ما يعيش فى مياه البحر المتوسط المعتدل الحرارة ومنها ما يعيش في مياه البحر الأحمر الدفيئة ومنها ما يعيش في مياه بحر137مرمرة والبحر الأسود بمياهه المعتدلة الباردة. هذا فضلاً عن الثروة السمكية بالبحيرات الساحلية والمياه العذبة النهرية والبحيرية الداخلية. وتنتشر حرفة الصيد فى المياه الشاطئية والمياه العميقة على السواء. وقد قامت عدة صناعات متعلقة بالصيد البحرى فى مراكز مختلفة بالبحر المتوسط. هذا فضلاً عن الأملاح المعدنية التى تعد من أهم الثروات المانية لقيمتها في عالم الصناعة والطب. والإسفنج حيوان بحرى ينمو على القاع في المياه الدفيئة والمعتدلة. ويعد البحر المتوسط من أهم مواطنه في العالم. ويستخدم أسفنج البحر المتوسطة في كثير من الصناعات لما يمتاز به من نعومة الملمس وانتشار الثقوب القادرة على امتصاص السوائل بكميات كبيرة.