أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1704
التاريخ: 6-10-2016
1803
التاريخ: 2023-02-22
1210
التاريخ: 6-10-2016
1811
|
إنّ علاج هذا المرض الأخلاقي الخطير يشبه من جهات علاج سائر الأمراض الأخلاقية الاخرى ، ويختلف عنها من بعض الجهات ، وفي المجموع لا بدّ من رعاية الامور التالية للوقاية من الوقوع في هذا المرض أو علاجه :
1 ـ إنّ العلاج الحقيقي لكل مرض بدني أو نفسي أو أخلاقي يتمثّل بالعثور على الجذور والأسباب الكامنة وراء الابتلاء بهذا المرض والسعي لإزالتها والقضاء عليها ، وبما أنّ عوامل حصول هذه الصفة القبيحة في النفس كثيرة ومتعددة فلا بدّ من التوجه إلى تلك العوامل والاسباب ، وقد رأينا أنّ من العوامل المهمّة هو : الحسد ، الحقد ، الأنانية ، حبّ الانتقام ، التكبّر والغرور وأمثال ذلك ، وما دامت هذه الحالات النفسية السلبية موجودة في أعماق النفس وما دام الإنسان لا يتحرّك على مستوى إزالتها من واقعه وذاته فإنّ هذه الحالة الرذيلة أي ـ الغيبة ـ لا تنقلع ولا تزول.
وعند ما لا يجد الإنسان في نفسه حسداً على أحد ولا يعيش حالة الحقد والكراهية والمقت تجاه الآخرين ولا يرى في نفسه إمتيازاً ولا تفوّقاً على الغير فلا مسوّغ له للتلّوث بخطيئة الغيبة ولا يجد في ذاته رغبة وميلاً إلى ارتكاب هذا الفعل الذميم.
2 ـ ومن الطرق الاخرى لعلاج هذه الرذيلة الأخلاقية هو الالتفات والتفكّر في عواقبها السلبية على المستوى المادي والمعنوي ، والفردي والاجتماعي ، فإنّ الإنسان متى ما إلتفت إلى أنّ الغيبة ستؤدّي به إلى المهانة والسقوط في أنظار الناس فيعرفونه بأنّه شخص خائن ، ضعيف النفس ، ويشعر بالدونية والحقارة ، فإنّهم سوف يتحرّكون في الإرتباط معه من موقع عدم الثقة وسوف تهتز شخصيته ومكانته الاجتماعية لدى الآخرين ، وأنّ الغيبة سوف تتلف حسناته وتهدر طاقاته وتنقل سيئات الآخرين إلى صحيفة أعماله ، ولا تقبل عباداته لمدّة أربعين يوماً وهو أول من يدخل النار ، وفيما لو تاب وقبلت توبته يكون آخر من يدخل الجنّة.
وأيضاً عليه أن يلتفت إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الغيبة هي حق الناس لأنّها تتسبب في هدم سمعتهم والذهاب بماء وجوههم ، ونعلم أنّ قيمة ماء الوجه مثل قيمة النفس والمال لدى الإنسان أو أكثر وما لم يرض عنه صاحب الحق ، فإنّ الله تعالى لا يرضى عنه ، وربّما لا يتسنى له التوصل إلى كسب رضى الطرف الآخر أبداً وحينئذٍ سيتحمل وزر هذا الفعل مدى الحياة.
أجل ، فلو أنّ الإنسان تدبّر في هذه الامور جيداً فسوف يندم بالتأكيد على عمله ويتحرّك بعيداً عن هذا السلوك المنحرف ، والأشخاص الذين يعيشون ممارسة الغيبة في مجالسهم وبهدف الترفيه والتفريح واللهو إذا ما فكّروا في عواقب الغيبة فسوف يتحوّلون عنها بالتأكيد ولا يقتربون من ممارسة هذا السلوك السلبي والعدواني.
3 ـ يجب أن ينتبه المستغيب إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ طاقات الإنسان محدودة ، فلو أنّه بدلاً من إتلاف هذه الطاقات وصرفها في تسقيط شخصية الآخرين وهدم مكانتهم الاجتماعية كان يستخدم هذه الطاقات والقابليات والمواهب الإلهية في خط الكمال المعنوي والمنافسة السلمية والصحيحة بينه وبين الآخرين فقد لا تمضي فترة قصيرة إلّا ويحرز التوفيق في الكمالات الإنسانية والمعنوية على الخير ويصل إلى مراتب سامية في حركة الحياة والتكامل المعنوي والمادي من دون أن يجد حاجة إلى تسقيط الآخرين والعدوان عليهم وبالتالي سوف ينقذ نفسه من نتائج الغيبة وعواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة.
وبعبارة اخرى أنّ الأفضل للإنسان أن يقوم باعمار بيته وبناء داره بدلاً من تخريب بيوت الآخرين ليعيش في منطقة عامرة وفي دارٍ مشيّدة ، ولكن الشخص الذي يتحرّك دائماً من موقع تخريب بيوت الآخرين فإنّ نتيجته سوف تكون تخريب بيوت المنطقة وتخريب بيته أيضاً فيعيش في الأطلال والخرائب.
يجب أن يلتفت المستغيب إلى هذه الحقيقة وهي أنّ الغيبة هي احدى العلامات البارزة لضعف الشخصية وفقدان الهمّة والمروءة وأنّه يعيش عقدة الحقارة والدونيّة ، ولذلك فهو يمارس الغيبة لجبران هذا الضعف النفسي وفي الحقيقة يقوم باظهار هذه العيوب الذاتية والصفات الباطنية ويجهر بها أمام الناس ، فهو يقوم بتدمير شخصيته وتحطيم كيانه قبل أن يحطّم شخصية الآخرين الذين يغتابهم.
وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أنّه لا بدّ لترك الغيبة وخاصة فيما لو أصبحت عادة لدى الشخص ، أن يقوم قبل كل شيء بفرض الرقابة الشديدة على لسانه وكلماته ويتحرّك من موقع الضغط الأخلاقي في دائرة الكلام ، وكذلك ينبغي له أن يتجنّب معاشرة الأصدقاء الذين لا يجدون حرجاً في ممارسة الغيبة ويدفعونه بهذا الاتجاه ويترك المجالس المهيئة للغيبة ، بل وجميع الامور التي توسوس له في ممارسة الغيبة.
وفي حديث شريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «ما عُمِّرَ مَجلِسٌ بالغَيبَةِ إلّا خَرِبَ مِنْ الدِّينِ» ([1]).
الملاحظة الاخرى هي أنّ أحد دوافع الغيبة هو السعي لتبرئة الذات والدفاع عنها ، مثلاً أن يقول : إذا كنت قد إرتكبت هذا الذنب ، فإنّ من هو أفضل منّي وأعلم قد ارتكبه أيضاً ، والحال أنّ تبرئة الذات لها طرق اخرى كثيرة لا تنتهي بهذا الذنب الكبير أي ـ الغيبة ـ وأساساً فإنّ الاعتراف بالخطأ في هذه الموارد يكون أسلم عذر وأفضل سبيل لتدارك الخطأ ، مضافاً إلى أنّ أحد الأخطاء الكبيرة لدى الإنسان أن يقارن بينه وبين الفاسقين والأراذل من الناس ويترك المقارنة بينه وبين الأخيار والصلحاء من أفراد المجتمع.
أحياناً يتحرّك الشخص لتبرئة نفسه وتبرير سلوكه إلى التشبث بهذا العذر وهو أنني عند ما رأيت العالم الفلاني قد إنحرف على مستوى السلوك وارتكب الذنوب زالت عقيدتي وضعف إيماني وأصبحت في أمر العقيدة بالمبدأ والمعاد غير مكترث ، هذه المعاذير والتبريرات هي المصداق الأتم لمقولة العذر أقبح من الذنب ، ويترتب على ذلك عواقب خطرة جدّاً ، فما أحرى بالإنسان أن يعترف بخطئه ويسعى في تعامله مع الآخرين في حمل سلوكياتهم وأفعالهم على الصحة ، وعلى فرض أنّ أحد القادة أو العلماء أو الجهّال تصرّف من موقع الإنحراف وارتكب بعض الذنوب ، فلا يكون ذلك مسوّغاً للآخرين على سلوك هذا المسلك وتبريره بتلك الذريعة الشيطانية ، بل يجب على الإنسان أن يجعل الصلحاء والأولياء اسوة له في دائرة السلوك والتكامل المعنوي والأخلاقي.
[1] روضة الواعظين ، ص 542.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
بالفيديو: منها رفع الراية الزينبية السوداء في صحن العقيلة (ع).. فعاليات متنوعة تقيمها العتبة الحسينية ضمن فعاليات مهرجان الليالي الزينبية
|
|
|