أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-21
4424
التاريخ: 2-4-2017
2782
التاريخ: 2-7-2017
5403
التاريخ: 22-11-2015
4458
|
لما صدر السبعون من عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)طابت نفسه وقد جعل الله له منعة وقوما أهل حرب وعدة ونجدة وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين فاذن لهم النبي(صلى الله عليه وآله)في الهجرة إلى المدينة فهاجروا ونزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم وآسوهم ولم يبق منهم بمكة إلا قليل .
ولما رأى ذلك المشركون اجتمعوا في دار الندوة ليأتمروا في رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأسروا ذلك بينهم فقال العاص بن وائل وأمية بن خلف نبني له بنيانا نستودعه فيه فلا يخلص إليه أحد ولا يزال في رفق من العيش حتى يذوق طعم المنون فقال قائل بئس ما رأيتم لئن صنعتم ذلك ليسمعن الحميم والمولى الحليف ثم لتأتين المواسم والأشهر الحرم بالأمن فلينتزعن من أيديكم فقال عتبة وأبو سفيان نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه ثم نقصع البعير بأطراف الرماح فيقطعه إربا إربا فقال صاحب رأيهم أ رأيتم ان خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق فاخذ بقلوبهم بسحره وبيانه فصبا القوم إليه واستجابت القبائل له فيسيرون إليكم بالكتائب والمقانب فلتهلكن كما هلكت اياد فقال أبو جهل لكني ارى لكم رأيا سديدا وهو ان تعمدوا إلى قبائلكم العشر فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا نجدا ثم تسلحوه حساما عضبا حتى إذا غسق الليل اتوا ابن أبي كبشة فقتلوه فيذهب دمه في قبائل قريش فلا يستطيع بنو هاشم وبنو المطلب مناهضة قريش فيرضون
بالدية فقال صاحب رأيهم أصبت يا أبا الحكم هذا هو الرأي فلا تعدلوا به رأيا وكموا في ذلك أفواهكم فسبقهم الوحي بما كان من كيدهم وهو قوله تعالى {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } [الأنفال: 30] فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)عليا(عليه السلام)وأخبره بذلك وقال له أوحى إلي ربي ان اهجر دار قومي وانطلق إلى غار ثور تحت ليلتي هذه وان آمرك بالمبيت على مضجعي ليخفي بمبيتك عليهم أمري فقال علي(عليه السلام)أ وتسلمن بمبيتي هناك يا نبي الله ؟ قال نعم فتبسم علي ضاحكا وأهوى إلى الأرض ساجدا شاكرا لله لما بشره(صلى الله عليه وآله)بسلامته ، قال رسول الله ارقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي وكان له برد حضرمي احمر وقيل اخضر ينام فيه ثم ضمه النبي(صلى الله عليه وآله)إلى صدره وبكى وجدا به فبكى علي جزعا لفراق رسول الله(صلى الله عليه وآله)فأنزل الله عز وجل في علي : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207] وأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله)أبا بكر وهند بن أبي هالة وهو ربيب رسول الله أمه خديجة أم المؤمنين ان يقعدا له بمكان ذكره لهما في طريقه إلى الغار ولبث مع علي يوصيه ويأمره بالصبر حتى صلى العشاءين ثم خرج في فحمة العشاء الآخرة والرصد من قريش قد أطافوا بداره فيهم أبو جهل والحكم بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف وابن الغيطلة وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب وأبي بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وخالد بن الوليد بن المغيرة ينتظرون إلى أن ينتصف الليل وتنام الأعين فخرج وهو يقرأ {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9] ومضى حتى اتى إلى أبي بكر وهند فنهضا معه حتى وصلوا الغار وهو غار ثور جبل بأسفل مكة سمي باسم ثور بن عبد مناة بن إدا بن طابخة لأنه ولد عنده فقيل جبل ثور ويسمى أيضا أطحل فدخلا الغار ورجع هند إلى مكة لما أمره به رسول الله(صلى الله عليه وآله)فلما أغلق الليل أبوابه وانقطع الأثر أقبل القوم على علي يقذفونه بالحجارة ولا يشكون انه رسول الله حتى إذا قرب الفجر هجموا عليه وكانت دور مكة يومئذ لا أبواب لها فلما بصر بهم علي(عليه السلام)قد انتضوا السيوف واقبلوا بها إليه أمامهم خالد بن الوليد وثب علي فهمز يده فجعل خالد يقمص قماص البكر ويرغو رغاء الجمل واخذ سيف خالد وشد عليهم به فأجفلوا أمامه اجفال النعم إلى ظاهر الدار وبصروه فإذا هو علي فقالوا انا لم نردك فما فعل صاحبك قال لا علم لي به فأذكت قريش عليه العيون وركبت في طلبه الصعب والذلول وامر الله العنكبوت فنسجت على باب الغار وامر حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار وباضتا فلما قربوا منه قال بعضهم إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد ورأى أولهم الحمامتين فرجعوا وأمهل علي حتى إذا اعتم من الليلة القابلة انطلق هو وهند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله(صلى الله عليه وآله)في الغار فامر رسول الله(صلى الله عليه وآله)هندا ان يبتاع له ولصاحبه بعيرين فقال صاحبه قد أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين فقال إني لا آخذهما ولا إحداهما إلا بالثمن قال فهما لك بذلك فامر عليا فاقبضه الثمن هذه رواية الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي بسنده في أماليه وكذا جل ما في هذه القصة وروى ابن سعد في الطبقات أنه قال فخذ بأبي أنت وأمي إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالثمن وكان أبو بكر اشتراهما بثماني مائة درهم من نعم بني قشير فاخذ إحداهما وهي القصواء .
وروى ابن هشام عن ابن إسحاق أنه قال له إني لا أركب بعيرا ليس لي فاخذها بثمنها الذي ابتاعها به وسئل ابن أبي رافع أ كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يجد ما ينفقه هكذا فقال أين يذهب بك عن مال خديجة وكان(صلى الله عليه وآله)يفك من مالها الغارم والأسير ويحمل العاجز ويعطي في النائبة ويعطي فقراء أصحابه إذ كان بمكة ويحمل من أراد منهم الهجرة وكانت طائفة من العير في رحلتي
الشتاء والصيف لخديجة وكانت أكثر قريش مالا وكان ينفق من مالها ما شاء في حياتها وورثها هو وولدها بعد مماتها .
ثم وصى عليا(عليه السلام)بحفظ ذمته وأداء أمانته وكانت قريش تدعو محمدا(صلى الله عليه وآله)في الجاهلية الأمين وتودعه أموالها وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم وجاءته النبوة والأمر كذلك فامر عليا ان يقيم مناديا بالأبطح غدوة وعشية إلا من كانت له قبل محمد أمانة فليأت لتؤدي إليه أمانته وقال إنهم لن يصلوا إليك بما تكرهه حتى تقدم علي فاد أمانتي على أعين الناس ظاهرا واني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما وأمره ان يبتاع رواحل له وللفواطم ومن أراد الهجرة معه من بني هاشم وغيرهم وقال له إذا قضيت ما امرتك فكن على اهبة الهجرة إلى الله ورسوله وانتظر قدوم كتابي إليك ولا تلبث بعده وأقام رسول الله(صلى الله عليه وآله)في الغار ثلاث ليال وفي ذلك يقول علي(عليه السلام)شعرا :
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
محمد لما خاف ان يمكروا به * فوقاه ربي ذو الجلال من المكر
وبت أراعيهم متى ينشرونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
وبات رسول الله في الغار آمنا * هناك وفي حفظ الإله وفي ستر
أقام ثلاثا ثم زمت قلائص * قلائص يفرين الحصى أينما يفري
ثم استأجروا دليلا من بني الدئل هاديا يقال له عبد الله بن أريقط الليثي وهو على الكفر ولكنهما أمناه فلما مضت الثلاث اتاهما الدليل ببعيريهما وبعير له واتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما في جراب ونسيت ان تجعل لها عصاما فحلت نطاقها وجعلته عصاما وعلقتها به فسميت ذات النطاق وقيل قطعت منه قطعة أوكت بها الجراب واخرى جعلتها عصاما وقيل شقت نطاقها باثنين فعلقت السفرة بواحد وانتطقت بالآخر فسميت ذات النطاقين ثم ارتحلا ومعهما عامر بن فهيرة غلام أبي بكر أردفه خلفه ودليلهم واخذ بهم الدليل على طريق السواحل وجعلت قريش مائة ناقة لمن رده عليهم وأرسلت إلى أهل السواحل ان من قتله أو اسره فله مائة ناقة ، ومروا بخيمتي أم معبد الخزاعية واسمها عاتكة وكان منزلها بقديد فسألوها تمرا أو لحما يشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وإذا القوم مرملون مسنتون فقالت والله لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى فنظر(صلى الله عليه وآله)إلى الشاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم قال هل بها لبن قالت هي اجهد من ذلك قال أتأذنين لي ان احلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي ان رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها فمسح ضرعها وسمى الله وقال اللهم بارك لها في شاتها فتفاحجت أو فتفاحت ودرت واجترت فدعا باناء كبير فحلب فيه فسقاها وسقى أصحابه حتى رويت ورووا وشرب آخرا وقال ساقي القوم آخرهم ثم حلب فيه ثانيا حتى امتلأ وتركه عندها وارتحلوا فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد قيل اسمه أكثم بالمثلثة وقيل خنيس وقيل عبد الله يسوق أعنزا حيلا عجافا فلما رأى اللبن عجب وقال من أين لكم هذا ولا حلوبة في البيت قالت لا والله الا انه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب صفيه لي فوصفته له ثم هاجرت أم معبد وأسلمت ويقال بل أسلمت يومئذ وبايعت وهاجر زوجها وأسلم وفي ذلك يقول الشاعر :
جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به * فأفلح من امسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم * به من فعال لا يجازي وسؤدد
سلوا اختكم عن شاتها وانائها * فإنكم ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت * له بصريح صرة الشاة مزبد
وقال حسان بن ثابت مجيبا له من أبيات :
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم * وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم * وحل على قوم بنور مجدد
وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا * عمى وهداة يهتدون بمهتدي
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فان قال في يوم مقالة غائب * فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد
ولم يزل(صلى الله عليه وآله)سائرا حتى قارب المدينة فقال من يدلنا على الطريق إلى بني عمرو بن عوف فلا يقرب المدينة فنزل فيهم بقبا لأحدى عشرة أو لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وكان التاريخ من ذلك اليوم ثم رد إلى المحرم واراده صاحبه على دخول المدينة فقال ما انا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي يعني عليا وفاطمة وكان المسلمون من المهاجرين والأنصار يغدون كل يوم إلى حرة العصبة يتحينون قدومه فإذا علت الشمس عادوا إلى منازلهم فلما كان يوم قدومه رآه يهودي فأخبرهم فسمعت الرجة في بني عمرو بن عوف والتكبير ويقال إنه استقبله من الأنصار زهاء خمسمائة فمال بهم إلى قبا .
ثم كتب رسول الله(صلى الله عليه وآله)إلى علي مع أبي واقد الليثي يأمره بالمسير إليه وكان قد أدى أماناته وفعل ما أوصاه به فلما اتاه الكتاب ابتاع ركائب وتهيأ للخروج وامر من كان معه من ضعفاء المؤمنين أن يتسللوا ليلا إلى ذي طوى وخرج علي(عليه السلام)بالفواطم : فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وزاد بعض المؤرخين
فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب وتبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأبو واقد الليثي فجعل أبو واقد يسوق بالرواحل سوقا حثيثا فقال علي(عليه السلام)ارفق بالنسوة يا أبا واقد انهن من الضعائف ثم جعل علي يسوق بهن سوقا رفيقا وهو يقول :
ليس الا الله فارفع ظنكا * يكفيك رب الناس ما أهمكا
فلما قارب ضجنان أدركه الطلب وهم ثمانية فرسان ملثمون معهم مولى لحرب بن أمية اسمه جناح فقال علي(عليه السلام)لأيمن وأبي واقد أنيخا الإبل واعقلاها وتقدم فأنزل النسوة ودنا القوم فاستقبلهم علي(عليه السلام)منتضيا سيفه فقالوا ظننت انك يا غدار ناج بالنسوة ارجع لا أبا لك قال فإن لم افعل قالوا لترجعن راغما أو لنرجعن بأكثرك شعرا وأهون بك من هالك ودنوا من المطايا ليثوروها فحال علي(عليه السلام)بينهم وبينها فأهوى له جناح بسيفه فراع عن ضربته وضرب جناحا على عاتقه فقده نصفين حتى وصل السيف إلى كتف فرسه والظاهر أن جناحا لما اهوى له بالسيف انحنى لأن الفارس لا يمكنه ان يضرب الراجل الا وهو منحن فضربه علي وهو منحن على عاتقه ولو لم يكن منحنيا لم تصل ضربته إلى عاتقه وشد على أصحابه وهو على قدميه شدة ضيغم وهو يقول:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد غير الواحد
فتفرق القوم عنه وقالوا : احبس نفسك عنا يا ابن أبي طالب قال : فاني منطلق إلى أخي وابن عمي رسول الله(صلى الله عليه وآله)فمن سره ان أفري لحمه وأريق دمه فليدن مني ثم اقبل على أيمن وأبي واقد وقال لهما : اطلقا مطاياكما ثم سار ظافرا قاهرا حتى نزل ضجنان فلبث بها يومه وليلته ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين فيهم أم أيمن مولاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وبات ليلته تلك هو والفواطم طورا يصلون وطورا يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر فصلى بهم صلاة الفجر ثم سار لا يفتر عن ذكر الله هو ومن معه حتى قدموا المدينة وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله تعالى الذين يذكرون الله قياما و قعودا وعلى جنوبهم إلى قوله {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ } [آل عمران: 195] وتلا(صلى الله عليه وآله) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207].
وفي سيرة ابن هشام أقام علي بن أبي طالب(عليه السلام)بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)الودائع ثم لحق به بقبا فأقام بها ليلة أو ليلتين (اه) وفي السيرة الحلبية عن الامتاع : لما قدم علي(عليه السلام)من مكة كان يسير الليل ويكمن النهار حتى تفطرت قدماه فاعتنقه النبي(صلى الله عليه وآله)وبكى رحمة لما بقدميه من الورم وتفل في يديه وأمرهما على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك (اه).
وأقام رسول الله(صلى الله عليه وآله)بقبا الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجده وخرج يوم الجمعة .
وقيل مكث أربع عشرة ليلة ولعله الأقرب إلى الاعتبار وركب ناقته وحشد المسلمون حوله عن يمينه وشماله بالسلاح وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن وادي رانوناء ومعه مائة من المسلمين فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة واراده بنو سالم بن عوف على الإقامة عندهم في العدد والعدة والمنعة ، فقال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة لناقته وجعل كلما مر بحي من احياء الأنصار يدعونه للإقامة عندهم في العدد والعدة والمنعة فيجيبهم بمثل ذلك حتى بركت على باب مسجده وهو يومئذ مربد ليتيمين وهما سهل وسهيل أبناء عمرو في حجر معاذ بن عفراء فجعل الناس يكلمون رسول الله(صلى الله عليه وآله)في النزول عليهم فاحتمل أبو أيوب رحله فوضعه في بيته فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله)المرء مع رحله ونزل عليه وسال عن المربد فأخبره معاذ بخبره وقال سأرضي صاحبيه فاتخذه مسجدا فامر ان يبنى مسجدا وكان في موضعه قبور للمشركين فامر النبي(صلى الله عليه وآله)بها فنبضت عظامها وألقيت وبني المسجد في موضعها وعمل فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله)والمهاجرون والأنصار وقال قائلهم :
لئن قعدنا والنبي يعمل * لذاك منا العمل المضلل
قال ابن هشام في سيرته : وارتجز علي بن أبي طالب يومئذ :
لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيها قائما وقاعدا
ومن يرى عن الغبار حائدا
فاخذهما عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها فلما أكثر ظن رجل من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)انه انما يعرض به فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق وقد سمى ابن إسحاق الرجل فقال قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا ابن سمية والله اني لأراني سأعرض هذه العصا لانفك وفي يده عصا فغضب رسول الله(صلى الله عليه وآله)ثم قال : ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ان عمارا جلدة ما بين عيني وانفي الحديث وما في السيرة الحلبية : من أن الرجل الذي ظن أن عمارا يعرض به هو عثمان بن مظعون غير صحيح ولو كان هو لما كتم ابن هشام اسمه واقتصر على قوله : وقد سمى ابن إسحاق الرجل بل هو ممن يحتشم من التصريح باسمه وكان لابسا ثيابا بيضا ويحيد عن الغبار . فبنى حائطه أولا بالحجارة ثم باللبن إلى أن جعل بقدر قامة وجعل له سواري من جذوع النخل وجعل فوقها عريش وبنى بجانبه مساكن له ولأصحابه وأقام في منزل أبي أيوب سبعة أشهر حتى بنى مسجده ومساكنه وما في طبقات ابن سعد : انه(صلى الله عليه وآله)بعث من منزل أبي أيوب ، زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه وسودة بنت زمعة زوجته مخالف لما عليه عامة الرواة وللاعتبار وبقي في المدينة عشر سنين ثم قبض(صلى الله عليه وآله).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|