لا يوجد تعريف محدد وجامع للتخطيط Planning ، لتناوله من قبل أشخاص مختلفين ذوي اتجاهات و اختصاصات وبأزمان مختلفة، ففي حين أن للكلمة معنى قاموسي هو رسم خطة أو خطط، أو وضع منهاج فقد عرفه آخرون ومنهم Benton بأنه تحضير وإعداد ذهني للنشاط من أجل العمل، فيما عرفه (مضر) بأنه تفكير مبرمج مسبق للقيام بفعل أو حدث في المستقبل، إلا أن هذا التفكير يأخذ بعداً اقتصادياً عندما يتجه نحو حل مشكلات اقتصادية، وعندها قد يعرف بأنه حزمة من النشاطات المتتابعة التي يتم رسمها وتنفيذها لحل تلك المشكلات مثلما يرى هوتس وآخرون . وقد يختلف مضمون هذا التعريف عندما يتعلق الأمر بمشكلات أخرى اجتماعية أو سكانية مثلاً.

مما سبق ومن تعاريف أخرى يمكن أن نجمل مضامين التخطيط بالآتي:-

 أولاً : إنه ينطلق من ماض وحاضر يتصفان بمشاكل بجانب أو آخر تواجه المجتمع، وهناك إدراك لهذه المشاكل ورغبة في تجاوزها.

ثانياً : إن التخطيط ينطلق نحو المستقبل بتصور خيالي وابتكاري، أي أنه يخلق ويبني حالة خيالية مستقبلية قبل وضعها موضع التطبيق.

ثالثاً: إن هذا الخلق جهد إنساني فردي وجماعي وهو منظم وموجه.

رابعاً : إنه عقلاني وواقعي يأخذ بالحسبان الإمكانات المتاحة، وقابل للتطبيق خلال مدة زمنية معينة.

وبهذا فإن بالإمكان تعريف التخطيط بكونه جهد مبرمج عقلاني يرسم صورة مبتكرة للمستقبل محدداً بأبعاد زمانية ومكانية للتطبيق. ومن الممكن أن يكون جزئياً لقطاع دون غيره، وقد يكون تخطيطاً شاملاً تعده أجهزة الدولة لتتناول فيه أحوال المجتمع برمتها.

إن تضمين التخطيط بعداً مكانياً يوفر له قدراً أوفر من النجاح ويوفر للجغرافيين في ذات الوقت مدخلاً للإسهام في صنع المستقبل بدلاً من الاكتفاء برسم صورة الحاضر أو حتى نقدها وتحليلها ، فوضع البدائل ربما يكون أكثر أهمية من بيان جوانب الخلل.

ومن جهة أخرى، فإن العلاقة بين الجغرافيا والتخطيط تلتقي في فلسفة كل منهما، فبينما تقوم الجغرافيا على فلسفة مفادها  ماذا؟ وأين؟ ولماذا؟ وتؤكد على العلاقات المكانية بين الظواهر قيد البحث، فإن فلسفة التخطيط قامت على ذات الأسس: مثل ماذا نريد أن نغير؟ ولماذا وأين؟ ومتى؟ وكيف؟

فالمكان والناس والعمل والتكامل بينها مادة مشتركة للبحث والاستقصاء بين الجغرافيا والتخطيط. وإذا كانت الدراسات الجغرافية تهتم سابقاً بالواقع الماثل على الأرض فإن الأجيال اللاحقة من الجغرافيين بدأت تدرك أن بإمكانها العمل مع الآخرين لرسم صورة المستقبل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (2)محمد الفتحي بكير محمد التخطيط الإقليمي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2009، ص 22

 (1) حسن سعيد الكرمي، المنار، A.J. Longman Group ، بيروت، 1981.

(2) عثمان محمد غنيم، التخطيط، أسس ومبادئ عامة، دار صفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، عمان، 2008، ص 28

(3) مضر خليل العمر، ما هو التخطيط، مجلة كلية الآداب، جامعة البصرة، العدد 16،1980، ص 147-155 .