المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28



العشق  
  
266   08:58 صباحاً   التاريخ: 2024-10-04
المؤلف : الشيخ علي رضا بناهيان
الكتاب أو المصدر : النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة : ص 447 ــ 460
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

العشق بمعناه المستعمل في أدبياتنا العرفانية هو الحب الشديد الذي يحصل في القضايا المعنوية أكثر من المادية.

إذا استطعنا أن نرسخ هذا المفهوم في المجتمع سوف يتصدى النساء أنفسهم للحفاظ على الحياء والحجاب، إذ سوف تعي المرأة بأنها إن لم تحافظ على حجابها فإنها قد ساهمت بترك حجابها في ازدياد أرضية اتباع الهوى في المجتمع، وعندئذ سوف تكون هي المتضررة الأولى من تفشي ظاهرة اتباع الهوى. وذلك لأنه إن رُشت بذور اتباع الهوى في المجتمع، يمت العشق أي الحب الشديد والطويل المدى، وسوف يعجز الرجال عن عشق أزواجهم وحبهن الشديد. وسوف تنقص سني عز المرأة إلى سني فترة لعب لاعبي كرة القدم، كما أن اليوم أصبحت سنوات عزّ المرأة في الغرب قصيرة جدا وسرعان ما تُرمى بعد مضي سنين قصيرة. وبما أنه ليس لهنّ أي أسرة فيضطرن إلى الحياة في باقي عمرهن مع قططهن وكلابهن. وكأن المرأة الغربية قد رضت بذلك. هكذا يتعامل المجتمع الغربي معها كسلعة سرعان ما تنتهي مدة استعمالها.

لقد أدى اتباع الهوى إلى فناء العشق والحب في الغرب / ما هي الأكذوبة التي تسوّق على الشباب في كثير من الأفلام.

لقد أدى اتباع الهوى إلى فناء العشق والحب في الغرب. ومع الأسف قل ما أنتج فيلم أو مسلسل أو فيلم وثائقي يعكس هذا الواقع إلى أبناء مجتمعنا من النساء والرجال. يمكن إنتاج أفلام كثيرة في موضوع العلاقة بين المرأة والرجل، بحيث تكون جذابة من جانب وتقضي على الفسوق والفجور بدلا من تعزيزها من جانب آخر.

من المؤسف أن الكثير من الأفلام تكذب على شبابنا فهي تلقي لهم هذا المعنى الكاذب وهو أنه بإمكان الشباب والشابات أن يعشق بعضهم بعضا ويسعدا مع بعض بالرغم من فسقهم واتباعهم الهوى.

بإمكان الإنسان الذي يحظى بالعقل أن يعيش أرقى اللذات وأحلاها / إن لذة المشي في مسيرة الأربعين أعلى من لذة أي فسق وفجور

لقد بلغ عقل الناس من الرشد بمكان بحيث لا داعي إلى استخدام الآيات والروايات لتفهيمهم أن اتباع الهوى يفني العقل ويقضي على العشق. بإمكاننا أن نفهم هذا المعنى من خلال التجربة وندرك أن (جهاد النفس) يزيد العاطفة غزارة ويؤهل الناس للحب الشديد والطويل المدى. هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم ونشاهده حولنا وفي عالمنا.

بإمكان الإنسان الذي يحظى بالعقل وينظر إلى المستقبل الأبعد كالجنة، أن يعاشق الجنة وما فوقها يعني لقاء الله عز وجل، وأن يتمتع بلذة لا يذوقها أفسق الناس في ألهى الملاهي. فعلى سبيل المثال نشير إلى اللذة التي لا يمكن وصفها والتي تعتري زائري أبي عبد الله الحسين المشاة إلى كربلاء في أيام الأربعين. فأولئك الذين حضروا في هذه الشعيرة العظيمة، يشعرون في تلك الأجواء الرهيبة التي لا توصف بلذة لا يذوقها طلاب اللذة والفسق والفجور في أي مكان من هذا العالم.

حري بالإنسان أن يتحسر على حرمان أتباع الهوى وخيبتهم في الحياة

حري بالإنسان أن يتحسر على حرمان أتباع الهوى وخيبتهم في الحياة. ينبغي أن ندعو لهؤلاء المساكين، فإنهم معوقون في روحهم وذهنهم. لقد أصاب هؤلاء أنفسهم وأرواحهم بجروح وقد قضوا على أرواحهم كالمصاب المجروح إثر حادث اصطدام. لقد اتبع هؤلاء المساكين أهواءهم وسلكوا طريق الفسق والفجور ليسعدوا بلذته، وهم لا يعرفون أن اللذة الحقيقية هي في مجاهدة الهوى لا في اتباعه. ففي الواقع قد كذب على هؤلاء وخدعوا.

إن التزمت بدينك وجاهدت نفسك بعقلك، تجد العشق

قد يتبادر هذا السؤال وهو: إن أردت أن ألازم الدين بعقلي، فعندئذ لا أتمتع بديانتي، إذ أن اللذة في العشق لا في العقل. الجواب هو: إن التزمت بدينك وجاهدت نفسك بعقلك، تجد العشق. إذ أن العشق لا ينافي العقل وإن كان قد يكون مخالفا للعقل الضيق النطاق والمقتصر على تدبير الدنيا، ولكنه لا يتعارض مع العقل بشكل عام.

يشير عليك العقل أن تخطو خطاك في سبيل الله فإنه لصالحك، ومن مصلحتك أيضا أن لا تذنب وأن تفعل الأعمال الصالحة. العقل يحكم بأن: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، والعقل يحكم بأن لا يمكن الفرار من حكومة الله؛ (لا يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ) (مصباح المتهجد، ج 2، ص 845)

ولكن أين يوجد العشق؟ إن كففت عن الهوى سوف تعشق من ترى نفسك بمقتضى العقل أسيرا بيده.

يعني سوف تستعد للعشق أولا إذ لم تتبع هواك وثانيا سوف ترى أنه لا يليق أحد بالعشق والحب سواه. وهنا سوف يتبلور تركيب رائع وفريد وهو أنك عبر هذه التزكية سوف تعشق إلها مضطرًا إليه ولا مفر لك منه، وهذا ما يحقق علاقة حب عجيبة ورائعة جدا من شأنها أن تصيرك للفناء فيها.

لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) عن شدة عشق الله عز وجل: (حُبُ اللَّهِ نَارٌ لَا تَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا احْتَرَق) (مصباح الشريعة، ص 192). وهذا الحب هو حب من أنت مضطر إليه بحسب العقل، وفي نفس الوقت قد شغف بحبه قلبك. فإنك إن تقبل على مناجاة الله بهذا النفس، سوف تعي لغة المناجاة أفضل.

في بداية المطاف يدرك الإنسان بعقله أنه مقهور بإرادة الله، وبعد ذلك يشعر كم هو مشتاق إلى هذا الرب.

العقل يضطر الإنسان إلى الحركة باتجاه الله سبحانه، إذ سوف تدرك بعقلك أن جميع أنواع الحب والغرام لا تلصق بالفؤاد إلا محبة الله وأهل البيت (عليهم السلام)، ولا سبيل إلى السعادة غير هذا الطريق.

فمن لم يكن مريض القلب يعشقهم كما لا يجد طريقا غير سلوك طريق حبهم والتقرب إليهم.

في بداية المطاف يدرك الإنسان بعقله أنه مقهور بإرادة الله، وبعد ذلك يشعر كم هو مشتاق إلى هذا الرب وكم هو يحبه. يزعم الكثير من الناس أنهم إذا اضطروا إلى شيء سوف لا يحبونه فضلا عن أن يعشقوه. ولكن ليس الأمر مع الله عز وجل كذلك. فنحن وإن كنا مضطرين إلى الله وأسراء بيده ولكن نستطيع أن نعشقه في نفس الوقت.

يتبلور العشق فيما إذا عرفت بعقلك أن مصالحك كلها تتحقق عبر سلوكك إلى الله، ولكن تغض النظر عن هذه المصالح!

يتبلور العشق من تلك اللحظة التي تعرف فيها بعقلك أن بكل خطوة تخطوها إلى الله يتحقق شيء من مصالحك، ولكن تغض النظر عن هذه المصالح! ثم تواصل الطريق إلى الله بدافع حب الله وحسب.

فإن قيل أن هناك نزاع بين العقل والعشق فلا يعني أن العقل يحكم بضرر شيء والعشق يحكم بمصلحته، فتضطر إلى اختيار أحدهما دون الآخر!

فإن هذا الانطباع عن النزاع بين العقل والعشق غير صحيح. النزاع الحقيقي بين العقل والعشق في أن: العقل يفتح عينيك لترى منافع العمل الصالح، بينما يدعوك العشق إلى غمض العين عن أرباح هذا العمل وأن تسلك هذا الطريق بدافع الحب وحسب. فإنك إن غضضت النظر عن المصالح التي يراها العقل وأديت فعل الخير بدافع العشق لم تنحرف عن طريق العقلانية. لأنك إن كنت قد فتحت عينك واحتسبت المصالح والأرباح لما ملت عن هذا الطريق.

أوج الإخلاص هو تعبير آخر عن العشق

أوج الإخلاص هو تعبير آخر عن العشق بالمعنى الذي ذكرناه أنفا أي: {أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]. الإخلاص هو أن تعلم وتشعر بالمنافع المعنوية والمادية التي يؤدي إليها العمل الذي تقوم به، ولكن لا تنظر إليها وتجعل نيتك خالصة لله. وليس العشق غير هذا.

يزعم كثير من الناس أن معنى الإخلاص هو أن تقول لله: (إلهي، أنا أقوم بهذا العمل في سبيلك ومن أجلك وإن كان بضرري!) فهم يتصورون العشق والإخلاص بهذه الصورة المشوهة وغير العقلانية. فكأنهم يمنون على الله في حين أن الله سيعطي عبده ما لا يحصى من الأجر والثواب على كل قطرة من دمه، بالإضافة إلى أن من يقتل في سبيل الله، كان قد انتهى أجله، فتفضل الله عليه ومن عليه فأعطاه فرصة الجهاد لكي يراق دمه في سبيله. وهذه حقيقة تبينها الآيات والروايات وهي أن الجهاد في سبيل الله لا يقرب موت أحد، وأما من كان قد جاء أجله، فإنه إن فرّ من الجهاد فسوف يلقى الموت في جوف بيته، {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154].

معنى العشق هو أن يقول عقلك: (إن في هذا العمل منافع كثيرة) ويقول العشق: (لا تنظر إلى منافعه)

يقول العقل: (إن كان لابد من مغادرة هذه الدنيا في تاريخ محدد، فادع بالشهادة، إذ أن الشهادة لا تقرب من أجل الإنسان شيئا). فهو يحكم بمصلحة الشهادة للإنسان. ولكن بعد أن عرفت أن هذه الشهادة لصالحك، يقتضي العشق أن تسلك درب الشهادة بغض النظر عن منافعه ومصالحه.

إن أصبح الإنسان عاشقا، سوف لا يرى شيئا من المنافع الأخروية والدنيوية التي سوف يحظى بها في هذا الطريق سوى الله عز وجل. ليس معنى العشق هو أن ينهاك عقلك من أمر لمضاره ويدفعك العشق صوبه بالرغم من أضراره معنى العشق هو أن يرغبك العقل بأمر ما لما ينطوي عليه من منافع وأرباح طائلة، وفي المقابل ينهاك العشق أن ترى هذه المنافع كلها لكي تقوم بهذا العمل الصالح النافع لوجه الله ولحبه.

فجاهد نفسك لتفعل وتعزّز عقلك، ثم واصل الجهاد لكي تنال العشق والإخلاص

إذن فجاهد نفسك لتفعل وتعزز عقلك، ثم واصل الجهاد لكي تنال العشق والإخلاص. فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (كَيْفَ يَسْتَطِيعُ الْإِخْلَاصِ مَنْ يَغْلِبُهُ الْهَوَى) (غرر الحكم، ص 516)

إن الله سبحانه يريك بعض آثار الطاعة والعبادة في هذه الدنيا ليرى هل أنت عاشقه أم لا. وهل تنظر بطمع إلى هذه المنافع أم لا. ولهذا السبب يمنح الله العرفاء كرامات وقدرات خارقة، فلو التهوا بهذه الكرامات، لسقطوا من مقامهم المعنوي.

صلى الله عليك يا أبا عبد الله

أقبل أبو الفضل العباس نحو الشريعة، فهل كان يعلم أنه إذا استشهد في مثل هذا الموقف ينال درجة يغبطه سائر الشهداء أم لا؟! من المؤكد أنه كان يعلم. ولكن العشق هو أن تعلم كل هذه الحقائق ولكن تغض النظر عنها. ولذلك عندما وصل العباس إلى الشريعة لم يكن يفكر بشيء إلا بالحسين وبأطفال الحسين (عليه السلام) غافلا عن كونه قد اقترب من أعلى درجات الجنان.

يا أبا الفضل العباس أدركنا في هذه الليلة وخذ بأيدينا بيديك القطيعتين يا أبا الفضل العباس ويا باب الحوائج، هذه الليلة الأخيرة من شهر رمضان يأتيك المصابون بمختلف الأمراض المستعصية ويشفون عند ضريحك، فاشف قلبي سيدي. إن لم يعاف بعض المرضى فلعل ذلك بمصلحتهم، ولكن هل هناك مصلحة في بقاء أمراضي الروحية بلا علاج؟!

لقد انتهت الليلة الأخيرة من شهر رمضان وأنا لم أستفد من هذا الشهر وخرّبته. إن بعض القرويين من العرب لهم عقيدة عجيبة بأبي الفضل العباس (عليه السلام). يقول أحد الزوّار كنت واقفا إلى جنب ضريح العباس (عليه السلام) وإذا برجل عربي قروي جاء وألصق رأس ابنه بضريح العباس وبدأ يتكلم بكلام لم أفهم منه شيئا. ثم يرجع رأس ابنه ويسأله عن صحته، فأجابه ابنه بالنفي. فأعاد عمليته مرة أخرى. فسألت أحد الخدّام الذين يعرفون الفارسية فقلت له ماذا يفعل هذا الرجل؟ فالتفت إليه واستمع إلى حديثه فاستعبر وبكى. فقال: يقول هذا الرجل للعباس يا عباس رأس ولدي يوجعه ولا يطيب فعافه بسرعة لأني أريد أن أرجع. فيسأل ابنه هل طاب رأسك؟ فأجابه ابنه لا بعد. فيقول له: اصبر قليلا فالآن يشفيك العباس. هكذا يعتقد الناس بأبي الفضل العباس.

أحد الأصدقاء من أهالي مشهد، يقول: كنت في حرم العباس فرأيت أحد المرضى قد طاب بفضل أبي الفضل العباس. ولكني استغربت عندما رأيت أن الخدّام لم يكترثوا كثيرا بهذه الكرامة وكأن لم يحدث شيء عجيب. فقلت لهم: لقد شفي هذا المريض فلو كان قد شفي في مشهد لقامت القيامة فأجابني أحدهم قال: لا تستغرب فهذه الأحداث عادية هنا. هذا هو العباس سيدي يا باب الحوائج لقد جئت إليك بقلب مريض فاشفه وعافه.

أحد الأطباء المؤمنين من أقرباء العارف آية الله العظمى بهاء الديني، ومن المقربين له قال: أخبروني بعد أيام عاشوراء أن صحة السيد بهاء الديني سيئة. فجئت إلى قم لزيارته وفحصه فرأيته شاخصا إلى نقطة ثابتة من الجدار ولا يتكلم. فبدأت أفحصه ولكن لم أر آثارا من مرض. فقلت: إن السيد قد صدم بقضية روحية! ولكن أين السيد بهاء الديني من الصدمات الروحية؟! إذ كان جبلا شامخا لا يهتز كان يخبر عن الغيب والمستقبل ويتحدث مع أرواح المؤمنين في عالم البرزخ.

فحاولت أن أتمازح مع السيد ولكن لم تتغير صحته. إلى أن قلت له سيدنا: أنت الذي يجب أن تساعدني لأعرف السبب من هذه الحالة. ثم بدأت أعطيه أدوية مهدئة بمدة يومين، فتحسنت صحته. فقلت له: إذن سيدنا يجب أن تحكي لنا قصتك. ثم مرّت خمسة عشر يوما وتحسنت صحته، حتى بدأ يتكلم ويضحك. فقلت له: قل لي سيدنا ماذا حدث بك، فقد سمعت أن قد تدهورت صحتك من يوم تاسوعاء؟ (يوم التاسع من المحرم في إيران هو يوم العباس). فقال لي: أترك الموضوع، ولكني أخطأت وأصررت على السيد. فما أن قال لي قصته تدهورت حالته مرة أخرى. ما الذي أثر في قلب السيد بهاء الديني بهذا القدر؟ يقول: قال لي السيد، أنا قد التفتت لحظة واحدة إلى قلب أبي الفضل العبّاس عندما يئس من إيصال قربته إلى المخيم. ثم صاح صيحة وقال: واويلي على يأس العبّاس! 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.