أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-18
916
التاريخ: 2024-02-05
899
التاريخ: 2024-04-19
693
التاريخ: 2024-10-01
181
|
يدل ما لدينا من الآثار الباقية على أن «مرنبتاح» لم يمكث على عرش الملك أكثر من ثماني سنوات، وليس لدينا حتى الآن ما يثبت أنه قد حكم عشرين عامًا كما ذكر لنا «مانيتون» (راجع مصر القديمة ج6)، وتُعد الفترة التي تلت موت «مرنبتاح» فترة اضطراب وقلاقل في داخل البلاد بسبب الثورات التي قامت من أجل عرش الملك والتطاحن عليه بين أفراد أسرة هذا العاهل. وهذه الفترة من الزمن في حكم البلاد تشبه الفترة التي مرت علينا في تاريخ التحامسة بعد موت «تحتمس الأول»، وهاتان الفترتان من تاريخ البلاد لا زالتا غامضتين على الرغم مما بذله المؤرخون والأثريون للوصول إلى كشف النقاب عنهما.
والواقع أن البلاد بعد عهد «مرنبتاح» كانت في حالة إعياء وفقر داخلي بالغين؛ فقد كانت — قبل عهد «مرنبتاح» — منهمكة في الحروب التي شنها «رعمسيس الثاني» على البلاد المجاورة، كما أنه كذلك كان قد استنفد مواردها في إقامة المباني الدينية والتماثيل الهائلة التي ملأ بها البلاد من أقصاها إلى أقصاها، حتى إن ابنه «مرنبتاح» أي ابن «رعمسيس الثاني» لما تولى عرش الملك لم يجد من المال ما يمكنه من إقامة آثار لنفسه، فاغتصب آثار أسلافه كما ذكرنا، وقد زاد الطين بلة تألب بلاد «لوبيا» عليه ومهاجمة ممالك البحر لمصر، ولم يكن في استطاعته صدهم عن احتلال الدلتا إلا بشق الأنفس، ومع ذلك نجد أن هؤلاء الأقوام كانوا قد أخذوا يتسربون إلى البلاد ويتخذون لأنفسهم مساكن فيها، بل وكانوا يشغلون أيضًا بعض وظائف الدولة الهامة، ومن أجل ذلك نجد أنه لما تُوفي «مرنبتاح» كانت الأمور مهيأة لقيام الاضطرابات وتأليف الأحزاب التي نجدها تنمو وتترعرع في مثل هذه الأحوال لانعدام الشخصية القوية التي تضرب على أيدي العابثين والنفعيين؛ وقد بقيت البلاد حقًّا في اضطراب مستمر منذ نهاية حكم «مرنبتاح» حتى مجيء «رعمسيس الثالث» الذي خلصها زمنًا من الفوضى التي كانت تهدد كيانها وتسير بها نحو الانحلال أولًا ثم الفناء آخرًا.
وتتجلى مظاهر الفوضى في البلاد في تلك الفترة فيما نشاهدها من انعدام الآثار التي تحدد لنا تتابع الملوك الذين جاءوا بعد «مرنبتاح»، ولا يزال المؤرخون مختلفين في أمرهم في هذا الشأن حتى الآن، وقد طلع علينا الأثري «إمري» برأي جديد لحل بعض المشكلات التي تجعل ترتيب أواخر ملوك هذه الأسرة هو الرأي الذي أخذ به «بتري» مقبولًا، وأن ما اتبعه «مسبرو» من ترتيب لا يتفق مع الواقع (1)، وقد أصبح الترتيب المتفق عليه حتى الآن مؤقتًا عند معظم المؤرخين وعلماء الآثار المصرية هو:
سيتي مرنبتاح (سيتي الثاني)، (2) «منموس»، (3) «رعمسيس سبتاح»، وأخيرًا: (4) الملكة «توسرت «.
وتدل البراهين التي أوردها «إمري» على أن ترتيب «بتري» هو الصحيح (راجع Petrie Hist. of Egypt III, p. 120 ff)، ومع ذلك فإن وجود طغراء «سيتي الثاني» منقوشًا على اسم «رعمسيس سبتاح» لا يمكن أن يتفق مع ترتيب «بتري» في تتابع أسماء هؤلاء الملوك، وقد فسر «مسبرو» ذلك بقوله: إنه عند موت «سبتاح» تزوجت «توسرت» الفرعون «سيتي الثاني». وقد أكد هذا الرأي الأساور الفضية التي وُجدت لها باسم هذا الملك، والنظرية المعقولة بالنسبة لخلافة الملوك وتتابعهم في تلك الفترة تتوقف على أمر واحد كما يقول «إمري» وهو: هل كان هناك ملك ثالث يُدعى «سيتي»؟ ونحن من جانبنا نعلم بوجود أمير على بلاد «كوش» في تلك الفترة يُدعى «سيتي» (راجع مصر القديمة ج5). وقد شغل هذه الوظيفة في عهد «سبتاح» إلى أن تولى وظيفته هذه آخر يُدعى «حورا» (راجع مصر القديمة ج5) في السنة السادسة من حكم هذا الفرعون، ويتساءل «إمري» هل تزوجت الملكة «توسرت» بعد موت «سبتاح» من «سيتي» نائب بلاد «كوش» وجعلته شريكًا لها على عرش البلاد؟ فإذا كان الرد بالإيجاب فإنها تكون نظرية مقبولة تحل المشكلة، وعلى ذلك يمكن أن يكون القبر رقم 15 للملك «سيتي الثاني» وأن الطغراءات التي وُضعت زورًا في مقبرة «توسرت» رقم 14 «بأبواب الملوك» لحاكم بلاد النوبة «سيتي» زوجها أي «سيتي الثالث»، وبذلك يمكن تفسير وجود مقبرتين لملك واحد. وكذلك تشير الأساور الفضية إلى «سيتي الثالث» — حاكم بلاد النوبة. وعلى هذا الزعم يمكن تفسير السبب الذي من أجله نجد أن الزوجة الملكية العظيمة التي نقشت عليها هي «توسرت» لا «تاخعت»، وهذه النظرية التي طلع علينا بها «إمري» براقة خلابة في شكلها جذابة في موضوعها غير أنه ينقصها السند التاريخي الصحيح، وسيبقى الموضوع معلقًا إلى أن تجود الآثار المغمورة تحت الأرض في منطقة «أبواب الملوك» ببرهان جديد لا يحتاج إلى فروض.
.................................................
1- أما «إدورد مير» فيقول في شأن تتابع هؤلاء الملوك ما يأتي: «إننا نعرف من هذا العهد ثلاثة ملوك لهم مقابر في «وادي الملوك»، اثنان منهم يُعدان غير شرعيين، وقد مُحي اسماهما من الآثار القليلة التي ظهرا عليها، وأولهما هو «منمس» وهو مغتصب؛ لأنه ليس من دم ملكي، فأمه «تاخعت» كانت لا تحمل إلا لقب الأم الملكية العظيمة، وعلى ذلك لم تكن زوجة ملكية أو بنت ملك على الأقل مثل زوجه الوحيدة «بكنور» وأنه ذكر لنا في «معبد القرنة» الذي نشاهده فيه يمجد آمون «وسيتي الأوَّل» «ورعمسيس الثاني»، وهنا وضع «سبتاح» اسمه فوق اسمه، أنه هو ابن آمون، والبذرة المقدسة التي خرجت من أعضائه، وابن «حور» المحبوب مثل ملك الوجه القبلي، والجميل مثل ملك الوجه البحري الذي أرضعته «إيزيس» في بلدة «خميس» (في الدلتا مثل حور) ليحكم هذه الأرض.» وعلى الرغم من أن هذا الوصف يمكن أن يُقال عن كل ملوك مصر فإن الأستاذ «برستد« (Br. A. R. III, 641) يفسر ذلك بأن هذا المدعي كان ملكًا حقيقيًّا مثل «حور» عندما كان مستترًا عن عيني «ست» وترعرع في عهد مطاردة «ست» له، وبعد ذلك تولى عرش مصر منتصرًا، والظاهر أن «مرنبتاح» قد طوح به غير أنه لم يمكث على العرش طويلًا وقبره قد هدم تهديمًا شاملًا وقد أسقطه بدوره «مرنبتاح سبتاح» وجلس مكانه على العرش على حسب ما جاء في النقوش حتى السنة السادسة من حكمه، وقد اشتركت معه زوجه «توسرت» ولها قبر عظيم وقد حفر بجوارها وزير ماليته «باي» لنفسه قبرًا عظيمًا، ولا بد أنه كان قد لعب دورًا هامًّا في ولاية العرش في ذلك العهد. وقد خلفه على العرش «سيتي الأوَّل» وقد محا اسم سلفه في حين أنه على ما يظهر قد تزوج من «توسرت» وبنى لنفسه قبرًا بجانب قبرها وبقي يحكم معها، وقد عده أخلافه ملكًا شرعيًّا. ومات في السنة السادسة من سني حكمه؛ وتدل نقوش على قطعة من الحجر الجيري دُوِّن عليها يوميات عن العمل في قبره، على أن خليفته على العرش هو «رعمسيس سبتاح»، وأنه بعد وقف العمل أربعة أيام في قبره حدادًا عليه استمر دون عائق، ومن ذلك نفهم أنه لم تحدث أية قلاقل من جراء تغيير الجالس على العرش. والملك الجديد لا يُعرف له إلا آثار قليلة، ويُلاحَظ هنا أن سجل اليوميات السالف الذكر قد نشره «دارسي» (راجع Rec. Trav. 34, (1912)) وبحث معه النقوش الأخرى المتعلقة بهذا الموضوع وقد استنبط بحق أن «رعمسيس سبتاح» لا يمكن توحيده مع «مرنبتاح سبتاح»؛ وذلك لأن لقب عرش كل منهما كان مختلفًا عن الآخر تمامًا. ومن المدهش أن «رعمسيس بتاح» قد ولى في السنة الأولى من حكمه نائب ملك في «كوش» يُدعى «سيتي»، وقد كان هذا الموظف بعينه يشتغل هذه الوظيفة مدة ثلاث سنوات في عهد «مرنبتاح سبتاح» — ولا يمكن توحيد «سيتي» هذا حاكم «كوش» «بسيتي الثاني» كما يسلم البعض بذلك — والملك الذي يتلوه على الآثار هو «ستنخت» والد «رعمسيس الثالث» وهذا كل ما جادت به علينا الآثار الخاصة بهذا العصر، والواقع أنه لا يمكننا أن نجزم على وجه التحقيق بعلاقة الملوك بعضهم ببعض ولا ندلي بالأسباب التي تعضد ادعاء كل منهم لذلك. وهاك ترتيب ملوك هذه الفترة كما رتبهم «إدوردمير «:
(1) مرنبتاح: حكم 8 سنوات على الأقل.
(2) امنمس: حكم ما يقرب من سنتين.
(3) مرنبتاح سبتاح: حكم 6 سنوات.
(4) سيتي الثاني: حكم 6 سنوات.
(5) رعمسيس سبتاح: عدة سنوات.
(6) أرسو: عدة سنوات.
أي إنهم حكموا حوالي 32 سنة تقريبًا (1232ــ 1200).
هذا الترتيب هو الذي اتبعه «درينون» و«ڤنديه» (راجع Ed Meyer Gesch II, p. 585 note 1 and Peuple D’Onient, Egypte p. 600).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|