أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2014
3739
التاريخ: 8-3-2022
1747
التاريخ: 22-11-2015
3934
التاريخ: 18-4-2017
3768
|
لم يتزوج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) على خديجة وتزوج بعد هجرته
قال ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 137 : « في إعلام الورى ، ونزهة الأبصار ، وأمالي الحاكم ، وشرف المصطفى : أنه ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بإحدى وعشرين امرأة . وقال ابن جرير وابن مهدي : واجتمع له إحدى عشرة امرأة في وقت .
ترتيب أزواجه : تزوج بمكة أولاً خديجة بنت خويلد ، قالوا : وكانت عند عتيق بن عايذ المخزومي ثم عند أبي هالة زرارة بن نباش الأسدي .
وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها وكانت عذراء ، يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة .
وسودة بنت زمعة بعد موتها بسنة ، وكانت عند سكران بن عمرو من مهاجري الحبشة فتنصر ومات بها . وعائشة بنت أبي بكر ، وهي ابنة سبع قبل الهجرة بسنتين ، ويقال كانت ابنة ست ودخل بها بالمدينة في شوال وهي ابنة تسع ، ولم يتزوج غيرها بكراً ، وتوفي النبي وهي ابنة ثمانية عشر سنة ، وبقيت إلى أمارة معاوية وقد قاربت السبعين .
وتزوج بالمدينة أم سلمة ، واسمها هند بنت أمية المخزومية ، وهي بنت عمته عاتكة بنت عبد المطلب ، وكانت عند أبي سلمة بن عبد الأسد ، بعد وقعة بدر من سنة اثنتين من التاريخ ، وفي هذه السنة تزوج بحفصة بنت عمر وكانت قبله تحت خنيس بن عبد الله ابن حذاقة السهمي ، فبقيت إلى آخر خلافة علي ( عليه السلام ) وتوفيت بالمدينة . وزينب بنت جحش الأسدية ، وهي ابنة عمتها أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت عند زيد بن حارثة ، وهي أول من ماتت من نسائه بعده في أيام عمر ، بعد سنتين من التاريخ .
وجويرية بنت الحارث بن ضرار المصطلقية ، ويقال إنه اشتراها فأعتقها وتزوجها وماتت في سنة خمسين ، وكانت عند مالك بن صفوان بن ذي السفرتين . وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة وكانت عند عبد الله بن جحش ، في سنة ست ، وبقيت إلى أمارة معاوية .
وصفية بنت حي بن أخطب النضري ، وكانت عند سلام بن مسلم ، ثم عند كنانة ابن الربيع ، وكانت أتي بها وأسر بها في سنة سبع . وميمونة بنت الحارث الهلالية ، خالة ابن عباس ، وكانت عند عمير بن عمرو الثقفي ، ثم عند أبي زيد بن عبد العامري ، خطبها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفر بن أبي طالب وكان تزويجها وزفافها وموتها وقبرها بسرف ، وهو على عشرة أميال من مكة في سنة سبع ، وماتت في سنة ست وثلاثين . وقد دخل بهؤلاء .
والمطلقات أو من لم يدخل بهن أو من خطبها ولم يعقد عليها : فاطمة بنت شريح وقيل بنت الضحاك ، تزوجها بعد وفاة ابنته زينب وخيرها حين أنزلت عليه آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها ، فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول : أنا الشقية اخترت الدنيا . وزينب بنت خزيمة بن الحرث أم المساكين من عبد مناف ، وكانت عند عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب . وأسماء بنت النعمان بن الأسود الكندي من أهل اليمن . وأسماء بنت النعمان ، لما دخلت عليه قالت : أعوذ بالله منك ، فقال : أعذتك إلحقي بأهلك ، وكانت بعض أزواجه علمتها وقالت : إنك تحظين عنده . وقتيلة أخت الأشعث بن قيس الكندي ، ماتت قبل أن يدخل بها ، ويقال طلقها فتزوجها عكرمة بن أبي جهل وهو الصحيح .
وأم شريك ، واسمها غزية بنت جابر من بني النجار . وسنا بنت الصلت من بني سليم ، ويقال خولة بنت حكيم السلمي ماتت قبل أن تدخل عليه ، وكذلك صراف أخت دحية الكلبي .
ولم يدخل بعمرة الكلابية ، وأميمة بنت النعمان الجونية ، والعالية بنت ظبيان الكلابية ، ومليكة الليثية . وأما عميرة بنت بريد رأى بها بياضاً فقال : دلستم عليَّ فردها ، وليلى بنت الحطيم الأنصارية ضربت ظهره وقالت : أقلني ، فأقالها فأكلها الذئب ، وعمرة من العرطا « كذا » وصفها أبوها حتى قال : إنها لم تمرض قط ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما لهذه عند الله من خير . والتسع اللاتي قبض عنهن : أم سلمة ، زينب بنت جحش ، ميمونة ، أم حبيبة ، صفية ، جويرية ، سودة ، عائشة ، حفصة .
قال زين العابدين ( عليه السلام ) ، والضحاك ، ومقاتل : المُوهبة امرأة من بني أسد ، وفيه ستة أقوال . ومات قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) : خديجة ، وزينب بنت خزيمة . وأفضلهن خديجة ، ثم أم سلمة ، ثم ميمونة .
مبسوط الطوسي ، أنه اتخذ من الإماء ثلاثاً : عجميتين وعربية فأعتق العربية واستولد إحدى العجميتين ، وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه : مارية القبطية ، وريحانة بنت زيد القرظية ، أهداهما المقوقس صاحب الإسكندرية ، وكانت لمارية أخت اسمها سيرين فأعطاها حسان فولدت عبد الرحمن ، فتوفيت مارية بعد النبي بخمس سنين ، ويقال إنه أعتق ريحانة ثم تزوجها .
وفي الأنوار ، والكشف ، واللمع ، وكتاب البلاذري : أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش ، فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين » .
أم سَلمة أفضل أزواج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بعد خديجة ( عليها السلام )
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « أفضلهن خديجة بنت خويلد ، ثم أم سلمة ، ثم ميمونة » . « الخصال / 419 » . وقد تزوج سَوْدة أول دخوله المدينة ، ثم تزوج أم سلمة وهي بنت عم أبي جهل ، أبوها أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي ! وكان يسمى زاد الراكب لكرمه ، وأبو جهل هو : عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . دلائل الإمامة / 81 وعمدة القاري : 17 / 84 .
أما زوجها قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبو سلمة فهو : « عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم » . « الحاكم : 4 / 16 و 19 » . وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة .
وكان أخوها لأبيها عبد الله بن أبي أمية من أشد أعداء النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع أنه ابن عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وهو الذي قال : « لا أومن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سُلَّماً وترقى فيه وأنا أنظر ، حتى تأتيها ، وتأتي بنسخة منشورة معك ، ونفرٍ من الملائكة ، يشهدون لك أنك كما تقول » !
وفيه وفي رفقائه نزل قوله تعالى : « وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا . أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً . أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولاً » . أسباب النزول / 199 .
« وقد أسلمت أم سلمة وزوجها وهاجرا إلى الحبشة ، ورزقت منه ثلاثة بنين وثلاث بنات ، ورجعوا من الحبشة إلى المدينة وتوفي أبو سلمة قبل بدر ، فتزوج بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد بدر في شوال . وعاشت إلى خلافة يزيد بعد شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وصلى عليها سعيد بن زيد وكان أمير المدينة » . المناقب : 1 / 138 ، الإستيعاب : 4 / 1920 و 3 / 18 ، ذخائر العقبى / 250 ، الحاكم : 4 / 18 ، أسباب النزول / 199 ، الطبقات : 8 / 43 وابن إسحاق : 2 / 180 .
خطبة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لأم سلمة
أرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) يخطبها فأجابته : « فيَّ خصال ثلاث : أما أنا فكبيرة ، وأنا مُطفلٌ ، وأنا غيورٌ . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : أما ما ذكرت من الغيرة فندعو الله حتى يذهبه عنك ، وأما ما ذكرت من الكبر فأنا أكبر منك ، والطفل إلى الله وإلى رسوله » . « ابن إسحاق : 5 / 429 ، الطبقات : 8 / 91 » . وفي رواية قالت : أنا امرأة مصبية ، أي عندي أطفال .
وفي الإنتصار للمرتضى / 285 : « فقالت ليس أحد من أوليائي حاضراً ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ليس أحد من أوليائك حاضراً أو غائباً إلا ويرضى بي ، ثم قال لعمر بن أبي سلمة وكان صغيراً : قم فزوجها ، فتزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بغير ولي » .
وكانت موصوفة بالجمال ، « ففي الكافي : 5 / 117 » ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « مات الوليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : إن آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم ؟ فأذن لها ، فلبست ثيابها وتهيأت وكانت من حسنها كأنها جان ، وكانت إذا قامت فأرخت شعرها جلل جسدها وعقدت بطرفيه خلخالها ، فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت :
أنعى الوليد بن الوليد * أبا الوليد فتى العشيرة
حامي الحقيقة ماجد * يسمو إلى طلب الوتيرة
قد كان غيثاً في السنين * وجعفراً غدقاً وميرة
قال : فما عاب ذلك عليها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا قال شيئاً » .
وقالت عائشة : « لما تزوج رسول الله أم سلمة حزنت حزناً شديداً لما ذكروا لنا من جمالها ! قالت : فتلطفت لها حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وُصفت لي في الحسن والجمال ! قالت : فذكرت ذلك لحفصة وكانتا يداً واحدة ، فقالت : لا والله إن هذه إلا الغيرة ما هي كما يقولون ، فتلطفت لها حفصة حتى رأتها فقالت : قد رأيتها ولا والله ما هي كما تقولين وإنها لجميلة ! قالت : فرأيتها بعد فكانت لعمري كما قالت حفصة ، ولكني كنت غَيْرَى » . الطبقات : 8 / 94 .
أمينة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وعترته ( ( عليهم السلام ) )
أدَّت أم سلمة رضي الله عنها واجبها في خدمة النبوة والإمامة على أحسن وجه وكان لها دور في نشر حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والدفاع عن أمير المؤمنين والزهراء والحسنين والأئمة « عليهم السلام » ، سواء في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله ) ، وفي مواجهة أهل السقيفة ، ثم في مواجهة عائشة وطلحة والزبير ومعاوية ويزيد ! وساعدها على ذلك أنها من شخصيات بني مخزوم ، وأنها أطول نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) عمراً ، وصاحبة مكانة محترمة عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أودع عندها تربة كربلاء التي أتاه بها جبرئيل ( عليه السلام ) وأخبرها أنها عندما يقتل الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء تتحول إلى دم عبيط ، أي صافٍ ! وقد استفاضت روايتها في مصادر الشيعة والسنة ، فمن ذلك ما رواه أحمد : 3 / 242 ووثقوه ، عن أنس بن مالك : « أن ملك المطر استأذن ربه أن يأتي النبي فأذن له فقال لأم سلمة : إملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ، قال : وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلى منكبه وعلى عاتقه ، قال فقال الملك للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : أتحبه ؟ قال : نعم . قال : أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ! فضرب بيده فجاء بطينة حمراء ، فأخذتها أم سلمة فَصَرَّتها في خمارها ، قال ثابت : بلغنا أنها كربلاء » .
ومن مصادرنا ما رواه الطوسي في أماليه / 315 ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : « بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عظيماً عالياً من بيت أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فخرجت يتوجه بي قائدي إلى منزلها ، وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء ، فلما انتهيت إليها قلت : يا أم المؤمنين ما بالك تصرخين وتغوثين ؟ فلم تجبني وأقبلت على النسوة الهاشميات وقالت : يا بنات عبد المطلب أسعدنني وابكين معي ، فقد والله قتل سيدكن وسيد شباب أهل الجنة ، قد والله قتل سبط رسول الله وريحانته الحسين ! فقيل : يا أم المؤمنين ومن أين علمت ذلك ؟ قالت : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنام الساعة شَعِثاً مذعوراً فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم ! قالت : فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل ، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء فقال : إذا صارت هذه التربة دماً فقد قتل ابنك ، وأعطانيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : إجعلي هذه التربة في زجاجة أو قال : في قارورة ولتكن عندك ، فإذا صارت دما عبيطاً فقد قتل الحسين ! فرأيت القارورة الآن وقد صارت دماً عبيطاً تفور ! قال : وأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها ، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة على الحسين ( عليه السلام ) ، فجاءت الركبان بخبره ، وأنه قتل في ذلك اليوم !
قال عمرو بن ثابت قال أبي : فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام ) منزله فسألته عن هذا الحديث ، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبد الله بن عباس فقال : أبو جعفر ( عليه السلام ) حدثنيه عمر بن أبي سلمة ، عن أمه أم سلمة » .
كما أعطاها صحيفة علامةً على إمامة علي ( عليه السلام ) ، ففي بصائر الدرجات / 186 ، عن ابن عباس و : 188 ، عن أم سلمة قالت : « أعطاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً قال : أمسكي هذا فإذا أنا قبضت فقام رجل على هذه الأعواد يعني المنبرفأتاك يطلب هذا الكتاب فادفعيه إليه . قالت : فلما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صعد أبو بكر المنبر فانتظرته به فلم يأت ، فلما مات صعد عمر فانتظرته فلم يأت فلما مات عمر صعد عثمان فانتظرته فلم يأت ، فلما مات عثمان صعد أمير المؤمنين فلما صعد ونزل جاء فقال : يا أم سلمة أريني الكتاب الذي أعطاك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقالت : وإنك أنت صاحبه ؟ فقالت : أما والله إن الذي كنت أحب أن يحبوك به فأخرجته إليه ففتحه فنظر فيه ثم قال : إن في هذا لعلما جديداً . قال قلت أي شئ كان ذلك ؟ قال : كل شئ يحتاج إليه ولد آدم » !
ونحوه بصائر الدرجات / 183 ، عن عمر بن أم سلمة : « فاستأذن عليٌّ فدخل فقال لها : أعطني الكتاب الذي دفع إليك بآية كذا وكذا ، وكأني أنظر إلى أمي حتى قامت إلى تابوت لها في جوفها تابوت صغير ، فاستخرجت من جوفه كتاباً فدفعته إلى علي ( عليه السلام ) ، ثم قالت لي أمي : يا بنيَّ إلزمه فلا والله ما رأيت بعد نبيك إماماً غيره » !
كما استودعها المؤمنين ( عليه السلام ) مواريث الأنبياء ( عليه السلام ) لتسلمها إلى الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، « ففي الكافي : 1 / 298 » ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إن علياً حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن ( عليه السلام ) دفعتها إليه » .
كما استودعها الإمام الحسين ( عليه السلام ) وصيته ومواريث الأنبياء « عليهم السلام » ، « ففي الكافي : 1 / 304 » ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة الكتب والوصية ، فلما رجع علي بن الحسين ( عليه السلام ) دفعتها إليه » .
وفي بصائر الدرجات / 197 ، عن حمران أنه سأل الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة ؟ قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما قبض ورث علي ( عليه السلام ) سلاحه وما هنالك ، ثم صار إلى الحسن والحسين ، فلما خشيا أن يفتشا استودعا أم سلمة ، ثم قبضا بعد ذلك فصار إلى أبيك علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم انتهى إليك أو صار إليك ؟ قال نعم » .
وفي غيبة الطوسي / 195 : « لما توجه الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق دفع إلى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) الوصية والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلما قتل الحسين أتى علي بن الحسين ( صلى الله عليه وآله ) أم سلمة فدفعت إليه كل شئ أعطاها الحسين ( عليه السلام ) » .
طلب معاوية شهادتها بإمامة علي ( ( ع ) )
روى محمد بن سليمان في المناقب : 1 / 507 عن عبيد الله بن أبي رافع قال : « كنا جلوساً في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عام حج معاوية بن أبي سفيان ، ومعي عبد الله بن عباس وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، فأتانا معاوية فسلم وقعد إلينا ، فاشمأز منه ابن عباس حين قعد إليه حتى عرف ذلك معاوية ، فقال له : يا ابن عباس كأنك مشمئز مني كأنك واجدٌ عليَّ أن طلبت بدم أمير المؤمنين وكنتُ أحق من طلب بدمه وأقواهم عليه ؟ فقال له ابن عباس : وبمَ أنت أحق الناس ؟ قال : أليس ابن عمي قتل وهو أمير المؤمنين ؟ فقال ابن عباس : فهذا ! وأشار إلى ابن عمر أحق بالأمر منك ! قد قتل أبوه وهو خليفته ! فقال له معاوية : قتل أباه مشرك وقتل ابن عمي المسلمون . فقال ابن عباس : فذاك أشرإذن . قال : ثم التفت معاوية إلى سعد فقال : يا سعد ما منعك أن تقاتل معي وتخرج إذ طلبت بدم أمير المؤمنين ؟ فقال له سعد : أقاتل علي بن أبي طالب وقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ! فقال له معاوية : من سمع هذا معك ؟ فقال : أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : قوموا بنا إليها فقمنا جميعاً فدخلنا عليها فقال لها سعد : يا أم المؤمنين إني ذكرت لمعاوية أن رسول الله قال لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، فأنكر ذلك وقال : من سمعه معك فذكرتك فهل سمعت ذاك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقالت أم سلمة : أما مرة واحدة فلا ، ولكن سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مراراً ! فقال معاوية لسعد : أنت أظلم وأقل عذراً إذ سمعت هذا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلم تخرج إليه ولم تقاتل معه ولم تنصره ! فلو سمعتُ هذا من رسول الله لم أقاتله » .
ونحوه : 1 / 421 ، وفيه قال معاوية لسعد : « ألْوَمُ والله ما كنت عندي الساعة ! لو سمعتُ هذا من رسول الله ، ما زلت خادماً لعلي حتى أموت » !
من امتيازاتها على نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
كانت أم سلمة كخديجة ، تشتري العبيد وتعتقهم ، وربما اشترت الصغير فربته حتى يكبر وأعتقته ، لذا تجد عدداً من الرواة والعلماء من موالي أم سلمة ففي الإصابة : 7 / 4 : « أبو إبراهيم مولى أم سلمة . . قال : كنت عبداً لأم سلمة ، فكنت أبيت على فراش النبي وأتوضأ من محضنته ، فلما بلغت مبالغ الرجال أعتقتني » .
وكانت تشجع المملوك على العمل ليحرر نفسه ، ففي الطبقات : 5 / 296 ، عن نصاح بن سرجس بن يعقوب عن أبيه قال : « كاتبتني أم سلمة على نجوم « أقساط » وفيتها ، فكلمتها أن تحط عني وتقاطعني على ذهب أو ورق ، ففعلت . وعجَّلت لها ذلك ووضعت عني . وكان شيبة إمام أهل المدينة في القراءة في دهره » .
وهذا عدد آخر من موالي أم سلمة رضي الله عنها :
ففي الهداية الكبرى / 115 ، في حديث زفاف فاطمة « عليها السلام » : « فخرج مولى لأم سلمة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنثر سكراً ولوزاً ونثر الناس من كل جانب » .
وفي الطبقات : 5 / 297 : « عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي ( عليه السلام ) عتاقةً ، سمع من أم سلمة ، وبقي حتى سمع منه عبد الله بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وقدامة بن موسى وجارية بن أبي عمران ، وكان ثقة كثير الحديث .
ناعم بن أجيل مولى أم سلمة . قيس مولى أم سلمة ، ويكنى أبا قدامة .
أبو ميمونة مولى أم سلمة . وكان قارئ أهل المدينة في زمانه ، وهو الذي قرأ عليه نافع بن أبي نعيم كثير بن أفلح » .
وفي المغني : 12 / 339 : « عن نبهان مولى أم سلمة ، عن أم سلمة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي ، فلتحتجب منه » .
« وفي إسناده نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري وقد وثق » المجموع : 16 / 136 .
« عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة » . الموطأ : 1 / 8 .
« عن طلحة بن يحيى عن عبد الله بن فروخ مولى أم سلمة » . الجوهر النقي : 6 / 189 .
« سفينة هو مولى أم سلمة ، وشرطت عليه أن يخدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) » . المحلى : 5 / 157 .
« أفلح . . مولى لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقيل مولى لأم سلمة » . سبل السلام : 3 / 216 .
« عن ناعم مولى أم سلمة » . مسند أحمد : 2 / 163 .
« حدثني عمرو ، عن أبي السمح ، عن السائب مولى أم سلمة ، عن أم سلمة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال خير مساجد النساء قعر بيوتهن » . مسند أحمد : 6 / 297 .
« حبيب ، عن ناعم مولى أم سلمة ، عن أم سلمة » . مسند أحمد : 6 / 299 .
« عن السائب مولى أم سلمة أن نسوة دخلن على أم سلمة من أهل حمص » . « مسند أحمد : 6 / 301 » . « أن أبا الجراح مولى أم سلمة أخبره » . مسند أحمد : 6 / 326 .
« عبد الله بن زياد بن سمعان مولى أم سلمة مكي » . رجال الطوسي / 231 .
« القزاز قال : سمعت مولى لأم سلمة يقول : سمتني أم سلمة مخوضاً ، وكنت طويلاً » . علل أحمد : 1 / 221 .
« عبد الله بن زياد بن سمعان هو مولى أم سلمة » « التاريخ الصغير للبخاري : 2 / 106 » . « نجيح أبو معشر السندي المدني مولى أم سلمة » . « التاريخ الصغير للبخاري 2 / 187 » . « السائب مولى أم سلمة » « نفيع مولى أم سلمة » « يزيد مولى أم سلمة » . « التاريخ الكبير للبخاري 4 / 153 ، 8 / 113 و 271 » . « أبي الجراح مولى أم سلمة » . كنى البخاري / 19 .
« أحمر مولى أم سلمة ، قيل هو اسم سفينة » . الإصابة : 1 / 187 .
« من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبيح مولى أم سلمة » الإصابة : 3 / 327 .
« المهاجر مولى أم سلمة يكنى أبا حذيفة صحب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخدمه ، وشهد فتح مصر واختط بها ، ثم تحول إلى طحا فسكنها إلى أن مات » . الإصابة : 6 / 181 .
« أبي سليمان مولى أم سلمة » « الإصابة : 6 / 501 » . « قيس مولى أم سلمة »
تعجيل المنفعة / 346 .
« ويقال بل كانت أم الحسن « البصري » مولاة لأم سلمة . فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكي الصبي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجئ أمه فدر عليها ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك » . الطبقات : 7 / 156 .
وفي أمالي الصدوق / 463 ، عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قال : « بلغ أم سلمة زوجة النبي أن مولى لها يتنقص علياً ( عليه السلام ) ويتناوله ، فأرسلت إليه فلما أن صار إليها قالت له : يا بنيَّ بلغني أنك تتنقص علياً وتتناوله ؟ قال لها : نعم يا أماه . قالت : أقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم اختر لنفسك ! إنا كنا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تسع نسوة وكانت ليلتي ويومي من رسول الله فدخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو متهلل أصابعه في أصابع علي ، واضعاً يده عليه فقال : يا أم سلمة ، أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت واقبلا يتناجيان ، أسمع الكلام وما أدري ما يقولان ، حتى إذا انتصف النهار أتيت الباب فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ قال : لا . فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة ، أو نزل في شئ من السماء ، ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : لا . فكبوت كبوة أشد من الأولى . ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة ، فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : أدخلي يا أم سلمة ، فدخلت وعلي جاث بين يديه ، وهو يقول : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني ؟ قال : آمرك بالصبر . ثم أعاد عليه القول الثانية فأمره بالصبر ، فأعاد عليه القول الثالثة فقال له : يا علي يا أخي ، إذا كان ذاك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك واضرب به قدماً قدماً ، حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم ! ثم التفت ( عليه السلام ) إلي فقال لي : ما هذا الكآبة يا أم سلمة ؟ قلت : للذي كان من ردك لي يا رسول الله . فقال لي : والله ما رددتك من موجدة وإنك لعلى خير من الله ورسوله ، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني ، وعلي عن يساري ، وجبرئيل يخبرني بالأحداث التي تكون من بعدي ، وأمرني أن أوصي بذلك علياً !
يا أم سلمة ، إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة .
يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ، ووزيري في الآخرة . يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب ، حامل لوائي في الدنيا وحامل لوائي غداً في القيامة . يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي ، وقاضي عداتي ، والذائد عن حوضي .
يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
قلت : يا رسول الله ، من الناكثون ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة . قلت : من القاسطون ؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام . قلت : من المارقون ؟ قال : أصحاب النهروان .
فقال مولى أم سلمة : فرجت عني فرج الله عنك ، والله لاسببت علياً أبداً » !
« عن عبد الله بن مغيرة مولى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها قالت : نزلت هذه الآية في بيتها : إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً . أمرني رسول الله أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ، فلما أتوه اعتنق علياً بيمينه والحسن بشماله والحسين على بطنه وفاطمة عند رجله ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً . قالها ثلاث مرات . قلت : فأنا يا رسول الله . فقال : إنك على خير إن شاء الله » . أمالي الطوسي / 263 .
« عن أبي الأحوص مولى أم سلمة قال : إني مع الحسن ( عليه السلام ) بعرفات ومعه قضيب وهناك أجراء يحرثون ، فكلما هموا بالماء أجبل عليهم ، فضرب بقضيبه إلى الصخرة فنبع لهم منها ماء واستخرج لهم طعاماً » . دلائل الإمامة / 171 .
أي كانوا يحفرون بئراً فظهر صخر صعب ، فضربه الإمام ( عليه السلام ) فنبع الماء ، ثم استخرج لهم طعاماً من هناك . راجع لسان العرب : 11 / 97 .
أذى نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لأم سلمة !
قالت عائشة ، « البخاري 3 / 132 » : « إن نساء رسول الله كنَّ حزبين : فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة . والحزب الآخر : أم سلمة وسائر نساء رسول الله » ! روى في الطبقات : 8 / 80 ، عن فاطمة الخزاعية قالت إن عائشة قالت لها : « دخل علي يوماً رسول الله فقلت : أين كنت منذ اليوم ؟ قال : يا حميراء كنت عند أم سلمة . فقلت : ماتشبع من أم سلمة » !
وروى بخاري : 3 / 108 ، أن أم سلمة أرسلت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو عند عائشة ، بقصعة فيها طعام : « فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة » . وفي سبل السلام : 3 / 70 والنسائي : 7 / 70 : « واتفقت مثل هذه القصة من عائشة في صحفة أم سلمة . ووقع مثلها لصفية » .
وتدخَّل عمر بين نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فغضبت أم سلمة كما في « البخاري : 6 / 69 » : « فقالت أم سلمة : عجباً لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شئ ، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأزواجه » !
وفي الكافي : 5 / 565 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن أبا بكر وعمر أتيا أم سلمة فقالا لها : يا أم سلمة إنك قد كنت عند رجل قبل رسول الله فكيف رسول الله من ذاك في الخلوة ؟ ! فقالت : ما هو إلا كسائر الرجال ! ثم خرجا عنها وأقبل النبي فقامت إليه مبادرة فرقاً أن ينزل أمر من السماء فأخبرته الخبر فغضب رسول الله حتى تربد وجهه والتوى عرق الغضب بين عينيه ، وخرج وهو يجر رداؤه حتى صعد المنبر . فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ما بال أقوام يتبعون عيبي ويسألون عن غيبي ! والله إني لأكرمكم حسباً وأطهركم مولداً وأنصحكم لله في الغيب ، ولايسألني أحد منكم عن أبيه إلا أخبرته . . إلى آخر الحديث » .
أم سلمة عند وفاة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وروت أم سلمة أجواء وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالت كما في الخصال / 642 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه الذي توفي فيه : ادعوا لي خليلي ، فأرسلت عائشة إلى أبيها فلما جاء غطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجهه وقال : ادعوا لي خليلي ! فرجع أبو بكر ! وبعثت حفصة إلى أبيها ، فلما جاء غطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجهه وقال : ادعوا لي خليلي » .
وفي الإرشاد : 1 / 185 : « فأفاق إفاقة فافتقد علياً فقال وأزواجه حوله : ادعوا لي أخي وصاحبي ، وعاوده الضعف فأصمت ، فقالت عائشة ادعوا له أبا بكر ، فدعي فدخل عليه فقعد عند رأسه فلما فتح عينه نظر إليه وأعرض عنه بوجهه ، فقام أبو بكر وقال : لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي . فلما خرج أعاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) القول ثانية وقال : ادعوا لي أخي وصاحبي ، فقالت حفصة ادعوا له عمر ، فدعي فلما حضر رآه النبي فأعرض عنه فانصرف . ثم قال : ادعوا لي أخي وصاحبي ، فقالت أم سلمة : ادعوا له علياً فإنه لا يريد غيره ، فدعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلما دنا منه أومأ إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طويلاً ، ثم قام فجلس ناحية حتى أغفى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له الناس : ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن ؟ فقال : علمني ألف باب فتح لي كل باب ألف باب ، ووصاني بما أنا قائم به إن شاء الله . ثم ثقل وحضره الموت وأميرالمؤمنين حاضر عنده . فلما قرب خروج نفسه قال له : ضع رأسي يا علي في حجرك ، فقد جاء أمرالله عز وجل فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس ، ولاتفارقني حتى تواريني في رمسي ، واستعن بالله تعالى فأخذ علي رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه فأكبت فاطمة تنظر في وجهه وتندبه وتبكي » أقول : من الغريب أن أحمد بن حنبل روى هذا الحديث : 1 / 356 !
أدانت أم سلمة أهل السقيفة
فقد روى سليم بن قيس « رحمه الله » في كتابه / 389 ، عن البراء بن عازب في إجبارهم علياً على البيعة : « فقام عمر فقال لأبي بكر : ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب ، لا يقوم فيبايعك ، أو تأمر به فنضرب عنقه ، والحسن والحسين قائمان ، فلما سمعا مقالة عمر بكيا ، فضمهما ( عليه السلام ) إلى صدره فقال : لا تبكيا ، فوالله ما يقدران على قتل أبيكما . وأقبلت أم أيمن حاضنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم ونفاقكم ، فأمر بها عمر فأخرجت من المسجد وقال : ما لنا وللنساء . وقام بريدة الأسلمي وقال : أتثب يا عمر على أخي رسول الله وأبي ولده وأنت الذي نعرفك في قريش بما نعرفك ؟ ألستما قال لكما رسول الله : انطلقا إلى علي وسلما عليه بإمرة المؤمنين ؟ فقلتما : أعن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال : نعم . فقال أبو بكر : قد كان ذلك ولكن رسول الله قال بعد ذلك : لا يجتمع لأهل بيتي النبوة والخلافة . فقال : والله ما قال هذا رسول الله ، والله لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير ، فأمر به عمر فضرب وطرد . وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول الله وأم سلمة فقالتا : يا عتيق ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد ! فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد ، وقال : ما لنا وللنساء » !
وفي قرب الإسناد / 60 ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « كانت امرأة من الأنصار تدعى حسرة تغشى آل محمد وتحن ، وإن [ فلاناً وفلاناً ] لقياها ذات يوم فقالا : أين تذهبين يا حسرة ؟ فقالت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم ، وأحدث بهم عهداً فقالا : ويلك إنه ليس لهم حق ، إنما كان هذا على عهد رسول الله ! فانصرفت حسرة ولبثت أياماً ثم جاءت فقالت لها أم سلمة زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما أبطأ بك عنا يا حسرة ؟ فقالت : استقبلني [ فلان وفلان ] فقالا : أين تذهبين يا حسرة ؟ فقلت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم الواجب . فقالا : إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! فقالت أم سلمة : كذبا لعنهما الله ! لا يزال حقهم واجباً على المسلمين إلى يوم القيامة » !
كما أن أم سلمة رضي الله عنها بعد خطبة فاطمة « عليها السلام » في المسجد ، فحثَّت المسلمين على نصرتها ، ففي دلائل الإمامة / 124 ، والدر النظيم / 480 ، أنها قالت بعد خطبة فاطمة « عليها السلام » وجواب أبي بكر لها : « ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا القول ؟ ! هي والله الحوراء بين الإنس ، والنفس للنفس ، ربيت في حجور الأتقياء ، وتناولتها أيدي الملائكة ، ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خير نشأ ، وربيت خير مربى ، أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يُعلمها ، وقد قال الله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرتكَ الأَقْرَبِين ! أفأنذرها وخالفت متطلبه وهي خيرة النسوان ، وأم سادة الشبان ، وعديلة ابنة عمران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فوالله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر ويوسدها يمينه ويلحفها بشماله !
رويداً ورسول الله بمرأى منكم ، وعلى الله تردون ، واهاً لكم فسوف تعلمون ! قال : فحرمت أم سلمة عطاءها تلك السنة » !
نصيحة أم سلمة لعائشة أن لاتعصي النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وكان لها موقف تاريخي مع عائشة ، فقد نصحتها وحذرتها ، لتثنيها عن الخروج . قال الشريف المرتضى في رسائله : 4 / 66 : « ومن الأخبار الطريفة ما رواه نصر بن مزاحم هذا عن أبي عبد الرحمن المسعودي عن السري بن إسماعيل بن الشعبي عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال : كنت بمكة مع عبد الله بن الزبير وبها طلحة والزبير . قال : فأرسلا إلى عبد الله بن الزبير ، فأتاهما وأنا معه فقالا له : إن عثمان قتل مظلوماً وإنا نخاف الانتشار من أمة محمد ، فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله يرتق بها فتقاً ويشعب بها صدعاً . قال : فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها فدخل عبد الله بن الزبير في سمرها وجلست على الباب ، فأبلغها ما أرسلا به إليها فقالت : سبحان الله ، ما أمرت بالخروج ، وما تحضرني امرأة من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة ، فإن خرجت خرجت معها ! فرجع إليهما فأبلغهما ذلك فقالا : إرجع إليها فلتأتها فإنها أثقل عليها منا ، فرجع إليها فبلغها فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة فقالت أم سلمة : مرحباً بعائشة ، والله ما كنت لي بزائرة فما بدا لك ؟ قالت : قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوماً ! قال : فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار فقالت : يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر ، وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوماً ، فما تريدين ! قالت : تخرجين معي ، فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد ! فقالت : يا عائشة أخرج وقد سمعت من رسول الله ما سمعت ! نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك إن صدقت ، أتذكرين يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو يقول : والله لا تذهب الليالي والأيام حتى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائي في فتية باغية ، فسقط الإناء من يدي ، فرفع رأسه إلي فقال : ما بالك يا أم سلمة ؟ قلت : يا رسول الله ألا يسقط الإناء من يدي وأنت تقول ما تقول ؟ ما يؤمنني أن أكون أنا هي ! فضحكتِ أنت فالتفت إليك فقال : ما يضحكك يا حمراء الساقين ، إني لأحسبك هي !
ونشدتك بالله يا عائشة أتذكرين ليلة أسرى بنا رسول الله من مكان كذا وكذا وهو بيني وبين علي بن أبي طالب يحدثنا ، فأدخلت جملك فحال بينه وبين علي ، فرفع مرفقة كانت معه فضرب بها وجه جملك وقال : أما والله ما يومك منه بواحد ولا بليته منك بواحدة ، أما إنه لا يبغضه إلا منافق أو كذاب !
وأنشدك الله يا عائشة أتذكرين مرض رسول الله الذي قبض فيه فأتاك أبوك يعوده ومعه عمر ، وقد كان علي بن أبي طالب يتعاهد ثوب رسول الله ونعله وخفه ويصلح ماوهى منها ، فدخل قبل ذلك فأخذ نعل رسول الله وهي حضرمية وهو يخصفها خلف البيت ، فاستأذنا عليه فأذن لهما فقالا : يا رسول الله كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت أحمد الله تعالى . قالا : ما بد من الموت ؟ قال : لا بد منه . قالا : يا رسول الله فهل استخلفت أحداً ؟ فقال : ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل ، فخرجا فمرا على علي وهو يخصف النعل !
كل ذلك تعرفينه يا عائشة وتشهدين عليه ، لأنك سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !
ثم قالت أم سلمة : يا عائشة أنا أخرج على علي بعد هذا الذي سمعته عن رسول الله ؟ ! فرجعت عائشة إلى منزلها فقالت : يا ابن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة بعد الذي سمعته من أم سلمة ، فرجع فبلغهما . قال : فما انتصف الليل حتى سمعنا رغاء إبلها ترتحل ، فارتحلت معهما » .
وأضاف الشريف المرتضى « رحمه الله » : « ومن العجائب أن يكون مثل هذا الخبر الذي يتضمن النص بالخلافة ، وكل فضيلة غريبة ، موجوداً في كتب المخالفين وفيما يصححونه من روايتهم ويصنفونه من سيرتهم ولا يتبعونه ، لكن القوم رووا ما سمعوا وأودعوا كتبهم ما حفظوا ونقلوا ، ولم يتخيروا ويتبينوا ما وافق مذهبهم دون ما خالفهم . وهكذا يفعل المسترسل المستسلم للحق » ! شرح النهج : 2 / 78 ، العقد الفريد : 3 / 96 ، البدء والتاريخ : 2 / 109 ،
الفائق للزمخشري : 1 / 190 .
وروى نحوه في الإختصاص / 116 ، وفيه تفصيلات ، وفيه : « وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه ، وسكني عقيراك فلا تضحي بها . وما كنت قائله لو أن رسول الله عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصاً من منهل إلى آخر ؟ ! أقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي أدخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمداً ( صلى الله عليه وآله ) هاتكة حجاباً قد ضربه عليَّ ! ثم قالت : لو ذكَّرتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمساً في علي لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب ! قالت : ويوم جمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيت ميمونة فقال : يا نسائي اتقين الله ولا يسفر بكن أحد ! أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم ، ما أقبلني لوعظك وأسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج ، وإن أقعد ففي غير بأس ، وخرجت » !
ورواه ابن أعثم في الفتوح : 2 / 454 ، وفيه أن اُم سلمة قالت لها : « فاتقي الله يا عائشة في نفسك ، واحذري ما حذرك الله ورسوله ولا تكوني صاحبة كلاب الحوأب ، ولايغرنك الزبير وطلحة ، فإنهما لا يغنيان عنك من الله شيئاً ! قال : فخرجت عائشة من عند أم سلمة وهي حنقة عليها !
وكتبت أم سلمة إلى علي بن أبي طالب : لعبد الله علي أمير المؤمنين ، من أم سلمة بنت أبي أمية ، سلام عليك ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ، فإن طلحة والزبير وعائشة وبنيها بني السوء وشيعة الضلال ، خرجوا مع ابن الجزار عبد الله بن عامر إلى البصرة ، يزعمون أن عثمان بن عفان قتل مظلوماً ، وأنهم يطلبون بدمه ! والله كافيكم وجعل دائرة السوء عليهم إن شاء الله تعالى . وتالله لولا ما نهى الله عز وجل عنه من خروج النساء من بيوتهن ، وما أوصى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند وفاته ، لشخصت معك ، ولكن قد بعثت إليك بأحب الناس إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وإليك ابني عمر بن أبي سلمة . والسلام .
فلما سمع علي ذلك دعا محمد بن أبي بكر وقال له : ألا ترى إلى أختك عائشة كيف خرجت من بيتها الذي أمرها الله عز وجل أن تقر فيه ، وأخرجت معها طلحة والزبير يريدان البصرة لشقاقي وفراقي ؟ ! فقال له محمد : يا أمير المؤمنين لا عليك ، فإن الله معك ولن يخذلك ، والناس بعد ذلك ناصروك ، والله تبارك وتعالى كافيك أمرهم إن شاء الله » .
ولما أصرَّت عائشة على الفتنة ، آلت أم سلمة على نفسها أن لاتكلمها كل عمرها ! ففي مواقف الشيعة للأحمدي : 1 / 93 : « دخلت على أم سلمة بعد رجوعها من وقعة الجمل وقد كانت أم سلمة حلفت أن لا تكلمها أبداً ، من أجل مسيرها إلى محاربة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقالت عائشة : السلام عليك يا أم المؤمنين ، فقالت : يا حائط ألم أنهك ألم أقل لك ؟ قالت عائشة : فإني أستغفر الله وأتوب إليه كلميني يا أم المؤمنين ! قالت : يا حائط ! ألم أقل لك ألم أنهك ؟ فلم تكلمها حتى ماتت ! وقامت عائشة وهي تبكي وتقول : وا أسفاه على ما فرط مني » . المحاسن للبيهقي / 181 .
لماذا لا يسمون أم سلمة : أم المؤمنين ؟
مع المكانة العظيمة لأم سلمة « عليها السلام » ، تراهم يذكرون في كتبهم اسمها مجرداً ! بينما يذكرون اسم عائشة مقروناً بأم المؤمنين ، دائماً أو غالباً ! وبذلك تعرف موقفهم من مرويات أم سلمة « عليها السلام » ، التي تبلغ أضعاف ما روته عائشة في الكمية ، وهي أرقى من روايات عائشة في النوعية ، وليس فيها إفراط عائشة ومبالغاتها في مدح نفسها ، ولا إسفافها في الأمور الشخصية !
قال العلامة الحلي « رحمه الله » : « وعظموا عائشة على باقي نسوانه ( صلى الله عليه وآله ) . . وساعدوها على حرب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ! ولم ينصر أحد منهم بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما طلبت حقها من أبي بكر ولا شخص واحد بكلمة واحدة ! وسموها أم المؤمنين ولم يسموا غيرها بذلك » ! شرح منهاج الكرامة للميلاني : 1 / 454 .
وقال الكراجكي / 102 : « ومن عجيب أمرهم تفضيلهم عائشة بنت أبي بكر على جميع أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . . وكثرة ترحمهم عليها وإظهارهم الخشوع والبكاء عند ذكرها ، ثم لا يذكرون خديجة بنت خويلد وفضلها متفق عليه وعلو قدرها لا شك فيه ، وهي أول من آمن برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنفقت عليه مالها . وكان يكثر ذكرها ويحسن الثناء عليها ويقول : مانفعني مال كمالها ، ورزقه الله الولد منها ، ولم يتزوج في حياتها إكراماً لها » !
أقول : ما ذكره العلامة « رحمه الله » يدل على مخالطته لهم وتتبعه مؤلفاتهم ، وهم كذلك إلى اليوم يعبرون عن زوجات النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأسمائهن فإذا وصلوا إلى عائشة قالوا : أم المؤمنين !
أولاد أم سلمة
كان لها من أبي سلمة ثلاثة أبناء ، هم : سلمة ومحمد وعمر ، وثلاث بنات : درة وزينب وأم كلثوم ، فهم صحابة وربائب النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وأشهرهم عمر ويسمى أيضاً عمرو ، ثم زينب التي روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يلاعبها وهي طفلة ويقول : « يا زوينب ، يا زوينب ، مراراً » . الجامع الصغير : 2 / 396 .
وكان عمر أصغر من أخويه وأبرزهما ، فقد رضي به النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يزوجه والدته ولياً لها : « زوجها إياه عمر بن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم » . الكافي : 5 / 391 .
وجاءت أم سلمة بولديها محمد وسلمة إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لينصراه وقالت له : « هما عليك صدقة ، فلو يصلح لي الخروج لخرجت معك » . رجال الطوسي / 48 .
ومعنى كلامها أنهما وقف لله تعالى لنصرتك . وقال ابن عقدة : « جاءت بعمر وسلمة . وشهد عمر مع علي حرب الجمل ثم استعمله على فارس ، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان بالمدينة . وعاش أخوه سلمة إلى خلافة عبد الملك ، وكان أسن من عمر » . مذيل الطبري / 58 .
وفي نهج البلاغة : 3 / 67 : « من كتاب له ( عليه السلام ) إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي وكان عامله على البحرين ، فعزله واستعمل النعمان بن عجلان الزرقي مكانه :
أما بعد فإني قد وليت النعمان بن عجلان الزرقي على البحرين ، ونزعت يدك بلا ذم لك ولا تثريب عليك ، فلقد أحسنت الولاية وأديت الأمانة ، فأقبل غير ظنين ولا ملوم ولا متهم ولا مأثوم ، فقد أردت المسير إلى ظَلَمَة أهل الشام وأحببت أن تشهد معي ، فإنك ممن استظهر به على جهاد العدو ، وإقامة عمود الدين إن شاء الله » .
ورواه في أنساب الأشراف / 158 واليعقوبي : 2 / 201 ، وفيه : « جعلنا الله وإياك من الذين يعملون بالحق وبه يعدلون . فأقبل عمر فشهد معه ثم انصرف ، وتبع علياً إلى الكوفة فمكث معه سنة وبعض أخرى » .
سودة بنت زمعة أول زوجات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بعد خديجة ( عليها السلام )
1 - سَوْدَة بنت زَمْعَة القرشية . أبوها زمعة بن قيس من قبيلة عامر بن لؤي القرشية ، التي عرف منها ابن الزبعرى الشاعر الذي كان يهجو النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعمرو بن عبد ود ، الذي قتله علي ( عليه السلام ) مع ابنه يوم الخندق ، وحويطب بن عبد العزى ، « العلل لابن حنبل : 3 / 422 » ومنهم بسر بن أرطاة القائد السفاك عند معاوية ، الذي أغار على الحجاز واليمن وكانا تحت حكم علي ( عليه السلام ) فقتل في غارته ثلاثين ألفاً ! « ابن خياط / 150 » . ومنهم عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى ، الذي رووا أنه انحاز في بدر من صف المشركين إلى صف النبي ( صلى الله عليه وآله ) . ابن هشام : 1 / 246 .
وكان رئيسهم سهيل بن عمرو ، من أشد المشركين على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والمفاوض عنهم في صلح الحديبية . وعندما غضب القرشيون على أبي سفيان في فتح مكة واتهموه بأنه وافق محمداً ( صلى الله عليه وآله ) على تسليمه مكة بدون شروط ، عزلوه ونصبوا بدله سهيل بن عمرو ، فصار زعيم قريش . وكان له دور في الإعداد للسقيفة .
وقد وقع سهيل أسيراً يوم بدر هو وعبد بن زمعة أخ سودة . « ابن هشام : 2 / 534 » وقد يكون عبد هذا نفسه عبد الله بن زمعة الذي نصوا عليه . الطبقات : 4 / 204 .
وكانت سودة زوجة السكران بن عمرو ، أخ سهيل بن عمر ، فقد هاجر إلى الحبشة خوفاً من أخيه سهيل وعشيرته ، ثم استرضاه ورجع إلى مكة قبل الهجرة فتوفي فيها ، وروى ابن سعد أنه مات في الحبشة وأن له ولداً من سودة . « الطبقات : 4 / 204 » وقال غيره لم يكن لهما أولاد « أنساب السمعاني : 4 / 117 » .
وقال الطبري : 2 / 411 : « وكان السكران من مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها ، فخلف عليها رسول الله » . وقد اشتبه السرخسي « المبسوط 28 / 186 » في اسم أبيها زمعة بن قيس ، فحسبوه زمعة بن الأسود . وتنبه له ابن حجر . الإصابة : 4 / 322 .
وبهذا نعرف الحكمة من زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسودة لمكانتها في قريش ومكانة أقاربها .
2 . خطب النبي ( صلى الله عليه وآله ) سودة قبل الهجرة وتزوج بها بعد الهجرة ، ووصفتها عائشة فقالت : « كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة » نيل الأوطار : 5 / 142 ، ومسند أحمد : 6 / 94 .
وفي إمتاع الأسماع : 6 / 33 : « كانت امرأة ثقيلة ثبطة وكان في أذنها ثقل ، وأسنَّت عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهم بطلاقها ، ويقال طلقها في سنة ثمان من الهجرة تطليقة » .
وفي دلائل الإمامة / 81 : « تزوج سودة أول دخوله المدينة فنقل فاطمة إليها ، ثم تزوج أم سلمة بنت أبي أمية ، فقالت أم سلمة : تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفوَّض أمر ابنته إليَّ فكنت أدلها وأؤدبها ، وكانت والله آدب مني وأعرف بالأشياء كلها » .
وزعمت عائشة ، « مسند أحمد : 6 / 210 » أن خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون عرضت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاة خديجة سودة وعائشة ، فأمرها أن تخطبهما له ، وكان عمر عائشة ست سنين ! فقال أبو بكر لخولة : « أدعي لي رسول الله فدعته فزوجها إياه ، وعائشة يومئذ بنت ست سنين » !
ثم زعمت عائشة أن خولة ذهبت بعد خطبتها هي إلى زمعة والد سودة ، وكان شيخاً كبير السن فحيته بتحية الجاهلية ! وخطبت منه سودة فقبل : « فجاء رسول الله إليه فزوجها إياها ، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثي في رأسه التراب . . قالت عائشة فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحرث بن الخزرج في السنح . قالت فجاء رسول الله فدخل بيتنا واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء فجاءتني أمي وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي فأنزلتني من الأرجوحة ولي جُمَيْعَة « شعر قليل » ففرقتها ومسحت وجهي بشئ من ماء ، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب وإني لأنهج حتى سكن من نفسي ، ثم دخلت بي فإذا رسول الله جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار ، فأجلستني في حجره ، ثم قالت هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك ، فوثب الرجال والنساء فخرجوا ، وبنى بي رسول الله في بيتنا ، ما نحرت عليَّ جزور ولا ذبحت عليَّ شاة ، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله إذا دار إلى نسائه ، وأنا يومئذ بنت تسع سنين » .
ولا يمكن قبول رواية أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج في مكة بعد خديجة « عليها السلام » ، لمعارضتها بغيرها ، مضافاً إلى أنه كان بعد وفاة أبي طالب وخديجة في ظرف أمني خطير ، وقد اختفى مدة في الحجون خوفاً على حياته من قريش !
وكذلك لا نقبل أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذهب إلى بيت أبي بكر في المدينة وتزوج بعائشة هناك ، لأن أبا بكر كان يعيش في خيمة شعر عند أهل زوجته ! قال ابن سعد في الطبقات : 3 / 174 : « ولم يزل في بيت الحارث بن الخزرج بالسنح ، حتى توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » . وفي أسد الغابة : 3 / 219 : « كان منزله بالسنح عند زوجته حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير ، وكان قد حجر عليه حجرة من شعر ، فما زاد على ذلك حتى تحول إلى المدينة » . أي صار خليفة .
3 . زعموا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أرسل : « زيد بن حارثة وأبا رافع وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله وسودة بنت زمعة » . « الطبقات : 1 / 237 » لكن روايتهم استفاضت بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انتظر علياً ( عليه السلام ) في قباء حتى جاء بعائلته ، ولم تكن فيهم سودة ولا عائشة ، فلا بد أن تكون هذه الرواية من قصص عائشة الكثيرة التي مدحت فيها نفسها ! والمعقول أنها هاجرت مع أمها ونزلت في بيت أبيها أبي بكر ، وكان له زوجتان في السنح غير أم رومان . أما سودة فلا يعرف كيف هاجرت إلى المدينة .
4 . وكانت عائشة وحفصة تسخران من سودة وتؤذيانها حتى صارت من حزبهما ، ففي دلائل الإعجاز للجرجاني وأحاديث عائشة للعسكري : 1 / 63 : « سمعت أم المؤمنين عائشة سودة تنشد : عديٌّ وتيمٌ تبتغي من تحالفُ ! فقالت عائشة لحفصة : ماتُعَرِّضُ إلا بي وبك ! يا حفصة فإذا رأيتني أخذت برأسها فأعينيني ! فقامت فأخذت برأسها وخافت حفصة فأعانتها ، وجاءت أم سلمة فأعانت سودة ! فأتى النبي فأُخْبِرَ وقيل له : أدرك نساءك يقتتلن ! فقال : ويحكن مالكن ؟ فقالت عائشة : يا رسول الله ألا تسمعها تقول : عدي وتيم تبتغي من تحالفُ . فقال : ويحكن ليس عديكن ولا تيمكن ، إنما هو عدي تميم ، وتيم تميم » !
ورأتها عائشة وحفصة تزينت فقالتا : خرج الدجال ! خرج الدجال ! فخافت سودة : « وكانت امرأة طويلة فدخلت خباء كان لوقودهم ! قالت : واستضحكنا فدخل رسول الله فإذا سودة تنتفض فقال : مالك ؟ فقالت : يا رسول الله خرج الدجال ؟ فقال : لا ، وهو خارج ؟ فأخذ بيدها وأخرجها وجعل ينفض بكم قميصه عن وجهها وعن خمارها أثر الدخان ونسج العنكبوت » . الآحاد والمثاني : 6 / 208 .
وفي مختصر تاريخ دمشق : 18 / 286 : « قالت عائشة « رضي الله عنها » كان عندي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسوده فصنعت حريره فجئت بها فقلت لسودة : كلي ، فقالت : لا أحبه ، فقلت والله لتأكلين أو لألطخن وجهك ! فقالت : ما أنا بذائقة ، فأخذت من الصحفة شيئاً فلطخت به وجهها » !
5 . وقالوا : « أسنَّت عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهم بطلاقها » ولا يصح ، لأنه اتهام للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فإنه ما تزوج ولا طلق لأسباب جنسية ، فقد يكون السبب أنها صارت من حزب عائشة ، أو أنها كانت تعظم سهيل بن عمرو أخ زوجها السابق ! فعندما رأته مع أسارى بدر حرضته على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووبخته كيف استسلم ولم يقاوم ! وقالت له بحضور النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أي أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراماً ! فقال لها رسول الله : أعلى الله ورسوله تحرضين يا سودة » ! ابن هشام : 2 / 472 .
كما لا يصح قولهم إنها لم يكن لها إربة بالرجال فوهبت ليلتها لعائشة ! قال الشافعي « في الأم 5 / 152 » : « أراد فراق سودة فقالت : لاتفارقني ودعني حتى يحشرني الله في أزواجك ، وأنا أهب ليلتي ويومى لأختي عائشة » .
وأصله ما زعمته عائشة فقالت كما في صحيح بخاري : 3 / 135 : « كان ( صلى الله عليه وآله ) يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها ، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) تبتغى بذلك رضا رسول الله » .
والصحيح أن الله تعالى أسقط عن نبيه ( صلى الله عليه وآله ) القسمة لنسائه ، فقال : تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُئْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ . فلا حق لسودة حتى تهبه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|