أقرأ أيضاً
التاريخ: 13/9/2022
1517
التاريخ: 2-9-2016
1971
التاريخ: 2023-03-28
1412
التاريخ: 27-3-2019
2509
|
أبي! امي! لأنكما لم تكونا ملتفتين لواجباتكما، أو كنتما غير مهتمين بها فلم يكن حظي من البيت عدم التربية السيئة فحسب بل كانت الزيارات وانواع المعاشرة من موجبات دس المعلومات المنحرفة في نفسي وزرع الانحراف في وجودي. وقد كانت لبعض اللقاءات وخصوصا في بعض المجالس الليلية والسهرات - من التأثير بحيث تركت في اثراً عميقاً أغرق وجودي.
أليس الطفل حساساً جداً؟ إنه أشد حساسية من جهاز استقبال دقيق؟ أليس الذهن آنذاك يتقبل ما يتقبله كنقش على حجر؟
ولكنكما لم تكونا غير مهتمين في وضع أسس اخلاقي وعقيدتي في البيت فحسب بل اغفلتما هذه الحقيقة أيضاً وبدلاً من ضبط لقاءاتي ومعاشرتي، وبدلاً من تعريفي على الأشخاص الصالحين الأبرار، والذهاب بي إلى المحافل العلمية والمجالس الدينية لأتربى هناك وأهتدي... بدلاً من كل هذا - وبلا أي احساس للمسؤولية أخذتماني معكما للمجالس الموبوءة المنحرفة!.
ترى هل فكرتما ان هذا الطفل النزيه البريء سوف يتأثر بكل الحركات، والأقوال، والهيئات السخيفة للأفلام التي كنتما تصطحبانه اليها، ويحفظها في ذهنه الطاهر ثم يستفيد في مرحلة الشباب من هذه المخزونات ويستلهم سلوكه منها ويعين مسيرته في الحياة طبق تلك المثل الواهية والسخيفة وبنفس اتجاهها؟
وإني لأتساءل ـ واقعا -:
... لماذا لا يلتفت الآباء والأمهات الذين يملأون أوقاتهم باللهو والطرب ولا يلتفتون لسعادتهم ... لماذا لا يلتفتون - على الاقل - إلى مصير اولادهم الذين يمرون بمرحلة التقبل والانفعال الشديد الحساس ولا يشركونهم في مجالس الذنب والانحراف - مجالس الرقص والشراب والقمار... وباقي الانحرافات، ولا يلوثون مستقبلهم مثلهم.
بالله عليكم أيها الآباء إرحموا أطفالكم الأبرياء.
أي أم وأب يقدمان عن سابق اصرار وعمد على تقديم الطعام المسموم لأولادهما، وإذا وجدا فيهم مرضاً خبيثاً لا يسرعان لعلاجهم؟ إن من المسلم به أن مثل هذا معدوم وان وجد هذان الأبوان فليسا هما بإنسانين.
فلماذا إذن نجد نفس هؤلاء الآباء المحبين لا يفكرون مطلقاً في التسميم الفكري والأمراض الاخلاقية لأطفالهم؟ لماذا لا يمنعان براعمهما العزيزة من الامراض الروحية؟ ألا يلتفتان إلى ان التسميم الفكري والمرض الاخلاقي اشد خطراً بكثير من التسميم الغذائي والمرض البدني؟
ألا يعلمان أن هذه المتع المنحرفة القاتلة للفضيلة، وهذه المجلات والنشرات القذرة الملونة، وهذه البرامج التي تقتل وقت الانسان الثمين بالتوافه والدروس السيئة سواء من الراديوات أو التلفزيونات أو الافلام المعينة وغيرها من مبتدعات الفساد... ألا يعلمان انها تستتبع أخطر انماط التسمم الفكري والمرض الروحي؟!
ابي! امي! لماذا لم تفكروا بكل هذا الشقاء! لِمَ لم تفكروا في أن اتباع تلك البرامج، وسلوك سبل اللذة الحرام، وتناول كل تلك الوجبات الفكرية الملوثة سيلقي مصيركم ومصير اولادكم في يد العدم والضياع والانحراف ...
أبي لماذا بدلاً من شراء المجلات الخليعة لم تشتر الكتب المفيدة البنّاءة وتجلبها معك إلى البيت؟ لِمَ لم تعرف ابناءك أبداً على الكتب الدينية والأخلاقية والعلمية ولم تشوقنا لقراءة مثل هذه الكتب؟ ولماذا لم نكن نملك في البيت كتاباً واحداً يتحدث عن حياة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) وحياة الأئمة (عليهم السلام) وسلوكهم وأقوالهم؟
لماذا في حين كنت ترى ان الاطفال الصغار في البيت يعرفون اسم الراقصات والمغنيات المعاصرات الداخليات والخارجيات لم يكن هناك أي ذكر لشخصيات مثل سلمان، وابي ذر، والمقداد وعمار بن ياسر؟ ولماذا كانت معلوماتي عن الإسلام تتلخص في بعض المواضيع البسيطة التقليدية؟ أما القرآن وهو كتاب الله كتاب العمل وبرنامج العمل والحياة الاسلامية فلم اره إلا في زاوية مهملة من الرف العالي أو في مجلس الفاتحة! عجباً وأسفاً هذا الكتاب العظيم الذي هو أساس كل المعارف الاسلامية الوسيعة، الكتاب الذي هو كما يقول النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى) (1).
هذا الكتاب لم أكن اعلم عنه شيئاً ولم اعرفه حقا... ولكن هل أنا المقصر لوحدي؟ أو أنت معي ايضاً؟
لقد كنت في صغري كالشمعة المائعة في أيديكم اقبل التشكل بأي شكل تشاؤون، وكنتم تستطيعون أن تصوغوا مني فرداً مستقيماً مسلماً متقياً، خائفاً عابداً لله وخادماً للمجتمع. فلماذا والحال هذه لم تقدموا على أية خطوة في هذا السبيل لصالحي ولصالح مستقبلي؟ أعلم أن المحيط متلاطم بالأمواج العاتية، ومراكز الفساد ليست قليلة، وأعلم أن عوامل الانحراف والتلوث كثيرة ... ولكن المحافل المفيدة والمجالس العلمية والدينية والتربوية المنيرة للعمل متوفرة أيضاً فلماذا لم تشركني في هذه المجالس؟ ولماذا لم تعرفني على العلماء الواعين المتقين؟ لماذا لم تهدني إلى مجالسهم ومكاتبهم المربية وهي مدارس القرآن وأهل البيت؟ لكي يجيبوا على تساؤلاتي الروحية، ولكي يرفعوا الاشكالات التي طرحتها الدعاية الكافرة. لئلا أنظر لديني بعد ذلك أفيوناً للشعوب وعاملاً رجعياً لمسيرتها التقدمية.
أبي أمي ما أجمل عملكما لو أنكما كنتما في مجالسكما الاسبوعية والشهرية التي كنتما تقيمانها طبق العادة كنتما تدعوان الخطباء والأفاضل الواعين من العلماء المتقين الذين يمكنهم ان يعرفوا الاسلام بعمق وذلك لكي أحصل - وانا مجبور على الحضور في هذه المجالس - على معرفة جيدة عن قوانين الاسلام.. اسفاه.. لم تفعلا هذا العمل البسيط ايضاً... وكنتما في الواقع بعيدين عن هذه المعاني ولم تفكرا فيها.
الآن فقط عرفت ان هناك وهنا من أرجاء مجتمعنا توجد مجالس دينية، ومحافل بناءة ومفيدة وكتب مربية وأفراد متحرقين واعين ولكني كنت غريباً عنهم الم يكن واجبك يا أبي يملي عليك أن تعرفني بهم وبهذه المجالس ومثل هذه الكتب؟
الإشراف على التعليم
ترى هل كنتما في عهد دراستي تلتفتان إلى الجهات الأخلاقية والدينية لمعلمي وكيفية الدرس ومادته...؟
وهل تساءلتما وحققتما عما أدرسه وما أراه وما أسمعه وأين أذهب، ومع من أجلس، والخلاصة كيف أدرس؟
وهل تساءلتما يوماً: لماذا تأخرت وأين كنت وما كنت افعل؟ هل سألتماني: من أصدقائي، وما هي وظيفتهم ومن أي عائلة وما هي روحياتهم، ولماذا صادقتهم؟ وهل ذكرتماني يوماً بأن من الممكن أن يكون بعض الأحبة عن شعور أو لا شعور مصدر خطر عليّ وأن مجالستهم تجر علي وبالاً وتلوثاً وضياعاً واعتياداً على المسكرات وتحللا؟ ألم تكن هذه المراقبة بعهدتكم يا والدي؟
أنا أعترف بأني لم أكن غير مقصر ولكن كل المسؤوليات لم تكن بعهدتي.
أبي لقد كان ينبغي بحكم وظيفتك الدينية أن تعلمني ديني ولكنك لم تكتف بعدم تعليمي بل كنت تمنعني ذلك لقد كنت تطمع فقط أن يتعلم ابناؤك ويتقدموا في دراستهم أو يحصلوا على فن وحرفة يمتلكون من ورائها في المستقبل مصدرا ماليا محترما ويحصلون على مال أكبر وعنوان وشهرة واسعتين ولم تكن تفكر يوماً ما بمعنوية ابنائك.
أبي! هل تعلم أن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) كان يتألم من هؤلاء الآباء فيقول: (ويل لأولاد اخر الزمان من آبائهم فقيل يا رسول الله من آبائهم المشركين؟ فقال لا من آبائهم المؤمنين لا يعلمونهم شيئاً من الفرائض وإذا تعلم اولادهم منعوهم ورضوا عنهم بعرض يسير من الدين فأنا منهم بريء وهم مني براء) (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الوافي، ج 2، ص 260.
2ـ مستدرك الوسائل، ج 2، ص 625.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|