المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Gravitational Potential Energy
15-12-2016
الحرص‏
22-9-2016
ملاك التفاضل
21-3-2018
تفسير الاية (1) من سورة الأسراء
16-8-2020
سموم النار الإغريقية Wildfire Toxins
23-9-2020
هل تقوم اليرقات والحوريات ببعض التحضيرات الخاصة قبل الانسلاخ؟
3-2-2021


المرحلة الأولى دعوة بني هاشم خاصة  
  
300   10:34 صباحاً   التاريخ: 2024-09-11
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص206-215
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله قبل البعثة /

1 . نزل خبر بعثة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) كالصاعقة على زعماء قريش !

انتشر في مكة خبر أن محمداً أعلن نبوته ، فكان كالصاعقة على زعماء قريش لأن برأيهم حركة من بني هاشم لفرض رئاستهم على قريش والعرب ، وانقلابٌ على صيغة التوافق في تقسيم مناصب الشرف ، وهي : رئاسة قريش ، ورايتها ، وسقاية الحجاج ورفادتهم ! وتركزت أنظارهم على أبي طالب شيخ بني هاشم ، لمعرفة موقفه ، وهو صاحب شخصية قوية ، وكان يومها في نحو الخامسة والسبعين ، لأنه توفي قبيل الهجرة وعمره سبع وثمانون . الطبقات : 1 / 124 .

وزاد من تخوفهم أنهم سمعوا من اليهود ومن عبد المطلب أن نبياً سيبعث من ذريته ، وكان يتوقع أن يكون حفيده محمداً ، وأوصى به إلى أبي طالب وشدد عليه الوصية بحفظه وإكرامه ، فرباه أبو طالب وآثره على أولاده . وقد اشتهر حب أبي طالب له ، وتغنى في شعره بفضله وآياته ، وشهادة بحيرا الراهب بأنه نبي .

ويبدو أن علياً ( عليه السلام ) أخبر أباه بأن الملاك نزل على محمد ( صلى الله عليه وآله ) فذهب أبو طالب إلى بيت النبي وسأله : « يا ابن أخي ، آللهُ أرسلك ؟ قال : نعم . قال : فأرني آية . قال : أدع لي تلك الشجرة ، فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم انصرفت . فقال أبو طالب : أشهد أنك صادق ، يا علي صِلْ جناح ابن عمك » . أمالي الصدوق / 711 .

وحرص زعماء قريش على معرفة حقيقة موقف أبي طالب ، وتخوفوا لما بلغهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمره ربه أن يدعو عشيرته الأقربين فدعا بني هاشم ، وأخبرهم أن الله بعثه إليهم خاصة ثم إلى الناس عامة ، وأمره أن يتخذ منهم من يبايعه على نصرته أخاً ووزيراً ووصياً وخليفة ، فاستجاب له الفتى علي ( عليه السلام ) ، فأعلنه أخاه ووزيره وخليفته ، وأمر بني هاشم بطاعته ! وكان ذلك نبأ عظيماً على زعماء قريش كما وصفه الله تعالى في سورة النبأ ، حيث اعتبروا أن بني هاشم أعلنوا مشروعهم في النبوة ، وقرروا حماية محمد ، وقد اتخذ وزيراً ووصياً له منهم .

لقد قرر زعماء قريش بالإجماع قتل محمد لأن عمله خيانة عظمى ، فيجب على عمه أن يسلمه إليهم ليقتلوه !

ولم يتضمن قرارهم أن يسألوه عن دليله أو معجزته ! فلا يهمهم أن يكون عنده ذلك أو لا يكون ! لأن مجرد ادعائه النبوة مؤامرة على بقية القبائل !

وكان قرارهم غريباً فيه جلافة البداوة وخباثة اليهود ! لكن الشيطان زينه لهم فذهبوا إلى أبي طالب وطلبوا منه تسليم ابن أخيه لهم ليقتلوه !

فغضب أبو طالب وأعلن حمايته له وحذرهم إن مَسُّوا منه شعرةً ! فسكتوا لأنهم يعرفون شجاعة بني هاشم ، وأنهم لايُسَلِّمونهم محمداً إلا بحرب !

لكنهم لم يتراجعوا فقاموا بشن حملات افتراء وسخرية من النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقرآنه ووصيه الذي اختاره ، فكانوا يقولون : « هذا صفي محمد من بين أهله ، ويتغامزون بعلي ( عليه السلام ) » . « المناقب : 3 / 8 » . وأخذوا يعملون لاغتياله ( صلى الله عليه وآله ) ويرصدون من يستجيب لدعوته ! وفي المقابل قام أبو طالب « رحمه الله » بتوحيد بني هاشم لحمايته ( صلى الله عليه وآله ) ، وجعل حول النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثلاث حلقات أمنية كما يدل حديث إسلام أبي ذر « رحمه الله » ، فعندما طلب اللقاء بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) حقق معه أبو طالب ( عليه السلام ) وواعده اليوم الثاني ، وفي اليوم الثاني أخذه إلى حمزة ، فحقق معه وسلمه إلى جعفر « عليهما السلام » ، فحقق معه جعفر وسلمه إلى علي ( عليه السلام ) ، فحقق معه ، ثم أدخله على النبي ( صلى الله عليه وآله ) !

2 . استمرت العاصفة ثلاث سنين حتى أهلك الله المستهزئين

استمرت هذه المرحلة الصعبة الخطرة ثلاث سنين ، حتى أزاح الله من طريق رسوله ( صلى الله عليه وآله ) عتاة المستهزئين في يوم واحد ، وأمره أن يصدع بالدعوة .

فقد قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) كمال الدين / 328 : « ما أجاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحدٌ قبل علي بن أبي طالب وخديجة « عليها السلام » ، ولقد مكث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة ثلاث سنين مختفياً خائفاً يترقب ، ويخاف قومه والناس » .

وفي تفسير القمي : 1 / 377 : « فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ « الحجر : 94 - 95 » فإنها نزلت بمكة بعد أن نُبِّئ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بثلاث سنين . . . أنزل الله عليه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ . . . دخل أبو طالب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو يصلي وعليٌّ ( عليه السلام ) بجنبه وكان مع أبي طالب جعفر ، فقال له أبو طالب : صِلْ جناح ابن عمك ، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول الله من بينهما ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به . فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ . والمستهزؤون برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمسة : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن طلاطلة الخزاعي » .

وفي تفسير العياشي : 2 / 253 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إكتتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة سنين ليس يظهر ، وعلي معه وخديجة . ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر فظهر رسول الله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب » .

وفي سيرة ابن إسحاق : 2 / 126 : « ثم إن الله تعالى أمر رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أن يصدع بما جاء به ، وأن ينادي الناس بأمره ، وأن يدعو إلى الله تعالى ، وكان ربما أخفى الشئ واستسر به ، إلى أن أمر بإظهاره ثلاث سنين من مبعثه » .

وفي سيرة ابن هشام : 1 / 169 : « وكان بين ما أخفى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمره واستتر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ، ثم قال الله تعالى له : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ » .

وفي الإستيعاب لابن عبد البر : 1 / 34 : « ثم نبأه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة ، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين ، فأسر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمره ثلاث سنين أو نحوها ، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه ، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه » .

وروى الصدوق وغيره أن هذه المرحلة كانت خمس سنين ، ففي كمال الدين / 344 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « اكتتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة مختفياً خائفاً خمس سنين ليس يظهر أمره ، وعلي ( عليه السلام ) معه وخديجة ، ثم أمره الله عز وجل أن يصدع بما أمر به ، فظهر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأظهر أمره » . والمناقب : 1 / 150 ونحوه غيبة الطوسي / 332 .

وقد يكون المعنى أن اختفاءه ( صلى الله عليه وآله ) انتهى بعد ثلاث وصدع بدعوته علناً ، ثم استمر الخوف عليه من الإغتيال خمس سنين .

فالمجمع عليه أنه ( صلى الله عليه وآله ) في السنين الثلاث الأولى لم يدع غير بني هاشم . ولم أجد نصاً يذكر أنه جلس في المسجد في هذه المدة ، فقد هدده عتاة المستهزئين بأنه إن دعا الناس فسيقتلونه ، وأخيراً أنذروه إلى يوم معين ليعلن تراجعه عن نبوته ( صلى الله عليه وآله ) وإلا قتلوه ، فكفاه الله شرهم وقتلهم ، وأنزل عليه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ !

وبسبب ما تقدم قالت بعض الأحاديث السنية والشيعية إن سنوات البعثة في مكة عشر سنوات ، فاستثنت الثلاث الأولى ، لأنها خاصة ببني هاشم .

ففي الكافي : 5 / 7 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن الله عز وجل بعث رسوله ( صلى الله عليه وآله ) بالإسلام إلى الناس عشر سنين ، فأبوا أن يقبلوا حتى أمره بالقتال . فالخير في السيف وتحت السيف . والأمر يعود كما بدأ » . يقصد ظهور المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) .

3 . الإنجازات الرسولية في هذه المرحلة

1 . توالى نزول القرآن ، وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يتلوه على المسلمين ، ويوصله إلى المشركين فيستهزئون به ، وكانت بعض الآيات تنزل جواباً لهم .

2 . آمن له علي وخديجة « عليهما السلام » وعمه أبو طالب وابنه جعفر وعمه حمزة ومولاه زيد رضي الله عنهم ، وأمره الله أن يدعو عشيرته الأقربين ويتخذ منهم وصياً ، ففعل .

3 . أخبر عن نبوته فشاع خبرها ، واستنفرت قريش ضده ، وبدأت حملتها .

4 . نهض أبو طالب ( عليه السلام ) لنصرته ، وحشد معه كل بني هاشم ، وشذ منهم أبو لهب ، واستخفى النبي ( صلى الله عليه وآله ) من فراعنة قريش وشياطينهم .

5 . آمن له أفراد من قبائل قريش وغفار والحلفاء والعبيد ، سراً على تخوف .

6 . كان للنبي ( صلى الله عليه وآله ) لقاءات بزعماء قريش لإقامة الحجة عليهم ، لكنها قليلة .

4 . معنى السرية في المرحلة الأولى للدعوة

السرية التي يضخمونها في هذه المرحلة ، إنما كانت في أسماء المسلمين الجدد الذين لا يستطيعون إعلان إسلامهم خوفاً من قريش ، أو الذين أمرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بإخفاء إسلامهم لمصلحة الدعوة ، كأبي طالب وحمزة .

أما النبوة فلم تبق سرية لأنه خبرها انتشر من أول يوم ، ومكة صغيرة : 40 ألفاً . كما أن نزول القرآن كان متواصلاً والنبي ( صلى الله عليه وآله ) يتلوه ويوصل آياته إلى قريش وغيرها . وقد نزلت في هذه السنوات سور عديدة .

قال ابن النديم في الفهرست / 28 ، والزركشي في البرهان : 1 / 193 : « أول ما نزل من القرآن بمكة : إِقْرَأ باسْمِ رَبِّكَ ، ثم نون ، ثم والقلم ، ثم يا أيها المزمل ، ثم المدثر ، ثم تبت يدا أبي لهب ، ثم إذا الشمس كورت ، ثم سبح اسم ربك الأعلى ، ثم والليل إذا يغشى ، ثم والفجر ، ثم والضحى ، ثم ألم نشرح ، ثم والعشر ، ثم والعاديات ، ثم إنا أعطيناك الكوثر ، ثم ألهاكم التكاثر ، ثم أرأيت الذي ، ثم قل يا أيها الكافرون ، ثم سورة الفيل ، ثم الفلق ، ثم الناس ، ثم قل هو الله أحد ، ثم والنجم إذا هوى ، ثم عبس » .

وردَّت بعض السور مقولات المشركين ، ووصفت عاصفتهم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما بلغهم خبر نبوته ! ففي سورة القلم نقرأ قوله تعالى : فَلا تُطِعِ المُكَذِّبِينَ . وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ . وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ . . .

وفي سورة المزمل نقرأ : وَاصْبِرْ عَلَى مَايَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً . وَذَرْنِي وَالمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً . . .

وفي سورة المدثر : ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا . وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا . وَبَنِينَ شُهُودًا . وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا . ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ . كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً . سَأُرْهِقْهُ صَعُودًا . .

وفي سورة التكوير جواب الذين قالوا إنه ( صلى الله عليه وآله ) مجنون : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . ذِي قُوَةٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ . مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ . وَمَاصَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ . وَلَقَدْ رَآهُ بِالآفُقِ المُبِينِ . وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِضَنِينٍ . وَمَاهُو بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ .

وفي المرسلات جواب من سخروا من الصلاة : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ . وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ . فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ .

وفي سورة قاف جواب تكذيبهم للنبوة : بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا شَئٌ عَجِيبٌ . فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ .

5 . آية المستهزئين تكشف تخبط رواة السلطة وكذبهم !

اتفق المفسرون والمحدثون على أن آيات : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئينَ . نزلت بعد ثلاث سنين من البعثة ، فبدأ النبي ( صلى الله عليه وآله ) مرحلة جديدة هي مرحلة الإعلان والصدع بالدعوة لكل الناس ، بعد أن أزال الله من طريقه العقبة الأساسية وأهلك المستهزئين الخمسة في يوم واحد !

فكل نص مبني على وجود أحد منهم بعد ذلك التاريخ خطأ أو مكذوب ! وبه يظهر عوار عدد من نصوص رواة السلطة :

فمنها : روايتهم التي تتنافى مع الخطر الشديد والحيطة التي كان فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) في تلك الفترة ، مثل إيمان أبي بكر وغيره ، لأنه لو صح ذلك لرووا ردة فعل قريش كردة فعلها على إسلام أبي ذر ، وخالد بن سعيد ، وعمار بن ياسر ووالديه ، وخباب بن الأرت ، وغيرهم ممن أسلم في تلك الفترة !

ومنها : زعمهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) صدع بدعوته العامة من السنة الأولى ، وأنه عندما أمره الله في سورة الشعراء : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ . . صعد على الصفا ونادى كل قريش يا آل فلان ويا آل فلان . . الخ . والصحيح أنه دعا بني هاشم فقط ، وأن دعوته العامة بدأت بعد ثلاث سنين ، بعد هلاك المستهزئين .

ومنها : تضخيم دار الأرقم ، وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يلتقي فيها بالمسلمين قبل السنة الثالثة ، وقد جعلوا أحداثاً وقعت بعد السنة الثالثة في دار الأرقم ، ومنها سورة عبس التي ربطوها بابن أم مكتوم مع أنها نزلت قبل إسلامه !

ومنها أن عمر جاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) في دار الأرقم وأعز الله به الإسلام بعد ذلته ، وتكاملوا أربعين رجلاً فخرجوا يتحدون قريشاً ، فخافت قريش وسكتت !

ومنها : خطأ ما رواه بخاري : 4 / 242 من حماية العاص بن وائل لعمرعندما أسلم لأن العاص أحد المستهزئين الستة الذين هلكوا في السنة الثالثة ، وعمر أسلم في السنة السادسة بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة ، كما نص عليه ابن هشام : 1 / 229 وغيره ، قال : « كان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى الحبشة » . وكان هلاك المستهزئين ومنهم العاص بن وائل ، قبل ذلك بسنوات !

ومنها : أن من المتفق عليه أن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، كان أحد المستهزئين وهلك في السنة الثالثة ، لكنهم رووا أنه بكى على أولاده الذين قتلوا في بدر ! قال ابن هشام : 2 / 474 : « وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده : زمعة بن الأسود ، وعقيل بن الأسود ، والحارث بن زمعة وكان يحب أن يبكى على بنيه . . . الخ . » . والطبري : 2 / 161 ، ابن كثير : 2 / 480 . راجع : الصحيح : 3 / 171 .

ومنها : تخليطهم أو كذبهم في سبب نزول السور والآيات ، فتراهم يذكرون اسم أحد المستهزئين الخمسة في سورة نزلت بعد سورة الحجرمع أنه هلك عند نزولها ! بل ذكروا بعضهم في معركة بدر وبعدها !

لذلك وجب أن نرد روايات أسباب النزول إلا قليلاً منها كآية : واصْدَعْ بمَا تُؤمر المتقدمة . . فقد أجمعوا على أنها نزلت في السنة الثالثة ، وأن سورة صاد نزلت بعد أن صدع ( صلى الله عليه وآله ) بدعوته ، وجاء زعماء قريش إلى أبي طالب « رحمه الله » فدعاهم إلى الإسلام !

ففي الكافي : 2 / 649 بسند صحيح عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش ، فدخلوا على أبي طالب فقالوا : إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا ، فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه ، قال فبعث أبو طالب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدعاه ، فلما دخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم ير في البيت إلا مشركاً فقال : السلام على من اتبع الهدى ، ثم جلس ، فخبَّره أبو طالب بما جاؤوا له ، فقال : أوَهَل لهم في كلمة خير لهم من هذا ، يسودون بها العرب ويطؤون أعناقهم ؟ فقال أبو جهل : نعم ، وما هذه الكلمة ؟ فقال : تقولون لا إله إلا الله . قال : فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هُرَّاباً ، وهم يقولون : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ! فأنزل الله تعالى في قولهم : صاد . وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ . بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ . . » .

فالذي جاء إلى أبي طالب هو أبو جهل الذي ورث زعامة بني مخزوم بعد هلاك الوليد بن المغيرة ، وبعد مجيئه نزلت سورة صاد جواباً على كلامه ، فلا تصح الروايات التي تذكر أن الوليد كان حياً عند نزولها .

ومنها : خلطهم في الروايات التي تذكر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يذهب إلى أفنية قريش ويدعوهم إلى الإسلام قبل هلاك المستهزئين ، كالذي رواه الحاكم : 3 / 577 وأبو يعلى : 12 / 176 ومجمع الزوائد : 6 / 14 وصححه : « جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك يأتينا في أفنيتنا وفي نادينا فيسمعنا ما يؤذينا به ، فإن رأيت أن تكفه عنا فافعل . . . فقال له أبو طالب : يا ابن أخي والله ما علمت إن كنت لي لمطاعاً وقد جاء قومك يزعمون أنك تأتيهم في كعبتهم وفي ناديهم تسمعهم ما يؤذيهم ، فإن رأيت أن تكف عنهم ؟ فحلق ببصره إلى السماء فقال : والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة من نار . فقال أبو طالب : والله ما كذب ابن أخي قط ، إرجعوا راشدين » .

فالحديث مسوق لتعذير قريش في شكايتها من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والوقت المزعوم لهذا الحديث قبل انتهاء الثلاث سنوات ، وهذا لا يصح ، لأنه ( صلى الله عليه وآله ) لم يذهب إلى نواديهم قبل ذلك أبداً ، بل نشك في ذهابه إليهم بعدها ، لأنه كان يدعو إلى ربه في المسجد وحوله ، وكان يقصد القبائل في موسم الحج ، ويطلب منهم النصرة .

وأخيراً ، فإن سبب جعلهم بعض هؤلاء الخمسة أحياء بعد هلاكهم أن أولادهم وأقاربهم صاروا حكاماً وشركاء في دولة « الخلافة » كعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد ، وزمعة بن الأسود من أسد عبد العزى ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري ، وأقارب الحارث بن طلاطلة الخزاعي ، فأراد الرواة إظهار مكانة آبائهم حتى في كفرهم ، فكذبوا ، ولا حافظة لكذوب !

6 . تخبط الكتَّاب المعاصرين في مراحل الدعوة تبعاً لرواة السلطة

اشتهر عند الكتَّاب المعاصرين تقسيم مراحل دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكة إلى المرحلة السرية ، ثم مرحلة دار أبي الأرقم ، ثم مراحل الاضطهاد والهجرة إلى الحبشة والمدينة . فقلدوا الحكومات التي غيبت مراحل هامة من السيرة لتحذف أدوار بني هاشم والعترة النبوية « عليهم السلام » ! غيبوا المرحلة الأولى حيث بعثه الله تعالى إلى بني هاشم خاصة ، مع أنهم أنفسهم رووا قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة ، وإلى الناس عامة » . تفسير ابن كثير : 3 / 363 وتفسير مقاتل : 2 / 466 .

وروينا : « مكث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاثة عشر سنة ، منها ثلاث سنين مختفياً خائفاً لا يظهر حتى أمره الله أن يصدع بما أمر به ، فأظهر حينئذ الدعوة » . غيبة الطوسي / 333 .

كما أهمل كتَّاب السيرة مرحلة ما قبل محاصرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبني هاشم في شعب أبي طالب وما بعدها ، وكان الحصار في السنة الخامسة ، واستمر بضع سنوات !

كما أهملوا مرحلتين تقدمتا في حديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) من مصادرهم : « صَلَّتْ الملائكة عليَّ وعلى عليٍّ سبع سنين ، وذلك أنه لم يصل معي أحد قبله » .

وقول علي ( عليه السلام ) : « صليت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل الناس ثلاث سنين ، وسبع سنين » .

وكذا مرحلة ما قبل الإسراء والمعراج في السنة الثانية للبعثة ، وما بعدها .

ومرحلة ما قبل وفاة أبي طالب « رحمه الله » وما بعدها ، حيث فقد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ناصره وحاميه القوي ، اضطر أن يذهب إلى الطائف ليطلب من ثقيف حمايته من قريش ، ثم كان أحياناً يختبئ مع علي ( عليه السلام ) من قريش في الحجون .

ومرحلة ما قبل بيعة الأنصار سراً للنبي ( صلى الله عليه وآله ) في موسم الحج ، وما بعدها . . .

وكذا مرحلة الثلاث سنين التي زعموا أن الله بعث فيها إسرافيل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) يعلمه ويوجهه ، ولم ينزل عليه قرآناً حتى أنزله مع جبرئيل ( عليه السلام ) .

أهملوا كل ذلك وغيبوه ، وركزوا على مرحلة السرية بمفهوم خاطئ ، ومرحلة دار أبي الأرقم بتضخيم خيالي ! كما كذبوا في انتعاش النبي ( صلى الله عليه وآله ) بإسلام أبي بكر وإنفاقه عليه عند فقره ! وقوة الإسلام بعمر وإعزازه بعد ذلته ! مع أن راوياً واحداً لم يرو أن أبا بكر أوصل صاع طحين إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) في سنوات الحصار يوم وصل بهم الأمر إلى أن أكلوا ورق الشجر من الجوع ، ومص أطفالهم الرمل من العطش ! ولا رووا أين كان عمر عند تهديد قريش للنبي ( صلى الله عليه وآله ) واستنفارها بعد أبي طالب لقتله ، حتى اضطر لطلب حماية ثقيف ، واضطر لأن يختبئ في الحجون !

إن إهمالهم لهذه المراحل ، خاصة مرحلة دعوة الأقربين ، واختراعهم أدواراً افترضوها لزيد وعمرو . . يضع يدك على غرضهم من التحريف ، ويجعلك تشك فيما يروونه من أدوار مناقبية لمن صاروا حكاماً فيما بعد ، ويجعلك تدقق في النصوص لتكشف الأدوار التي غيبوها لعلي وحمزة وجعفر وغيرهم من بني هاشم ، ومعهم كبار الصحابة السابقون الأولون : أبو ذر ، وعمار ، والمقداد ، وأبو سلمة ، وخالد بن سعيد ، وخباب ، ومصعب ، وسلمان ، رضوان الله عليهم !




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.