المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



مخاطبات بين لسان الدين وابن الجياب  
  
273   04:25 مساءً   التاريخ: 2024-08-31
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة : مج6، ص: 124
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2022 2736
التاريخ: 9/9/2022 1489
التاريخ: 2024-01-07 942
التاريخ: 10/11/2022 1179

 مخاطبات بين لسان الدين وابن الجياب

ولما كتب لسان الدين الى شيخه الرئيس الكاتب أبي الحسن الجياب قصيدة

أولها " :

أمستخرجاً كنز العقيق بآماقي أناشدك الرحمن في الرمق الباقي فقد ضعفت عن حمل صبري طاقتي عليك وضاقت عن زفيري أطواقي وهي طويلة أجابه عنها بقوله :

سقاني فأهلاً بالمدامة والساقي سلافاً بها قام السرور على ساق ولا نقل إلا من بدائع حكمة ولا كأس إلا من سطور وأوراق فقد أنشأت لي نشوة بعد نشوة تمد بروحانية ذات أذواق فمن خطها الفاني متاع لناظري وسمعي، وحظ الروح من خطها الباقي أعادت شبابي بعد سبعين حجة فأثوابه قد جددت بعد إخلاق وما كنتُ يوماً للمدامة صاحباً ولا قبلتها قط نشأة أخلاقي ولا خالطت لحمي ولا مازجت دمي كفى شرها مولاي فالفضل للواقي وهذا على عهد الشباب ، فكيف لي بها بعد ماه للشبيبة مهراق ؟ تبصر فحكما القهوتين تخالفا فكم بين إثبات لعقل وإزهاق وشتان ما بين المدامين فاعتبر فكم بين إنجاح لسعي وإخفاق فتلك تهادى بين ظلم وظلمة وهذي تهادى بين عدل وإشراق

·

أيا علم الإحسان غير منازع شهادة إجماع عليها وإصفاق

 

                                                           124

 

فضائلك الحسنى علي تواترت بمنهمر من سحب فكرك غيداق خزائن آداب بعثت بدرها إلى ولم تمنن بخشية إنفاق ولا مثل بكر حرة عربية زكية أخلاق كريمة أعراق فأقسم ما البيض الحسان تبرجيت تناجيك سراً بين وحي وإطراق بدور بدت من أفق أطواقها على رياض شدت في قطبها ذات أطواق فناظر منها الأقحوان ثغورها وقابل منها نرجس سحر أحداق وناسب منها الورد خدا مورداً سقاه الشباب النضر بورك من ساق وألبسن من صنعاء وشياً منمنماً وحلين من در نفائس أعلاق بأحلى لأفواه ، وأبهى الأعين وأحيى لألباب ، وأشهى لعشاق رأيت بها شهب السماء تنزلت إلي تحييني تحية مشتاق ألا إن هذا السحر لا سحر بابل فقد سحرت قلبي المعنى فمن راق لقد أعجزت شكري فضائل ماجد ابر بأحباب وأوفى بميثاق تقاضى ديون الشعر مني منبهاً رويدك لا تعجل علي بإرهاق فلو نشر الصادان من متحديهما لإنصاف هذا الدين لاذا بإملاق  فخذ بزمام الرفق شيخاً تقاصرت خطاه وعاهده بمعهود إشفاق فلا زلت تحيي للمكارم رسمها وقدرك في أهل العلا والنهي راقي

قال : وكتبت إليه في غرض العتاب قصيدة أولها :

أدرنا وضوء الأفق قد صدع الفضا مدامة عتب بيننا نقلها الرضى فلله عينا من رآنا وللحيا حبي بآفاق البشاشة أو مضا

 

 

 

                                                       125

 

 

نفر إلى عدل الزمان الذي أتى ونبرأ من جور الزمان الذي مضى ونأسو كلوم اللفظ باللفظ عاجلاً كذا قدح الصهباء داوى وأمرضا

فراجعني عنها بهذه القصيدة :

ألا حبذا ذاك العتاب الذي مضى وإن جره واش بزُورٍ تمضمضا أغارت له خيل" فما ذعرَتْ حتى ولكنها كانت طلائع للرضى تألق منه بارق" صاب مزنه على معهد الحب الصميم فروضاً تلألأ نورا للصداقة حافظاً وإن ظنَّ سيفاً للقطيعة مُنتضَى فإن سود الشيطان منه صحيفة أتى ملك الرَّحْمى عليها فبيضا وما كان حب أحكم الصدق عهده ليرمى بوسواس الوشاة فيرفض أعيد وداداً زاكي القصدِ وافياً تخلص من أدرانه فتمحض ونية صدق في رضى الله أخلصت سناها بآفاق البسيطة قد أضا الآفك من الساعي ليخفي نورها أيخفى شعاع الشمس قد ملأ الفضا به وكيف يحل المبطلون بإفكهم معاقد حبّ أحكمتها يدُ القضا تعرض يبغي هدمها فكأنه لتشييد مبناها الوثيق تعرضا وحرض في تنفيره فكأنما على البر والتسكين والحب حرّضا وأوقد ناراً فهو يصلى جحيمها يقلب منها القلب في موقد الغضا أيا واحدي المعدود بالألف وحده ويا ولدي البر الزكي إن ارتضى بعثت من الدر النفيس قلائداً على ما ارتضى حكم المحبة واقتضى نتيجة آداب وطبع مهذب أطال مداه في البيان وأعرضا ولا مثل بكر باكرتي آنها كزورة خل بعدما كان أعرضا هي الروضة الغناء أينع زهرها تناظر حسناً مذهباً ومفضضا أو الغادة الحسناء راقت فينقضي مدى العمر في وصفي لها وهو ما انقضى تطابق منها شعرها وجبينها هذا الليل مسوداً وذا الصبحُ أبيضا

                                                 126

أو

الشهب منها زينة وهداية ورجم لشيطان إذا هو قيضا أنت ببديع الشعر طوراً مصرحاً بآياتك الحسنى ، وطوراً معرضا ومهدت الأعذار دون جناية ولو أنك الجاني لكنت المغمضا لك الله من بروفي وصاحب محضت له صدق الضمير فأحضا لسانك في شكري "مفيض تفضلاً فيا حسن ما أهدى وأسدى وأقرضا وقلبك فاضت فيه أنوار خلتي فألقى يدي تسليمه لي مفوضا و قصدك مشكور ، وعهدك ثابت وفضلك منشور ، وفعلك مرتقى فهل مع هذا ريبة في مودة بحال ؟ وإن رابت فما أنا فيق بولائي إني لك مخلص هوى ثابتاً يبقى فليس له انقضا عليك سلام الله ما هبت الصبا وما بارق جنح اللجنة أو مضا

و قال لسان الدين: من غريب ما خاطبني به قوله :

أقسم بالقيسين والنابغتين وشاعري طيسى المولدين و بابن حجر وزهير وابنيه والأعشيين بعد ثم الأعميين بعشاق الثريا والدرة بيات وعزة ومتي وبثين وبأبي الشيص ودعبل ومن كشاعري خزاعة المخضرمين وولد المعتز والرضي والسري ثم حسن وابن الحسين واختم بقس وبسحبان وإن أوجب حق أن يكونا أولين وحليتي نثرهم ونظمهم في مشرقي أقطارهم والمغربين إن الخطيب ابن الخطيب سابق بنثره ونظمه للحلبتين راقتي الصحيفة الحسنا التي شاهدت فيها المكرمات رأي عين تجمع من براعة المعنى إلى براعة الألفاظ كلتا الحسنيين أشهد أنك الذي سبقت في طريقي الآداب أقصى الأمدين شعر حوى جزالة ورقة تصاغ منه حلة للشعريين رسائل" أزهارها منثورة سرور قلب ومتاع ناظرين يا أحوذياً يا نسيج وحده شهادة تنزهت عن قول مين بقيت في مواهب الله التي تقر عينيك وتملأ اليدين.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.