أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-27
768
التاريخ: 2024-10-09
266
التاريخ: 2024-06-01
767
التاريخ: 2024-02-28
921
|
يلاحظ أن بعض هذه التماثيل يستند على عمود مستطيل وعريض كان يستعمل وجهه لكتابة النقوش، فكان يكتب عليه ألقاب الفرعون التي كانت تشغل جزءًا كبيرًا من كل سطر بوجه عام، ومن ذلك التمثالان المصنوعان من الجرانيت الوردي الموجودان في المدخل، وكذلك المجاميع التي هناك. ولكن في استطاعة الإنسان أن ينشر العمود الذي تستند عليه التماثيل دون الإضرار بجسم المجموعة. وقد وجدنا في الدولة القديمة تماثيل تستند على عمد مثل هذه عريضة، ولكن أخذت هذه العمد تضيق شيئًا فشيئًا حتى اختفت في نهاية الأمر، وأصبح التمثال بلا عمود؛ ولذلك نجد أن المثَّالين العظام في الدولة الحديثة قد وصلوا إلى الاستغناء عن العمود في كثير من الحالات، وعلى الرغم مما نجده من نقوش تدل على أن هذين التمثالين من عمل «رعمسيس»، فإنه من المحتمل إذن أنهما من صناعة العهود القديمة، والواقع أن الوجه الأكثر حفظًا منهما يدل على أنه من صناعة الدولة القديمة، أو بداية الدولة الوسطى أكثر مما يدل على وجه «رعمسيس«.
والمجاميع التي تشمل «رعمسيس» مع إله أو أكثر قد صُنعت بطريقة مغايرة لذلك، فمثلًا في الثالوث العظيم الذي في المدخل، ويتألف من «بتاح»، و«رعمسيس»، و«حور اختي» نجد أن البارز من جسمهم جزء يسير؛ لأن معظم أجسامهم قد غار في السنادة التي وراء ظهرهم، فأجسامهم لا تكاد تبرز إلا بضعة سنتيمترات من حجر السناد، وكذلك يلحظ أن الذراعين واليدين لم تظهر بصورة واضحة في التمثيل، وأن السيقان اليمنى قد بقيت حبيسة في الحجر، والأقدام اليسرى تخطو إلى الأمام بصورة أقل من المعتاد، وتظهر الرؤوس مفرطحة، ولا نزاع في أن مثل هذه الصناعة تُنسب إلى صناعة الحفر أكثر منها إلى صناعة التماثيل المجسمة، غير أنها مع ذلك لا تخضع لقوانين الحفر البارز عند المصريين، وهي التي تضع رأسًا مصورًا تصويرًا جانبيًّا على كتفين مصورتين تصويرًا كاملًا. وتلفت اليدين اللتين صُورتا تصويرًا كاملًا، والقدمين اللتين صورتا جانبيًّا، ولكنا هنا في هذه المجاميع لا نرى أي اعوجاج في التمثيل؛ إذ نجد الشخصيات الثلاثة ينظرون إلى الناظر إليهم بوجوههم كاملة، والوجه والجذع، وكل الأعضاء تُرى من الأمام واليدان مفتوحتان، ويلحظ أن الجوانب الصغيرة للأثر تخضع لنفس الصناعة، فعلى اليمين نشاهد الإله «حور اختي»، وعلى اليسار صورة «بتاح»، وقد مثلا بالنقش البارز دون أي تشويه؛ إذ نجد الكتف في مكانه الحقيقي.
والملاحظات السابقة تنطبق على المجموعتين الأخريين اللتين لم يبقَ منهما إلا قطع، وكذلك على المجموعة التي مثل فيها الآلهة «عنتا»، و«رعمسيس» المحفوظة «بمتحف اللوفر»، وتمثال «رعمسيس الثاني» «بمتحف القاهرة» الذي يحمل رقم 575 قد صُنع بهذه الطريقة أيضًا، وصور الأناث اللائي نقشن بصحبة التماثيل الضخمة المصنوعة من الحجر الرملي الموجودة في الردهة الثانية، وكذلك صورة الملكة «مريت آمون» مع التمثال الذي في الجنوب الشرقي، وصورة الملكة «بنت عنتا» على التمثال الذي في الجنوب الغربي، كل هذه قد مثلت بالحفر من غير تشويه؛ والمجموعتان الجالستان وهما: «عنتا»، و«رعمسيس»، و«سخمت»، و«رعمسيس» يظهر أنهما تؤلفان مجموعتين أمرهما وسط بين التمثيل بالحفر نصف البارز، والتماثيل المجسمة فعلًا؛ إذ نجد أن السنادة التي يرتكز عليها التمثالان ليست على قدر عرضهما، فالكتف اليسرى للآلهة، والكتف اليمنى للملك تشاهَد كلها منفصلة تمامًا من الحجر، ولكن المثَّال قد حفر الرقعة التي بين التمثالين حفرًا غير متقن، وقد عمل الجزء الأوسط كله بالحفر، وقد مثل مثالو الدولة الحديثة في معظم الأحيان المجاميع التي وجدت خارج «تانيس» مرتكزة تماثيلها إما على سنادة أو على الجدار الخلفي لكوَّة، وهذه التماثيل قد عملت مجسمة كما كانت الحال في العصور السالفة، ولكن عندما كان المثال لا يهتم بالتعمق في رقعة الحجر — وذلك إما لتراخيه، وإما لعدم حذقه — فإن الأشخاص الممثلين يظهرون كأن نصفهم مختفٍ في الحجر، مثال ذلك: التماثيل التي تحمل الأرقام التالية بمتحف القاهرة: 42065، 42066، 42080، 42097، وكلهم من عهد الأسرة الثامنة عشرة، وقد عثر عليهم في «الكرنك«.
وكذلك لدينا مجموعة «بمتحف اللوفر» (A. 47.) (راجع Boreux Ibid I, p. 52) ؛ ويحتمل أنها من عهد الأسرة الثانية عشرة، وتمثال في متحف القاهرة (يحمل رقم 605) ، وتعد ضمن الحفر البارز وحسب، وعلى أية حال يجب أن تنتظر حتى عهد «رعمسيس الثاني» لنجد تماثيل صُنعت على غرار مجاميع «تانيس»، ففي «أهناسيا المدينة» عثر على ثالوث ضخم يمثل «رعمسيس» بين الإله «بتاح»، والإلهة «سخمت» زوجه وهو موجود «بمتحف القاهرة» (راجع Jequier Les. Temples ramesides et. Saites pl. 42)، ويكاد يكون صورة مطابقة لثالوث «تانيس»؛ إذ نجد أن ثلاثة الأشخاص الذين مثلوا في الحجر قد التصقوا فيه، ويظهرون بوجوههم كاملة للناظر، هذا إلى أن الأيدي والأذرع قد مثلت بسمك بسيط بارز من الحجر، وتوجد مجموعة صغيرة الحجم ضمن آثار «تجران» (راجع Danios Pacha Collection d’Antiquités Egyptiennes de. Tigrane Pacha d’Ako Paris Leroux 1911 pl. 27-28 p. 9. No. 69)، ونشاهد فيها «رعمسيس الثاني» ممسكًا بيده الإله «حور اختي»، والإلهة «باستت» سيدة «بوبسطة»، وهؤلاء الأشخاص الثلاثة قد حفروا بالطريقة السالفة، ولا شك في أنه توجد أمثلة أخرى من هذا الطراز، ولكن تدل شواهد الأحوال على أنها لم تكثر منذ الآن إلا في عهد «رعمسيس الثاني» وحسب، وبخاصة في «تانيس». والواقع أنها نشأت في مدينة هذا الفرعون المقدسة، ومن ثم انتشرت أولًا في المدن المجاورة مثل «بوبسطة»، ووصلت إلى أماكن أخرى بعيدة، غير أنه لم يكن لها شأن يذكر في «طيبة»، وقد ظهر من بين تماثيل خبيئة الكرنك تماثيل كبيرة وصغيرة من عهد الرعامسة تمثل شخصًا ممسكًا في يده مذبحًا، أو محرابًا صغيرًا فيه تمثالان، أو ثلاثة لآلهة جالسين أو واقفين منفردين، أو يمسك بعضهم بأيدي بعض (راجع Legrain Stat. II, 42111, 42144, 42153, 42176, 42178).
وهذه التماثيل قد نُحتت مجسمة، وأجسامها وأعضاؤها مثلت بحجمها الطبعي.
ومما يلفت النظر أن وجوه «رعمسيس» في كل تماثيله في «تانيس» ليست موحدة، ولكن كثيرًا منها يشبه بعضه بعضًا، فالتمثال الضخم الجميل الذي في المدخل المصنوع من الحجر الرملي، والتماثيل الأربعة الضخمة التي في الردهة الثانية، والتمثال رقم 573 «بمتحف القاهرة»، والتمثال (A. 20.) الموجود «بمتحف اللوفر»، وتمثالا «رعمسيس» الجالسان بمعبد «عنتا»، وتمثال «رعمسيس» الجالس في مجموعة «عنتا» «رعمسيس»، كل هذه يظهر فيها وجه «رعمسيس» كبيرًا وممتلئًا، وملامحه ليست بارزة تمامًا، فالعينان قد مثلتا أحيانًا طبعيتين، وأحيانًا مكحلتين ومعبرتين عن الرزانة والطيبة معًا، وهذا الوصف ينطبق على تماثيل «منف» الضخمة، وعلى تماثيل الأقصر، وعلى التمثال رقم 583 الموجود «بالمتحف البريطاني» الذي أُتي به من «الرمسيوم» (راجع Egyptian Sculp. In Br. Mus. Pl. XXl,). وعلى ذلك نجد أن معظم المثالين في «تانيس» قد نحتوا تماثيلهم عن أصل ثابت، ومع ذلك فإن التمثالين الجالسين في معبد «عنتا» ليسا موحدين في التمثيل، فنجد على الأقل أن الذي نحت التمثال الأكثر حفظًا منهما لم يصل مثل زميله إلى نقل النموذج الذي كان أمامه؛ إذ نجد أنه قد مثل الفرعون — على غير رغبة منه — بملامح قبيحة، والعينين بخاصة مثلتا بارزتين كما تمثلان في الحفر، وعلى المسلات، وعلى لوحات «تانيس» (راجع Kemi Iv, 195).
وفي مقابل هذه السلسلة نجد في مجموعة «رعمسيس»، والإله «خبري»، ومجموعة «رعمسيس وسخمت»، وتمثال القاهرة رقم 575 أن «رعمسيس» قد مثل فيها بوجه عرضه أكبر من طوله، وكذلك مثلت العينان صغيرتين، والشفتان غليظتين، ومنخفضتين في نهايتهما، على أن ما يبرز وجه الشبه في هذه التماثيل الثلاثة ﻟ «رعمسيس» هو أن لباس الرأس موحد فيها جميعًا، ويشمل شعرًا مستعارًا ثقيلًا يغطي الأذنين، ويؤلف على الجبهة كتلة من الشعر أفقية، على أن كثيرًا من تماثيل ملوك الدولة الحديثة قد تحلَّت بلباس الرأس هذا، ولكن يجب أن نقرن بتماثيل «تانيس» تمثالين ﻟ «رعمسيس الثاني» محفوظين «بالمتحف المصري»، وأعني بذلك الرأس الذي يحمل رقم 640 المستخرج من تل «نبيشة» على مسيرة أربعة عشر كيلومترًا من «صان الحجر» (تانيس)، والرأس رقم 636 الذي وجد في «تل بسطة» (راجع Borcharat Stat. u. Statuellen S. V,)، فنشاهد فيهما نفس الوجه الذي عرضه أكبر من طوله، والمثلث الهيئة، وكذلك نجد أن رسم العينين والشفتين واحد، ومن المدهش أن سكان «صان الحجر» الحاليين قد فطنوا في الحال عند كشف المجموعة «رعمسيس سخمت»، و«خبري، رعمسيس» وجه الشبه الذي بين المجموعتين، والواقع أن جسم التمثال في كلٍّ قد أُبرز بصورة قوية، وإن كانت التفاصيل فيه مختصرة بعض الشيء. والواقع أن كتفي تمثال «عنتا» جديرتان بأن تكونا كتفي محارب، ولكن الجسم دقيق وجذاب. هذا ويلاحظ على تمثال «متحف القاهرة» رقم 573، وتمثال «متحف اللوفر» رقم (A 20)، والتمثالين الجالسين، وكل التماثيل الضخمة المصنوعة من الحجر الرملي أنه يوجد على كل كتف من أكتافها علامة مؤلفة من ثلاث إشارات محفورة بعمق يخيل للإنسان أنها تؤلف العلامة تقريبًا. والواقع أنه لا يوجد تمثال فيه هذه العلامة خلاف تماثيل «تانيس» إلا تمثال واحد، وهو كذلك تمثال ﻟ «رعمسيس الثاني» عثر عليه في «الإسكندرية» عند عمود «بمبي «(Ibid II, 165-6). وكذلك يلاحظ أن سمَّانَتي الساقين في كل من تمثالي «رعمسيس» الجالسين، اللذين عثر عليهما في معبد «عنتا» قد مثل عليهما خط مستقيم في طولهما يشبه العصا، وكذلك في التماثيل الضخمة الجالسة المصنوعة من الحجر الرملي.
وهذا اصطلاح قد شاع كذلك في عهد «رعمسيس الثاني»، ولكنه لم يقتصر على تماثيل «رعمسيس» في «تانيس»، أو الدلتا الشرقية، بل نشاهده على تمثال الإسكندرية، وتماثيل «ميت رهينة» الضخمة، وكذلك في أقاصي الإمبراطورية المصرية جنوبًا، على تماثيل معبد «بو سمبل» الضخمة.
أما تمثال «رعمسيس» في مجموعة «حورون»، فلا يعد بين واحدة من هاتين السلسلتين، بل من المحتمل أنه التمثال الوحيد في «تانيس»، الذي يقدم لنا صورة تشبه الفرعون؛ إذ لا يعد صورة منقولة عن نموذج عام متفق عليه، أو صورة من طراز محلي، وهذه الميزة تقرِّبه من تمثال «رعمسيس» الجميل، المنقطع القرين، المحفوظ في «تورين» الآن. غير أن تمثال «تورين» يمثل الملك وهو في عنفوان الشباب، في حين أن التمثال الذي يحميه الإله «حورون» قد مثل في هيئة طفل، وقد كان في مقدور المثَّال أن يوضح تصوير عمر تمثاله بالعلامتين الخاصتين، اللتين تدلان على الطفولة، وهما خصلة الشعر، والأصبع التي توضع في الفمِّ، ولكنه قد أفلح فلاحًا عظيمًا في تمثيل جسم ممتلئ قوي لطفل قد بلغ الثانية عشرة من عمره، وأسبغ على وجهه الإشراق والحيوية اللذين ينطبقان على وجه أمير فتيٍّ عزيز على الآلهة.
وخلاصة القول في كل ما ذكرنا: أن الآلهة الذين صُوروا بجانب الملك، أو ذُكرت أسماؤهم على قواعد تماثيله، أو على العمد التي تستند عليها مجاميع تماثيل الآلهة والملك، لم تكن قد اختيرت عفو الخاطر، فصورة الإلهة «عنتا» — الدالة على الأمومة، عندما تضع يدها على كتف «رعمسيس»، أو عندما يضع الملك يده عليها، فهي إلهة كنعانية، وهي زوج الإله «ميكال» رب «بيسان» (راجع R. P. V incent, Le Baal Cananeen de. Beisan et. Sa. Paredre, Revue Biblique (1929) 512–544). أما وجود الإله «حورون»، فقد جاء ذكره في «أورشليم» وفي «صيدا»، وكما ذكرنا كان يُعبد في مصر في صورة «بولهول»، والواقع أن آلهة هذه الأقطار الأسيوية، كانت لهم مكانة ممتازة في عاصمة «رعمسيس» كما ذكرنا، وكذلك نقرأ على المسلات، وعلى واجهات المعابد، وعلى اللوحات أن الملك هو رضيع «عنتا» (راجع Les Nouvelles Fouilles de. Tanis p. 70)، ومحبوب «عشتارت»، أما الإله «ست»، وهو على ما يظهر أخ لبعلات سوريا، فقد كان جد أسرة «رعمسيس» كما فصلنا القول في ذلك، ولكنه من أصل مصري بحت، ولم يكن له أية علاقة بالآلهة الأجنبية في بادئ الأمر إنما جاء ذلك بعد.
والآلهة المصريون الذين نُحتوا بجانب «رعمسيس الثاني» مثل: «بتاح»، و«حور اختي»، و«خبري»، و«سخمت»، و«وازيت»، وكذلك الذين ذُكرت أسماؤهم مع العمد، التي تستند عليها التماثيل، مثل: «آتوم»، و«آمون رع»، هم نفس الآلهة الذين يراهم الإنسان غالبًا على المسلات، وفي الحفر، وكلهم آلهة الدلتا، فنجد «خبري» مع ثالوث تل «المسخوطة» (راجع Petrie Tanis I, pl. 16 No. 3)، والإلهة «وازيت» كانت تقدس في المدينة القريبة من «أميت» (إبطو الحالية) (راجع Petrie Tanis II, Nebesheh pl. X-XI)، كما أن الكاهن الأكبر للإله «ست» في «أواريس» كان المكلف بإقامة الاحتفالات له، والإلهة «سخمت» كانت من أعظم الإلهات في «بوبسطة»، وفي «تانيس» نفسها قد وجدت بقايا ستة تماثيل في معبد «عنتا» تمثلها، وكذلك يوجد لها تمثال آخر في المعبد الكبير (راجع Rec. Trav. IX. (1887) p. 13). أما الإله «آمون رع» هنا، فليس برب «الكرنك»، الذي كان يخشى الفرعون أطماعه، بل هو رب سكان «منف»، ولا نجد شاذًّا عن كل ما ذكرنا إلا التمثال رقم 575 الذي أقامه الأمير «مرنبتاح» لوالده، وقد جاء فيه ذكر الإلهين «وبوات»، و«حتحور»، وهما إلها مقاطعة «أسيوط «.
والواقع أن تماثيل بلدة «تانيس»، يوجد أوجه شبه بينهما وبين تماثيل «رعمسيس»، التي عثر عليها في مدن أخرى من مدن الدلتا، وتفسير ذلك هو إما أن المثالين الذين كانوا في المدن المجاورة ﻟ «تانيس»، قد أسرعوا في تقليد ما كان يُصنع في العاصمة، أو أن «رعمسيس» في الوقت الذي جمع فيه آلهة الدلتا في عاصمة ملكه الدينية، قد جمع فيها مفتني هذه المدن الذين كانوا يسيرون على حسب تقاليد واحدة، وطرق واحدة، في تمثيلهم لهذه الصور، وإذا كان هذا التفسير مقبولًا وجب علينا كذلك أن نتساءل إذا كانت مدينة مثل «تانيس» التي فتحت بصدر رحب أبوابها لهذا العدد العظيم من الآلهة الأجنبية، الذين يعملون على حسب عوائد كنعانية، مثل الضحية التي كانوا يضعونها ضمن ودائع الأساس، وهو ما يتنافى مع العادات المصرية، لم يتأثر المثالون المصريون فيها بأولئك المفتنين الذين وفدوا من البلاد التي تعبد فيها الإلهة: «عنتا»، و«عشتارت»، و«بعل»، و«حورون»؟ والواقع أن مصر في عهد الدولة الحديثة منذ بداية حكم «تحتمس الثالث»، كانت قد غرقت في بحر من المنتجات السورية، وتدل النقوش التي على جدران مقابر «طيبة» ومعابدها، على أن الإله «آمون» رب «الكرنك»، قد جمع منها ثروة عظيمة، ولكن في عهد «رعمسيس الثاني» نجد أن الكثير من هذه المنتجات لم يتعد حدود العاصمة الشمالية التي كان يمكث فيها الفرعون طويلًا، وحيث استقبل الأميرة الخيتية، وكل الهدايا التي جاءت في ركابها، ولا نزاع في أن المفتنين الشرقيين كانوا يعرفون رسم الأجسام بوجوه كاملة، ولا أدل على ذلك من نقوش «خورساباد»، التي تمثل «جلجمش» وهو يخنق أسدًا. (راجع Contenau. L’art de. L’Asie Occidentale Ancienne Paris (1928) pl. 38). وهذا نقش حديث نسبيًّا، ولكن الأسطوانات السورية الخيتية، تظهر لنا أن هذا الطراز كان موجودًا منذ الأزمان التي أوغلت في القدم، وأن هناك أشخاصًا آخرين من ملوك وآلهة، قد مثلوا بالحفر بوجوه كاملة. (راجع Contenau Manuel d’Archeologie Orientale Paris 1931 P. 611 ff, 686–91)، وكذلك نجد في «ببلوص «، (1) و«زنديرلي «، (2) و«أرسلان تاش «، (3) و«بوغازكوي «، (4) تماثيل «بولهول»، وأسودًا وملائكة، تؤلف جزءًا من الآثار التي تحرسها، كما يؤلف ثالوث «تانيس»، جزءًا من الآثار التي تؤلف جزءًا منها.
وهكذا نجد في «تانيس» أن الفن يلقي ضوءًا على مهام الفرعون السياسية والدينية، فلأجل أن يحوز المفتن رضى الفرعون، نجده قد مثله في هيئة ابن خاضع مبجل للآلهة الأجنبية، وقد استفاد فن هذه الممالك من التقديس الذي كان لهذه الآلهة، وهكذا أصبح هذا الطراز هو الشائع لمدة قصيرة في الصور الممثلة بالحفر البارز، والفن المصري الذي لم يعرف هذا الطراز من قبل قط قد انقطع الإنتاج فيه عندما اختفى «رعمسيس الثاني» من مسرح الحياة؛ إذ إنه هو الذي أدخله في البلاد، وشجع على انتشاره في أرجاء إمبراطوريته
......................................
1-راجع: Montet Byblos et Egypte p. 239.
2- راجع: Ausgrabungen in Sendschirili XLVI-XLVIII, XVI-LVII. LXIV-LXV.
3- راجع: Arslan-Tash pl. II-VI.
4- راجع: Contenau L’art de. L’Asie Occidentale. Pl. III.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|