أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1432
التاريخ: 2024-08-29
221
التاريخ: 10-10-2014
1325
التاريخ: 10-10-2014
1882
|
المقدمة التاسعة للشيخ فتح الله الاصفهاني في علم القراءات
نقل جماعة عن العلّامة ( رحمه الله ) في المنتهى أَنهُ قال « 1 » : أحبُّ القراءات إِليَّ ما قرأ عاصم عن طريق أبي بكر بن عيّاش ، وطريق أبي عمرو بن العلا ، فإِنهما أولى من قراءة حمزة والكسائي لما فيهما من الإدغام وإمالة وزيادة المدّ ، وذلك كله تكلف ولو قرأت به صحّت صلاته بلا خلاف ، وفي هذا الكلام نظر من وجوه :
أحدها : أَنهُ ( قدس سره ) كمعظم المجتهدين من اصحآبنا قائلون بتواتر القراءات السبع ، وإذا كان الكلّ ثابتاً نازلًا من عند الله تعالى متلواً عن النبيَّ ( صلى الله عليه واله وسلم ) لم يكن معنى لترجيح بعضها على بعض إلا أَنْ يقال أنْ التواتر المدّعى إِنمّا هو في مادّة الكلمة دون هيئتها ، وكيفية قراءتها ، كما صرّح به جماعة منهم الحاجبي في المختصر ، والعضدي في شرحه ، وشيخنا البهائي في الزبر ، قال : فيها والقراءات السبع متواترة إِن كانت جوهرية كملك ومالك ، وأَما الأدائية كالمدّ والإمالة فلا وإن كان رُبمّا يورد عليه بأَنّ القراءة عبارة عن اللفظ فكمال الجوهر جزء مادي له كذلك الهيئة جزء صوري له فإذا ثبت أَنّ القرآن لا بدّ أَنْ يكون متواتراً ثبت أَنّ الهيئة لا بدّ أَنْ تكون متواترة أيضا ، ولو سُلَّم أنّ الهيئة ليست جزء اللفظ فلا شكَّ أَنّها من لوازمه ولا يمكن نقله بدونه ، فإذا تواتر نقلها ودعوى أَنّ نقله لا يستلزم نقلها بخصوصها لعدم جريان دليل التوتر فيها ، بل إنمّا يستلزم نقل أحديهما ، فاللازم تواتر القدر المشترك بين تلك الهيئات مدفوعة بأَنّ ما ذكر من توفر الدواعي على نقل القرآن لا يجري في بعض الجواهر المخصوصة أيضا إذ كما أَنّ اختلاف بعض الهيئات لا يؤثر في صلاحية كون القرآن متّحدٌ به ، وفي كونه من أصُول الاحكام كذلك اختلاف بعض الجواهر لا يؤثر في ذلك إلا أَنّ يقال إِن المراد بالهيئة التي يُدّعى عدم لزوم تواترها ما يتعلق بكيفية الأداء كالمدّ والإِمالة واللين وشبهها ، وما استدلوا به على التواتر بعد تماميته لا يدلّ إلا على وجوب تواتر مادتهِ وهيئتهِ التي هي من لوازم الكلمة التي يختلف باختلافها المعنى والفصاحة والبلاغة ، بل يلتزم بعدم تغيير بعض الجوهر أصلا ، وإنْ لم يختلف به المعنى والبلاغة فإذا نُقل إلينا متواتراً جوهر الكلام وهيئته وشبههما إلى قوانين العرب.
والجواب الصحيح عن هذا النظر أَنْ يقال أَنّ غرض العلّامة ( قدس سره ) في المنتهى ، ليس ترجيح قراءته بحسب الثبوت والتحقّق قطعاً حتى ينافي دعوى التواتر ، بل المراد هو المرجحّ والداعي لاختبار بعضها على بعض مثل الأسهلية في الجري على اللسان والخلو من الروم والإِشمام والإِمالة.
ثانيها : أَنّ المشقّة في أداء أحد أطراف الواجب التخيري لو صلحت لترجيح الخالي عنها فإنما تصلح في المواضع المتضمّنة للأمور المذكورة لا ترجيح قراءة عاصم على قراءة حمزة مثلا مطلقاً حتى في الموارد الخالية عمّا ذكر ، وتلفيق القراءات أمر جائز عند الكلّ ما لم يترتب بعضها على بعض كما في {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] فلا يجوز رفع آدم بقراءة الأكثر ، ورفع كلمات بقراءة آبن كثير.
ثالثها : أنّ أبا عمرو بن العُلاء ليس راوياً عن عاصم ولا طريقاً إليه ، بل هو أحد القُرّاء السبعة وقراءته في عرض قراءة عاصم إلا أني رأيت في كلام بعض الأجلّاء الأكابر الثقاة نقل عبارة المنتهى بهذه الصورة أحبّ القراءات اليَّ : قراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عياش ، وقراءة أبي عمرو بن العلا ، فإنهما أولى إلى آخر ما مرّ ، فيسلم عن الاشكال الأخير كما عرفت سلامته من الأول أيضاً ، ويمكن دفع الوسط عنه أيضا بعناية ، ثم أَنّك عرفت في تضاعيف ما قدّمنا لك في هذه المقدمات أَنّ ترجيح بعض القراءات على بعض بحسب الثبوت عند من لا يقول بتواتر الجميع ويذهب إلى أن المنزل واحد ، وأَنّ الاختلاف من قبل الرواة ، لابد أَنّ يكون بما يؤكد صدوره ، ويفيد الوثوق بأَنهُ النازل من ورود الروايات في تصديق إحدى القراءات ، أو شهرتها بين القُرّاء ، او استقراء مواضع استعمال الكلمة في القرآن وأشباهها ، لو لم نقل بقيام الإِجماع على جواز القراءة بالكل أو أَرادَ إحراز بعض المصالح والخواص الواقعية المترتبة على القرآن الواقعي ، أو ما هو أقرب إليه.
___________
( 1 ) المنتهى : ج 1 ، ص 273.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|