شرح متن زيارة الأربعين (وَاَشْهَدُ اَنَّكَ الْأِمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ) |
289
06:39 صباحاً
التاريخ: 2024-08-26
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-25
664
التاريخ: 2023-05-18
6976
التاريخ: 2024-08-23
168
التاريخ: 18-10-2016
1073
|
اشهد: اقسم واحلف.
فهذه شهادة له بالإمامة التي هي عهد الله الذي لا يناله الظالمين، كما قال: ( وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ([1])، فهي الرياسة العامة من الله على عباده، والخلافة والنيابة من النبي (صلى الله عليه وآله) على اُمته.
قال الرضا (عليه السلام): « إنّ الإمامة خصّ الله بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوّة، والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها، وأشاد بها ذكره فقال: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )، فقال الخليل سروراً بها: ( وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ([2])، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة، ثمّ أكرمه الله عزّ وجلّ بأن جعلها في ذريّته أهل الصفوة والطهارة، فقال عزّ وجل: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) ([3])، فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتى ورثها النبي (صلى الله عليه وآله) فقال الله عزّ وجل: ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) ([4])، فكانت له خاصّة فقلّدها (صلى الله عليه وآله) عليّاً بأمر الله عزّ وجل على رسم ما فرضها الله عزّ وجل: ( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ ) ([5])، فهي في ولد عليّ (عليه السلام) خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمّد(صلى الله عليه وآله) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟ إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة الله عزّ وجل وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين (عليهم السلام) » ([6]).
البِّرُ: ووصف الإمام بالبرّ بالفتح وهو البار العطوف المحسن، لأنّه كما يطق على القدوة للناس المنصوب من قبل الله المفترض الطاعة على العباد، كذلك قد يطلق على الداعي إلى الباطل الذي يقتدي به الجاهل، كما في قول الصادق (عليه السلام) لمّا سئل عن الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ فقال: كانا إمامين قاسطين كانا على الحقّ وماتا عليه فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فلمّا خلى المجلس قال له بعض أصحابنا: كيف قلت يابن رسول الله؟ فقال: نعم، أمّا قولي كانا إمامين فهو مأخوذ من قوله تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ )، وأمّا قولي عادلين فهو مأخوذ من قوله تعالى: ( ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ )، وأمّا قولي: كانا على الحقّ فالحقّ عليّ (عليهما السلام)، وقولي ماتا عليه فالمراد به أنّهما لم يتوبا عن تظاهرهما عليه بل ماتا على ظلمهما إيّاه، وأمّا قولي: فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فالمراد به أنّ رسول الله ينتصف له منهما خذاً من قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ).
وربما يطلق على الأعمّ كما قال تعالى: ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) ([7]).
التقي: التقي والمتّقي هو الذي يخاف الله ويخشاه بالغيب، ويجتنب المعاصي ويتوقى المحرمات من التقوى، والاتقاء هو الامتناع من الردى باجتناب ما يدعو إليه الهوى، ويقال: وقاه يقيه إذا حفظه وعصمه وهو أيضاً لقب للإمام محمد الجواد (عليه السلام) لأنه اتقى الله فوقاه شر المأمون لما دخل عليه بالليل وهو سكران فضربه بسيفه حتى ظن أنه قتله فوقاه الله شره ([8]).
والرضي: هو المرضي الذي ارتضاه الله من خلقه لإرشاد عباده، أو الذي رضى الله في سماءه، والرسول في أرضه، أو بمعنى الراضي وهو الذي لا يسخط بما قدر عليه وبمعنى المطيع.
والزكي: الطاهر من الأخلاق الذميمية، والصفات الرذيلة من قولهم زكى عمله إذا طهُر، ومنه قوله: ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ) ([9]) أي طاهرة لم تجن ما يوجب قتلها، وهذا اللقب إذا أُطلق فالمراد به هو الحسن بن علي (عليهم السلام).
والهادي: هو الدليل على الحقّ، والمرشد إلى سبيل الرشد، قال الله: ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ([10])، عن أبي بُرزة الأسلمي: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ) ووضع يده على صدر نفسه، ثمّ وضعها على صدر عليّ ويقول: ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )، وروى القمي في تفسيره 1: 260، ط. بيروت، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: المنذر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والهادي أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعده الأئمة (عليهم السلام) وهو قوله: ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) أي في كلّ زمان إمام هاد مبين.
وهذا اللقب ( الهادي ) عند الإطلاق ينصرف إلى عليّ بن محمد الجواد (عليه السلام).
والمهدي: هو الذي هداه الله إلى معارج القرب، وأرشده إلى بساط الجذب، وعرّفه المعارف اللاهوتية، وعلّمه الأسرار الجبروتية ولا يكون الشخص هادياً حتّى يكون مهدياً مهتدياً، ففي الكلام تقديم وتأخير كما في قوله: واجعله هادياً مهدياً، فتأمّل..
وهذا اللقب إذا أُطلق فالمراد به القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) المبشّر بمجيئه في آخر الزمان ـ اللهم عجّل فرجه ـ ولا ريب أنّ كلّ إمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله) هاد يهدي العباد إلى طريق الرشاد.
وعن أبي بصير عنه (عليه السلام) قال: قلت له: ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ([11]) فقال: رسول الله المنذر، وعليّ (عليه السلام) الهادي، يا أبا محمد فهل منّا هاد اليوم؟ قلت: بلى جعلت فداك ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتّى رفعت إليك.
فقال (عليه السلام): رحمك الله يا أبا محمّد لو كانت إذا نزلت آية على رجل مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب، ولكنّه حيّ جرى فيمن بقى كما جرى فيمن مضى ([12]).
[1] سورة البقرة : 124 .
[2] سورة البقرة : 124 .
[3] سورة الأنبياء : 72 ـ 73 .
[4] سورة آل عمران : 68 .
[5] سورة الروم : 56 .
[6] راجع عيون أخبار الرضا 1 : 196 ، الباب 20 ، ط . الشريف الرضي ـ قم .
[7] سورة الإسراء : 71 .
[8] مجمع البحرين .
[9] سورة الكهف : 74 .
[10] سورة الرعد : 7 .
[11] سورة الرعد : 7 .
[12] الكافي 1 : 192 .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|