أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-27
![]()
التاريخ: 9-10-2014
![]()
التاريخ: 8-10-2014
![]()
التاريخ: 31-5-2016
![]() |
خصائص الصلاة وآثارها التربويّة والوجوديّة على تكامل الإنسان[1]
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تؤكّد على أهمّيّة الصلاة وآثارها الوجوديّة في سير الإنسان نحو مقام القرب الإلهي، ومنها:
1- الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر:
قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[2].
إنّ طبيعة هذا التوجّه العباديّ - إذا أتى به العبد، وهو يُكرّره كلّ يوم خمس مرّات، ويداوم عليه، وخاصّة إذا زاول عليه في مجتمع صالح، يُؤتَى فيه بمثل ما أتى به، ويُهتَم فيه بما اهتمَّ به - تردع الإنسان عن كلّ معصية كبيرة يستشنعها الذوق الديني، كقتل النفس عدواناً، وأكل مال اليتيم ظلماً، والزنا، واللواط، وعن كلّ ما يُنكره الطبع السليم والفطرة المستقيمة، ردعاً جامعاً بين التلقين والعمل. وذلك: أنّه يُلقّنه أولاً، بما فيه من الذكر: الإيمان بوحدانيّته تعالى والرسالة وجزاء يوم الجزاء، وأن يُخاطب ربّه بإخلاص العبادة والاستعانة به وسؤال الهداية إلى صراطه المستقيم، متعوّذاً من غضبه ومن الضلال، ويحمله ثانياً، على أن يتوجّه بروحه وبدنه إلى ساحة العظمة والكبرياء، ويذكر ربّه، بحمده والثناء عليه وتسبيحه وتكبيره، ثمّ السلام على نفسه وأترابه وجميع الصالحين من عباد الله. مضافاً إلى حمله إيّاه على التطهّر من الحدث والخبث، في بدنه، والطهارة في لباسه، والتحرّز عن الغصب في لباسه ومكانه، واستقبال بيت ربّه، فالإنسان لو داوم على صلاته مدّة يسيرة واستعمل في إقامتها بعض الصدق، أثبت ذلك في نفسه ملكة الارتداع عن الفحشاء والمنكر البتّة، ولو أنّك وكّلت على نفسك من يربّيها تربية صالحة تصلح بها لهذا الشأن، وتتحلّى بأدب العبوديّة، لم يأمرك بأزيد ممّا تأمرك به الصلاة، ولا روّضك بأزيد ممّا تروّضك به.
ولا يُشكَل بأنّا كثيراً ما نجد من المصلّين، مَنْ لا يُبالي بارتكاب الكبائر، ولا يرتدع عن المنكرات، فلا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر!
ويردّه، سياق الحكم والتعليل في الآية، فإنّ الذي يُعطيه السياق: أنّ الأمر بإقامة الصلاة، إنّما عُلِّل بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[3]، ليُفيد أنّ الصلاة عمل عبادي يُورِث إقامته صفة روحيّة في الإنسان، تكون رادعة له عن الفحشاء والمنكر، فتتنزّه النفس عن الفحشاء والمنكر، وتتطهّر عن قذارة الذنوب والآثام. فالمراد به: التوسّل إلى ملكة الارتداع التي هي من آثار طبيعة الصلاة، بنحو الاقتضاء، لا أنّها أثر بعض أفراد طبيعة الصلاة، ولا أنّها أثر الاشتغال بالصلاة ما دام مشتغلاً بها، ولا أنّ المراد هو التوسّل إلى تلقّي نهي الصلاة فحسب من غير نظر إلى الانتهاء عن نهيها، كأنّه قيل: أقم الصلاة لتسمع نهيها، ولا أنّ المراد أقم الصلاة لينهاك الذكر الذي تشتمل عليه عن الفحشاء والمنكر. فالحقّ في الجواب: أنّ الردع أثر طبيعة الصلاة التي هي توجّه خاصّ عبادي إلى الله سبحانه، وهو بنحو الاقتضاء دون الاستيجاب والعلّيّة التامّة، فربّما تخلّف عن أثرها، لمقارنة بعض الموانع التي تُضعف الذِّكْر وتُقرّبه من الغفلة والانصراف عن حاقّ الذِّكْر، فكلّما قويَ الذِّكْر وكمل الحضور والخشوع وتمحّض الإخلاص، زاد أثر الردع عن الفحشاء والمنكر، وكلّما ضعف، ضعف الأثر.
وبالتأمّل في حال بعض من تسمّى بالإسلام من الناس، وهو تارك الصلاة تجده يُضيّع، بإضاعة الصلاة، فريضة الصوم، والحجّ، والزكاة، والخمس، وعامّة الواجبات الدينيّة، ولا يُفرّق بين طاهر ونجس، وحلال وحرام، فيذهب لوجهه، لا يلوي على شيء، ثمّ إذا قست إليه حال مَنْ يأتي بأدنى مراتب الصلاة، ممّا يسقط به التكليف، وجدته مرتدعاً عن كثير ممّا يقترفه تارك الصلاة، غير مكترث به، ثمّ إذا قست إليه مَنْ هو فوقه في الاهتمام بأمر الصلاة، وجدته أكثر ارتداعاً منه، وعلى هذا القياس.
2- الصلاة ذِكْر لله تعالى:
قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[4].
الصلاة ذكر، لاشتمالها على الأذكار القوليّة، من تهليل، وتحميد، وتنزيه، وهي باعتبار آخر مصداق من مصاديق الذِّكْر، لأنّها بمجموعها ممثّل لعبوديّة العبد لله سبحانه، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾[5]، وهي باعتبار آخر أمر يترتّب عليه الذِّكْر، ترتّب الغاية على ذي الغاية، وهو ما يُشير إليه قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾[6].
والذِّكْر الذي هو غاية مترتّبة على الصلاة، أي الذكر القلبي، بمعنى استحضار المذكور في ظرف الإدراك بعد غيبته، نسياناً، أو إدامة استحضاره، لهو أفضل عمل يُتصوَّر صدوره عن الإنسان وأعلاه كعباً وأعظمه قدراً وأثراً، فإنّه السعادة الأخيرة التي هُيّئت للإنسان ومفتاح كلّ خير.
ثمّ إنّ الظاهر من سياق قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾، أنّ قوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾، متّصل به، مبيّن لأثر آخر للصلاة، وهو أكبر ممّا بُيِّن قبله، فيقع قوله تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ موقع الإضراب والترقّي، ويكون المراد الذِّكر القلبي الذي يترتّب على الصلاة، ترتّب الغاية على ذي الغاية، فكأنّه قيل: أقم الصلاة لتردعك عن الفحشاء والمنكر، بل الذي تُفيده من ذِكر الله الحاصل بها، أكبر من ذلك، أي من النهي عن الفحشاء والمنكر، لأنّه أعظم ما يناله الإنسان من الخير، وهو مفتاح كلّ خير، والنهي عن الفحشاء والمنكر بعض الخير.
3- الصلاة مدد غيبيّ للإنسان:
قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾[7].
الاستعانة، وهي طلب العون، إنّما يتمّ في ما لا يقوى الإنسان عليه وحده من المهمّات والنوازل، وإذ لا معين في الحقيقة، إلا الله سبحانه، فالعون على المهمّات، مقاومة الإنسان لها، بالثبات، والاستقامة، والاتّصال به تعالى، بالانصراف إليه، والإقبال عليه بنفسه، وهذا هو الصبر والصلاة، وهما أحسن سبب على ذلك، فالصبر يُصغّر كلّ عظيمة نازلة، وبالإقبال على الله والالتجاء إليه تستيقظ روح الإيمان، وتتنبّه إلى أنّ الإنسان متّك على ركن لا ينهدم، وسبب لا ينفصم.
وغيرها من الآيات التي تُبيّن أهمّيّة الصلاة في فلاح الإنسان وثباته وفوزه في الدنيا والآخرة، منها: قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾[8]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾[9]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾[10]، وقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾[11].
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص152, ج16، ص133-137.
[2] سورة العنكبوت، الآية 45.
[3] سورة العنكبوت، الآية 45.
[4] سورة العنكبوت، الآية 45.
[5] سورة الجمعة، الآية 9.
[6] سورة طه، الآية 14.
[7] سورة البقرة، الآية 45.
[8] سورة المؤمنون، الآيتان 1-2.
[9] سورة الأعراف، الآية 170.
[10] سورة المعارج، الآيات 19-23.
[11] سورة طه، الآية 14.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|