أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-22
252
التاريخ: 27/11/2022
1295
التاريخ: 2023-09-04
1249
التاريخ: 2024-09-30
290
|
بعض الامور التي تتعلق باخراج الزكاة - القسم الثالث
قال تعالى : {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] الجهاد أو مطلق وجوه البرّ (كَمَثَلِ) زارع (حَبَّةٍ) أو المراد مثل نفقة الّذين ينفقون كمثل حبّة (أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) يعنى أن النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) أى يزيد على سبعمائة فيضاعفها وقيل يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاء (وَاللهُ واسِعٌ) المقدرة والرحمة لا يضيق عليه ما شاء من الزيادة ، ولا يضيق عن المضاعفة أصلا ، فكيف إذا وعد عليم بكلّ شيء فيعلم ما كان من نفقة ونيّة المنفق وقصده واستحقاقه الزيادة وعدمه.
واعلم أنّ الحسنة في قوله سبحانه {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160] أعمّ من الإنفاق ، فلا مانع أن يكون العشر لازما ولو باعتبار الوعد في جميع الحسنات ، ويزيد إلى سبعمائة في الإنفاق في سبيل الله مطلقا ، وإلى أزيد في مواضع منه أو غيره ، روى عن ابن عمر أنّه قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ربّ زد أمتي ، فنزل قوله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245] فقال ربّ زد أمتي فنزل {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262]
المنّ كأن يعتدّ بإحسانه على من أحسن إليه ، والأذى كأن يتطاول عليه ويترفّع بسبب ما أنعم به عليه ، كأن يعبس وجهه عليه ، ثمّ إظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المنّ والأذى ، وأن تركهما خير من نفس الإنفاق كما جعل الاستقامة على الايمان خيرا من الدخول فيه ، بقوله {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
أو إشارة إلى بعد المنفقين عن ذلك فكان ترك المنّ والأذى منهم بعيدا عن إنفاقهم ، أو إشارة إلى أن ليس المراد بالاتباع إتيان ذلك بلا فصل ، أو عن قرب ، بل يعتبر عدمه ولو طالت المدّة بعده ، يؤيد الأوّل ما روى [1] عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال المنّان بما يعطي لا يكلّمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم ، ويستفاد منه وجه لعدم إيراد الفاء في قوله (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وإنّما قال عند ربّهم ، لأن النفس إليه أسكن ، وبه أوثق ، فإنّ ما عنده لا يخاف عليه فوت ولا نقص وقد قدّمنا أن فيه تعظيما وتفخيما للأجر.
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لفوت الأجر ونقصانه ، ولا يبعد الأعم ، والاية لا ريب في دلالتها على انتفاء ذلك في الجملة ، وربما دلّت على عدم كون أجرهم لهم مع المنّ والأذى ، وتحقق الخوف والحزن، ولا يبعد ذلك في كلّ إحسان كالاقراض والتخليص من شدّة والنصرة على العدوّ والتعظيم وردّ الغيبة والتخلق وحسن المعاشرة والعفو والمسامحة ونحو ذلك.
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كلام طيّب يرد به السائل ردا جميلا ولا يخصّ الدعاء كما قيل نحو أغناك الله.
ومغفرة أي ونيل مغفرة من الله بسبب الردّ الجميل أو وعفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسئول كأن يسأل في غير وقته أو يسيء الأدب ، أو وعفو من قبل السائل ، فإنه إذا ردّه ردّا جميلا عذره.
(خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) خيرا ما على حقيقته باعتبار أنّ الصدقة التي يتبعها أذى قبل الأذى حسنة يقتضي الأجر والثواب إلّا أن المنّ والأذى يبطلانها بعدا ومعنى البطلان صرف الثواب في عوض الأذى مثلا ، بل إثمه أعظم وأزيد ، فيبقى بعد أو على الاتساع فلا يلزم منه ما ينافي ما تقدّم وإنّما اقتصر على ذكر الأذى لأن المنّ يستلزمه ولو غالبا.
روى عن النّبي [2] صلىاللهعليهوآله إذا سأل السائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتّى يفرغ منها ، ثمّ ردّوا عليه بوقار ولين : أما بذل يسير أو ردّ جميل ، فإنّه قد يأتيكم من ليس بإنس ولا جان ، ينظرون كيف صنيعكم فيما خوّلكم الله (وَاللهُ غَنِيٌ) خصوصا عن إنفاقكم وإنما نفعه لكم ويأمر به لمصلحتكم (حَلِيمٌ) فلا يعاجل بعقوبة من يمنّ ويؤذى ، بل يؤخر العقاب بحلمه ، وهذا سخط ووعيد على المنّ والأذى ، نعوذ بالله من غضب الحليم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 264]
وأكد ذلك بقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) أي ولا بالأذى إبطالا.
(كَالَّذِي) كإبطال أو لا تبطلوا حال كونكم مماثلي الذي (يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ) أي لأجل رئائهم أو مرائيا لهم أو إنفاق رياء أو إنفاقا كما في تفسير القاضي لكون الإضافة لفظيّة.
(وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فيريد بإنفاقه أو بأعماله وجه الله والدار الآخرة وثوابه فيها ، والعطف على «ينفق» وعليه قيل أي وكالّذي لا يؤمن ، يعنى كإبطاله أعماله أو إنفاقه لأنّ الكلام فيه ، وليس بوجه إذ الموصول واحد لم يتعدّد ، نعم فيه تنبيه عليه كما أشرنا.
قيل : ويحتمل عطفه على رياء بجعله حالا بتأويل المفرد ، وقد استدلّ بالاية على أن كلّ مرائي منافق ، لأن الكافر المعلن غير مرائي ، وفيه نظر فإنه لو سلم ذلك فإنما يلزم أن يكون المراد بالمرائي المذكور المنافق ، بدليل قوله (وَلا يُؤْمِنُ) على أنّ الحقّ أنه يصح في الكافر المعلن أيضا فإنّه حيث لا يؤمن بالله واليوم الآخر لا يبقى له داع إلى الإنفاق إلّا الرياء ، وإن لم يكن ذلك بالنسبة إلى المسلمين مثلا فافهم ، ولا دلالة في الكلام على لزوم عدم الايمان للإنفاق رئاء الناس ، وإن ناسبه لجواز أن يراد التشبيه بإبطال الكافر المرائي ، وإن كان في المسلمين أيضا مبطل مرائي تغليظا في النهى وتقبيحا للمنّ والأذى ، بل الرياء أيضا في نظر المؤمنين فإنّ المنّ والأذى ربما كانا كاشفين عن الرياء وعدم الإيقاع لوجه الله كما قيل.
(فَمَثَلُهُ) أي الذي ينفق رياء ولا يؤمن (كَمَثَلِ صَفْوانٍ) حجر أملس (عَلَيْهِ تُرابٌ ، فَأَصابَهُ وابِلٌ) مطر عظيم القطر شديد الوقع (فَتَرَكَهُ صَلْداً) أملس نقيا من التراب (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) كما لا يقدر أحد على ردّ ذلك التراب والانتفاع به ، أو كما لا يقدر ذلك الحجر على إمساك ذلك التراب ولا على ردّه ، والانتفاع به ، وفيه تنبيهات فافهم ، والضمير للّذي ينفق باعتبار المعنى إذ المراد الجنس أو الجمع ، كأنه قيل الفريق الذي أو لضمير «فمثله» باعتبار المذكور أو له ولصفوان جميعا.
قيل : الجملة في موضع الحال فاما من الذي أو فاعل ينفق ، والأقرب ضمير «فمثله» أو هو والصفوان جميعا ، ولا يبعد كونها استينافا مبيّنا للإبطال ، أو للتمثيل ، أو لهما.
وفي المجمع [3] إنّ وجوه الأفعال تابعة لحدوثها ، فاذا فاتت فلا طريق إلى تلافيها ، وليس في الآية ما يدلّ على أنّ الثواب الثابت المستقرّ يبطل ويزول بالمنّ فيما بعد ، ولا بالرياء الذي يحصل فيما يستقبل من الأوقات على ما قاله أهل الوعيد ، وفيه نظر واضح والآية ظاهرة في البطلان بالمنّ والأذى ولو بعد حين ، والأخبار مشحونة بذلك.
وقد تضمّنت الآية الحثّ على الإنفاق في أبواب البر ابتغاء مرضات الله ، والنهى عن المنّ والأذى والرياء والسمعة والنفاق ، وبطلان العمل بها.
عن ابن عباس [4] قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد يسمع أهل الجمع أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا خذوا أجوركم ممّن عملتم له ، فانّى لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا وأهلها.
وعن أبى عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أسدى إلى مؤمن معروفا ثمّ آذاه بالكلام أو منّ عليه ، فقد أبطل الله صدقته ، ثمّ ضرب فيه مثلا كالّذي ينفق ماله رئاء الناس إلى قوله (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) إلى الثواب أو الجنّة أو الخير والرشاد ، وفيه تعريض بأنّ الرياء من صفات الكفار وأنّ المنّ والأذى كذلك ويجب على المؤمن أن يتجنّب عنها ويراعى الإخلاص في الإنفاق بل في سائر الأعمال.
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265]
(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أي رضاه ، فهو إمّا مصدر ميميّ أو اسم المصدر ، وابتغاء نصب على المفعول له كما قيل ، ويحتمل الحال وكذا ما عطف عليه أي (وَتَثْبِيتاً) لهم (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) على الايمان ومقتضاه أو على الخير والرشاد أو على الإنفاق فكأنها برسوخها وقوّة اليقين والبصيرة في الدين ورغبتها تثبتهم عليه ، أو بموافقتها لهم ومتابعتها إيّاهم في إنفاق الأموال تثبّتهم على الإنفاق ، أو على أحد الأوّلين ، فان بتحامل التكليفات وتكلّف ما يصعب من مشاقّ العبادات يقلّ الطمع في الشهوات ، ويتعوّد بالخيرات ، ويشتدّ الرغبة في السعادات ، فكان في ذلك تثبيت.
وفيه تنبيه على أنّ من حكمة الإنفاق للمنفق تزكية نفسه عن البخل وحبّ المال ، بل عن الرياء والمنّ والأذى أيضا أو تصديقا للإسلام وتحقيقا للجزاء من أصل أنفسهم ، فإنّه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أنّ تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ، وإخلاص قلبه.
أو (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) عند المؤمنين إنّها صادقة الايمان مخلصة فيه ، ويعضده قراءة مجاهد : «وتبيينا من أنفسهم» ويستفاد حينئذ رجحان الإعلان ، فيخصّ بالواجب للروايات ، أو وتبيينا من أنفسهم عندهم ، لاتّهامهم أنفسهم وعدّهم إيّاها مقصّرة ، وعن الحسن ومجاهد تثبيتا من أنفسهم أين يضعون.
و «من» على الوجوه ابتدائيّة ، ويحتمل التبعيض على معنى تثبيتا بعض أنفسهم على الايمان ومقتضاه ، ببذل المال الذي هو شقيق الروح وبذله أشق شيء على النفس ، فمن بذل ماله لوجه الله فإنه قد ثبتها في الجملة على ما أشرنا إليه سابقا فكأنه قد ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه فقد ثبتها كلّها ، كما قال {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 11] وفيه التنبيه المتقدّم أيضا.
والمعنى ومثل نفقة هؤلاء في زكاتها عند الله (كَمَثَلِ جَنَّةٍ) بستان (بِرَبْوَةٍ) مثلّث الراء وقرئت إلّا أنّ الكسر غير متواتر أي بمكان مرتفع فان الشجر حينئذ أحسن نبتا ومنظرا وأكثر ريعا وأزكى ثمرا (أَصابَها وابِلٌ) مطر عظيم القطر (فَآتَتْ أُكُلَها) أي ما يؤكل منها يعني ثمرتها (ضِعْفَيْنِ) مثلي ما كانت تثمر أو مثلي ما إذا لم يكن بربوة وقيل مثلي ما إذا كانت متسفّلة ، وقيل أربعة أمثاله ، ونصبه على الحال أي مضاعفا واحتمل أن يكون المراد تؤتي أكلها مرّتين في سنة كما قال سبحانه {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: 25] أي كلّ ستّة أشهر كما روي عن الصادق عليهالسلام [5].
(فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) فمطر صغير القطر أي فيصيبها أو فالذي يصيبها طلّ أو فطلّ يكفيها لكرم منبتها وبرودة هوائها لارتفاع مكانها ، فتؤتى أكلها ضعفين أيضا وهو على ظاهر القول بمثلي ما كانت تثمر غير واضح.
أو فلا تنقص من ثمرها شيء ، وإن لم تأت ضعفين ، فكذلك نفقات هؤلاء زاكية عند الله يضاعف ثوابها دائما أو لا يضيع ولا ينقص بحال ، وإن تفاوتت باعتبار ما ينضمّ إليها من الخصوصيات ويجوز أن يكون التمثيل لحالهم عند الله بالجنّة على الربوة ونفقاتهم الكثيرة والقليلة بالوابل والطلّ.
في الكشّاف : فكما أنّ كلّ واحد من المطرين تضعف أكل الجنة ، فكذلك نفقتهم كثيرة كانت أو قليلة ، بعد أن يطلب بها وجه الله ويبذل فيها الوسع زاكية عند الله زائدة في زلفاهم وحسن حالهم عنده.
وقد فسّر ضعفين بمثلي ما كانت تثمر وفي الجمع بينهما ظاهرا نظر ، إلّا أن يراد إذا كانت في غير ربوة ولا يبعد أن يكون في اعتبار الضعف هنا إشارة إلى مضاعفة السبعمائة في قوله (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) لهؤلاء.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيه تحذير عن الريا والمنّ والأذى وضعف اليقين والنفاق ، وترغيب في الإخلاص والرسوخ وقوّة اليقين والايمان.
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 266]
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ) الهمزة فيه للإنكار (أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) جعل الجنّة أولا منهما مع ما فيها من سائر الأشجار والأثمار تغليبا لهما لشرفهما وكثرة منافعهما ، ثمّ ذكر أنّ فيها من كلّ الثمرات ليدل على احتوائها على سائر أنواع الأشجار والاثمار ، ويجوز أن يكون المراد بالثمرات المنافع.
(وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) أي كبر السنّ فإنّ الفاقة في الشيخوخة أصعب ، والواو للحال أو للعطف على نفسه حملا على المعنى ، كأنه قيل أيودّ أحدكم إذا كانت له جنّة وأصابه الكبر (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) لا قدرة لهم على كسب لصغر أو مرض ونحوه مثله (فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) عطف على إصابة ، أو يكون ، والأعصار ريح عاصفة تنعكس من الأرض إلى السماء مستديرة كعمود.
والمعنى تمثيل حال من يفعل الأعمال الحسنة ويضمّ إليها ما يحبطها من رياء أو من أو أذى في الحسرة والأسف ، إذا كان يوم القيامة واشتدّت حاجته إليها فوجدها محبطة ، بحال من هذا شأنه ، وأشبههم به من جال بسرّه في عالم الملكوت وترقّى بفكره إلى جناب الجبروت ثمّ نكص على عقبيه إلى عالم الزور والتفت إلى ما سوى الحقّ وجعل سعيه هباء منثورا.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فيها فتعتبرون بها.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|