أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-16
1083
التاريخ: 2024-08-03
398
التاريخ: 2024-09-08
204
التاريخ: 2023-08-30
886
|
فائدة رقم (15):
في معنى حديث: ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) متكئًا قط (1).
قال صاحب القاموس فيه: وكأنّ قوله (عليه السلام): أما انا فلا آكل متكئًا أي جالسا جلوس المتمكّن والمتربّع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل بل كان جلوسه للأكل مستوفزًا (2) مقعيًا غير متربّع ولا متمكّن وليس المراد الميل على شقّ كما يظنّه عوام الطلبة "انتهى".
وقال صاحب النهاية فيه: "لا آكل متكئًا" المتكئ في العربيّة كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا ، والعامة لا تعرف المتكئ الا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه والتاء فيه بدل من الواو أصله من الوكاء وهو ما يشد به الكيس وغيره كأنّه أوكأ مقعدته وشدّها بالقعود على الوطأ الذي تحته.
ومعنى الحديث: انّي إذا أكلت لم اقعد متمكّنا فعل من يريد الإكثار منه ولكن آكل بلغة فيكون قعودي له مستوفزا ، ومن حمل الاتكاء على الميل على أحد الشقين تأوّله على مذهب الطبّ فإنّه لا ينحدر على مجاري الطعام سهلا ولا يسقيه هنيئا وربّما تأذّى به "انتهى".
قال بعض فضلاء المعاصرين: ما ذكره صاحب النهاية وصاحب القاموس مخالف لما ذكره الأئمة (عليهم السلام) في أحاديثهم كما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن أبي خديجة قال: سأل البشير الدهّان أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر فقال: هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره فقال: ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره ولكن كان يجلس جلسة العبد. قلت: ولم ذاك؟ قال تواضعا لله عزّوجلّ (3).
فهذا صريح في انّ المراد بالاتكاء الميل على أحد الشقين اليمين واليسار فليس من ظنّه من عوام الطلبة بل من خواصّها وأيضا ما ذكره صاحب النهاية بأن من حمل الاتكاء على هذا المعنى تأوّله على مذهب الطب غير سديد فانّ الصادق (عليه السلام) علّل تركه بالتواضع لله والخضوع له كما هو دأب العبيد لا كما هو شأن الملوك والمتكبّرين "انتهى".
وأقول: لا يخفى انّه لا منافاة بين كلام أهل اللغة وبين كلام الصادق (عليه السلام)؛ لأنّهم إنّما فسّروا الاتكاء المطلق وكلام الامام (عليه السلام) جاء على مطابقة سؤال السائل والاتكاء في السؤال والجواب مقيّد بكونه على اليمين أو اليسار ولا يلزم كون الاتكاء المقيّد بمعنى المطلق ولا العكس كما هو واضح بل لا يبعد ان يكون في ذكر القيد اشعار بالاحتياج اليه فيكون المطلق معنى آخر والا لكان القيد مستغني عنه وهو بعيد لذكره في السؤال والجواب.
ثم انّ صاحب النهاية قد جوّز الحمل على المعنى المفهوم من الحديث.
وبالجملة فالحديث المنقول وحده لا ينافي ذلك التفسير ولا يبعد ان يكون (عليه السلام) كان يترك الاتكاء بالمعنيّين ولا يأتي بواحد من القسمين لا المطلق ولا المقيّد وكذا لا منافاة بين التعليلين؛ لأنّ الأول لعدم التمكّن والثاني لجلوسه جلسة العبد ولم يتحقّق تساويهما ولا تلازمهما ولو سلم فلا مانع من صحّة التعليلين معًا إذ اجتماعهما هنا ممكن بل كل فعل من أفعاله (عليه السلام) كان له أسباب متعدّدة وفوائد كثيرة في الدنيا والدين غير انّ المصلحة للمكلّفين في إظهار العلّة المذكورة في الحديث كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
__________________
(1) الكافي ج 6 ص 272 ح 9.
(2) استوفز في قعدته: انتصب فيها غير مطمئن أو وضع ركبتيه ورفع إليتيه أو استقلَّ على رجليه.
(3) الكافي ج 6 ص 271 ح 7.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|