أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-12
361
التاريخ: 11-10-2014
2191
التاريخ: 2024-07-13
457
التاريخ: 2024-07-13
526
|
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } [يوسف: 54]
یُقَالُ: أَنتَ عِندِي مَکِینٌ أَمِینٌ؛ أَي: ذُو مَکَانَةٍ وَمَنزِلَةٍ، وَمُؤتَمَنٌ عَلَى کُلِّ شَيءٍ [1].
وَرُوِي: أَنَّ يُوسُف لـمَّا خَرَجَ مِنَ السِّجنِ، دَعَا لأَهلِهِ، وَقَالَ: اللَّـهُمَّ أَعطُف عَلَيهِم بِقُلُوبِ الأَخيَارِ، وَلَا تُعُمِ عَلَيهِم الأَخبَار؛ فَلِذَلِكَ يَكُونُ أَصحَابُ السِّجنِ أَعرَفُ النَّاسِ بِالأَخبَارِ في كُلِّ بَلدَةٍ.
وَكَتَب عَلَى بَابِ السِّجنِ: هَذَا قُبُورُ الأَحيَاءِ، وَبَيتُ الأَحزَانِ، وَتَجرِبَةُ الأَصدِقَاءِ، وَشَمَاتَةُ الأَعدَاءِ.
قَالَ وَهَب: وَلـمَّا وَقَفَ بِبَابِ المَلِكِ، قَالَ: حَسبِيَ رَبِّي مِن دُنيَاي، وَحَسبِي رَبِّي مِن خَلقِهِ، عَزَّ جَارُهُ، وَجَلَّ ثَنَاؤهُ، وَلَا إِلَهَ غِيرُهُ.
وَلـمَّا دَخَلَ عَلَى المَلِك، قَالَ: اللَّـهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِخَيرِكَ مِن خَيرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّهِ، وَشَرِّ غَيرُه.
وَلـمَّا نَظَرَ إِلَيهِ المَلِكُ، سَلَّمَ عَلَيهِ يُوسُف بِالعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا هَذَا اللِّسَان؟ قَالَ: لِسَانُ عَمِّي إِسمَاعِيلَ، ثُمَّ دَعَا لَهُ بِالعِبرَانِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا هَذَا اللِّسَانُ؟ قَالَ: لِسَانُ آبَائي.
قَالَ وَهَبُ: وَكَانَ المَلِكُ يَتَكَلَّمُ بِسَبعِينَ لِسَانَاً، فَكُلَّمَا كَلَّمَ يُوسُفُ بِلِسَانٍ، أَجَابَهُ بِذَلِكَ اللِّسَانُ، فَأَعجَبَ المَلِكُ مَا رَأَى مِنهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَن أَسمَعَ رُؤيَاي مِنكَ شِفَاهَاً.
فَقَالَ يُوسُف: نَعَم أَيُّهَا المَلِكُ، رَأَيتَ سَبعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ شُهبٍ، غُرٍّ حِسَانٍ، كَشَفَ لَكَ عَنهُنَّ النِّيلَ، فَطَلَعنَ عَلَيكَ مِن شَاطِئهِ، تَشخَبُ أَخلَافَهُنَّ لَبَنَاً، فَبَينَا تَنظُرُ إِلَيهُنَّ، وَيُعجِبُكَ حُسنِهُنَّ، إِذ نَضَبَ النِّيلُ فَغَارَ مَاؤهُ، وَبَدَا يَبَسَهُ، فَخَرَجَ مِن حَمِئهِ وَوَحلِهِ سَبعَ بَقَرَاتٍ عِجَافٍ، شُعثٍ غُبرٍ مُقَلَّصَاتِ البُطُونِ، لَيسَ لَهُنَّ ضُرُوعٍ، وَلَا أَخلَافٍ، وَلَهُنَّ أَنيَابٌ وَأَضرَاسٌ، وَأَكُفٍّ كَأَكُفِّ الكِلَابِ، وَخَرَاطِيمَ كَخَرَاطِيمِ السِّبَاعِ.
فَاختَلَطنَ بِالسِّمَانِ، فَافتَرَسَتهُنَّ إِفتِرَاسَ السَّبُعِ، فَأَكَلنَ لُحُومَهُنَّ، وَمَزَّقنَ جُلُودَهُنَّ، وَحَطَّمنَ عِظَامَهُنَّ، وَتَمشمَشنَ مُخَّهُنَّ.
فَبَينَا أَنتَ تَنظُرَ وَتَتعَجَّبُ، إِذَا سَبعُ سَنَابِلَ خُضرٍ، وَأُخَرُ سُودٍ في مَنبِتٍ وَاحِدٍ، عُرُوقَهُنَّ في الثَّرَى وَالمَاءِ، فَبَينَا أَنتَ تَقُولُ في نَفسِكَ: أَنَّى هَذَا وَهَؤلَاءِ خُضرٍ مُثمِرَاتٍ، وَهَؤلَاءِ سُودٍ يَابِسَاتٍ، وَالمَنبَتُ وَاحِدٌ، وَأُصُولَهُنَّ في المَاءِ ؟ إِذ هَبَّت رِيحٌ، فَذَرَّت الأَرفَاتِ مِنَ اليَابِسَاتِ السُّودِ عَلَى الثَّمَرَاتِ الخُضرِ، فَاشتَعَلَت فِيهُنَّ النَّارُ وَأَحرَقَتهُنَّ، وَصِرنَ سُودَاً مُتَغِيِّرَاتٍ، فَهَذَا آخِرُ مَا رَأَيتَ مِنَ الرُّؤيَا، ثُمَّ انتَبَهتَ مِن نَومِكَ مَذعُورَاً.
فَقَالَ المَلِكُ: وَاللَّـهِ، مَا شَأَنُ هَذِهِ الرُّؤيَا، وَإِن كَانَت عَجَبَاً بِأَعجَبِ ممَّا سَمِعتُهُ مِنكَ، فَمَا تَرَى في رُؤيَاي أَيُّها الصِّدِّيقُ ؟.
فَقَالَ يُوسُفُ: أَرَى أَن تَجمَعَ الطَّعَامَ، وَتَزرَعَ زَرعَاً كَثِيرَاً في هَذِه السِّنِينَ الُمخصِبَة، وَتبنَي الأَهرَامَ وَالخَزَائنَ، فَتَجمَعَ الطَّعَامَ فِيهَا بِقَصَبِهِ وَسُنبُلِهِ، لِيَكُونَ قَصَبُهُ وَسُنبُلُهُ عَلَفَاً لِلدَوابِّ، وَتَأَمُرَ النَّاسَ فَيَرفَعُونَ مِن طَعَامَهُم الخُمسَ، فَيَكفِيكَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جَمَعتَهُ لِأَهلِ مِصرَ، وَمَن حَولَهَا، وَيَأَتِيكَ الخَلقُ مِنَ النَّوَاحِي، فَيَمتَارُونَ مِنكَ بِحُكمِكَ، وَيَجتَمِعُ عِندَكَ مِنَ الكُنُوزِ مَا لَم يَجتَمِعَ لَأَحَدٍ ذَلِكَ.
فَقَالَ المَلِكُ: وَمَن لي بِهَذَا؟ وَمَن يَجمَعُهُ وَيِبِيعَهُ، وَيَكفِي الشُّغلَ فِيهِ؟ فَعِندَ ذَلِكَ قَالَ يُوسُفُ: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [2] الأَلِفُ وَاللَّامُ، فَرُبَّ الأَرضِ لِلعَهدِ دُونَ الجِنسِ، يَعنِي: اجعَلنِي عَلَى خَزَائنَ أَرضِكَ، حَافِظَاً وَوَالِيَاً، وَاجعَل تَدبِيرَهَا إِليّ[3].
وَهذَا إِنَّهُ استَفتَى مٍن یُوسُف حَیثُ قَالَ: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} أَنَا أَعرِفُ صِدقَكَ في تَأَوِیلِ الرُّؤیَا: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} أَي: في رُؤیَا ذَلِكَ، فَإِنَّ المَلِكَ رَأَى هَذِهِ الرُّؤیَا، وَاشتَبَهَ تَأَویلُهَا عَلَیهِ، وَعَبَّرَ في السِّجنِ عَن الرُّؤیَا.
وَقَالَ في جَوَابِ الرَّسُولِ مُعَبِّرَاً: أَمَّا البَقَرَاتُ السَّبع العِجَاف، وَالسَّنَابِل السَّبع الیَابِسَاتِ: فَالسُّنُونُ الجَدبَةِ، وَأَمَّا السَّبعُ السِّمَان وَالسَّنَابِلُ السَّبع الخُضرِ؛ فَإِنَّهُنَّ سَبعُ سِنِینٍ مُخصِبَاتٍ، ذَوَاتُ نِعمَةٍ، وَأَنتُم تَزرَعُونَ فِیهَا، وَذَلِكَ حِينَ: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبَاً} أَي: مُتَوَالِیَةٌ، وَقِیلَ: {دَأَبَاً} أَي: بِجِدٍّ وَاجتِهَادٍ في الزِّرَاعَةِ، وَ: {تَزْرَعُونَ} خَبَرٌ في مَعنَى الأَمرِ کَقَولِهِ: تَوَضونَ بِاللّـهِ، وَیَدُلُّ عَلَیهِ قَولُه تعَالَى: {فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ في سُنْبُلِهِ} فَمَا حَصَدتُّم مِنَ الزَّرعِ فَذَرُوهُ في سُنبُلِهِ [4].
قِیلَ: زَوَّجَ المَلِكُ یُوسُف رَاعِیلَ امرَأَة فَطفِیر، وَهي زُلَیخَا، فَدَخَلَ بِهَا یُوسُف فَوَجَدَهَا عَذرَاءَ، وَلـمَّا دَخَلَ عَلَیهَا، قَالَ لَهّا: أَلَیسِ هَذَا خَیرَاً مِمَّا کُنتِ تُرِیدِینَ؟ فَقَالَت: أَيُّهَا الصِّدِّيقُ، لَا تَلُمنِي، فَإِنِّي كُنتُ امرَأَةً حَسنَاءً نَاعِمَةً كَمَا تَرَى، في مُلكٍ وَدُنيَاً، وَكَانَ صَاحِبِي لَا يَأَتِي النِّسَاءَ، وَكُنتَ كَمَا جَعَلَكَ اللهُ في حُسنِكَ وَهَيئتِكَ، فَغَلَبتنِي نَفسِي، فَوَجَدَهَا يُوسُف عَذرَاءَ، فَأَصَابَهَا فَوَلَدَت لَهُ رَجُلَينِ: أفرَائيم بن يوسف، ومنشأ بن يُوسُف [5].
وَفي تَفسِیرِ عَليِّ بِن إِبرَاهِیمَ [6] قَالَ: لـمَّا مَاتَ العَزِیزُ، وَذَلِكَ في السِّنِینِ الجَدبَةِ، افتَقَرَت امرَأَةُ العَزِیزِ، وَاحتَاجَت حَتَّى سَأَلَت النَّاسَ، فَقَالُوا لَهَا: مَا یَضُرُّكِ لَو قَعَدتِّ لِلعَزِیزِ، وَکَانَ یُوسُف یُسَمَّى العَزِیزُ، فَقَالَت: أَستَحِي مِنهُ، فَلَم يَزَالُوا بِهَا، حَتَّى قَعَدَت لَهُ.
فَأَقبَلَ يُوسُف في مَوكِبهِ، فَقَامَت إِلَيهِ زُلَيخَا، وَقَالَت: سُبحَانَ مَن جَعَلَ المُلُوكَ بِالمَعصِيَّةِ عَبِيدَاً، وَالعَبِيدَ بِالطَّاعَةِ مُلُوكَاً، فَقَالَ لَهَا يُوسُف: أَنتِ هَاتِيك؟ قَالَت: نَعَم، وَكَانَ اسمُهَا زُلَيخَا، فَقَالَ لَهَا: هَل لَكِ فيَّ؟ قَالَت: دَعنِي، بَعدَمَا يَئستُ أَتَهزَأ بِي؟ قَالَ: لَا، قَالَت: نَعَم.
قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا فَحُوِّلَت إِلى مَنزِلهِ، وَكَانَت هَرِمَةً، فَقَالَ لَهَا يُوسُف: أَلَستِ فَعَلتِ بي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَت: يَا نَبِيَّ اللَّـهِ، لَا تَلُمنِي، فَإِنِّي بُلِيتُ في بَلَاءٍ لَم يُبلَ بِهِ أَحَدُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَت: بُلِيتُ بِحُبِّكَ، وَلَم يَخلُقَ اللهُ لَكَ في الدُّنيَا نَظِيرَاً، وَبُلِيتُ بِأَنَّهُ لَم تَكُن بِمِصرَ امرَأَةً أَجمَلُ مِنِّي، وَلَا أَكثَرُ مَالَاً مِنِّي، وَبُلِيتُ بِزَوجٍ عِنِّينٍ، فَقَالَ لَهَا يُوسُف: فَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَت: تَسأَلُ اللهً أَن يَرُدَّ عَلَيَّ شَبَابِي، فَسَأَلَ الله فَرُدَّ عَلَيهَا، فَتَزَوَّجَهَا وَهي بِكرٌ وَعَذرَاءٌ.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|