أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-04-2015
3306
التاريخ: 19-10-2015
3533
التاريخ: 19-10-2015
3586
التاريخ: 19-3-2016
3253
|
نستقبل أيام شهادة الصديقة الكبرى والإنسية الحوراء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
هذه المظلومة المجهولة القدر عند غير المسلمين وعند المسلمين ، عند السنة وعند الشيعة ، عند العوام وحتى عند الخواص !
يجب علينا أن نحيي ذكرها العاطر في كل سنة ، معترفين بالتقصير والقصور عن أداء حقها .
وفي هذا اليوم أخاطب اثنين من أئمة التفسير السنيين ، هما الفخر الرازي الذي ذكر هذا الحديث في تفسيره في الجزء الثامن صفحة ثمانين في المسألة الثانية ، وإمام مفسريهم الزمخشري الذي طرح نفس الموضوع الذي بحثه الفخر الرازي ، وكذلك البيضاوي الذي ذكر الموضوع باختصار شديد .
ومن أئمة الحديث عندهم ، رواه مسلم ، والترمذي ، وابن منذر ، والحاكم النيشابوري ، وجلال الدين السيوطي .
فقد اتفقت كلمة أئمة التفسير والحديث على ما أقوله اليوم ، وخلاصته :
أن النبي صلى الله عليه وآله عندما خرج للمباهلة مع نصارى نجران ، خرج في ذلك اليوم الموعود وعليه مرط أسود ، وبعد أن أقام عليهم الحجة بالبرهان العلمي القاطع بالوحي وقوله تعالى : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . ( سورة آل عمران : 59 ) ، بعد هذا وصل الأمر إلى المواجهة والمباهلة ! وستتضح حقيقة المباهلة من قول رأس النصارى الذي سيأتي . .
المطلب عندكم واضح لكن نتعرف على رواية السنيين في آية المباهلة ، وما نذكره من أتقن الروايات التفسيرية والحديثية.
خرج رسول الله وعليه مرط أسود ، وقد حمل الحسين على صدره واحتضنه !
لقد كان الإمام الحسين في ذلك الوقت في سن يستطيع أن يمشي ، لكن لأمر ما خرج النبي صلى الله عليه وآله بهذه الصفة : محتضناً الحسين ، آخذاً بيد الحسن يجره إلى جانبه . . لاحظوا تعبير النص بدقة . .
النبي صلى الله عليه وآله في الإمام محتضناً الحسين ، آخذاً بيد الحسن ، وخلفه فاطمة الزهراء ، وخلفها علي بن أبي طالب عليهم السلام !
إنه نفس النبي الذي قال فيه الله تعالى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ( سورة النجم : 3 ) والذي لا ينطق عن الهوى لا يفعل عن الهوى !
إنه نفس النبي الذي يقول فيه الله تعالى وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( سورة الحشر : 7 ) ونفس النبي الذي سنته ليست فقط قوله ، بل سنته قوله وفعله وتقريره . . وكل حركاته وسكناته سنة . . كل أطواره وأحواله سنة . . وكل ما يرتبط بمقام ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . ( سورة النجم 8 - 9 )
إنه خلاصة العالم ، والنبي الخاتم ، وجوهر الوجود ، والشخص الأول في عالم الكون .
إن شخصاً من هذا النوع ، النظرة الواحدة منه عالم من الحكمة ، وكل عمل منه ربيع ملئ بالمعرفة ، وعندما يكون هو في المقدمة وفاطمة خلفه ، وعلي خلفهما ، فهذا عمل له معنى ، ومعناه : أن فاطمة هي البرزخ بين النواة الكبرى والولاية العظمى . . ومعناه أن فاطمة فيها جنبة القطب والمحور ، ولها موقع المركزية بين مقام الوحي الأعظم وتبليغ الوحي ، وبين مقام تفسير الوحي فأمام فاطمة النبي وتبليغ الوحي ، ووراءها تفسير الوحي .
هذه فاطمة الزهراء ، هذه مجهولة القدر عند جميع العوالم ، هكذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المباهلة ، فماذا كان التأثير ، وماذا حدث ؟ !
عندما جاء رئيس أساقفة نجران في وفد علماء النصارى وشخصياتهم ، ورأى هذا المنظر ، لم يملك نفسه أن قال : ( والله إني لأرى وجوهاً لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها من مواضعها ) .
وجوهاً إذا حركت شفاهها بالدعاء . . أو مدت أيديها إلى السماء . . لامتلأ الوادي على وفد النصارى ناراً ، ولما بقي نصراني على وجه الأرض ! !
يا ليت أن فهم هذا الأسقف النصراني كان توأماً مع نقل الفخر الرازي !
لكن مع الأسف فإنا نرى نقل الحديث من الفخر الرازي ، بينما درايته من الأسقف النصراني ! وهذا بحد بذاته مصيبة كبرى !
قال الأسقف النصراني لقومه يجب أن نعمل بكل وسيلة لكي لا يرفع هؤلاء أيديهم بالدعاء !
وكان النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة وعلي والحسن والحسين : ( إذا دعوت فأمِّنوا ) !
إلتفتوا إلى هذه الكلمة ، ما معنى هذه الجملة أيها الفخر الرازي ؟ أيها الزمخشري ؟ أيها البيضاوي ؟ معناها أنه : أن النبي يقول عملي تطبيق لأمر الوحي بقوله تعالى : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . ( سورة آل عمران : 61 ) حيث أوجب عز وجل أن يجتمع هؤلاء ، ولذا قال لهم النبي : إذا دعوت فأمِّنوا .
ومعنى هذا أن دعائي بصفتي خاتم النبيين مقتض ، لكن شرط فعلية اقتضاء المقتضي أنفاس فاطمة الزهراء ، فلا بد أن ينضم تأمينها إلى دعائي ! هكذا قرر الوحي ، وهكذا قررت السنة هنا : أن دعاء الزهراء شرط لدعاء النبي صلى الله عليه وآله والمقتضي محال أن يؤثر بدون شرطه ! ففي هذا المقام مقام مباهلة النبي صلى الله عليه وآله مع النصارى لابد مع رفع النبي يديه نحو السماء أن ترتفع معه أيدي أربعة آخرين حتى يستجاب الدعاء ويتحقق المطلوب ! !
وما دام الأمر هكذا ، فيا ترى من هو علي ؟ ومن هي فاطمة ؟ ومن هو الحسن بن علي ؟ ومن هو الحسين بن علي ؟ ! !
إن قيمة الحديث ليس بروايته ، بل بدرايته ، والأساس في الدين هو التفقه فيه ، والكمال كل الكمال في التفقه والدراية لا بالرواية . وحقيقة التفقه أن تتعمق في كل الأفعال والأقوال والخصوصيات ، ثم تستنتج .
نفس ذلك النبي الذي ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) ولا يفعل عن الهوى ، خرج في هذا الوضع ! فلما رآه أسقف النصارى قال : ( والله إني لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ! ( الكشاف : 1 - 369 دار البلاغة ط . ثانية ) فليت الفخر الرازي والزمخشري أعطيا فقه ذلك الأسقف النصراني وإنصافه !
ثم تأملوا فيما قاله الزمخشري بعد أن نقل قضية المباهلة ، في سبب تقديم الأبناء والنساء في آية المباهلة : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ . . . ) قال : ( وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها . وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي ( ص ) ) ( الكشاف : 1 / 370 )
وبذلك اعترف الزمخشري بأن فاطمة والحسن والحسين مفدون بنفس النبي صلى الله عليه وآله وكذلك قال البيضاوي إن في الآية دليلين على نبوة النبي صلى الله عليه وآله وعلى فضيلة أهل الكساء عليهم السلام .
أما الفخر الرازي فقال : وكان رسول الله خرج وعليه مرط أسود وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه خلفهما ، وهو يقول : إذا دعوت فأمِّنوا ، فقال أسقف نجران . . إلى آخر ما ذكره الزمخشري ، ثم ذكر الرازي رواية حديث الكساء وقال : واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث . ( تفسير الفخر الرازي : 7 / 85 )
حسناً ، لقد اعترفوا كلهم بهذا المقام العظيم لهؤلاء العظماء الذين يفديهم النبي بنفسه !
وهنا نوجه سؤالنا إلى الزمخشري رجل التفسير ، والى الفخر الرازي رجل العقل والفلسفة ، صاحب التفسير وشرح الإشارات والمباحث المشرقية ، إلى من يشبههما من أهل الدقة والتعمق من علماء السنة أمثال البيضاوي والحاكم والسيوطي ، فقد رووا كلهم واعترفوا أن الله تعالى أظهر للعالم في آية المباهلة أنه لا يوجد على وجه الأرض أقرب اليه بعد النبي صلى الله عليه وآله من هؤلاء الأربعة ، فهؤلاء الذين يستطيعون أن يرفعوا أيديهم بالدعاء ويدعوا ، فيستجيب الله لهم مهما دعوا !
سؤالنا : لقد اعترفتم بأن هذه الأيدي ترتفع فتدعوا فيستجيب الله ، فهل يمكن أن ترتفع إلا عن عقل معصوم وقلب معصوم ؟ !
هل فهمتم أن الكلم الطيب الذي يصعد حتماً إلى الله تعالى ولا يرد ، لا يمكن أن يكون إلا من معصوم : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ( سورة فاطر : 10 ) وأنه لا يمكن أن يصعد من قلب أبي بكر وعمر ، ولا من قلب سلمان وأبي ذر ، فيصل حتماً إلى درجة : وَإِنْ مِنْ شئ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ . ( سورة الحجر : 21 ) ، بل لابد أن يصعد من قلب علي ، أو قلب فاطمة ، أو الحسن ، أو الحسين عليهم السلام ؟ ! !
وسؤالنا : ما دام الأمر كذلك ، فما حكم الذي استحل قتل هؤلاء وشرع في إحراق البيت عليهم ، من أجل تثبيت خلافة اعترف أنها ( فلتة ) ؟ ! !
لقد كتبوا جميعاً من الزبير بن بكار وابن قتيبة ، إلى محمد فريد وجدي في دائرة معارفه ، أن عمر جاء إلى باب بيت علي عليه السلام فقال : يا علي أخرج فبايع ، وإلا أحرقت عليكم هذا البيت بمن فيه ! فبالله عليكم من الذين كانوا في البيت ؟ ! ! أليس من حق الإنسان أن يبكي دماً هنا ؟ !
أيها الفخر الرازي ، أيها القاضي البيضاوي ، أيها الزمخشري ، يا جلال الدين السيوطي . . أنتم رجال فَهْم ، فلماذا نراكم هنا لم تفهموا القضية ؟ ! لماذا لم تفهموا حكم هذا الشخص الذي جاء إلى هذا البيت وقال يا علي أخرج وبايع وإلا حرقت عليكم الدار بأهلها ؟ !
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ! قيل لعمر : إن في البيت فاطمة ! وفي ذلك معنى كبير ، يعني داخل هذا البيت تلك التي قال فيها النبي صلى الله عليه وآله ( من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) ! وكتبوا كلهم أن عمر قال : وإن . . وإن ! !
بالله عليكم أي بيعة هذه التي دفع ثمنها كل شئ ، وهاجم من أجلها بيت آل النبي صلى الله عليه وآله وكان مستعداً لإحراقه على من فيه ؟ ! إنها تلك البيعة التي قال عنها هو نفسه : ( كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ) !
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ على كل العالم ، نفس الشخص الذي جاء ليحرق بيتاً فيه فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام ، نفسه قال كما في البخاري بيعة أبي بكر كانت فلتةً - أي غلطاً وخطيئةً - وقى الله الأمة شرها ! !
أيها الرجل ، إذا كانت حقيقة بيعتكما هذه باعترافك ، فلماذا دفعت من أجل تثبيتها هذا الثمن الباهض من الإسلام ومستقبل الأمة ، ومن دينك أنت ؟ ! !
أيها العلماء السنيون . . هذا الرجل قائل تلك الكلمة إن كان عاقلاً فإن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ! وقد أقر أنه من أجل الفلتة والغلطة جاء ليحرق فاطمة الزهراء وبعلها وبنيها عليهم السلام ! ترى ، هل يوجد مظلوم في العالم أكثر من هذه الحرة ؟ ! وهل توجد مصيبة أعظم من هذه المصيبة ؟ ! !
إن قدر فاطمة مجهول عند أهل الأرض ، وظلامتها أيضاً ، وسوف لا يعرف مقامها حتى يكون يوم المحشر ، فيظهر الله ظلامتها ومقامها العظيم !
والله إن قدر فاطمة الزهراء مجهول في كل العالم ، وإذا كان قدرها مجهولاً في مراكز السنيين وبلادهم فليس فيه حسرة ، لكن في دولة فاطمة ، هنا دولة الزهراء ، هنا بلد فاطمة ، وهنا يعلنون عطلةً رسمية طويلة من أجل ذكرى جم ، من أجل نوروز العجم ، لكن من أجل شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام لا يوجد تعطيل رسمي ليوم واحد ! المجهولة قدراً ، المجهولة قدراً !
أما متى يعلم مقام فاطمة ويعرف قدرها ؟ في ذلك اليوم الذي تبعث من تربتها فيبعث الله تعالى لاستقبالها سبعين ألف ملك بلواء التكبير ، وسبعين ألف ملك بلواء التسبيح ، يرافقونها حتى تستقر في مقرها !
هذا النوع من التكريم والتقدير الإلهي لم يصدر أمر من الله تعالى بمثله لإبراهيم خليل الله وأب الأنبياء عليهم السلام ولا لموسى بن عمران كليم الله عليه السلام ولا لعيسى بن مريم روح الله عليه السلام ، مع أن خزائن الله لا تتناهى .
إنه يفتح لفاطمة اعتباراً غير محدود ! يأتيها جبرئيل فيقول لها : سلي حاجتك تعطين ، ولا حد لهذه الحاجة ، مهما شئت فاطلبي ! فماذا تطلب فاطمة من الله تعالى ؟
أرجو الدقة في هذا الموضوع أيها العلماء ، أنتم أهل دقة ففكروا في رقيّ هذه المسألة ، إن الطلب من الله تعالى في ذلك اليوم هو الجزاء ، والجزاء غير العمل ، ولكن فاطمة عندما يقال لها أطلبي حاجتك من الله تعالى ، تقول : اللهم أرني الحسن والحسين ! إنها تريد أن ترى العمل قبل الجزاء !
يعني إلهي أرني الذي عملته كما هو ، ليكون الجزاء متناسباً معه ! فيأتونها بالحسن والحسين وأوداج الحسين تشخب دماً ! !
اللهم بفاطمة وأبيها ، وبعلها ، وبنيها ، والسر المستودع فيها صل وسلم عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها عدد ما في علمك صلاةً دائمة بدوام ملكك وفضلك .
والعن أعداءها وغاصبي حقوقها ، عدد ما في علمك لعناً دائماً أبدياً ، بدوام قهاريتك وعدلك . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|