أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2019
1668
التاريخ: 9-11-2017
2214
التاريخ: 30-3-2021
2722
التاريخ: 6-9-2017
2138
|
ومن الخصائص الحسنة للأبوين النموذجيين الصبر على مصيبة فقدان الولد مهما كان عزيزاً، وأن لا يقولا ما يُسخط الربّ، وهذه الصفة الخلقية وصلتنا عن النبي
والمعصومين من الأئمة (عليهم السلام)، وهي حاكية عن تكاملهم وتعاليهم (عليهم السلام)، فإنهم أكثر وقوفاً منّا على حقائق هذا العالم وأسراره.
النبي (صلى الله عليه وآله) في مصاب إبراهيم
قال النبي لما رأى إبراهيم محتضراً على فراش الموت: ((لولا أن الماضي فرط للباقي، وأن الآخر لاحق بالأوّل لحزنا عليك يا إبراهيم)) ثم دمعت عينه وقال: ((تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلّا ما يرضي الربّ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون))(1).
الإمام الباقر (عليه السلام) في مصاب ولده
عن يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابنا قال: كان قوم أتوا أبا جعفر (عليه السلام) فوافقوا صبياً له مريضاً، فرأوا منه اهتماماً وغمّاً، جعل لا يقرّ، قال: فقالوا: وإنه لإن أصابه شيء إنا لنتخوّف أن نرى منه ما نكره! قال فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه، فإذا هو قـد خرج عليهم منبسط الوجه في غير الحال التي كان عليها، فقالوا له: ـ جعلنا الله فداك - لقد كنا نخاف ممّا نرى منك أن لو وقع أن نرى منك ما يغمّنا فقال لهم: ((إنا لنحبّ أن نعافى فيمن نحبّ، فإذا جاء أمر الله سلّمنا فيما يحبّ))(2).
الإمام الصادق (عليه السلام) في مصاب ولده إسماعيل
لما حضر إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) الوفاة نظر الناس إلى الصادق
جزعاً يدخل مرّة ويخرج أخرى ويقوم مرّة ويقعد أخرى، فلما تــوفـي إسماعيل دخل الصادق (عليه السلام) إلى بيته، ولبس أنظف ثيابه، وسرّح شعره، وجاء إلى مجلسه فجلس ساكتاً عن المصيبة كأن لم يصب بمصيبة، فقيل له في ذلك، فقال: ((إنـا أهل بيت نطيع الله فيما أحبّ ونسأله ما نحبّ، فإذا فعل ما نحب شكرنا، فإذا فعل بنا ما نكره رضینا))(3).
وعن الرضا عن أبيه (عليهما السلام)، قال: ((نعي إلى الصادق (عليه السلام) إسماعيل وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه فتبسم، ثم دعا بطعامه فقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحثّ ندماءه، ويضع أيديهم ويعجبون منه لا يرون للحزن في وجهه أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله، لقد رأينا منك عجباً! أُصبتَ بمثل هذا الابن وأن تُرى كما ترى؟! فقال: ((مالي لا أكون كما ترون، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميّت وإياكم، إنّ قوماً عرفوا الموت فلم ينكروا ما يحفظه الموت منهم، وسلّموا الأمر خالقهم عزّ وجل))(4).
أجزعتَ للمصيبة الصغرى؟
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه رأى رجلاً قد اشتد جزعه على ولده، فقال: ((يا هذا جزعتَ للمصيبة الصغرى، وغفلت من المصيبة الكبرى؟ لو كنت لِما صار إليه ولدك مستعداً لما اشتد عليه جزعك، فمصابك بترك الاستعداد أعظم من مصابك بولدك))(5).
وكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى سعد بن معاذ يعزّيه بولده: ((من محمد رسول الله إلى سعد بن معاذ: سلام عليك، فإنّي أحمد الله الذي لا إله إلا هو - أما بعد ـ ، فقد بلغني جزعك على ولدك الذي قضى الله عليه، وإنما كان ابنك مـن مـواهب الله الهنيئة، وعـــواريـه المستودعة عندك، فمتّعك الله به إلى أجل وقبضه لوقت معلوم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، لا يحبطنّ جزعُك أجرَك، ولو قدمت على ثواب مصيبتك لعلمت أن المصيبة قد قصرت لعظيم ما أعد الله عليها من الثواب لأهل التسليم والصبر، واعلم أن الجزع لا يردّ ميتاً، ولا يدفع قدراً، فأحسن العزاء، وتنجّز الموعود، فلا يذهبنّ أسفك عـلـى مـا نـزل بك وبجميع الخلق نازل بقدره، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته))(6).
وقال علي بن مهزيار: كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) رجل يشكو إليه مصابه بولده وشدّة ما يدخله، فكتب (عليه السلام): ((أما علمت أنّ الله عزّ وجل يختار من مال المؤمن ومن ولده أنفسه ليأجره على ذلك))(7).
والذي يستفاد من مجموع الروايات المتقدّمة أنّ الآباء والأمهات قد يواجهون هذه الاختبارات الإلهية فيفقدون الولد مثلاً، وأنّ عليهم أن لا يجزعوا بضرب وجوههم، وجز شعورهم، فتحبط أجورهم بقولهم ما يُسخط الرب من الجزع وعدم الرضا بالقضاء.
آثار هذه السنّة في حياة الأبرار
لقد لمسنا آثار هذه السنة المحمدية الحميدة - رؤية وسماعاً ـ في حياة الكثير من عباد الله من العلماء والصلحاء والأكابر حيث لم يصدر عنهم في مثل تلك الأحوال سوى التسليم قبال المشيئة الإلهية.
وإني لأتذكر جيداً عندما أخبر والدنا المرحوم بموت أخي المرحوم الشيخ محمد علي الذي كان له من العمر 23 سنة، فإنّه مع كونه أمل المرحوم الوالد وحبّه الشديد له إلى حد كنا نتوقع موته بسماعه خبر الوفاة، لكنّ هذا الرجل الإلهي نهج منهج الأنبياء والمعصومين والصلحاء والعلماء الربانيين، وسلّم أمره إلى القضاء الإلهي، ولم يقل شيئاً سوى أنه سجد الله شكراً على ذلك الامتحان الكبير.
الجزع قبل المصيبة
قد يتصوّر أن الروايات المزبورة شاهدة على أنّ المعصومين (عليهم السلام) كانوا يبدون من أنفسهم الجزع الشديد خصوصاً لو اشتد المرض بالمريض ويكون في حال الاحتضار، لكن يجب أن نقول: إنّ ذلك كله يكون قبل موت المريض وجريان القضاء الإلهي في حقه.
ثم إن ظهور بعض الأفعال من الأبوين قبال موت الولد أمر طبيعي، هذا ومن جهة أخرى فإن قسماً من تلك الآلام إنما هو لخوف التقصير في المحافظة على الأمانة الإلهية، ولكن وبعد أن تعلقت المشيئة الإلهية بموت الولد وجب التسليم بقضاء الله تعالى والرضا به، وهكذا كانت سيرة المعصومين (عليهم السلام)، فإنهم بمجرد موت الولد يزول عنهم الحزن والغم.
حوار بين قتيبة الأعشى والإمام الصادق (عليهم السلام)
عن قتيبة الأعشى قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) أعود إبناً له، فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين، فقلت: - جعلت فداك - كيف الصبي؟ فقال: ((والله إنه لما به)) ثم دخل فمكث ساعةً، ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه، وذهب عنه التغيّر والحزن، قال: فطمعت أن يكون قد صلح الصبي، فقلت: كيف الصبي، جعلت فداك؟
فقال: ((قد مضى لسبيله)) فقلت: - جعلت فداك - لقد كنت وهو حي مهتماً حزيناً وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال، فكيف هذا؟ فقال: ((إنا أهل البيت نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلّمنا لأمره)).
___________________________
(1) تحف العقول، ص 37.
(2) الكافي، ج 3، ص 226.
(3) مجموعة ورام، ص 44.
(4) وسائل الشيعة، ج2، ص 901.
(5) تحف العقول، ص59.
(6) نفس المصدر.
(7) الكافي، ج 3، ص 263.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|