المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



لماذا في القرآن من متشابه ؟  
  
1527   06:54 مساءاً   التاريخ: 11-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : التأويل في مختلف المذاهب والآراء
الجزء والصفحة : ص15-19.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / المحكم والمتشابه /

يعود ذلك إلى طبيعة لغة العرب ، حيث إنّها ذات أوضاع ضيّقة النطاق ، لا تفي بإفادة المفاهيم الراقية والمتّسعة سعة الآفاق ، فجاءت التعابير القرآنية ـ في مثل هذه المعاني ـ مستعاراً فيها ، وبضرب من التشبيه والتمثيل ، ليأخذ القاصر بظاهر التعبير ، وربّما يتغافل عن واقع المراد.

على أنّ هناك لمّة وافرة من متشابهات عرض لها التشابه فيما بعد ، وعلى أثر تزاحم الجدل العقائدي بين أرباب المذاهب الكلاميّة في القرنين الثاني والثالث ، في حين أنّها كانت ناصعة جليّة المفاد من ذي قبل.

فمثلاً قوله تعالى : {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم : 42] جار وفق أساليب العرب في التكنية عن شدّة الأمر وأخذ الجدّ فيه ، بالتشمير عن الساق ، قال قائلهم :

وقامت الحرب بنا على ساق (1)

يريد : شدّة سعارها وحدّة أوارها ، كما قال ابن عبّاس في تفسير الآية : «هي كناية عن كرب وشدّة وهول المطّلع في ذلك اليوم العصيب» (2). وهكذا فسّرها قتادة 

والنخعي ، وغيرهما من أصحاب القول في التفسير. قال قتادة : «هي كناية عن الشدّة» ، وقال إبراهيم النخعي : «أي : عن أمر عظيم»(3).

قال الإمام الزركشي : «وأصل هذا : أنّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناة ، ويجدّ فيه ، شمّر عن ساقه ، فاستعيرت الساق في موضع الشدّة» (4).

وقال العلاّمة الزمخشري : «الكشف عن الساق والإبداء عن الخِدام (5) ، مَثَلٌ في شدّة الأمر وصعوبة الخطب ، وأصله في الروع والهزيمة ، وتشمير المخدّرات عن سوقهنّ في الهَرَب ، وإبداء خدامهنّ عند ذلك ، قال حاتم :

أخو الحرب إن عضّت به الحربُ عَضّها *** وإن شمّرت عن ساقها الحربُ شمّرا

وقال ابن الرقيّات :

تُذهل الشيخ عن بنيه وتبدي *** عن خِدامِ العقيلة العذراءِ

قال : فمعنى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق) في معنى : يوم يشتدّ الأمر ويتفاقم ، ولا كشف ثمّ ولا ساق ، كما تقول للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثمّ ولا غُلّ ، وإنّما هو مثل في البخل.

قال : وأمّا من شبّه (6) فلضيق عَطَنه (7) ، وقلّة نظره في علم البيان (8).

قال : والذي غرّه منه حديث ابن مسعود : «يكشف الرحمان عن ساقه ، فأمّا

المؤمنون فيخرّون سجّداً ، وأمّا المنافقون فتكون ظهورهم طبقاً طبقاً ، كأنّ فيها السفافيد...»(9).

وقال معترضاً على غفلتهم عن أساليب اللغة : ثمّ كان من حقّ الساق ـ لو اُريد بها ساق الرحمان ـ أن تُعرّف; لأنّها ساق مخصوصة معهودة عندهم (10).

وهكذا قال الثعلبي : «(يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق) أي : عن أمر شديد فظيع ، وهذا من باب الاستعارة ، تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى جدّ وجهد ، ومعاناة ومقاساة للشدّة : شمّر عن ساقه ، فاستعير الساق في موضع الشدة.

قال دُرَيد بن الصمّة يرثي رجلاً :

كميش الإزار خارج نصف ساقه *** صبور على الجلاء طلاّع أنجد

ويقال للأمر إذا اشتدّ وتفاقم ، وظهر وزالت عماه : كشف عن ساقه ، وهذا جائز في اللغة وإن لم يكن للأمر ساق. وهو كما يقال : أسفر وجه الأمر ، واستقام صدر الرأي. قال الشاعر يصف حرباً :

كشفت لهم عن ساقها *** وبدا من الشرّ الصراح

وقال آخر :

قد كشفت عن ساقها فشدّوا *** وجدّت الحرب بكم فجدّوا 

وأيضاً قول الشاعر :

عجبت من نفسي ومن إشفاقها *** ومن طراد الطير عن أرزاقها

في سنة قد كشفت عن ساقها *** حمراء تبري اللحم عن عراقها

قال : ونحو ذلك قال أهل التأويل ، فعن سعيد بن جبير : (يُكْشَفُ عَن سَاق) عن شُدّة الأمر. وعن ابن عبّاس : هي أشدّ ساعة في يوم القيامة (11).

وبعد ، فلا إشكال في وجه الآية حسب سياقتها الذاتيّة وفق أساليب العرب الدارجة ، فليتدبّر.

وكذا قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة : 22 ، 23] ، استند إليها أبو الحسن الأشعري لجواز رؤيته تعالى في الآخرة ، قال : «يعني : رائية» ، واستدلّ بأنّ «النظر إذا ذكر مع الوجه ، فمعناه : نظر العينين اللتين في الوجه ، ولا يصحّ أن يراد نظر : الانتظار والتوقّع ، كما زعمه أهل الاعتزال ، إذ نظر الانتظار لا يُقرن بإلى...»(12).

ولشناعة هذا الرأي ، حاول الأُستاذ الشيخ محمّد عبده تأويله بإرادة كمال المعرفة بالذات (13). ولكنّها محاولة من غير جدوى بعد صراحة كلام الأشعري في الرؤية بالبصر ، وعنون مقاله : بإثبات رؤية الله بالأبصار ، لا بالبصائر.

والذي يبطل قوله هو أنّ ما استدلّ به لا يتوافق مع اللغة ، فهناك في الشعر العربي الجاهلي ما يناقض حجّته ، قال الشاعر :

وجوه يوم بكر ناظرات *** إلى الرحمان تنتظر الفلاحا (14)

فجاء النظر مذكوراً مع الوجه ومقروناً بإلى ، مراداً به الانتظار والتوقّع.

وذكر جار الله الزمخشري : «أنّ جارية سرويّة كانت تستجدي بمكّة وقت الظهر ، حين غلق الناس أبوابهم ، وأووا إلى مقائلهم ، تقول : عُيَينتي نُوَيظرة إلى الله وإليكم ، تتوقّع فضل ما عندهم» (15).

وهنا مناوشات ومناقشات سوف نتعرّض لها إن شاء الله تعالى.

وقوله تعالى : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] أخذه أهل الظاهر دليلاً على تحيّزه تعالى ، مستوياً على عرشه ، متدلّياً برجليه! وينزل في الليالي المتبرّكة إلى سماء الدنيا ، فيقول : هل من مستغفر؟ هل من منيب؟(16)

وقد ذهب عنهم أنّ التعبير بالعرش في هكذا مجالات ، يُراد به عرش التدبير ، كناية عن القدرة والاستيلاء التامّ ، وهكذا : التعبير بالكرسي (17) كناية عن استقرار ملكه تعالى ، وليس المراد سرير الملك وأريكته المعهودة ، والاستعارة في ذلك جارية عند العرب في الخُطَب والشعر.

قال الأخطل وهو يمدح بشراً أخا عبدالملك بن مروان حينما استولى على إمرة العراقَيْن :

قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق (18)

وجاء الاستواء بمعنى : استقامة الأمر أيضاً ، كما في قول طرمّاح بن حكيم :

طال على رسم مَهدَد أَبَدُه *** وعفا واستوى به بَلَدُه (19)

وقوله : مَهدَد ، الميم أصليّة ، والدال الثانية ملحقة ، وإلاّ لكانت تدغم ، وهو فَعلَل. قال سيبويه : «الميم من نفس الكلمة ، ولو كانت زائدة لأدغمت ، مثل مَفَرّ ومَرَدّ. فثبت أنّ الدال ملحقة ، والملحق لا يُدغم» (لسان العرب 13 : 411). وعليه فمَهدَد مأخوذ من مَهَد مَهداً ، بمعنى : تهيّأ. فمعنى مَهدَد أبدهُ : مُمهّد أبديّته. وقوله : عفا ، عَفتِ الأرض : غطّاها النبات. واستوى به البَلَد : أي استقام أمره فيه.

وفسّره ثعلب ، فقال : «استوى به بَلَده صار كلّه حَدَباً ، أي : محدودباً خاضعاً لحكمه».

تلك نماذج ثلاثة تبيّن فيها تعمّل الشَغَب ، وارتكاب التكلّف في تشويه وجه الآية اللائح ، والتغطية لأمر كان من الوضوح بمكان.

هذا ما حدث بشأن كثير من الآيات ، كانت محكمة البيان في حينها ، وأمست بفعل أهل الشغب متشابهة بعد حين ، ولكنّ الله يحقّ الحقّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

___________________________

1 . تمامه : اصـبـــر عـنـــاقِ إنّــه شـــــرّ بـاق

قـــد سـنّ لـي قـومـك ضـربَ الـعنـاق وقـامــت الـحــرب بنـا عـلـى ســــاق

المستدرك للحاكم 2 : 499.

2 . راجع : الكشف والبيان للثعلبي 10 : 18 ، تفسير ابن أبي حاتم 10 : 3366 ، تفسير البغوي 5 : 139.

3 . راجع : المصادر السابقة.

4 . البرهان للزركشي 2 : 84.

5 . خِدام : جمع خَدَمة ، وهي الخلخال ، كرقاب ورَقَبة.

6 . يريد بهم أصحاب القول بالتشبيه ممّن أخذوا بظاهر التعبير ، فأثبتوا لله الجوارح ، تعالى الله عن ذلك.

7 . العطن : مبرك الإبل ومربض الغنم حول الماء ، يتضايق عليها عند الورود.

8 . إذ لم يعرف مواضع الاستعارة في الكلام البديع.

9 . سفافيد : جمع سفّود ، وهي حديدة يشوى بها اللحم.

10 . الكشّاف 4 : 593 ـ 594. وحديث ابن مسعود هذا رواه الحاكم في مستدركه 4 : 496 ـ 498 في كتاب الملاحم ، وابن أبي حاتم في التفسير 10 : 3366 ـ 18957 ، وغيرهما ، إمّا بتفصيل أو باختصار. وهو حديث لا يصحّ عن مثل ابن مسعود الصحابي الجليل ، كما لم يأت في شيء من الروايات ، رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله). والراجح في النظر أنّه من تلفيقات أصحاب القول بالتشبيه ، ونسبوه إلى ابن مسعود تبريراً لموقفهم. وقد صّح قول الإمام أحمد : «ثلاث لا أصل لها...» وعدّ منها أحاديث الملاحم والفتن (الإتقان 4 : 180) ، ومن أغربها هذا الحديث الذي لم يستجز الحاكم إيراده في كتاب التفسير ، وأورده في كتاب الملاحم . إنّ المراجع للحديث يجد آثار الوضع والاختلاق فيه بيّنة ، فيه من المخاريق ما يثير العجب.

11 . الكشف والبيان للثعلبي 10 : 18 ـ 19.

12 . الإبانة عن أُصول الديانة للأشعري : 25 ـ 26 باب : إثبات رؤيته تعالى بالأبصار في الآخرة.

13 . تفسير المنار 11 : 128 فما بعد.

14 . انظر : التمهيد 3 : 97.

15 . الكشّاف 4 : 622 ، أساس البلاغة 2 : 456.

16 . راجع : كتاب التوحيد والصفات لابن خزيمة : 110 ، والإبانة للأشعري : 69.

17 . كآية الكرسي التي في سورة البقرة ( 2 ) : 255.

18 . ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 9 : 7.

19 . ذكره الطبري في جامع البيان 1 : 150. قال ابن منظور : هذا البيت مختلف الوزن ، فالمصراع الأوّل من المسرَّح والثاني من الخفيف. وجاء في التعليقة : أي : بحسب ظاهره ، وإلاّ فهو من الخفيف المخزوم بحرفين أوّل المصراح ، وهما «طا» وحينئذ فلا يكون مختلفاً. (لسان العرب 14 : 415).




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .