المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

إرادة الإیجاب
19-6-2018
الزواج وآدابه
17-4-2020
تغذية ابقار اللبن على المركزات Concentrate feeding
2024-10-25
تروك الاحرام
15-12-2019
اعجاز القران من وجهة التاريخ‏
30-05-2015
التمثيل المرئي للبيانات الإحصائية - الطرق الكمية - مقاييس البيانات - مقياس الفئات
28-3-2022


مواصفات الثقافة الرائدة ومميزاتها  
  
1150   01:05 صباحاً   التاريخ: 2024-05-19
المؤلف : السيد الدكتور سعد شريف البخاتي
الكتاب أو المصدر : الثقافة العقليَّة ودورها في نهضة الشعوب
الجزء والصفحة : ص 34 ــ 38
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

تختلف الأقوام والشعوب تبعاً لاختلاف ثقافاتها، وهكذا تقيَّم وتصنف في كونها من الأمم المتحضرة أو المتأخرة؛ بحسب طبيعة الثقافة التي تحكمها وتدير دفة الحياة فيها.

ومن هنا، فعلى الباعث أن يشخص أولاً الضوابط التي من خلالها يتم تمييز الثقافة المتحضرة عن غيرها، أو ما هي المواصفات التي من خلالها يمكن أن نحكم على ثقافة شعب أو قوم حكماً إيجابياً، بينما نحكم على آخر بحكمٍ سلبي.

الثقافة ـ هي التي تحرك المجتمع في اتجاهٍ معين، تحركه نحو النظام او الفوضى، تحركه نحو حب الوطن والتضحية في سبيله او جعله وسيلة للمصالح والمآرب، فسعادة الامة وتقدمها وحكومة القانون فيها مرهون بنوع الثقافة الحاكمة على أبنائها.

وعليه فلنتفق ـ ابتداءً ـ على نوع السلوك الذي نرغب في شيوعه في اوساطنا الاجتماعية، وما هي الظواهر الاجتماعية التي يجب ان تظهر على السطح في امّتنا، لنقوم بإيجاد أسبابها ونجذرها في ثقافتنا.

مما لا شك فيه ان ما يرغب فيه الجميع هو ان نعيش في مجتمع يسوده العدل والفضيلة، من الصدق والأمانة والمحبة والتعايش مع مختلف مكونات المجتمع واحترام الآخر، وحفظ حقوق الجميع على أساس العدالة...

وهذه الأمور لها أسبابها وقنواتها الرافدة لها، فلا تتحقق ما لم تتحقق تلك الروافد. 

وإذا نظرنا إلى العمق، نجد أن الأعراف والتقاليد والمعتقدات والفنون لها الدور الأكبر في ذلك، فلا بد من دراسة معتقدات المجتمع أولاً، وبيان الصحيح منها من الفاسد، ثم ضبط الأعراف والتقاليد على وفقها. بمعنى يجب أن تصاغ العقيدة أولاً بحسب معطيات القانون الذي يقره العقل، وعلى غرار العقيدة وعلى ضوئها تصاغ الأعراف والتقاليد، ويصاغ النظام الذي يحكم المجتمع.

وبذلك تحصل المصالحة بين القانون وبين أعراف وتقاليد الجماعة من جهة، ومن جهة أخرى تحصل المصالحة والوئام بين القانون والمعتقد الذي يؤمن به الفرد والجماعة؛ وفي المحصلة النهائية نحصل على الوئام بين أجزاء المنظومة الفكرية من العقيدة والقانون والأعراف والتقاليد.

وبذلك لا نرى معالم الإزدواجية في داخل سلوك الفرد والمجتمع، فينطلق البناء الثقافي من نقطة العقيدة والتأسيس لها، وبيان ما ترتكز عليه ونشرها في المجتمع لتكون الثقافة العقائدية قائمة على أسسٍ عقلية منضبطة، خالية من الخرافات والأوهام.

إلا أن تصفيتها من ترسباتها، يحتاج إلى بيان المنهج الذي تعتمد عليه في دراستها، وإلى بيان الضوابط والقوانين الفكرية التي ترتكز عليها، وهكذا بالنسبة إلى القانون (الآيديولوجية)، ومن ثم توضع الخطط والبرامج لبناء الأعراف والتقاليد في الوسط الاجتماعي.

ومن هنا نعتقد أن الثقافة يشترط فيها أن تتصف بالانسجام في مكوناتها، وعقلانيتها بألا تتعارض مع معطيات العقل، كما يشترط في الثقافة الحيوية والأمل والشعور بالمسؤولية، بأن يمتاز المثقف على غيره بالكفاح والنضال والكدح في سبيل تقدم أمته وتطويرها؛ من خلال وضع البرامج والخطط وتثقيف الأمة على ذلك، ونشر الفكر الذي يدفع بالمجتمع نحو الطموح.

ليست الثقافة صنعة نتعلمها، ولا خزينا معرفياً لملء المجالس بالأحاديث والحوارات، وإثبات الذات من خلال المناقشات والجدل المرير.

بل الثقافة وعي للواقع، وتشخيص للحلول، وطموح في الإصلاح، فلا بد أن نبحث عن الوسائل التي تكون لنا هذه الخصائص الثلاث للثقافة التي بإمكانها أن تنقذ النفوس.

الثقافة التي تقضي على اليأس الذي دب في النفوس فنخرها، الثقافة التي تقضي على روح البلادة والاستجداء من الغير، الثقافة التي تدفع بأصحابها نحو الكدح والنضال في سبيل خدمة أمتهم في كافة المجالات.

لا يمكن أن نكتفي بإطلاق الشعارات التي زادت في ترهل مشكلة الثقافة، بل لنقف قليلاً ونضع النقاط على حروفها، ولنتأمل في المفردات الأولى التي يحتاجها الفرد منّا؛ ليبني ثقافة رصينة منجية تشق طريقها في هذا الوسط الأليم من دون أن يصيبها بحمم يأسه وتثبيطه.

المثقف هو الذي يتمكن من تسخير ما لديه من معارف ومعتقدات وتقاليد وأعراف وفنون - والتي تشكل في مجموعها مفهوم الثقافة ـ في خدمة أمّته ومبادئها، وإيجاد الحلول والبدائل للتقدم والتحضر.

فعليه أولاً أن يتقن هذا الفن - فن التفكير - والتمرس عليه بمهارة؛ حتى يحلق في هذا الفضاء الرحب، فيعرف كيف يصل إلى الفكرة الصحيحة من بين عشرات الأفكار، وكيف يصطادها، ويعرف كيف يميز الفكر السقيم من السليم، وكيف يقيم الدليل على مراده؛ إذ كل ما لدى الإنسان من خير فهو نتاج عملية التفكير، وكما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنما يدرك الخير كله بالعقل). فإذا كان الخير منحصراً بالعقل، فهل يجوز 

لمثقفٍ أن يهمل وظائف العقل وكيفية عمله؟!

وبعد أن يتقن قوانين التفكير وكيفية الاستفادة منها، ليخطو خطوة للأمام، وليقف على مشارب المعرفة وقنواتها ليعلم ويرى عن كثبٍ ما هي أصناف المعارف، وما هي القناة التي توصلنا إليها، وما هي الأدوات التي تستعمل فيها، وما هي الضوابط والقوانين التي تحكم كل قناةٍ فرب قانونٍ حاكم في قناة معرفية غير حاكم في أخرى.

فالقناة التي يستعملها الباحث في حقل الفيزياء من تجارب وقوانين رياضية لإثبات نظريته لا يمكن أن يستفيد منها الباحث في التاريخ، بل المسألة تختلف تماماً من حيث الأدوات والضوابط وطريقة البحث. وإن كان كلا العلمين يستفيد فيه الباحث من عملية التفكير العقلي؛ إذ لا محيص عن الاستنارة بنوره، والوصول من خلال هديه وتوجيهاته، فإنه الدليل الوحيد.

وبعد التمرس على هاتين الخطوتين، نشرع بالتعرف على حقيقة أنفسنا ومبدئها ومنتهاها، وحقيقة العالم المحيط بنا، أو بنحوٍ آخر فلسفة وجودنا في هذا العالم، لنبني رؤيتنا التفسيرية الكونية عن الإنسان والحياة.

ثم نتعرف على القيم والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية التي ينبغي أن يتحل بها الإنسان طبق رؤيتنا الكونية للإنسان والحياة.

ومن ثم لنقرأ المجتمع من جديد، ونرى في البدء أهم الإيجابيات التي يتحلى بها، ونقف على قيمتها وفضلها وكيفية الاستفادة منها، ثم نبحث عن الطرق اللازمة التي تستحفظ هذه الإيجابيات وتمنعها من الزوال، وما هي السبل التي تزيد من انتشار هذه الإيجابيات وترسيخها.

ثم بعد ذلك لننظر بعين الشفقة والإصلاح إلى أهم السلبيات التي يعاني منها المجتمع، فندرس اسبابها ومضارها وطرق علاجها.

وإنما قدمت دراسة الإيجابيات على السلبيات وأؤكد على ذلك؛ لئلا يصاب الواحد منا بالإحباط عندما يقرأ السلبيات قبل الإيجابيات، فيظن أن أمتنا لا خير فيها يذكر أو يرتجى، فيسلك طريق الانزواء أو اللا أبالية الذي سلكه الكثير من المثقفين.

ولا يحق لنا أن نطرح الحلول قبل أن نشخص المشكلة ونبين انتماءها المعرفي، بمعنى إلى أي صنف من العلوم والمعارف تنتمي، فإن كانت مشكلة فكرية عقائدية كمشكلة اللاانتماء الديني أو العزوف عن الدين مثلاً، فلا بد أن نرجع إلى تلك العلوم ونظهر نقاط القوة فيها من وجوه استدلالية يقبلها العقل، كما علينا أن نجرد الفكرة من أي خرافة تذكر، ونطرحها كما طرحها المصدر الأساس، وهو العقل، وما جاء به النص الديني.

وإن كانت المشكلة نفسية أو اجتماعية، فكذلك لا بد أن نرجع إلى تلك العلوم وأصحابها، وعقد الجلسات معهم؛ لبيان أساس المشكلة وأسبابها، وكيفية علاجها من خلال علاج الأسباب.

وخلاصة ما نروم الوصول إليه هو: إن الثقافة لا بد أن تبنى ضمن منهج قويم يتناسب مع الفكرة والعقل والذوق السليم ضمن خطوات مدروسة، وعلى وفق ما تحتاجه الأمة في أطر تقدمها وخلاصها من محنتها.

أما الثقافة التي لا تمت إلى ذلك، وليس الهدف منها إحياء الأمم وانقاذ المجتمعات مما هي فيه، فما هي بالثقافة التي تستحق أن تطلب، بل هي ثقافات عشوائية ولدت من عالم اللا شعور، وبقيت تدور في عالمها، وتحرك أصحابها من دائرة ظلام اللا شعور غير المدرك حتى لأصحابها. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.