أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
![]()
التاريخ: 11-10-2014
![]()
التاريخ: 27-11-2014
![]()
التاريخ: 11-10-2014
![]() |
قال تعالى : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [ الزخرف : 57ـ 61] .
تفسير الآيات
( الصدّ ) : بمعنى الانصراف عن الشيء ، قال سبحانه : { يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } ، ولكنّ المراد منه في الآية هو ضجّة المجادل إذا أحسّ الانتصار .
( تمترُنَّ ) : من المِرية وهي التردّد بالأمر .
ذكرَ المفسّرون في سبب نزول الآيات أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لمّا قرأ : { إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُون * لَوْ كانَ هؤلاء آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلّ فِيها خالِدُونَ * لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ }[ الأنبياء : 98ـ 100] .
امتعضت قريش من ذلك امتعاضاً شديداً ، فقال عبد الله بن الزبعري : يا محمد ، أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأُمم ؟ فقال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأُمم ) .
فقال : خَصَمتك وربّ الكعبة ، ألستَ تزعم أنّ عيسى بن مريم نبي وتُثني عليه خيراً ، وعلى أُمّه ، وقد علمتُ أنّ النصارى يعبدونهما ، وعُزير يُعبد ، والملائكة يُعبدون ، فإن كان هؤلاء في النار ، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ، ففرحوا وضحكوا (1) .
وإلى فرحهم وضجّتهم ، يشير سبحانه بقوله : {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } حيث زعموا أنّهم وجدوا ذريعة للردّ عليه وإبطال دعوته ، فنزلت الآية إجابة عن جدلهم الواهي ، قال سبحانه :
{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } أي : لمّا وصَفَ المشركون ابن مريم مَثلاً وشبهاً لآلهتهم { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } أي : أحسّ قومك في هذا التمثيل فرحاً وجذلاً وضحكاً لمّا حاولوا إسكات رسول الله بجدلهم ، حيث قالوا في مقام المجادلة : ( وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } يعنون : آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى ، فإذا كان عيسى من حَصب النار كانت آلهتنا هيّناً .
وبذلك يُعلم : أنّ المشركين هم الذين ضربوا المَثل حيث جعلوا المسيح شَبهاً ومَثلاً لآلهتهم ، ورضوا بأن تكون آلهتهم في النار إذا كان المسيح كذلك ازداد فرح المشركين ، وظنّوا أنّهم التجأوا إلى ركن ركين أمام منطق النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ثمّ إنّه سبحانه يشير في الآيات السابقة إلى القصّة على وجه الإجمال ، ويجيب على استدلال ابن الزبعرى :
أوّلاً : إنّهم ما أرادوا بهذا التمثيل إلاّ المجادلة والمغالبة لا لطلب الحقّ ؛ وذلك لأَنّ طبعهم على اللجاج والعناد ، يقول سبحانه : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } .
وثانياً : إنّهم ما تمسّكوا بهذا المَثل إلاّ جدلاً وهم يعلمون بطلان دليلهم ، إذ ليس كلّ معبود حَصب جهنّم ، بل المعبود الذي دعا الناس إلى عبادته كفرعون ، لا كالمسيح الذي كان عابداً لله رافضاً للشرك ، فاستدلالهم كان مبنياً على الجدل وإنكار الحقيقة ، وهذا هو المراد من قوله : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } .
ولذلك بَدأ سبحانه يشرح موقف المسيح وعبادته وتقواه وأنّه كان آية من آيات الله سبحانه ، وقال : { إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } ، أي آية من آيات الله لبني إسرائيل ، فولادته كانت معجزة ، وكلامه في المهد معجزة ثانية ، وإحياؤه الموتى معجزة ثالثة ، فلم يكن يدعو قطُّ إلى عبادة نفسه .
ثمّ إنّه سبحانه من أجل تحجيم شبهة حاجته إلى عبادة الناس ، يقول : { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ } أي يطيعون الله ويعبدونه ، فليس الإصرار على عبادتكم وتوحيدكم إلاّ طَلباً لسعادتكم لا لتلبية حاجة الله ، وإلاّ ففي وسعه سبحانه أن يخلقكم ملائكة خاضعين لأمره .
ثمّ إنّه سبحانه يشير إلى خصّيصة من خصائص المسيح ، وهي : أنّ نزوله من السماء في آخر الزمان آية اقتراب الساعة .
إلى هنا تمّ تفسير الآية ، وأمّا التمثيل فقد تبيّن ممّا سبقَ ، حيث شبّهوا آلهتهم بالمسيح ورضوا بأن تكون مع المسيح في مكان واحد وإن كان هو النار ، فالذي يصلح لأَن يكون مَثلاً إنّما هو قوله : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } وقد عرفتَ أنّ الضارب هو ابن الزبعرى ، وأمّا قوله : { وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } فالمَثل فيه بمعنى الآية .
إيقاظ :
ربّما عُدّت الآية التالية من الأمثال القرآنية : { وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحاتِ وَآمنُوا بِما نُزّلَ على مُحمّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِنْ رَبّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ * ذلِكَ بِأَنَّ الّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ وَأَنَّ الّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِنْ رَبّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ }[ محمد : 2 ـ 3] والظاهر أنّ المَثل في الآية بمعنى الوصف لا بمعنى التمثيل المصطلح ، أي تشبيه شيء بشيء ، ويُعلم ذلك من خلال تفسير الآيات .
تفسيرُ الآيات
( بال ) البال : الحال التي يكترث بها ، ولذلك يقال : ما باليتُ بكذا بالةً أي : ما اكترثتُ به ، قال : { كفّر عَنْهُمْ سَيّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالهُم } ، وقال : { فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى } أي : حالهم وخبرهم ، و يُعبَّر بالبال عن الحال الذي ينطوي عليه الإنسان ، فيقال : خطرَ كذا ببالي (2) .
إنّ هذه الآيات ـ بشهادة ما تليها ـ تُبيّن حال كفّار قريش ومشركي مكّة الذين أشعلوا فتيل الحرب في بدر ، فقال : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } أي منعوا الآخرين من الاهتداء بهدى الإسلام ، فهؤلاء أضلّ أعمالهم ، أي أحبطَ أعمالهم وجعلها هباءً منثوراً ، فلا ينتفعون من صَدَقاتهم وعطيّاتهم ، إشارة إلى غير واحد من صناديد قريش الذين نحروا الإبل في يوم بدر وقبله .
فيقابِلهم المؤمنون كما قال : { وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحاتِ وَآمنُوا بِما نُزّلَ على مُحمّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِنْ رَبّهِمْ } .
فلو أنّه سبحانه أضلّ أعمال الكافرين وأحبطَ ما يقومون به من صَدقات ، لكنّه سبحانه ـ من جهة أُخرى ـ جعلَ صالح أعمال المؤمنين كفّارة لسيّئاتهم وأصلحَ بالَهم .
فشتّان ما بين كافر وصادّ عن سبيل الله ، يُحبط عمله .
ومؤمن بالله وبما نُزِّل على محمد ، يُكفّر سيئاته بصالح أعماله .
ومن هذا التقابل عُلِم مكانة الكافر والمؤمن ، كما عُلِم نتائج أعمالهما .
ثمّ إنّه سبحانه يُدلّل على ذلك : بأنّ الكافرين يقتفون أثر الباطل ولذلك يُضلّ أعمالهم ، وأمّا المؤمنون فيتّبعون الحقّ فينتفعون بأعمالهم ، وقال : { ذلِكَ بِأَنَّ الّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ وَأَنَّ الّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِنْ رَبّهِمْ } .
وفي ختام الآية الثانية ، قال : { كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ } أي كذلك يبيّن حال المؤمن والكافر ونتائج أعمالهما وعاقبتهما .
وعلى ذلك ، فالآية ليست من قبيل التمثيل ، بل بمعنى الوصف ، أي كذلك يصف سبحانه للناس حال الكافر والمؤمن وعاقبتهما ، فليس هناك أيّ تشبيه
وتنزيل ، وإنّما الآيات سيقت لبيان الحقيقة ، فالآية الأَولى تشير إلى الكافر ونتيجة عمله ، والآية الثانية تشير إلى المؤمن ومصير عمله ، والآية الثالثة تذكر علّة الحُكم : وهو أنّ الكافر يستقي من الماء العكِر حيث يتّبع الباطل ، والمؤمن ينهل من ماءٍ عذِب فيتّبع الحقّ .
________________________
1 ـ الكشّاف : 3/100 . لاحظ سيرة ابن هشام : 1/385 ، وقد ذُكرت القصّة بتفصيل .
2 ـ مفردات الراغب : 67 مادة بال .
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|