أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-11
1405
التاريخ: 28-12-2021
1724
التاريخ: 29-3-2017
4718
التاريخ: 29/11/2022
1618
|
بالرغم من ان الموقف الفقهي قد أستقر عند فقهاء القانون العام على الآخذ بنظرية الضرورة وخاصة في مجال القانون الدستوري , الا انهم اختلفوا في نظرتهم الى الأساس الذي تقوم عليه تلك النظرية فمنهم من ذهب الى ان تلك النظرية هي نظرية سياسية ومنهم من ذهب الى انها نظرية قانونية وهذا ما سوف نوضحه فيما يأتي :
اولاً : الضرورة نظرية سياسية(1).
ان الاتجاه الاول في الفقه الغربي يرى بأن نظرية الضرورة نظرية سياسية وتمثل هذا الراي بالفقهاء الفرنسيين القدامى إضافة الى الفقه الانكلوسكسوني , حيث ان فقهاء القانون العام في تلك الدول كانوا لا يرون في نظرية الضرورة سوى كونها نظرية سياسية واقعية , فاذا كان هنالك حقٌ للدولة في الخروج على مبدأ المشروعية او سيادة القانون دفعاً لضرر او خطر او معالجة لظرف طارئ فلا يعني ان ذلك حقاً قانونياً لها وانما يرجع الى الظروف الشاذة التي لا يمكن توقعها مسبقاً ولذلك يرى اصحاب هذا الرأي بان نظرية الضرورة ليست سوى نظرية سياسية لا أساس لها في القانون ويترتب على ذلك ما يأتي :
1 ــ ان جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة والتي تخالف فيها الدستور والقانون تعتبر إجراءات باطلة .
2ــ ان مسؤولية الدولة وموظفيها تظل قائمة عن تلك الإجراءات , ولمعالجة هذه الحالة فأن الحكومة تستطيع ان تتقدم الى البرلمان بطلب بعد انتهاء الظروف الشاذة تطلب فيه إعفائها من هذا التصرف غير المشروع وذلك عن طريق ما يسمى ( بقانون التضمينات ) اما الإجراءات ذاتها فهي تبقى غير قانونية لان بطلانها مطلق والحل التشريعي الوحيد هو ان يصدر قانون جديد يتضمن النصوص الخاصة بالقرارات والإجراءات السابقة التي تعتبر باطلة وبأثر رجعي ومن تاريخ صدور تلك الإجراءات . يتضح من ذلك انه طبقاً لهذه النظرية فأن الضرورة تعتبر أهداراً لمبدأ المشروعية بمفهومه التقليدي والذي يجب ان يسود ويطبق في كافة الظروف العادية والاستثنائية .
ثانياً : الضرورة نظرية قانونية
لقد ذهب أصحاب هذا الرأي وفي مقدمتهم الفقهاء الألمان الى تصوير نظرية الضرورة بالنظرية القانونية وترجع بدايات هذا التصور في الفقه الألماني الى أصول فلسفة الفقيه الالماني ( هيجل ) وفكرته عن سيادة الدولة والتي هي ( أي هذه الفكرة ) تطبيق لمقولة الفقيه الروماني شيشرون ( سلامة الدولة فوق القانون ) ومقتضى ذلك ان الدولة اذا ما تهددها خطر او تعرضت مصالحها الحيوية للمساس فهي في حل من الالتزام بأي قاعدة او قيد لانها في سبيل حماية كيانها والحفاظ على مصالحها يبدو من حقها , بل من واجبها اتخاذ كل ما هو لازم من إجراءات في سبيل الحفاظ على بقائها واستمرارها(2) . وبناءً على ذلك فأن الدولة ووفقاً لنظرية الضرورة تتحلل من القواعد القانونية كلما ترتب على مراعاة تلك القواعد تهديدٌ لها . وترتيباً على ذلك فأن الدولة وهي تمارس هذا الحق فأن تصرفها يعتبر مشروعاً حتى ولو خالفت القواعد القانونية لان إرادة الدولة ضمن هذا المفهوم هي القانون . ولقد أيد الفقهاء الألمان منح الحكومة السلطات الضرورية للحفاظ على الامن وتفادي الأخطار الداهمة والفترات الحرجة التي تلي الحرب وقد صار ذلك من المبادئ المستقرة في القانون العام الألماني واستناداً لذلك ترتبت النتائج التالية :
1 ــ اعتبار كافة الإجراءات والأعمال التي تتخذها الدولة في أحوال الضرورة إجراءات سليمة مشروعة لأنها تحقق هدف النظام القانوني النهائي وهو المحافظة على سلامة الدولة كما بينا ذلك سابقاً .
2 ــ وبناءً على هذا الاعتبار فأنه لا مسؤولية على رجال الدولة في اتخاذ هذه الأعمال والإجراءات .
3ــ لا يحق للأفراد المطالبة بالتعويض عما قد يلحقهم من أضرار من جراء هذه الأعمال او الإجراءات (3).
هذا هو موقف الفقه الألماني والذي ينظر الى الضرورة كنظرية قانونية الا اننا نرى ان البعض من الفقهاء الفرنسيين هو الأخر ذهب الى الأخذ بالنظرية القانونية للضرورة الا انهم جعلوا هذا الحق الذي أُعطي للدولة بالخروج على قواعد المشروعية هو حق مقيد بشروط والتزامات معينة وهذا ما ظهر واضحاً عند الفقيه ( دوجي ) . وبمقتضى النظرة القانونية الفرنسية لنظرية الضرورة فأنه يمكن للحكومة في ظل ظروف استثنائية معينة ان تصدر لوائح الضرورة التي من شأنها ان توقف او تعدل او تلغي القوانين القائمة وفقاً للشروط الاتية :
1 ــ اذا حدثت حرب او ثورة او إضراب عام .
2 ــ اذا تعذر اجتماع البرلمان او في الأقل لم يتسع الوقت لجمعه وانعقاده .
3ــ ان تكون الحكومة وهي تصدر هذه الأنظمة عازمة على عرضها امام البرلمان بمجرد إمكان انعقاده وأخذ موافقته .
ويرى الفقيه ( دوجي ) ان ليس للمحاكم ان تمتنع عن تطبيق مثل هذه الانظمة بدعوى عدم مشرعيتها ما دام ان البرلمان لم يدع للنظر فيها اما اذا اجتمع البرلمان ولم تعرض عليه فوراً فانها تعد باطلة ويمكن الطعن فيها بطريق تجاوز حدود السلطة(4) . واخيراً يمكننا القول ان النظرة الفرنسية تختلف عن النظرة الالمانية في ان الفرنسيين وان رأوا في الضرورة حقاً للدولة , الا ان هذا الحق طبقاً للنظرة الفرنسية ليس مطلقا بل هو مقيد بشروط والتزامات محددة في حين ان النظرة الالمانية تراه حقاً خالصاً دون قيود .
___________________
1- انظر في ذلك د . عبد الحميد متولي – القانون الدستوري – منشأة المعارف - الاسكندرية - الجزء الأول ط 6 – 1975 –– ص195 .
2- انظر في ذلك - د . وجدي ثابت غيربال - السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية- منشأة المعارف - الإسكندرية 1988 - ص65 .
3- د . السيد صبري – مبادئ القانون الدستوري – القاهرة - الطبعة الرابعة - 1949 - ص467 .
4- انظر في ذلك . د . عبد الله إسماعيل البستاني – القانون الدستوري – بغداد - 1950 - ص362 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|