أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-1-2021
1834
التاريخ: 2023-08-02
959
التاريخ: 2023-07-23
925
التاريخ: 17-11-2020
4787
|
تؤدي المواد دورا مهما ورئيسيا في حياتنا، حيث لا ننتهي من استخدام المواد في كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية، متنقلين في ذلك من مادة إلى أخرى، ومن استخدام إلى آخر. ولعلي لا أكون مخطئا إن ظننت أن المواد هي صاحبة الدور الأكثر تأثيرا في إثراء ثقافة الإنسان وبناء حضارته. لذا فلم يكن غريبا أن يتم تصنيف وتقييم الدول وفقا لتقدمها في إنتاج واستخدام المواد بالتطبيقات الصناعية والتكنولوجية المختلفة وعلى الأخص المواد الفلزية لسبائك الصلب. وعلى النقيض من البلاد النامية التي يستهلك الفرد الواحد فيها من منتجات الصلب المتنوعة أقل من 10 كيلوغرامات سنويا، فإن نظيره في الدول المتقدمة والدول الثرية يستهلك أكثر من 750 كيلوغراما سنويا. وأحسب أن مؤشرات التنمية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي في أي دولة لا ترتبط بهذا النمط الاستهلاكي من مخرجات ومنتجات المواد، بل ترتبط في المقام الأكبر بمدى تقدم الدول في إنتاج وتصنيع تلك المنتجات داخل الدولة ذاتها وثقة المستهلك بتلك المنتجات. وهذا بالطبع لا يأتي من فراغ، بل يقوم على مدى مهارة حكومات الدول في وضع وحياكة خطط بحثية مُبتكرة وتفعيل سياسات الربط بين البحث العلمي والقطاعات الصناعية بحيث تتمكن الدولة من توظيف الإمكانات الإبداعية والابتكارية لأبنائها وتوجيهها نحو ابتكار تكنولوجيات حديثة وعمليات هندسية متطورة تعمل على تميز وتفرّد منتجاتها الصناعية.
وقد قاد التفكير الإبداعي الذي وهبه الله للإنسان إلى معرفة كيف يتدخل للهيمنة على البنية الداخلية للمادة وإعادة صياغتها وتعديل هوية عناصرها عن طريق إضافة ذرات من عناصر أخرى إليها أو إقصاء ذرات مواد أخرى قد تكون متأصلة داخل هيكل المادة الأساسية. لذا فقد أدرك الإنسان منذ تلك اللحظة مدى الدور المهم الذي يؤديه هذا التدخل في تحسين صفات المادة وتعظيم خواصها وإيجاد آفاق تطبيقية جديدة ومبتكرة. وقد قاد التطور السريع في علم المواد 1 Materials Science إلى ميلاد عائلات جديدة من المواد، اتسعت وتباينت رقعة تطبيقاتها منذ اللحظة الأولى لبداية ظهور الإنسان على سطح الأرض، فأصبحت بمنزلة القاطرة التي دفعت البشرية نحو تحقيق ثوراتها الصناعية الكبرى.
ولقد كان لتلك الثورات أعظم الأثر في قيادتنا خلال العشرين سنة الأخيرة كي ننجح في تفجير ثورتين متتاليتين هما «التكنولوجيا الحيوية» ثم «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات». وأخيرا، وليس بآخر أعلن الإنسان عن تفجيره لأعظم ثورة في التاريخ البشري وهي «ثورة تكنولوجيا النانو» التي أعارت اسمها لهذا القرن الذي نعيش فيه فلقب «بقرن تكنولوجيا النانو». ولأن كل هذه الثورات وتلك النجاحات المتواصلة قد افتقت عن تطبيقات المواد، فلم يكن غريبا أن تشغل المادة الحيز الأكبر من تفكير الفلاسفة قبل أن تشغل عقل وفكر العلماء والباحثين، وذلك لكونها تمثل العالم المادي المحسوس لدينا.
وتعد المادة المعول الرئيسي الأول في بناء الحضارة البشرية، حيث تحتل المساحة الأضخم لبرامج العلماء البحثية والتجريبية منذ أن فكر الإنسان في استخدام الأحجار والصخور إلى أن استخدم المواد النانوية في صنع حضارة القرن الحادي والعشرين.
تبين لنا مما سبق سرده مدى أهمية المادة في صنع الحضارة وفي تقدم الأمم ونهضتها. ومن أجل هذا لا بد من وصفها ومعرفة خواصها التفصيلية حتى نستطيع أن ننتفع من مخرجاتها في التطبيقات المختلفة. وفي حقيقة الأمر، فقد مر وضع تفسير محدد وثابت عن ماهية المادة وما تحتوي عليه من جسيمات صغيرة بسلسلة طويلة من المراحل الفلسفية والفكرية والعلمية، حيث اختلف علماء كل مرحلة عن زملائهم في المراحل السابقة والتالية لها في وضع تعريف للمادة وترسيخ تفسيرات ثابتة ومحددة لسلوكها وخواصها، واختلفوا أيضا في تعريف ما تحتوي عليه المادة من جسيمات غير مرئية وهوية تلك الجسيمات ودورها في تحديد سمات المادة وخواصها.
_________________________________
هوامش
(1) علم المواد هو ذلك العلم الذي يعتني بدراسة خواص المواد واستنباط العلاقة بين تلك الخواص وبنية المادة وتركيبها وأثر العلميات الصناعية في تحسين تلك الخواص. وتنحدر جذور هذا العلم إلى العلوم الأساسية للفيزياء والكيمياء والرياضة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|