تكنلوجيا النانو في القرن الحالي
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص58
2025-10-27
38
ما زال وسيظل الأفق مترامي الأطراف أمام مخيلة الكثيرين من العلماء والكتاب والمهتمين بعلوم وتكنولوجيا النانو، فهناك المتحمس والمتوجس والمنبهر أيضا.ً لكن كتاب الخيال العلمي، وكما أوضحت سالفا،ً يتمتعون برؤية تباعدية ثاقبة، دائماً ما تمكنهم م من إعطاء قراءة صحيحة لحاضر ومستقبل العلم والتكنولوجيا وما يترتب على ذلك من نتائج سواء في لمستقبل القريب أو البعيد. فمثلا،ً وعلى عكس ما تصوره "جيمس هالبرين في روايته المخلد الأول من تطبيقات و آفاق واعدة لتقنية النانو تكنولوجي، نجد أن رواية الفريسة" Prey عام 2002 للكاتب الأميركي مايكل كرايتون" (1942- 2008) Michael Crichton تحمل رسائل تحذيرية تتعلق بالخطر الداهم الذي يمكن أن تتعرض له البشرية والذي يشكله التطور التكنولوجي السريع وبخاصة في مجال النانوتكنولوجي في القرن الحادي والعشرين، فالرواية تتحدث عن حشود خطرة menacing swarms من الروبوتات النانوية متناهية الصغر Nanorobots كما تلقي الضوء في بعض تفاصيلها الأخلاقية على مشكلات التقنية والحياة المعاصرة للإنسان على نحو درامي مأساوي بالغ التأثير تجسده حالة التأزم الاجتماعي والقيمي التي تواجه شخصيات الرواية الرئيسية الزوج ("جاك فورمان" Jack Forman وزوجته "جوليا" (Julia اللذان يعملان في "وادي السيليكون silicon valley " في برنامجين تقنيين منفصلين، فالزوجة "جوليا" تعمل لدى شركة "زيموس" Xymos التي تطور روبوتات نانوية متناهية الصغر، تتمتع بالاستقلال الذاتي ومبرمجة على العمل في وحدات منظمة تعمل كجيوش النمل army of ants بينما الزوج "جاك" يعمل لدى شركة "ميديا ترونكس Media Tronics التصميم البرامج الذكية software المخصصة لتشغيل هذه الروبوتات النانوية، ويفقد الزوج وظيفته ويمكث في المنزل ليقوم بتربية أطفاله، بينما تستمر الزوجة في العمل الساعات طويلة وتفقد الحنين لأسرتها الصغيرة مكرسة كل وقتها وجهدها في السعي وراء حلم يراودها بصنع روبوت متناهي الصغر يعمل بنظام تصوير واستكشاف سري stealthy photo - reconnaissance system يمكن بيعه للجيش الأميركي مقابل أرباح خيالية، ويصل طموحها في النهاية إلى ابتكار نوع من "البكتيريا الحية living bacteria " التي يمكن استخدامها في إعادة إنتاج (تكاثر) reproduce واستخراج وبسرعة هذه الروبوتات النانوية. وبينما يسرد كرايتون هذه التفاصيل يقوم بعدها بطرح سؤال جوهري وهو، هل يأتي دمارنا على يد تقنية القرن الحادي والعشرين، وهل نتحول إلى فريسة؟ فالزوجة "جوليا" تملك طموحاً لا حدود له حتى لو كان الإخفاق في تسويق اكتشافها للمؤسسة العسكرية التي ترفض شراءه بسبب عدم مطابقته للمواصفات، ولهذا فهي تسعى جاهدة للتفكير في المؤسسة المدنية ممثلة في الطب وعلوم الأمراض والبحث عن وسيلة أكثر تطوراً في مجال التعامل مع الأمراض المستعصية كالسرطان، وهذه الفكرة ما أن تلمع في ذهنها حتى تكون مستعدة لتكريس نفسها و التعامل معها كحقل تجارب تاركة المحال لروبوتها لكي يتعايش معها على نحو يمكنه من السيطرة على عقلها، متحولة إلى حالة معدية من الجنون، حيث يصاب بالروبوتات النانوية ثلاثة من زملائها في المعمل كما تتعرض البيئة والحياة البرية الحشود من الروبوتات الطليقة، والتي تتزايد بسرعة في أعدادها. فالجزء الرئيسي من رواية "الفريسة" الكرايتون ينصب على الكشف عن الوجه القبيح للتكنولوجيا المعاصرة واتهامنا ليس فقط بالتحول إلى فرائس تحت رحمة التكنولوجيا المتقدمة، بل إلى أبطال مهزومين يقودنا الشعور بالهزيمة إلى تدمير أنفسنا بأنفسنا وكأن صراعنا مع التكنولوجيا، بدلاً من أن يكون صراعاً عقلانياً تحول إلى صراع يحكمه الجنون.
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة