ثورة النانوتكنولوجيا: بين وعد المستقبل ومخاطر السيطرة
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص10
2025-10-28
37
تعد تقنية النانو تكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر) Nanotechnology من مجالات البحث الجديدة والنشطة والسريعة جداً، التي يقوم بدراستها العديد من العلماء في كل أنحاء العالم في مختبرات حكومية وتجارية وأكاديمية. ويؤكد العديد . من العلماء العاملين في هذا المجال بأن النانو تكنولوجيا سوف تحدث ثورة صناعية جديدة في المستقبل القريب في شتى مجالات الحياة محدثة تحولات جذرية في الاقتصاد والتكنولوجيا.
وتحتذب تطبيقات النانوتكنولوجيا اهتمام الكثيرين من العلماء والصناعيين والممولين، كما ارتفعت مساعدة الحكومات والدول المتقدمة لبحوث النانو تكنولوجيا في السنوات الأخيرة، وتتنبأ مؤسسة العلوم القومية الأميركية بأن سوق خدمات النانوتكنولوجيا ومنتجاتها سيصل إلى التريليون دولار عام 2015.
وعلم النانوتكنولوجيا هو علم تعديل الجزيئات أو الذرات لصنع منتجات جديدة، ويطلق هذا التعبير على أي تقنية تعمل على مستوى المقاسات الفائقة الصغر، ويمثل النانو جزءاً من المليار من المتر، ويعكس هذا المقياس حجم القفزة التي تقوم بها هذه التقنية قياساً إلى التقنية الدقيقة (المجهرية Microtechnology التي أنتجت الحواسيب والترانزيستورات وكل المعدات الإلكترونية المعروفة الآن. وتقلل تقنية النانو الأبعاد بنحو 1000 مرة وبذلك تقلل المساحة بنحو مليون ضعف، ويؤدي هذا إلى زيادة السرعة وتقليل استهلاك الطاقة لهذه المعدات.
وتهدف ثورة النانوتكنولوجي الجديدة إلى تطوير نوع جديد من الإلكترونيات الذرية تعتمد ميكانيكا الكم وحركة الجسيمات المنفردة، والتي ستنتج معدات أسرع وأصغر مرات عديدة من أي شي حولنا الآن، حيث يتحول العلماء إلى مهندسين يصممون أسلاكاً ومعدات على مستوى الذرة. وفي مثل هذا النظام تتشابك وتتداخل حقول الفيزياء والكيمياء والأحياء والكهرباء والإلكترونيات والميكانيكا بقوة مع بعضها بعضاً، وهذا التشابك والتداخل يمكن أن يعد بالكثير من المفاجآت الجديدة، وسيكون حاصل ذلك تقنيات جديدة تقاس أجزاؤها بالميكرون الذي هو أقل بعشرات المرات من قطر شعرة. فضلاً عن ذلك سيصبح ممكناً تص تصنيع الملايين من هذه في الوقت نفسه، ويمكن أن تستعمل بعد ذلك لبناء مختبرات تحمل في راحة اليد، وأن تصمم روبوتات أصغر من رأس الدبوس، تستطيع الدخول والحركة في العروق الدموية، وتكون مستعدة للقيام بجراحة دقيقة على سبيل المثال. كما أن تقنية النانو ستجعل مظهراً آخر ممكناً وهو التكامل بين الإلكترونيات الدقيقة والهندسة الوراثية، مع توفير القدرة على التعامل مع المواد الإحيائية والجزيئات العضوية نانوية المقياس، وستوفر هذه الكثير من الإمكانات الخيالية، ويعتقد كثير من العلماء أن الفعاليات المقياس جزء الملياري - في التجمعات الخلوية الإحيائية يمكن أن تنجح في تعريف الحياة ذاتها، وتوفر آفاقاً لتطوير تقنية الخلية.
ويقول البعض إن هذه القدرة إذا ما تحققت، سوف تمثل للإنسانية تحديات تقنية وأخلاقية لم تواجهها من قبل. ومن جانب آخر يحذر بعض العلماء من الجوانب الفرانكشتانية للتقنية النانوية، حيث يتخوف البعض من أن التعمق كثيراً في النانوتكنولوجي قد يعرض مستقبل الحضارة الإنسانية للخطر مع سيطرة الآلات على مقدرات الكون، ولهذا فإن النانوتكنولوجي يمكن أن تكون سيفاً ذو حدين يتطلب إدارة مسؤولة.
إلا أن هذا لم يمنع الدول المتقدمة من زج أموال ومصادر هائلة لدعم البحث والتطوير في مجال النانوتكنولوجي، وكأنها على استعداد لهدر البلايين في سباق محموم، لأن الاعتقاد السائد عند هذه الدول أن الذي سيفوز في هذا السباق سيكون باستطاعته التحكم في تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين.
ومما يجعل هذا المجال في غاية الأهمية، ويعطي بصيصاً من الأمل للدول النامية أن بعض قواعد هذه التكنولوجيا يعتمد إلى حد كبير على العامل البشري والثروات الطبيعية، وفي نفس الوقت ذو كلفة متواضعة، شروط ومتطلبات متواجدة في العالم العربي. هذا بالإضافة إلى كون التكنولوجـيـا ما زالت في المراحل الأولية من النضج، مما يجعل المجال مفتوحاً بكل مصراعيه لمشاركة العالم العربي مشاركة حقيقية على أعلى مستوى من التطوير والتحديث العالمي. وما التعاون القائم حاليا بين مجموعات البحث في جامعة إيلينوي الأميركية وجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وكذلك بين جامعة إيلينوي والمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا الأردني، إلا مثالاً بسيطاً يشير إلى هذه الإمكانية. فهل من المعقول أن يضيع العالم العربي فرصة المشاركة ويبقى متفرج؟
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة