أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-18
1114
التاريخ: 2023-10-22
783
التاريخ: 2023-11-13
907
التاريخ: 2023-11-07
1019
|
وجارتْ الكنيسةُ الدولةَ في نُظُمها وأحكامها، فكانت كنيسةً واحدةً جامعةً كما كانت الإمبراطورية واحدةً جامعةً، وكما جاز للإمبراطورية أن يكون لها إمبراطوران في آنٍ واحدٍ، كذلك جاز للكنيسة أن تَخضع لأكثرَ من رأسٍ واحدٍ(1)، وتقبل المجمع المسكوني الثاني (381) هذه النظرية فأَوْجَبَ في قانونه الثاني على الأساقفة أَلَّا يَتَعَدَّى أحدُهُم على الكنائس التي تقع خارج حدود أبرشيته، وأقر في قانونه الثالث أن يكون التقدُّم في الكرامة لأسقف القسطنطينية بعد أسقف رومة «لكونها رومة الجديدة(2)«ثم أَقَرَّ المجمعُ المسكونيُّ الرابعُ في قانونه الثامن والعشرين هذا التقدُّم في الكرامة لبطريرك القسطنطينية بعد بطريرك رومة(3)، وجاء يوستنيانوس الكبير يشترع فتعرف إلى بطاركة خمسة في إمبراطوريته: بطاركة رومة والقسطنطينية والإسكندرية وأنطاكية وأوروشليم، واعتبرهم أساس النظام والسلطة في الكنيسة(4). وكان هذا البطريرك في بادئ الأمر يُنتخب انتخابًا، وكان الشعبُ يُشاطر الإكليروس حق الانتخاب، ثم قضى قانونُ يوستنيانوس الكبير بأن ينتخب الإكليروس ووجهاء العاصمة ثلاثةً، فينتقي الأسقفُ المشرطن أفضلَ هؤلاء للسدة البطريركية(5)، ثم حرَّم المجمعان المسكونيان النيقاوي (787) والقسطنطيني (870) سيامة بطريرك ينفرد أميرٌ بانتقائه، كما حرَّما تدخل الشعب في الانتخاب، وأصبح انتخابُ البطريرك بعد هذا محصورًا في مطارنة الكرسي، وجاء في كتاب التشريفات لقسطنطين السابع (912–959) أَنَّ المطارنة ينتخبون ثلاثةً ينتقي الفسيلفس أحدَهم، وبقي الحال على هذا المنوال حتى آخر أيام الإمبراطورية: المجمع ينتخب والفسيلفس يرقي(6). وبعد هذا كان الفسيلفس يدعو أعضاءَ مجلس الشيوخ والمطارنة وعددًا كبيرًا مِنْ رجال الإكليروس إلى القصر؛ ليقول: «إن النعمة الإلهية وقُدرتنا المستمدة منها تعلنان ترقية فلان إلى رتبة بطريرك القسطنطينية.» ويظهر البطريرك ليتقبل تهانيَ الشيوخ والمطارنة، ثم يصار إلى رسامته بطريركًا في الأحد التالي في كنيسة الحكمة الإلهية، فيترأس حفلة الرسامة رئيس أساقفة هرقلية، ويقدم له الفسيلفس العكاز والمنذيَّة الأرجوانية والصليب (7)، ويدعى بعد هذا صاحب القداسة ويخاطبه المطارنة بالعبارة: «أيها السيد الفائق القداسة.» ويوقع هكذا: «بنعمة الله رئيس أساقفة القسطنطينية رومة الجديدة وبطريرك المسكونة (8) «وقد سبق وأشرنا أن لقب بطريرك المسكونة ظهر في شرائع يوستنيانوس، وأن رومة لم تعترض عليه قبل أيام البابا بلاجيوس الثاني وغريغوريوس الكبير، وأن المجمع السادس أَقَرَّهُ على الرغم من اعتراض رومة واحتجاجها (9). وكان البطريرك بموجب نص الأباناغوغ (884–886) صورةَ المسيح على الأرض وراعي نفوس المؤمنين وحامي العقيدة، وكان أيضًا صاحب السلطة الروحية العُليا؛ ولذا أُحيط بهالةٍ من الاحترام، لا تُمس كرامته ولا يُعتدى عليه. ولَمَّا كانت الدولة والكنيسة متحدتين متفقتين، كان للمقام البطريركي نفوذٌ كبيرٌ في شئون الدولة، فأصبح لزامًا عليه إذن أن يعاون الفسيلفس في إدارة دفة الأمور، فكانت الأوامرُ العُليا والبيانات تصدر، في بعض الظروف الهامة، باسم الاثنين معًا. ولا يغيب عن البال أنه كان على الفسيلفس أن يتسلم تاجه من يد البطريرك وفي الكنيسة وأن يعلن موقفه من بعض الشئون الهامة إلى البطريرك قبل التتويج، وكان لا يتم تتويجٌ بدونه؛ لأن الفسيلفس الحقيقي كان في عُرف الشعب المسيح نفسه — كما سبق أن أشرنا — وكان للبطريرك على الفسيلفس سلطةٌ روحيةٌ؛ فهو عرَّاب الأمراء أبناء الفسيلفس، وهو الذي يُعلن شرعيةَ ولادتهم، وهو الذي يَعْقِدُ زواجَ الفسيلفس والأمراء (10).
...................................................
1- Bréhier, L., Inst. Emp. Byz., 447.
2- Mansi, Amplissima Collectio Conciliorum, III, 559.
3- Mansi, Amplissima, VII, 428-429.
4- Lingenthal, Novelles de Justinien, 109, 123, 131.
5- Lingenthal, Op. Cit., 174.
6- Patrologia Graeca, CXII, 1040–1048.
7- Patrologia Graeca, CLV, 441–444.
8- Patrologia Graeca, CVII, 403, 415-416; Laurent, Byzantion, 1929, 629–631.
9- Vailhe, S., Titre de Patriarche Oecumenique, Echos d’Orient, 1908, 65–69.
10- Dolger, F., Regesten, 823; Grummel, R. P., Regestes des Actes du Patriarcat Byzantin, I, 830; Schlumberger, G., Epopée, III, 60
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|