أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-24
72
التاريخ: 2024-10-25
45
التاريخ: 2024-10-24
76
التاريخ: 2023-08-11
851
|
وعمر بن عبد العزيز هو الذي أمر بنقل كتاب أهرن بن أعين في الطب إلى اللغة العربية، وهو الذي أمر عاصم(1) بن عمر الأنصاري وكان ثقة كثير الحديث عالما، أن يجلس في دمشق فيحدث الناس بالمغازي ومناقب الصحابة، وقال: إن بني مروان كانوا يكرهون هذا وينهون عنه، فاجلس فحدث الناس بذلك، وسبق حكيم آل مروان وعالم قريش، خالد(2) بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، المتوفى سنة 85 إلى ترجمة كتب الفلاسفة والنجوم والكيمياء والطب والحروب والآلات والصناعات من اللسان اليوناني والقبطي والسرياني، وكانت الترجمة - أحيانًا - من لغة يونان إلى العبرانية، ومن العبرانية إلى السريانية، ومن السريانية إلى العربية. وخالد بن يزيد هذا أوَّل من جمعت له الكتب وجعلها في خزانة في الإسلام، والأرجح أنها كانت في دمشق. وبعد، فالشام، بل بلاد الإسلام مدينة لأمية بأمور كثيرة لإخراجها من غضاضة البداوة إلى غضارة الحضارة والعلوم تسربت إلى العرب من بقايا علوم القبط واليونان والسريان، بعد أن توطد أمر الخلافة، وأخذت الجيوش تتقدم في إفريقية إلى الأندلس وفي الشرق إلى ما وراء السند وسمرقند، وكانت في أنطاكية والرُّها ونصيبين وحران أول الفتح مدارس (3) عامرة تشبع أساتذتها بالثقافة اليونانية وفلسفة أرسطو والعلوم والطب المعروفة عند القدماء. قال دييل وراجع خلفاء الأمويين هؤلاء الأساتيذ لينقلوا إلى السريانية وإلى العربية أهم كتب العلم والأدب عند اليونان وبيزنطية. وجاء العباسيون بعد الأمويين فكان همهم أن يجمعوا المخطوطات اليونانية وأن ينقلوا إلى العربية أشهر كتب العلم والطب والفلسفة اليونانية، ومضى القرن التاسع برمته وبغداد تترجم أقليدس وأرخميدس وبطليموس وديسقوريدس وأبقراط وجالينوس وأرسطو وتاوفرسطس، قال وبحق ما قيل: إن العرب لولا بيزنطية والتقاليد البيزنطية التي نقلتها إليها مدارس الشام لظلوا على الرغم من استعدادهم الباهر، على ما كانوا عليه في عهد محمد، شعبا نصف متوحش، فبواسطة تراجمة شاميين عرف العرب العلم والفلسفة اليونانية، وبفضلهم نشأت في الإسلام من إسبانيا إلى الهند حركة عقلية عظيمة أتت بأينع الثمرات، وبفضل المدارس العربية في قرطبة عرف الغرب النصراني نفسه فلسفة أرسطو. ا.هـ. وقال لبون: إن حماسة المسلمين في دراسة المدنية اليونانية واللاتينية مدهشة حقيقةً، وقد ضاهت العرب شعوب كثيرة، وربما لم يقم من الشعوب من تقدمهم في هذه السبيل. وقال لكرك: كان كل ما في أيدي العرب من العلوم في آخر القرن الثامن للميلاد ترجمة مؤلف في الطب وبضعة كتب في علم الكيمياء، وما كاد القرن التاسع يوشك أن ينصرم حتى كان العرب قد امتلكوا ناصية جميع علوم اليونان وثقافة الأقدمين، ونبغ فيهم عدد عظيم من المؤلفين، وقال نوبرجر : فاقت المدنية العربية في أوج إمبراطورية الإسلام مدنية رومية القديمة في حيويتها وتنوعها على حين كان لحضارة الإسلام في الأندلس مركز يشابه من عدة وجوه حضارة اليونان القديمة، وقال دوسن: إن المدنية الأوربية، بل المدنية الغربية كلها مدينة للمسلمين بميراث حكمة الأقدمين، وإن فتوحات العرب في إمبراطورية الإسلام من القرن السابع إلى الخامس عشر، لتعد إحدى عجائب التاريخ، ومن المدهش أن وكانوا أول أمرهم على الفطرة العرب عنصرًا فاتحًا، ويغدوا سادة نصف العالم في مائة عام، ومن أشد العجب حماستهم العظيمة، وسرعتهم البالغة في تحصيل العلوم، وتكوين الثقافة اللازمة لعظمتهم، حتى وصلوا إلى مستوى عالٍ في مائة سنة، بينا نرى الجرمانيين لما فتحوا الإمبراطورية الرومانية قضوا ألف عام، قبل أن يقضوا على التوحش وينهضوا لإحياء العلوم. ا.هـ. وفي الواقع أن العرب في صدر الإسلام لم تعن كما قال صاعد(4) بشيء من العلوم إلا بلغتها ومعرفة أحكام شريعتها حاشا صناعة الطب فإنها كانت موجودة عند أفراد منهم غير منكورة عند جماهيرهم لحاجة الناس طرًّا إليها، وتولى النقل إلى العربية اليعاقبة والسريان والفرس وغيرهم، وكان المسلمون يصلحون المترجمات على الأكثر ويضعون المسميات للمصطلحات العلمية كالطب ونحوه، فينحتون ويشتقون ويضعون(5)، حتى صار منهم التراجمة الحاذقون الذين ينقلون مباشرةً إلى العربية، وساعدهم دخول كثير من الفرس والروم في الإسلام والمسلمون يعنون بعلوم الدين واللغة، وما يخدم الدين من علوم اللسان. وأي فضل أعظم من فضل العرب على العلوم العظيمة على ترجمة كتب العلم، ثم يجيء بعده عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد، ويأتي بعدهم عدة خلفاء من العباسيين ينفقون عن سعة على ترجمة الكتب، ولا سيما المنصور والرشيد والمأمون، بل إن أفرادا منهم مثل أولاد موسى بن شاكر(6) كانوا ينفقون من مالهم الخاص على ترجمة الكتب، ما لا تكاد دولة من دول الغرب اليوم تنفقه على جميع فروع معارفها.
...........................................
1- تاريخ دمشق لابن عساكر.
2- خطط الشام للمؤلف ج 4 ص 20.
4- كتاب بيزنطية لدييل Diehl: Byzunce
5- طبقات الأمم لصاعد الأندلسي.
5- النقل والنقلة للمؤلف، مجلة المقتبس م1 ص 616.
6- تاريخ الحكماء للقفطي.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|