أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-2-2016
1401
التاريخ: 3-9-2020
1509
التاريخ: 16-8-2020
1169
التاريخ: 24-1-2017
1401
|
في أوائل الستينيات كان اثنان من الفيزيائيين، وهما أرنو بنزياس وروبرت ويلسون، يستخدمان هوائيا مخروطي الشكل خاصا باستشعار الموجات الميكروية متخلفا عن اختبارات أحد الأقمار الصناعية اللاسلكية؛ بهدف دراسة الانبعاثات التي ينتجها الغلاف الجوي للأرض. كان التليسكوب مصمما لدراسة مصادر التداخل المحتملة التي قد تسبب مشكلات لمنظومات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية المخطّط لها. وقد فوجئ بنزياس وويلسون حين وجدا ضوضاء منتظمة في الخلفية، لا يمكن التخلص منها. وفي النهاية بعد الكثير من الفحص والتخلص من الحَمَام الذي كان يبني أعشاشه داخل التليسكوب، تقبلا فكرة أن هذه الضوضاء لن تختفي أبدًا. ومن قبيل المصادفة أنه بالقرب منهما في جامعة برينستون في نيوجيرسي، كانت مجموعة من الفيزيائيين الفلكيين، من بينهم روبرت هنري ديك وجيمس بيبلز، تحاول تصميم تجربة لرصد الإشعاع الذي أنتجه الانفجار العظيم. وقد أدرك أفراد المجموعة أن هناك من سبقهم إلى هذا. ونشر بنزياس وويلسون نتائجهما في دورية الفيزياء الفلكية عام 1965، إلى جانب ورقة بحثية من مجموعة ديك تفسر ما تعنيه هذه النتائج. وفي عام 1978 فاز كلٌّ من بنزياس وويلسون بجائزة نوبل.
منذ اكتشاف الخلفية الميكروية وهي عُرضة للبحث الدقيق، وقد بتنا الآن نعلم عنها أكثر بكثير مما كان معلومًا في عام 1965. كان بنزياس وويلسون قد لاحظا أن الضوضاء التي اكتشفاها لا تعتمد شدتها على وقت اليوم، وهو ما يمكن للمرء أن يتوقعه لو أنها ظاهرة مرتبطة بالغلاف الجوي. في الواقع، إن درجة الانتظام التي يتسم بها إشعاع الخلفية الميكروي تُبَيِّن أنه ليس مرتبطًا بأي مصادر من داخل مجرتنا (التي لن تكون موزعة بالتساوي في السماء). من المؤكد إذن أن إشعاع الخلفية هذا قادم من خارج المجرة. والأكثر أهمية أنه صار معلومًا الآن أن هذا الإشعاع له نوع خاص للغاية من الطيف يطلق عليه طيف الجسم الأسود. ينشأ طيف الجسم الأسود متى كان المصدر يمتص الإشعاع ويُطلقه على نحو مثالي والإشعاع المنتج بواسطة الجسم الأسود عادةً ما يسمى إشعاعًا حراريا؛ لأن الامتصاص والإطلاق المثاليين يجعلان المصدر والإشعاع في حالة من التوازن الحراري يُظهر طيف الجسم الأسود المعتاد لهذا الإشعاع، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذا الإشعاع أُنتج في ظروف من التوازن الحراري في المراحل المبكرة للغاية لكرة النار البدائية.
في وقتنا الحالي الخلفية الميكروية باردة للغاية؛ فحرارتها تقل عن ثلاث درجات فوق الصفر المطلق. بَيْدَ أن هذا الإشعاع أخذ في البرودة تدريجيًا كتأثير لتمدد الكون؛ إذ عاني كل فوتون من الفوتونات المكونة له من تأثير الإزاحة الحمراء. وبإرجاع عقارب الساعة إلى المراحل المبكرة من تطور الكون، نجد أن هذه الفوتونات كانت أشد حرارة، وتحمل طاقة أعلى. وفي النهاية سنصل إلى مرحلة كان فيها للإشعاع تأثير عنيف على المادة. يتألف الغاز في المعتاد من ذرات وهذه الذرات تتكون من إلكترونات تدور حول نواة مركزية، لكن في المجالات الإشعاعية الشديدة، تُنتزع الإلكترونات من الذرات مكونة حالة البلازما، التي فيها يقال إن المادة تكون مؤيَّنة. وقد حدث هذا بعد مرور 300 ألف عام على الانفجار العظيم حين كانت درجات الحرارة تبلغ عدة آلاف درجة مئوية، وكان الكون أصغر مما هو عليه اليوم بألف مرة، وأشد كثافة بمليار مرة. في هذه الفترة كان الكون بأسره حارًّا كسطح الشمس (الذي بالمناسبة، يُنتج إشعاعًا يقترب من إشعاع الجسم الأسود). في ظل ظروف التأيُّن الكامل، تمر المادة (خاصة الإلكترونات الحُرَّة) والإشعاع بتصادمات سريعة تحافظ على التوازن الحراري. ومن ثم يكون الكون مُعْتمًا غير شفاف للضوء حين يكون في حالة تأيُّن. ومع تمدد الكون وانخفاض حرارته، تعاود الإلكترونات الاتحاد بالنَّوَى مُكَوِّنة ذرات، وحين يحدث هذا فإن تشتت الفوتونات يكون أقل كفاءة بكثير. في الواقع، يصير الكون شفَّافًا على نحو فعلي بعد إعادة الاتحاد، ومن ثم فإن ما نرصده من إشعاع الخلفية الميكروي اليوم هو الأثر البارد لآخر الإشعاع الذي تشتّت بواسطة الإلكترونات في حقبة إعادة الاتحاد وحين تحرر الإشعاع أخيرًا من عمليات التشتت، كان وقتها في نطاق الضوء المرئي أو فوق البنفسجي من الطيف، لكن منذ ذلك الوقت ظل هذا الإشعاع يشهد إزاحة حمراء بفعل تمدد الكون، وهو الآن يُرصد في نطاق الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء أو الميكروية.
وبسبب توحد الخواص شبه التام لإشعاع الخلفية الميكروي الكوني في السماء، فإنه يُعَدُّ دليلًا مؤيدًا للمبدأ الكوني. كما أنه يقدِّم مؤشرات على منشأ المجرات والعناقيد المجرية. لكن أهميته في هيكل نظرية الانفجار العظيم تفوق كلَّ هذا بكثير، فوجود إشعاع الخلفية الميكروي يمكّن علماء الكونيات من استنتاج الظروف التي كانت حاضرة في المراحل المبكرة من الانفجار العظيم، ويساعد تحديدًا في تفسير كيمياء الكون.
شكل 1: طيف الخلفية الميكروية الكونية. يبين هذا المخطط الشدة المقاسة لإشعاع الخلفية الميكروي الكوني على صورة دالة للطول الموجي. يُظهر الشكل كلا من النظرية والقياسات، والاتفاق بينهما تام للغاية، لدرجة أن المنحنيين يقعان في الموضع ذاته. هذا السلوك المثالي للجسم الأسود هو الدليل الأقوى على أن الكون بدأ بانفجار عظيم حار.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|