أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2017
1638
التاريخ: 2024-01-18
816
التاريخ: 14-1-2017
1860
التاريخ: 7-11-2016
3399
|
وعند محاولة وصف تلك الجماعات واستقصاء حالها تبدأ صعوبات جمة للمؤرخ والواصف؛ فلا ريب في أن الجماعات التي سكنت تلك الجزيرة العربية من فجر التاريخ هي من الجنس السامي الذي يشارك الجنس الآري في تكوين النوع الإنساني؛ فإن هذا النوع لا يخرج عن الجنسين السامي والآري إلا قليلا. وقد زعموا أن الجنس الآري تميز بقوة الخيال وسمو الفكر واحتمال الشدائد ومكافحة الطبيعة وقوة الابتكار وروح الهجوم والاعتداء والتطلع إلى المجد واتخاذ الوسائل لبلوغ السعادة بالسعي في سبيل الحياة؛ وهذه المناقب التي استقل بها الجنس الآري دون(1) الجنس السامي، نشأت في غريزة أبنائه من طبيعة الأرض التي قطنوها؛ فإن تعدد المناظر واختلاف المناخ ورطوبة الأجواء ومشقات الحياة وصعوبة الحصول على الرزق وانعدام القناعة وحوافز الجد والمثابرة؛ كلها كونت الشعوب الآرية تكوينا يخالف تكوين الشعوب السامية، وغير خافٍ أن الشعوب النبيلة لا تهبط من السماء ولكنها تترقى «تتنبل» بالتدريج، ومثلها في ذلك مثل أشجار الفواكه، وهذا التطور التدريجي يمكن بدؤه في أي وقت من الأوقات كلما هيأت أسبابه حوادث جغرافية أو تاريخية أو رسمت له خطة محدودة مثل ما حدث للألمان، وقد تمت هذه العوامل للجنس الآري في أجيال سحيقة وفي أماكن شتى لا يمكن حصرها ولا بيانها على التحديد لطول القدم، ويمكن استقراؤها على انفراد بحسب حوادث التاريخ اليوناني والروماني والتيوتوني والسكسوني أما الجنس السامي فهو أعرق في القدم من الجنس الآري، ولكنه على عكسه من حيث صفات أفراده؛ فهو جنس يقطن من فجر التاريخ بلادًا ذات مناظر واحدة، أرادت الطبيعة أن تكون فيها الحياة على وتيرة واحدة في جوها وهوائها وأرضها وسمائها؛ ولهذا كانت أخلاق هذا الجنس هي ما نراه في شعوبه المعروفة لنا، كالعرب ومعظم الشرقيين، وبعض أهل أفريقيا الشمالية، وآسيا الغربية. على أن نظرية التمايز قد كسدت. وقد اختلف العلماء في تعيين مهد الجنس السامي اختلافًا كبيرًا؛ لأن مصادر علمهم ثلاثة وهي الكتب المقدسة والآثار التاريخية والأساطير. وفي الكتب المقدسة نصيب كبير من التاريخ، وإن كانت في بعض الأحوال تختلف عن الحقائق التي وردت في الآثار، أما الأساطير فيخطئ من يعتبرها كلها من وضع الخيال أو ثمرات لأفكار الرواة والقصاصين؛ لأنها تنطوي على كثير من الحقائق وإن لم تكن هي الحقيقة بنصها وفصها، فهي على الأقل رموز للحقيقة وصور لما يقرب منها وينطبق عليها.فقال بعض العلماء إن الجنس السامي نشأ في أرض كنعان (وهي سوريا ولبنان)؛ لأن الحضارة الكنعانية أقدم الحضارات، ولم تشاهد حضارة أقدم منها، ولأن اللغة الكنعانية أقدم اللغات وطبيعي أن اللغة. هي أهم مصدر من مصادر التاريخ العلمي لأنها تعد أعظم أثر وأقوى مستند في سجل الأمم. وهذا الرأي غير موافق للصواب؛ لأن القائل به جعل الكنعانيين أصل الساميين، وقد اهتدى العلماء إلى وحدة الجنس السامي بالمشابهات العديدة المشاهدة في اللغات السامية؛ وهي الكنعانية والنبطية والسامرية والعربية والعبرية والحبشية، كما اهتدوا إلى وحدة الأفكار التي تمليها حياة الأفراد على اللغة وتتخذها مظهرًا لها ووعاء تفرغ فيه مادتها؛ فهذه الشعوب كلها يمتُّ الواحد منها إلى الآخر برابطة اللغة ورابطة الفكر، ولكن النظرية القائلة بأن كنعان مهد الجنس السامي سقطت وتلتها نظرية البابلية؛ وهي أن الجنس السامي بابلي آشوري. وهذه النظرية الثانية قد فشلت أيضًا وإن كان يبدو عليها مسحة من الحقيقة سببها أن أهل بابل وآشور كانوا يتكلمون لغة سامية ويفكرون على طريقة سامية وإن كانوا يعيشون في بلاد تحتم عليهم أن يكونوا آريين؛ لأن بابل وآشور (العراق اليوم بلاد مختلفة المناظر متنوعة الأوضاع والأجواء والمناطق، ولكن أهلها ما فتئوا يكتبون وينطقون بلغة سامية ويفكرون بطريقة سامية. وسبب هذه الظاهرة الغريبة هو أن البابليين والآشوريين أصلهم عرب ساميون نزحوا من جنوب الجزيرة في اليمن إلى بابل ثم عادوا بعد أجيال طويلة إلى وطنهم الأصلي في قحطان بعد أن دخلت على لغتهم أشكال وصور جديدة مستفادة من وطنهم الجديد. ولكن هذه الحياة الجديدة التي عاشوها في بابل وآشور على ضفاف دجلة والفرات لم تَقْوَ على انتزاع فطرتهم السامية. ثم انتهى المطاف بالعلماء إلى القول بأن مهد الجنس السامي هو جزيرة العرب نفسها، ودليلهم على ذلك في اللغة العربية القديمة وهي اللغة التي ورثها المستعربون عن العرب الأولى. وأصحاب هذه النظرية يصورون جزيرة العرب كأنها مصدر ومورد للساميين ينزحون منها ويعودون إليها شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا؛ فإليها جاء أقوام من شمال أفريقيا وغرب آسيا، ومنها نزح أقوام في فجر التاريخ إلى العراق وإلى مصر وإلى أرض كنعان نفسها، ومنهم من اجتاز مضيق باب المندب، ومنهم من جاز صحراء سينا إلى الأراضي الخصيبة شمالا وغربًا. وقد أدى هذا الارتحال المستمر قبل استقرار الأمم في مواطنها إلى الاختلاط، حتى إن فرعًا واحدًا من فروع الدوحة السامية يمكن رده إلى أربعة أصول، وهذا الفرع هو النوع اليهودي الذين كانوا في بداية أمرهم عربا رحلوا فيمن رحل من جنوب الجزيرة إلى شمالها وخرجوا منها إلى مصر، ثم خرجوا ففتحوا فلسطين واتخذوا ديانتهم، وعاد بعضهم إلى وطنهم الأصلي، فتجد يهودًا في اليمن ويهودًا في خيبر ويهودًا في يثرب ولكنهم لم يفقدوا عنصرهم الأول وهو العنصر السامي، بل إنهم أضافوا إليه عناصر حيثية وهندية أوروبية وطورانية.
.........................................
1- الخيال عند الجنسين واحد، ولكن خيال الآري يتسع، وخيال السامي بسيط، والفرق بينهما في تنوع الوصف عند الآري، وأفراده يصعدون من الأرض إلى السماء، حتى إن أبطالهم تألهوا، أما السامي فإن الوحي يهبط عليه من أعلى.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|